الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترشيد المقاومة

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 5 / 11
القضية الفلسطينية


مع انطلاق صواريخ المقاومة الرمزية من غزة، والتي لم توقع اية خسائر جدية في صفوف الاحتلال الإسرائيلي، والرد الإسرائيلي الوحشي والقاسي عليها الذي اوقع حتى الآن أكثر من عشرين شهيدا، يثور السؤال مجددا عن المقاومة وكيفية توظيفها في خدمة الأهداف الوطنية الفلسطينية، وأعيد بهذه المناسبة نشر مقال بعنوان ترشيد المقاومة كنت قد نشرته قبل سنوات وارى أنه ما زال صالحا في اتجاهه العام، وقبل ذلك اؤكد أن لا مزاودة على المقاومة، وكل الاحترام لتضحياتها وبطولاتها، ولكن ليتذكر الجميع ما فعله شارون في الانتفاضة الثانية حين تعسكرت وانسحبت الجماهير من الشوارع وراحت تتابع أخبار البطولات الفردية من على شاشات التلفزيون، حسم المواجهة الجارية الآن في القدس لا يتم بفشات الخلق، فحذار.. ثم .. حذار .. من الانجرار للزاوية التي يريدها الاحتلال ، معركة القدس كانت حتى الآن تمضي بثبات في صالحنا وضد مخططات اسرائيل، والهبّة عرّت إسرائيل وهمجيتها وكشفت عن أروع مظاهر الوحدة الوطنية وعن الطاقات الكفاحية الهائلة لشعبنا في القدس، ومشاركة عشرات الآلاف في النضال الشعبي اليومي، إسرائيل تريد عسكرة المواجهة لأنها صاحبة القوة الغاشمة فيها وهي الأقدر على إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوفنا، كما أن هذا سوف يساهم في حرف الأنظار عن هبة القدس وتهميشها باعتبارها شأنا ثانويا.
لا ينبغي لأي فلسطيني من خصوم حماس أن يبتهج لتصنيف الحركة على أنها إرهابية، سواء جاء هذا التصنيف من قبل نتنياهو، أو من الرئيس ترامب، أو من جهات عربية. فدمغ حماس بالإرهاب سرعان ما سينسحب على باقي مكونات الحركة الوطنية وأساليب نضالها، وحتى على تاريخ الشعب الفلسطيني وروايته. كما أن ذلك بالإرهاب يعني إخراج حماس من دائرة شرعية العمل السياسي وهو حكم لا يقتصر على الحركة وهيكلها التنظيمي بل يطال تيارا ذا حضور في المجتمع الفلسطيني ومؤسساته.
في الوقت نفسه على حماس ألا تطمئن كثيرا، وألا تقلل من أهمية المعادلات الجديدة التي باتت تتشكل في الإقليم والعالم. فما كان مقبولا في الأمس القريب قد لا يكون كذلك اليوم، والخطاب الذي توجهه الحركة لجمهورها المتحمس لن يسعفها في قبول أوراق اعتمادها لا في الساحة الفلسطينية ولا على مستوى الإقليم.
وصف حماس بالإرهاب يضيرها ويضير الشعب الفلسطيني كله، والغريب أنه جاء بعد سنوات طويلة من امتناع الحركة الفعلي عن اي فعل مقاوم، باستثناء رد الفعل على سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وثمة شهادات على أن الإدارة الأميركية شجعت حماس على خوض الانتخابات التشريعية، كما حلّ قادة الحركة ضيوفا على الديوان الملكي السعودي في مكة، ولم تنفذ الحركة منذ اتفاق مكة 2007 أي عملية ذات شأن ضد الإسرائيليين سوى أسر الجندي شاليط، وخطف المستوطنين الثلاثة في الخليل في عملية كانت فردية حسب أغلب التقديرات.
لا توجد مسطرة دولية موحدة لتعريف الإرهاب، فثمة معايير خاصة بالأمم المتحدة وأخرى بوزارة الخارجية الأميركية، وغيرها للاتحاد الأوروبي، كما أن لكل دولة معاييرها وقوائمها الخاصة بها. وهذه المعايير والقوائم تتبدل بين مرحلة وأخرى، فكل الدول الاستعمارية صنفت حركات التحرر على أنها إرهابية ولكنها اضطرت لاحقا للتعامل مع هذه الحركات كممثلة لشعوبها وشريكا في عملية السلام، والأمثلة كثيرة من غاندي ومانديلا إلى منظمة التحرير وزعيمها الراحل ياسر عرفات والشين فين الايرلندي. ولا يمكن لنا كفلسطينيين أن ننسى سلسلة المجازر والعمليات الإرهابية التي مهدت وقادت إلى قيام إسرائيل سواء ارتكبت من قبل عصابات الاتسل وليحي والهاغاناه أو من قبل دولة إسرائيل، حيث يزيد عدد هذه المجازر الجماعية بحسب مصادر بحثية عن 120 مجزرة، لولاها لما قامت إسرائيل بحسب اعتراف مناحيم بيغين بعد مذبحة دير ياسين.
تغير العالم كثيرا منذ أحداث سبتمبر في نيويورك، وحتى موجة العمليات الإرهابية التي نفذتها القاعدة ومشتقاتها. وتداخلت عمليات المقاومة المشروعة مع العمليات الإرهابية إلى درجة بات من الصعب التمييز بينها، ما يملي على أصحاب القضايا العادلة أن يبادروا هم إلى تمييز أنفسهم ونمط كفاحهم عن الإرهاب الأعمى.
حماس مطالبة إذن باستيعاب المرحلة، بدءا من مراجعة تجربتها ودورها في الانقلاب والانقسام، والتصالح مع شعبها ومكونات حركته الوطنية، والرفض القاطع لأن تتحول الحركة إلى أداة لمنازعة منظمة التحرير، أو إلى ورقة في أيدي لاعبين إقليميين. وفي موازاة ذلك وإلى جانبه، على الحركة أن تكفّ عن التدخل في الصراعات الأهلية العربية، سواء بصورة مادية مباشرة كرعاية وتدريب مجموعات مقاتلة، أو بصورة دعاوية كإعلان البيعة لمرسي وتبني شعار رابعة، والحديث عن أولوية الجهاد في سوريا. وعليها كذلك أن تراجع بعض أساليب المقاومة كالعمليات الاستشهادية واستهداف المدنيين، ويا ليتها تتدبر جيدا ما قاله الشيخ الشهيد أحمد ياسين يوما عن ضرورة "ترشيد المقاومة" وهو مطلب سبقه إليه الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال