الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجيات الدول الصناعية الكبرى في عصر الذكاء الصناعي

آدم الحسن

2021 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مرت البشرية في عصور متعددة و أُعطِيتْ اسماء لهذه العصور منها , العصر الصناعي , عصر الذرة , عصر الفضاء , عصر المملوماتية , و غيرها من التسميات التي تستند على اهم منجزات العلوم و التكنولوجية في تلك العصور , اما الآن فالبشرية تقف عند بوابة عصر جديد يمكن تسميته بعصر الذكاء الصناعي .

يسير العالم اليوم بخطى سريعة نحو الأتمتة الشاملة حتى صار المسك بزمام التطور في مجال الذكاء الصناعي هدفا لجميع الدول الصناعية الكبرى لكونه مفتاحا للتفوق الاقتصادي و العسكري للدول في المرحلة القادمة . فالعالم قد دخل فعلا في تنافس شديد و حاد في هذا المجال العلمي و التكنولوجي الهام و الخطير .

في اربعينيات القرن الماضي تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من صنع أول حاسبة الكترونية رقمية , كان وزنها و حجمها كبير جدا لدرجة انهم خصصوا بناية كاملة لنصبها و تشغيلها و كانت كلفتها بملايين الدولارات و النتيجة هي حاسبة محدودة القدرة إذ لم تتعدى امكانياتها عن اجراء العمليات الحسابية البسيطة الأربعة الجمع و الطرح و الضرب و القسمة و لأرقام بمراتب محدودة لكن هذه الحاسبة كانت البداية التي انطلقت منها البشرية للسير في مسارات التطور الذي ليس فقط سريع و انما سرعته اصبحت متصاعدة بتعجيل عالي .

الآن و بعد مرور اقل من ثمانية عقود على صناعة اول حاسبة رقمية تطورت قدرات البشرية لتتمكن من صناعة و تطوير حاسبات قدرتها الحسابية و التحليلية و خزن المعلومات و تصنيفها اكبر بمليارات المليارات من قدرة تلك الحاسبة الرقمية الأولى .

يشترك حاليا في التنافس في مجال الذكاء الصناعي جميع البلدان المتطورة صناعيا لكن الصين و الولايات المتحدة الأمريكية هما في مقدمة هذا التنافس , و هذا واحد من اهم و اخطر الأمور التي بسببها اصبحت الصين المنافس الأول لأمريكا و احيانا يصف بعض المتطرفين في الإدارة الأمريكية الصين بالعدو الأول لأمريكا , من هنا دخل الصراع السياسي بين امريكا و الصين مرحلة مهمة تمتاز بخوف امريكا من قدرات الصين المتصاعدة في مجالات العلوم و التكنولوجية و على الخصوص مجال الذكاء الصناعي , هذا المجال الأكثر اهمية مقارنة بباقي مجالات التكنولوجية الحديثة لأن بواسطته سيتم تطوير باقي مجالات العلوم و المعرفة و التكنولوجية .

الكثير من المحللين لم ينتبهوا الى أن الصين تمكنت في سنة 2010 من صنع اقوى حاسوب فائق القدرة في العالم و ذلك بعد أن تمكن الحاسوب الصيني , الذي كانت سرعته بحدود 93 الف ترليون عملية حسابية في الثانية الواحدة , من ازاحة الحاسوب الأمريكي الفائق القدرة في تلك السنة و الجلوس على عرش اقوى حاسب الكتروني رقمي في العالم , بعدها تدخلت الإدارة الأمريكية و قدمت دعما ماليا كبيرا للشركات الأمريكية العاملة في مجال صناعة الحاسبات لصنع حاسوب الكتروني يتفوق على الحاسوب الإلكتروني الصيني و فعلا تمكنت شركة امريكية في سنة 2018 اي في عهد الرئيس السابق ترامب من صنع حاسوب الكتروني سرعته حوالي ضعف الحاسوب الصيني العملاق و بذلك عادت امريكا مرة أخرى لتكون صاحبة اقوى حاسبة الكترونية رقمية في العالم .

لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد فقد اكتشفت امريكا أن الصين تولي اهتماما كبيرا بمشروع انشاء حاسوب يعتمد على نظريات الكم و يطلق عليه الحاسوب الكمومي حيث خصصت الحكومة الصينية اكثر من عشرة مليار دولار لصنع أول حاسوب كمومي فأسرعت الإدارة الأمريكية بتخصيص مليارات الدولارات لمنافسة الصين في هذا المجال الذي هو اكثر خطورة من الحواسيب الإلكترونية الفائقة السرعة التي اصبحت تقليدية اذ إن سرعة الحاسوب الكمومي اعلى من اقوى حاسوب موجود في العالم حاليا بمليارات المرات و ربما سيكون مستقبلا اسرع بمليارات المليارات من اي حاسوب يعتمد التقنية التقليدية .

قبل أن تصعد الصين الى المراتب العليا في التطور العلمي و التكنولوجي و تكون المنافس الأول لأمريكا لم يكن لأمريكا منافس حقيقي امامها حيث اصبح التفوق الأمريكي في الساحة العلمية و التكنولوجية امرا واضحا و حقيقة يقرها معظم المهتمين بالشأن الدولي خصوصا بعد أن نجحت امريكا و حلفائها من انهاء وجود الاتحاد السوفيتي و حلف وارشو و الكتلة الاشتراكية و أصبحت امريكا هي القطب الأوحد في الساحة السياسية الدولية حتى راح البعض يسمي القرن الواحد و العشرين بالقرن الأمريكي ... لكن الصين جاءت لتقول أن الأمر ليس كذلك ... !

الذكاء الصناعي هو الذي سيحسم اي تنافس في المستقبل , إن كان هذا التنافس محدود أو شامل , و بالذكاء الصناعي سيتم زيادة حجم الناتج الإجمالي للدول و الذكاء الصناعية هو الذي سيمنح القوات المسلحة للدول قدرتها القتالية المتطورة .... و بالذكاء الصناعي ستفتح افاق علمية و تكنولوجية لازالت مغلقة لحد الآن .

فهل يمكن القول بأن العالم بعد الذكاء الصناعي ليس كالعالم قبل الذكاء الصناعي , المؤشرات تقول نعم هو كذلك , فعصر الذكاء الصناعي قادم و هو لا يشبه كل العصور التي مضت و سيكون العصر القادم بحاجة الى تحالف كل الأمم للسيطرة على استخدامات الذكاء الصناعي خوفا من فلتان روبوتات فائقة الذكاء عن إرادة البشر تِتَسببْ في حدوث كوارث كالتي ظهرت في بعض افلام الخيال العلمي ... !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة