الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله.. وهشاشة النظام العربي الرسمي

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ليس سراً أن الحرس الثوري الإيراني قد ساهم في تأسيس وتشكيل حزب الله في 1982 ودعمه لفترة طويلة بالمال والعتاد..
وليس سراً أن لهذا الحزب مرجعية مذهبية لا تروق للكثيرين.. وهم محقون!
إذ أن يكون آية الله العظمى (علي خامنئي) مرجعية لتيار عربي فاعل في لبنان (أو في العراق) هو أمر يثير الشكوك إن لم نقل الخوف عند جميع التيارات الوطنية والقومية التي تطمح إلى بناء دولة وطنية حديثة تدخل عبرها العصر ـ قبل فوات الأوان ـ إن بقي في (العمر مهلة) لهذه الدويلات؟!..
وليس سراً أيضاً أن حزب الله يؤمن بولاية الفقيه ـ وقادته لا ينكرون ذلك ـ وهو المفهوم الذي يدفعنا إلى ريبة وخشية أبعد خصوصاً في ظل قيادة إيرانية متشددة تتعرض في هذا الوقت إلى تهديدات وضغوط دولية تجعل من مصيرها العالمي والإقليمي مجهولاً.
كذلك ليس سراً أننا كعرب نخشى الدور الإقليمي الإيراني بعد التجربة المرة في العراق ودور إيران القبيح في إيقاد نار الحرب المذهبية وتشكيل فرق الموت (الشيعية!!) وملاحقة رموز وعلماء وضباط أهل السنة خصوصاً الذين شاركوا في الحرب العراقية - الإيرانية قبل ربع قرن.. فضلاً عن فرض وصايتها على الحكومة والبرلمان العراقيين والعمل الحثيث على تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم تستطيع من خلال ذلك وضع يدها بالكامل على الإقليم الجنوبي إن لم نقل احتلاله وضمه لأراضيها في سبيل تحويله إل عمق دفاعي لبوابة غربية لإمبراطورية (إسلامية شيعية) تعيد أمجاد الفرس الغابرة!!
كل هذه المخاوف باتت حقيقية عند عرب المشرق اليوم.. وقد نستطيع تفهم رفض بعض القوى العربية واللبنانية خصوصاً للحرب الدائرة مع إسرائيل الآن.. واعتبارها حرباً أميركية - إيرانية.. يدفع ثمنها الشعب اللبناني. ويتحمل مسؤوليتها بالتالي حزب الله وحده!!
لكن هذه الحقائق تم استخدامها عند معظم هذه القوى بوصفها (حقائق يراد بها باطل)!!.
بدءاً من أميركا وإسرائيل مروراً ببعض القوى المحلية اللبنانية وصولاً إلى النظام العربي الرسمي.
جميع هذه القوى اتحدت وشكلت صفاً واحداً لا هدف له سوى القضاء على حزب الله..
وفي هذا الهدف كلهم سواء..الكاوبوي الأميركي والحاخام (اليهودي) وعباءات الصحراء و(ستالينيو) الأنظمة الشمولية.. وأمراء الطوائف والحروب (في لبنان)!!..
جورج بوش يعتبر هذه الحرب فرصة إستراتيجية لتوجيه ضربة إلى إيران من خلال القضاء على حزب الله وفك ارتباط إيران بحليفها السوري.
أولمرت يعتبر هذه الحرب فرصة هامة للخلاص من تهديد حزب الله الدائم ليس لحدوده الشمالية فحسب وإنما لعمقه الأمني في تل أبيب نفسها.. فضلاً عن أنه رئيس الحكومة الوحيد في تاريخ الدولة الإسرائيلية الذي لا يحوي تاريخه الشخصي أية أمجاد عسكرية أو انتصارات على العرب.
النظام الرسمي العربي يعتبر القضاء على حزب الله درساً لا بد منه للشعوب العربية وكل الحركات الأصولية وغير الأصولية التي تهدد وجوده.. وهو درس له وجهان: الأول لأميركا ومشاريعها في المنطقة، بحيث أنه يستطيع الآن أن يقول لأميركا وللمرة الألف إنه لا ضمان لأية مصالح لها في المنطقة بعيداً عن التركيبة الشمولية للنظام العربي الرسمي بكل أجهزته المخابراتية والقمعية والتعسفية.. والأهم بكل جيوشه التي لا شاغل لها سوى (تدبير) الداخل وقمع أي (طيف) أو شبح ديمقراطي تحرري شعبي في الداخل العربي.
والوجه الثاني هو للشرائح الشعبية بحيث جعل من حجم الدمار الإسرائيلي في لبنان وهمجية قتل المدنيين تهمة وإدانة لحزب الله.. حصراً، بوصفه قوة (مارقة) على أنظمته وقواعده.
أمراء الطوائف في لبنان الذين بانت عوراتهم منذ تحرير الجنوب عام ألفين.. وربما قبل ذلك بكثير.. والأهم في السنوات الخمس الأخيرة التي وصل المواطن اللبناني فيها إلى قناعة أن هؤلاء الأمراء ليسوا أكثر من إرث طائفي ومذهبي ثقيل كانوا وراء استباحة البلاد والعباد طيلة عقود من الحرب الأهلية وما تلاها.. وأن وجودهم بحد ذاته يشبه وجود اللحم الميت على (الجسد الوطني) الذي عادت إليه روحية الشباب والتطلع والطموح الديمقراطي لتحرري.
استطاع حزب الله بوصفه بطلاً للتحرير الوطني (لا يحمل تاريخه العسكري أية معارك طائفية) أن يفرض نفسه لاعباً رئيسياً في القرار اللبناني ويغيّب بالتالي كل تلك (الجيف) الطائفية.
لذلك كان الخلاص منه - حتى لو عبر آلة القتل الإسرائيلية - هو هدف يتحدد عبره مستقبل هؤلاء الأمراء جميعاً.
لكن هل ينفذ حزب الله اليوم أجندة إيرانية - سورية بشكل فعلي؟!
في الحقيقة إن ما حققه حزب الله في هذه الحرب يجعل من هذا السؤال (كذبة) كبرى.. وشماعة لتعليق جبن وتواطؤ البعض وهمجية وعنصرية البعض الآخر.. وبيدو أن السؤال أكثر من ساذج بالنسبة للمواطن العربي لأن الإجابة عنه تكمن في انتصارات هذا الحزب ونتائج حربه العظيمة اليوم التي شكلت استثناء في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.
إسرائيل دمرت أبنية وجسور ومصانع.. وقتلت المدنيين والأبرياء واستهدفت العائلات والمنازل الآمنة..
وفي اللحظة التي اشتبكت فيها مع حزب الله وجهاً لوجه لم تتعرض لخسائر فادحة فحسب وإنما انكشفت هشاشة جيشها في حرب حقيقية.. في حين أن حزب الله دخل حرب عصابات تفنن عبرها في انتصاراته على الآلة العسكرية الإسرائيلية المتطورة.
ومن ناحية ثانية لم يعش الشعب الإسرائيلي حالة طوارئ وأجواء حرب في تاريخ الدولة الإسرائيلية كما يعيشها الآن: شعب (عن بكرة أبيه) يعاني من قلق الوجود.. مليوني إسرائيلي في الملاجئ وعشرات القتلى بشكل يومي.. وهجرة تبدو جماعية نحو جنوب إسرائيل الذي طالته مؤخراً صواريخ حزب الله!!
ما حققه حزب الله أبعد وأكبر وأكثر عظمة!!
حزب الله نزع آخر ورقة توت غطّت عورات النظام العربي الرسمي..
حزب الله بيّن المسافة الشاسعة بين الإرادة العربية الشعبية.. وبين الحكام..
حزب الله كشف ضرورة وراهنية المسألة الديمقراطية بوصفها الجسر الوحيد بين الشارع.. والحاكم..
حزب الله كشف عمق ارتباط الحاكم العربي بمشاريع أميركا.. وهشاشة هذا الحاكم إزاء الإرادة الأميركية.. وأنه على استعداد لأن يفعل (السبعة وذمتها) كرمى لعيني (رايس) ورضا (بوش) عنه..
حزب الله أسقط القناع عن هذه الأنظمة.. وبيّن للمواطن العربي المهمّش والمقموع بأحذية العسكر والمخابرات..أنه يخضع لسلطات جميعها في الذل سواء!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح