الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرض الوطن

أميرة أحمد عبد العزيز

2021 / 5 / 11
السياسة والعلاقات الدولية


في فيلم الوهم الكبير للمخرج جان رينوار والصادر سنة 1937، وتدور أحداثه حول مجموعة من الضباط الفرنسيين الذين أسروا وسجنوا في معسكرات ألمانيا أثناء الحرب الأوربية الأولى، ومحاولاتهم المتكررة للهرب للعودة للوطن أو أرض المعركة والقتال.
من الشخصيات الرئيسية بالفيلم شخصية ضابط من الطبقة الارستقراطية وأسمه "دو بويلديو" والذي يكتشف أن فائدته لوطنه كأستقراطى ستنتهى بنهاية الحرب، وآخر هو "الملازم مارشال" ويمثل الطبقة العاملة، وهما يدخلان سويا معسكر الأسرى فيلتقون بمجموعة من الضباط الفرنسيين الذين يعدوا عدتهم للهروب فينضموا إليهم، ومن ضمن الضباط يوجد ضابط يهودى ثري اسمه "روزينتال" ويفترض أنه فرنسي والحقيقة هذا أمر يبدو مشكوك فيه، كان "روزينتال" كريما مع زملائه ويتقاسم معهم الطرود التى تأتى له بالطعام من الخارج وهو طعام فاخر فيما كانت طرودهم سيئة والأسوء منها طعام السجن، فكان هو منقذهم بكرمه طوال الحرب (أقصد طوال مشاركتهم الأسر)، وفي يوم من أيام الأسر تطرق الحديث عنه وعن مولده، فذكر أحدهم عنه انه من مواليد القدس، فصحح "روزينتال" لهم القول بأنه من مواليد فينيا من أم هولندية وأب بولندي، وحين علق على نسبه "الملازم مارشال" رد "روزينتال" بحديث يعبر عن رؤيته لما يمثل معيار للوطنية فقال الثري اليهودى لزميله في الأسر: ( رغم كل جذورك الفرنسية، لا أحد منهم يمتلك هكتار واحد من الأرض) وأضاف: (خلال 35 عاما عائلة روزينتال (أي عائلته) اكتسبوا ثلاث قلاع مزودة بأرض للصيد ومزارع وبساتين وحجور ومزارع خيول وثلاث معارض لاجدادنا. إذا، ألم يستحق ذلك الهروب للقتال من أجله). وقد علق على هذا الكلام الضابط "دو بويلديو" الممثل للطبقة الأرستقراطية بقوله: (لم أنظر للوطنية من تلك الزاوية من قبل)
يبدو أن اليهودى الرأسمالي اعتبر نفسه فرنسي وجندى محارب ووطنى لأنه يمتلك مشاريع وأراضي فيها فكأنه بهذا يمتلك فرنسا. ولكن أرض حرة مثل فرنسا غير مجزأة تبدو الصورة واضحة، فهذا تلفيق، فإذا قام شخص أو كيان بعمل مشاريع استثمارية او رأسمالية أو أمتلك نفعا له (وكل هذا لا يعدو أن يكون سوى في إطار حق الانتفاع)، فلا يؤهله هذا للتجنس بالجنسية وأن يصبح مواطنا، بل ويكون له حق في الوطن أكثر من أبناء هذا الوطن.
هذ الكلام أذكره ، لأن في اعتقادى إن المثال الأجنبي لأمة من الأمم المتحررة وحين يكون الحدث ليس منا، يجعلنا نرى ببساطة ما لا نراه حين نكون تحت أسر التشوهات والتشوشات التي تؤدى لعدم رؤية ما هو واضحا وضوح الشمس لولا حجبا ناتجا عن الاستبداد والتجزئة والاستعمار والتبعية، وأيضا عن حمل الهزيمة الذي جعل منا من يكذب حتى على نفسه فنزيف واقعنا خشية أن تكشف الحقيقة عن عوراتنا من جبن وظلم لأنفسنا.
لم يتوقف الكلام الزائف عن فلسطين وبيع الفلسطنيين لأرضهم، و حتى حى الشيخ جراح، يقوم الاعلام للأسف بعملية (لف ودوران) لكى يشكل الأمر كصراع قانونى على ملكية تلك البيوت داخل دولة، وكأنه يشبه الصراع الدائر في مصر بين مستأجري الإيجار القديم والملاك، ومن هو صاحب الحق فيهم، يعنى أنه صراع بين مواطنين أو بين مواطنين والحكومة بداخل دولة، وليس عمليات تتم في سياج الاستعمار والاحتلال.
قضية فلسطين قضية إحتلال واستعمار، والصهاينة ليس لهم حق في أي شبرا فيها، وشيء بالشيء يذكر، وعن مصر نقول: أن الاجانب في مصر حين أقاموا ويقيموا حتى اليوم مشاريعهم الاستثمارية لا يعنى هذا امتلاكهم لمصر، وحين بنى البارون حي مصر الجديدة وسكنه الأجانب بل كان يعتقد أن الحي مغلق على الأجانب، لم يعنى ذلك قبول استقلال الأجانب بمصر الجديدة وحقهم في ملكيتها.
أعلم هذا الحديث والروايات التى تخص أحقية سكان حى الشيخ جراح في بيوتهم واغتصاب المستوطنيين والشركات لحقهم هذا، لكن ولنكن واضحين، إن الحديث مع الكثير من أصحاب نظرية (أن الفلسطنيين قاموا ببيع أرضهم أو أن معظم الفلسطينيين سعداء أو غير ناقمين وراضين بوجودهم وسط الصهاينة وداخل هذه الدولة المصطنعة)، إن الحديث من أرضيتهم وعليها والتطرق لمواضيع مفصلة في إطار (باع الفلسطنيين هذه الأرض أو تلك أم لم يبيعوا؟- وهل يوجد عقود أم لا؟) هذا الأمر لا يحل مع هؤلاء، ولا يغنى ولا يسمن من جوع.
الصواب والكلمة الفصل تقال هكذا (فلسطين كلها محتلة من 1948) أما البقية (وعلى رأي) أستاذنا محمد سيف الدولة (الباقي تفاصيل).
) إن أرض الوطن، كلها أي شبر منها، لا يمكن أن تكون ملكية عامة، إنها ببساطة خارج نطاق التنظيم القانوني للملكية، إنها ملكية تاريخية ولا يمكن أن تكون محلاً لملكية قانونية ( وضعية)، والملكية التاريخية مقصورة على الأمم التي اختص شعبها بأرضها نتيجة تطور تاريخي وليس نتيجة دستور موضوع (دكتور عصمت سيف الدولة

وفي الختام أضع تعريف للأمة والقومية كما عرفهما الدكتور عصمت سيف الدولة:
الأمة: مجتمع ذو حضارة متميزة، من شعب معين مستقر على أرض خاصة ومشتركة، تكون نتيجة تطور تاريخي مشترك. أما كل ما تعلمناه من مميزات الأمة كاللغة أو الثقافة أو الدين… فتلك عناصر التكوين الحضاري وهي تختلف من أمة إلى أمة تبعاً لظروف التطور التاريخي الذي كونها. أما عن المصالح الاقتصادية المشتركة فهي متوافرة في كل مجتمع حتى لو لم يكن أمة. وأما الحالة النفسية المشتركة، والولاء المشترك… الخ فتلك معبرات في الأفراد عن انتمائهم إلى أمة قائمة. وتختلف من فرد إلى فرد في الأمة الواحدة تبعاً لوعيه بعلاقته بمجتمعه القومي. ولكن الوجود القومي لا يتوقف عليها. وقد قلنا أن الأمة مجتمع تكون نتيجة "تطور" تاريخي مشترك لأن القول بأنها تكوين تاريخي لا يكفي للدلالة على أنها طور من المجتمعات أكثر تقدماً من الأطوار السابقة عليه.
القومية: وصف للعلاقة التي تجمع الناس في مجتمعهم القومي. والموقف القومي هو الذي يتحدد متفقاً مع علاقات المجتمع القومي بغيره. والحركة القومية هي التي تستهدف تطوير المجتمع القومي في حدود التزامها تلك العلاقات. أما المجتمع القومي فهو الأمة نفسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا