الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الديمقراطية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


مرة ومرات أخرى ، سأعود لتناول الموضوع المعنون ب " الدولة الديمقراطية " ، ليس ترفا في حب المعالجة ، او بسبب تخمة ، او اكثر من اشباع في الإحاطة بكل حيثيات الاشكالية ... لكن ما ان نشرت دراستي المعنونة ب " هل الملك مريض طريح الفراش / مستقبل الحسن الثالث " ادعو فيه الى دمقرطة الدولة ، الديمقراطية الحقيقية في اطار ملكية برلمانية ، وليس ملكية بخصوصيات مغربية ، لأن هذه وبطريق غير مباشر ، تهدف التمديد واستمرار الملكية المطلقة الحالية .. لكن الملكية التي هي موضوع المعالجة ، هي ملكية برلمانية اوربية حقيقية .. ، حتى انبرى العديد من الأشخاص ينتقدون من اجل الانتقاد ، ومنهم من تجاوز الانتقاد الى الشتم والسب .. وكأننا في سجال فكري سياسي فارغ ، يعنونه سجال الصم والبكم .. لكن للأسف ، وحيث ان فاقد الشيء لا يعطيه ، لم يطرحوا البديل الرزين العقلاني ، الذي يحافظ على وحدة الذات ، ووحدة الصالح العام ، ووحدة الأرض .. مرددين كالببغاوات ، مصطلح الجمهورية ، فقط الجمهورية ، وكأن الخلاص من الإشكالية يوجد فقط في الجمهورية ، وليس في النظام الديمقراطي الذي تمثله الدولة الديمقراطية ، إنْ كانوا فعلا ديمقراطيين ، ينشدون الديمقراطية ، وليس الدكتاتورية ... فما الفائدة من دعوة الخروج من نظام دكتاتوري ، للسقوط في نظام آخر اكثر من دكتاتوري ، واكثر من استبدادي ، واكثر من طاغي .. ولنا عبرة في نظام السيسي الذي لا يحسن غير القتل والذبح ، والجاثم قهرا على الشعب المصري المغلوب على امره ..
والخطورة ان دعاة الجمهورية هؤلاء ، جميعهم ليسوا تنظيميين . أي غير منخرطين في تنظيمات سياسية .. لكن ينُطّون كأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي .. معتقدين انهم هم البديل ، وهم الخلاص لإشكالية الدولة الديمقراطية ، كما سبق وطرحتها " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " في ثمانينات القرن الماضي " دمقرطة الدولة دمقرطة المجتمع " .. فهل الخلاص في النظام الجمهوري ، خاصة ولن يكون غير نظام جمهوري عربي بالفعل والممارسة ، ام ان الخلاص في النظام الديمقراطي ضمن الدولة الديمقراطية ...
وعندما أمحّص النظر في مثل هكذا دعوات للجمهورية ، والداعون لها ، اجد انه يفرقهم كل شيء ، ولا يجمعه أي شيء .. بل عندما تسود مصطلحات الزنقة ، والشارع ، والدروب الشعبية ، ما يسمى بخطاب هؤلاء المتناقضين والمتنازعين فيما بينهم .. ربما من اجل زعامات فارغة معطوبة .. لا يبقى الاّ ان نشفق على حالهم ، لانهم يتيهون تيها في دروب الدعاوات للجمهورية ، رغم ان كل جماعة منهم لا تتعدى فردين او ثلاثة افراد ... لكن لا يخجلون ولا يترددون في تسليط سموم سهامهم لمن خالفهم الجمهورية الورقية .. لأنها موجودة فقط في الورق الذي هو وراق كارْتون ... والطامة انهم ضعاف اكثر من ضعفهم البيّن الواضح ، لانهم مجرد افراد ، ، وليسوا بجماعات حتى لا نقول انهم تنظيمات .. .. فانهم يجهلون بالمطلق مكانيزمات الوصول الى النظام الجمهوري ، ويفتقرون الى الإيديولوجية ، كما يفتقرون الى المشروع العام ، الذي لن يكون الاّ من نتاج تنظيم سياسي تقدمي وثوري ، للأسف غير موجود اليوم ... فهل شخصان ، او ثلاثة اشخاص ، او حتى جماعة من عشرة افراد .. سيقومون بالثورة لإسقاط نظام جذوره موغلة في القمع ، والجبر ، والتسلط .. اذا لم يكن وراء جائحة قلب النظام ، الشعب والجماهير ، اللذان يجهلان هؤلاء الجدد ، مناضلي العشرية الثانية من الالفية الثالثة ..
كما ان هؤلاء عندما يرددون مصطلح وشعار الجمهورية ، فهم يرددونه في فراغ ، لان لا علاقة ولا تأثير لهم بالشعب ، وبالجماهير التي ينتظرونها ان تثور وتسلمهم مقاليد الحكم ، وهم الرعايا الجاهلة الغارقة حتى الاذنين في الفقر المدقع ، العاشقين لسماع قصص الازلية ، من سيف ذو يزان ، الى عنتر بن شداد ، الى علي ابن ابي طالب ، وهو يجز رؤوس اليهود من فوق حصانه ، الف رأس يهودي بضربة الى اليسار ، وثلاثة الف رأس يهودي بضربة واحدة نحو اليمين ، أي الاخوان المتأسلمون من حماس والجهاد ، والبقية تأتي تباعا...
وهنا اشير الى ما يسمى بمحاولة خلق ، او بناء تنظيم سياسي قاري .. لان أصحابه موزعين على القارات الامريكية الشمالية ، والجنوبية ، واللاتينية ، واوربية ، ودول الاسكندنافية ، واسبانيا .. والمحاولة فشلت ، لان سبب الفشل ان عددهم لم يتعدى عشرة اشخاص في الجميع ، إضافة الى انهم " بْراهشْ " .. والنكتة ان الزعيم الذي سيكون على رأس التنظيم يتواجد بالأرجنتين تحت اسم Jérôme ... أي رئيس جمهورية كل اذرعه ، وكل جسمه مطلي بالوشم ، ومنهم من يحمل في اذنه حلقة ( زوهاگة ) ، ومنهم من يحلق شعره على شكل ( شاشية الفروج ) ..... قد تحول الى مقارعة وسب بين رئيس الجمهورية المغربية Jérôme ، وبين احد الأشخاص من مَلكية الدنمارك التي ينوهون بديمقراطيتها ، ويشيدون بملكيتها البرلمانية التي يذمّونها في المغرب الذي في نظرهم يجب ان يكون فقط جمهوريا .... فعن اية جمهورية تتحدثون وجمهوريتكم في اصلها ، دكتاتورية على شاكلة الجمهوريات الدكتاتورية العربية المقرفة ...
والسؤال : منذ متى كان في التاريخ فرد واحد ، او اثنين ، او ثلاثة افراد ، او عشرة افراد قد انجزوا ثورة ... والشيء / النكتة انهم مجهولين من قبل الرعية الجاهلة .. وهنا . لمن يوجه كل واحد من هؤلاء خطابه ... ومنِ السامع لخطاب فردي شخصي ، وليس تنظيمي يدور في حلقة مفرغة من دون صدى يذكر ...
اذن هل الإشكالية تتعلق بالنظام الديمقراطي لبناء الدولة الديمقراطية ، ام ان الإشكالية تتعلق فقط بالشكل وليس بالأصل .. أي ان المهم بالنسبة لهؤلاء ، هو النظام الجمهوري الذي لن يكون غير جمهورية عربية ، اكثر بشاعة من دكتاتورية الملكية المطلقة ..
ثم ما هي الضمانات التي تؤكد ان جمهورية الاحلام هذه ، ستكون ديمقراطية ، والحال ان من يدعو اليها لا علاقة تجمعه بالديمقراطية ، فأحرى ان تبنى على ايديه الدولة الديمقراطية ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ..
وان ما يثير الشفقة عند هؤلاء ، وكما سبق لاحدهم ان ردده . ان كل دعوة الى الملكية البرلمانية ، هي دعوة متجاوزة وشاردة.. ومردديها يجهلون اصل هذه الملكية الرجعية ، التي هي تكرار للملكية الحالية بسبب :
1 ) انّ رفضهم للملكية البرلمانية ، يرجعون سببه الى ان النظام المغربي الحالي ، هو ملكية برلمانية ، لان له برلمان / الثقافة السياسية ههه / ... والحال ان افتقار هؤلاء الى الايدلوجية ، والى الثقافة السياسية ، يجعلهم يخلطون بين الشكل ، وبين الأصل .. والشكل هنا هو هيكل النظام السياسي المغربي الذي على راسه الملك ، وبه حكومة وبرلمان .. وهذا هو تدليلهم على ان النظام السياسي المغربي هو ملكية برلمانية ... لكنهم يجهلون الأصل الذي يميز الملكية البرلمانية الحقيقية ، الذي هو انتقال كل سلطات الملك التي يمنحها له دستوره الممنوح ، ويمنحها له عقد البيعة الذي يعطيه سلطات استثنائية خارقة ، الى الشعب من خلال ممثليه الحقيقيين في برلمان الشعب ، وليس كما هو الحال اليوم برلمان الملك ...
2 ) كما ان من أسباب رفضهم للملكية البرلمانية ، انها في نظرهم ملكية مقرونه بهشام بن عبد الله العلوي .. لانهم يعتبرون انه هو من يقف وراءها ... أي انهم يشخصون نظام ديمقراطي في شخص ، وليس في تاريخ وفي منظومة ... ويطلقون على هذا النوع من النضال الديمقراطي اسم Le plan B ، وعندما تشاهدهم يرددون Le plan B ، يظهرون كأنهم اكتشفوا معجزة لم تكن في الحسبان ( البؤس الفكري والسياسي ) .. مع العلم ان القول بالملكية البرلمانية ، لا يعني هشام ، ولا يعني ابن الملك الامير الحسن .. بل يعنى نظاما ديمقراطيا لبناء دولة ديمقراطية ، لان أساس التعامل بين الدول ، وفي ضبط العلاقات الدولية ، هو توفر شرط الدولة الديمقراطية ، وشرط حقق الانسان .. وهي الشروط المغيبة في الملكية العلوية المطلقة .. وهي سبب العزلة والتهميش اللذان يعاني منهما نظام محمد السادس .. فبالأمس اعترض يخت الملك محمد السادس دورية للحرس الاسباني ، وهم يعلمون ان من يقف امامهم هو ملك المغرب لا غيره .. واستثناه John Biden ، ولم يوجه له دعوة لحضور مؤتمر المناخ ، واستثنته المانيا من حضور مؤتمر رأب الصدع الليبي ، واستثناه مرة أخرى John Biden من الاتصالات التي اجراها مع الفلسطينيين ، والإسرائيليين ، ومصر ، والأردن ، وقطر ، وتونس ، وتم تجاهل الملك رئيس ( لجنة القدس ) التي ماتت بزمن قبل وفاة الحسن الثاني ... فالدولة الديمقراطية هي مشروع شعب ، وليست فكرة لشخص او لفرد .. لان النظام والشعب ، ليس هما الأشخاص ...
وبالرجوع الى هشام بن عبدالله العلوي ، والاتهامات التي تربط بينه ، وبين مطلب الملكية البرلمانية .. اكتشفت ان الجزء الأكبر من منتقديه ، يتحاملون عليه جورا ، ليس لأنه يدعو حقا الى الملكية البرلمانية كنظام حكم ديمقراطي .. بل يتحاملون عليه لأصله ، ولقبيلته ، ولأسرته ، ولمكانته ، وثقافته ، وتواضعه ، وانسانيته التي يفتقر اليها من ناصبوه العداء .. دون ان يشعر بهم و بعدائهم .. فكم من أموال اغدق على الأشخاص وتنكروا له .. بل منهم من انكره كتوفيق بوعشرين .. وكم استعمله الاتحاد الاشتراكي للضغط على الحسن الثاني ، لكن عندما استدعاهم لحكومة ( التناوب ) انتقال الحكم من ملك الى ملك ، حتى تنكروا له .. بل ناصبوه العداء ... وهو حين استفاق من غفلته ومن سباته ، ووجد ان من يحيط به مجرد ذئاب انتهازية .. حتى نفض البرغوت من التلّيس الذي كان يثقل حركات اكتافه .. ، وهنا اقصد بالمتحاملين على هشام بن عبدالله العلوي ، منْ يدعي النضال والديمقراطية ، ويتصدر المجاميع كديمقراطي لا يشق له غبار ، ولا اقصد اغلبية العيّاشة الذين يناصرون من اصبح ، وينقلبون على من خاب وتزكى .. .وحتى نعري عن طينة الرجل لوضعه في اطاره الصحيح .. الذي اغلق افواه أصحاب Le plan B ..
-- فهو عندما كان يطالب بحقه المشروع والديمقراطي في الملك ، من خلال الملكية الدائرية .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذم ، والسب ، بدون تعليل .
-- وعندما طالب بالملكية البرلمانية على الطريقة الاوربية ، وقطع مع مطلب الملكية المطلقة ، وسخط .. بل ثار على التقاليد القروسطوية المرعية .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذم ، والسب ، ودون تعليل .
-- وعندما طالب بالدولة الديمقراطية ، ولتكن ملكية برلمانية ، او جمهورية برلمانية ، تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذم ، والسب ، ودون تعليل .
-- وعندما تنازل عن لقب الامير ، ودعا ان يكون مجرد مواطن عادي كسائر المغاربة العاديين .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذم ، والسب ، ودون تعليل ، وسيبلغ الحقد الاعمى حده ، حين طالبوه ان يتنازل عن ثرواته .. طبعا لهم ... .
-- وعندما اعلن انه اصبح واحدا من الشعب ، وتنازل عن البروتوكول والتقاليد المرعية البالية .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذم ، والسب ، وبدون تعليل .
-- وعندما الف كتابا فاضحا ، ومعريا للمستور خلف ابواب القصر المؤصدة .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذّم ، والسب بدون تعليل ...
-- وعندما حاضر في كبريات الجامعات الامريكية ، والاوربية .. منتقدا التقليد ، والتقاليد المرعية ، داعيا الى العصرنة والتحديث .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذّم ، والسب ، وبدون تعليل .
-- وعندما نشر مقالات سياسية من مستوى جد عالي ، نشرتها كبريات الصحف العالمية .. تعرض للقدح ، والتبخيس ، والذّم ، والسب ، بدون تعليل ..
وعندما ، وعندما ، وعندما ...
فبالله عليكم ماذا تريدون ؟ المعارضة من اجل المعارضة ، ولا بديل قُدّم كأطروحة للمناقشة ... فقط ان سبب الرفض ان هشام من قبيلة العلويين ، وكأن كل العلويين يعيشون في النعيم ، مع العلم ان اكثرية العلويين يعيشون دون مستوى الفقر المدقع .
فهل النضال ، والديمقراطية ، والحداثة ، هو التركيز على شخص الشخص ، وعلى الانتماء القبلي او الاثني ، دون التركيز على مناقشة مشروعه او فكره ؟
لماذا الاصطياد دائما في المياه العكرة ، ولماذا دائما وضع العصا في العجلة ؟
وبالرجوع الى الملكيات البرلمانية في اوربة . نطرح السؤال حتى نميز بين نظام الملكية البرلمانية الحقيقي ، التي تتميز بالاختصاصات والسلطات التي تتولى ممارسة هذه الاختصاصات ، وبين الملكية التقليدية المطلقة المغربية ، التي لها برلمان هو برلمان الملك ، الذي يوجه عمل البرلمان ، من خلال الخطاب التوجيهي الذي يلقيه على البرلمانيين ، عند افتتاح دورة الخريف التشريعية في الجمعة الثانية من شهر كل أكتوبر .. واضافة الى الزي المخزني للبرلمانيين الذي تتميز به الدولة المخزنية ، فان خطاب الملك التوجيهي لنوابه ، هو امر يومي لبرلماني الملك ، للسهر على تنفيذ برنامج الملك ، ضمن مشروع الملك الذي يجعل من الحكومة التي يتكون موظفوها السامين من وزراء للملك ، يسهرون على تنفيذ برنامج الملك ... والملك حين يفتتح برلمانه ، فانه يفتتحه ليس كملك .. بل من خلال خطابه التوجيهي الآمر ، يفتتحه كأمير للمؤمنين ، وكإمام ، وكراعي كبير .. وهذه التمثيلية الغارقة في اطناب الثقافة المخزنولوجية ، هي فرملة لأية معارضة قد تظهر بغتة بين نواب الملك ، رغم انها ستكون معارضة فلكلورية تركز فقط على خدمة برنامج الملك ، بمكانزمات جديدة ، لامتصاص رقابة الملاحظين ، ولتعويم الشعب بوجود معارضة برلمانية لصيقة بهموم الشعب ، وللتسويق الى الدول الديمقراطية بوجود معارضة عصرية ضمن برلمانيي الملك ، ببرلمان الملك .. وهذا كان حال المعارضة البرلمانية للاتحاد الاشتراكي ، ولحزب التقدم والاشتراكية في ثمانيات ، وتسعينات القرن الماضي .. وكان قبول تواجد محمد بن سعيدايت ايدر مع برلماني واحد من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، والترحيب بخطابتهما اليتيمة لتزيين البرلمان ، بفسيفساء لا علاقة له بما كان يبطنه الشارع من سخط ، تجسد في هزات عنيفة يونيو 1981 ، و يناير 1984 ، و فاس 1990 .. بحيث لو تكررت اليوم تلك الاحداث ، وبنفس القوة ، واتسعت لتشمل كل المغرب .. وهذا قد يكون منتظرا عند حصول فراغ في الحكم .. ستكون نتائجها كارثية ، وقد تسبب في تدخل الجيش لانقاد الدولة ، وليس النظام الذي ستتم التضحية به .. وقد يتسبب في نتائج قد تتعدى تدخل الجيش ، اذا ارتمى الشارع في العصيان المدني ، وتوقف كل شيء .. هنا ليس النظام الذي سيكون في خطر .. بل كل الدولة ستكون في خطر .. ووحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، سيكونان في وضع اكثر من خطر ..
عندما يدع المشتغلون بالشأن العام ، والعديد من السياسيين الى الملكية البرلمانية الحقيقية ، فهم يدعون الى الدولة الديمقراطية ، التي وحدها مؤهلة لتحافظ ، ولتحفظ وحدة الدولة ، كدولة واحدية وقوية ، وتحافظ وتحفظ وحدة الشعب ، خاصة وانّ الاخطار تحوم بالمغرب الدولة ، وبالمغرب الشعب من جميع الجهات .. ومؤخرا ابان عن وجهه النظام الجزائري عندما وصف الرئيس عبدالمجيد تبون المغرب بالعدو، وعندما اصدر الامر بتوقيف الشركات الجزائرية تعاملها مع الشركات المغربية ، وعندما بدأ في إزاحة اطر مغربية من على رأس شركات جزائرية ، وتعويضهم باطر جزائرية ..
كما ظهرت المؤامرة الكبرى ، التي تنجز خيوطها في عدة استديوهات واروقة ، ضد وحدة المغرب ، ووحدة الدولة الواحدية القوية ، وضد وحدة الشعب ، من خلال مواقف الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ، وكل دول الفيتو بمجلس الامن ، والاتحاد الافريقي .. المعارضة لمغربية الصحراء ... بل سينكشف التآمر بين النظام الجزائري وبين الدولة الاسبانية ، في قضية إبراهيم غالي التي كشفت عنها الصحافة الاسبانية ، وليس المخابرات المغربية التي اخذت الخبر عن زبونتها Jeune Afrique ... فما تم الترويج له من اشاعات ، من ان المدير العام للبوليس السياسي DGST ، المجرم الجلاد المدعو عبداللطيف الحموشي ، قد نجح في اختراق المخابرات الجزائرية ، ونجح في اختراق البوليساريو بإسبانيا ، ونجح في اختراق حتى المخابرات الاسبانية .. عاري من الصحة ، والهدف منه تلميع طاووسية Le Paon الشخص .. حتى يستمر في مكانه على رأس DGST و DGSN ..
اذن . اذا كان المسعى والاشكالية العالقة اليوم ، هي الدولة الديمقراطية التي تعني حكم الشعب ، من خلال ممثليه بالبرلمان .. هو التجسيد الفعلي للملكية البرلمانية .. وهي ملكيات ممدوحة من قبل جمهورينا الثوريين ، الذين يتحركون كشتات ، ومبعثرين غير تنسيقيين ، ولا تنظيميين فالسؤال هنا : لماذا يصفقون للملكية البرلمانية في اوربة .. لكن لماذا يرفضون هذه الملكية في المغرب ، ويحرّمونها على المغاربة ، حين يرون انّ الحل الأول والأخير للمغرب وللمغاربة ، هو النظام الجمهوري الذي سيكون نظاما على شاكلة الأنظمة الجمهورية العربية .. أي أنظمة دكتاتورية بشهادة المجتمع الدولي ...
و هنا . هل يستحق المغرب والمغاربة فقط العيش في الدكتاتورية لملكية تنفيذية مطلقة ، مستبدة ، وطاغية .. الى جمهورية عربية اكثر دكتاتورية ، واكثر استبدادا وطغيانا ... وهنا لماذا يعشق هؤلاء الدكتاتورية ، وينفرون من الديمقراطية التي يتباكون ويذرفون عليها دموع التماسيح ..
ان من يرفض الأنظمة الديمقراطية الحقيقية ، كالملكيات البرلمانية الاوربية ، التي يصفقون لها في اوربة ، ويصر على الحل الجمهوري للمغرب .. هو شخص لا علاقة له اطلاقا بالديمقراطية ، فأحرى ان يشتغل على نظام ديمقراطي حقيقي ، يجسد الديمقراطية في ابهى حللها وصورها ...
ان من يشيع رجعية الملكية البرلمانية في المغرب ، ويمتدحها في عشّها الأوربي ، ويدعو الى الجمهورية العربية كبديل.. هو شخص لا يبحث عن الديمقراطية ، ولا علاقة له بمطلب الدولة الديمقراطية .. لكنه ومن خلال المطالب الحربائية باسم الديمقراطية المفتري عليها .. فأكيد انه شخص يبحث عن أشياء اخطر من الملكية التقليدية المطلقة ، واخطر بكثير من الجمهورية الدكتاتورية المفترضة .. لأنه برفضه للديمقراطية التي توجد في الملكيات الاوربية ، في ( بلده ) الثاني المغرب .. يبحث عن تدمير دولة المغرب ، ومنه تدمير المغرب الأرض ، والمغرب الشعب .. لصالح نظام بلده الجديد الحقيقي الذي يدعو ويصفق اليه الجزائر ..
فعند خروجنا من منطق ووضع الدولة بالتدمير ، لنصل الى لا منطق اللاّدولة .. هنا يكون هؤلاء قد نجحوا في تأدية المهمة التي هي تدمير المغرب ، الذي اعتبره الرئيس الجزائري بون بالعدو ... ويكون هؤلاء قد قدموا خدمات لكل الدول التي تعارض ، وتضرب في وحدة المغرب الأرض ، والمغرب الشعب ...
فاذا دخلنا وضع اللاّدولة الذي يشتغل عليه هؤلاء ، باسم ديمقراطية الجمهورية الدكتاتورية .. فإننا لن نخرج ابدا من وضع اللادولة ، ويستحيل بناء دولة جديدة على نفس مساحة التراب ، وبنفس الشعب ... فالنظام القبائلي الذي لا يزال يفعل فعلته في وحدة المغرب اليوم ، سيتحول عند اسقاط وتدمير الدولة ، الى تيه وفراغ ، لن يخرج عن وضع تحويل الدولة الواحدية القوية ، الى دويلات ، وكانتونات قزمية متفرقة ، ومتشتتة ... من الجمهورية الصحراوية ، الى الجمهورية الريفية ، الى جمهورية شلوح سوس ، الى جمهورية امازيغ الاطلس المتوسط ... أي ستصبح هناك جنسيات جديدة بدل الجنسية المغربية الواحدة ، وستصبح هناك حدودا مصطنعة بدل حدود المغرب الحالية ، وستصبح هناك شعوبا بدل الشعب المغربي الواحد ... ووضع كهذا يشتغلون عليه ليل نهار .. والجار لم يخفي غيضه حين اعتبر المغرب عدوا ، وفرض على الشركات الجزائرية قطع كل علاقاتها مع الشركات المغربية ... سيتسبب في حروب ستكون على شاكلة حرب داعس والغبراء ، التي دامت بين القبيلتين لأكثر من أربعين سنة ... وهذا ما تخطط له الدوائر الصهيونية والامبريالية ، ويتم التحضير له بأدوات محلية ، كما جرى في سورية ، وليبيا ، والعراق ، واليمن .. أي احياء حروب البلقان بشكل اكثر قبحا وبشاعة ... واطرح السؤال : من يقف وراء انشاء " الماك " ، " Le Mak " ..
ان الدعوة الى الملكية البرلمانية ، هي دعوة الى الدولة الديمقراطية ، بدل الدولة الدكتاتورية .. وهي تختلف جذريا عن الدعوة الى الجمهورية الدكتاتورية ... فهل الدكتاتورية ، والاستبداد ، والطغيان هي ماركة مسجلة للعقل العربي ، الذي يعشق كل اشكال نظم الحكم الشمولية ، والمازوشية .. ويتاجر بمطالب الديمقراطية التي هي منه براء ...
ان كل ( الجمهوريين ) الشخصيين ، والفرديين ، والذاتيين .. يستهلكون مصطلح الجمهورية للاستهلاك فقط .. لكن الواقع يبين انهم ونظرا لتبعثر شملهم ، ونظرا لقلتهم القليلة العدد ، يخدمون مخططات ومشاريع ، لا علاقة لها بالديمقراطية ، ولا بالدولة الديمقراطية .. والسؤال هنا : لنفرض جدلا ان العشرة أشخاص هؤلاء ، نجحوا في تهييج العامة الجاهلة ، التي يسيطر عليها الجهل ، والعنف ، بأشكاله المختلفة ، والغارقة في ثقافة الازلية ، والقبور ، والاضرحة ، والمواسم ...
ولنفرض ان العامة نزلت واحتلت الشارع ...
-- ما هو نوع الشعارات التي سيرفعها العامة الجاهلة العنيفة ...
-- ما هو الوضع الذي سيشغله هؤلاء العشرة ، وسط حشد العامة الجاهلة العنيفة ، حطب فتنة المستقبل ...
-- هل سيتحكم هؤلاء العشرة المجهولين في حشد العامة ، عندما سينزل الى الشارع في كل المغرب ...
-- هل من علاقة اليوم ، تسهل وتفرش لهذا التحكم بين هؤلاء القلة القليلة ، وبين الرعايا الجاهلة ...
-- ام ان الهدف الرئيس والاساسي من الدعوة الى الجمهورية ، التي ستكون دكتاتورية تخضع للأمر والنهي ، الذي تربى عليه العديد من هؤلاء .. سيكون هدفه الحقيقي تدمير الدولة ، للدخول الى وضع اللاّدولة .. ومن ثم الارتماء في التيه والفراغ الذي سيعوض الدولة ، باللاّدولة .. أي التجنيد في الطابور الدولي المعارض لوحدة ارض المغرب ، ووحدة شعب المغرب .. والتجنيد في طابور الجار الذي افصح بالعلن عن عداوته للمغرب الأرض ، وعن عداوته للمغرب الشعب ... فحين يتسابق هؤلاء ( الجمهوريون ) ، ويتوسلون المخابرات الجزائرية ان تتوسط لهم ، لتسهيل مرورهم بالفضائيات ، والاذاعات الجزائرية التي تتحكم فيها المخابرات الجزائرية ، وحين تستغل هذه المخابرات ضعف هؤلاء ، وسهولة سقوطهم في الفخ المنصوب بعناية ، لضرب وحدة المغرب ، ووحدة شعبه ... اكيد ان المشروع الذي يشتغلون عليه هو ضد المغرب الدولة القوية ، والشعب القوي .. ولا علاقة له بمطلب الديمقراطية التي يروجون لها افتراء ، تحت مظلة نظام جمهوري سيكون على شاكلة الجمهوريات العربية الأكثر من دكتاتورية ..
ان الدعوة الى الملكية البرلمانية ، التي دخل عليها نوبيرالاموي السجن أيام زمان .. ليس من السهولة الوصول اليها .. بل ان المجتمعات الاوربية لم تصل الى هذا النوع من الأنظمة الديمقراطية ، الاّ بعد ان ناضلت من اجلها ، ونجحت في اسقاط سلطة الاقطاع المرتبط بالكنسية .. فانتقال السلطة من الاقطاع ومن الكنسية الى الشعب ، كان له ضريبة قاسية ، لا ولن يستطع المُندّدون بهذا النوع من الملكية في المغرب ، والمصفقين لها في اوربة ، والداعون الى الجمهورية الدكتاتورية ، القيام به ... لأنه من جهة اكبر منهم ، ومن جهة هم عملاء ايتام عند أعداء وحدة المغرب ، ووحدة الشعب ...
لقد تحجج هؤلاء ( الجمهوريون ) ، برفضهم الملكية المطلقة الاستبدادية ، برفضهم شخص محمد السادس ... لكن السؤال . هل محمد السادس هو المخزن ، ام انه مجرد نقطة في بحر المخزن ، لا ولن يستطع الانقلاب عليه ، او التصرف ضد مشيئته واوامره .. لان المسالة تتعلق بالدولة ، ولا تتعلق فقط بالنظام الذي يمكن التضحية به ، لصالح نظام اخر احسن منه ، ضمن نفس الدولة ..
لكن ما يجهله هؤلاء عندما يختصرون النظام والدولة في شخص محمد السادس .. ان هذا بسبب المرض الحرج الذي يعاني منه ، ندعو له ولكل مريض بالشفاء ، وطول العمر ، فهو ذاهب ، والاعمار بيد الله ... لكن إذا كان ذهابه سيفتح الباب على مصراعيه مع الحسن الثالث ، لبناء ملكية برلمانية حقيقية ، اذا أراد انقاد نظامه ، ومنه انقاد الدولة .. وربح وحدة الأرض ، ووحدة الشعب ، والحفاظ على الدولة الواحدية القوية ، بدل التسبب في التدمير للدولة ، لنصبح في اللادولة .. وانْ دخلنا هذا النفق المظلم ، يستحيل بناء دولة جديدة على أنقاض الدولة المدمرة ... فلِمَ لا بناء ملكية برلمانية ديمقراطية ، انْ كان الهدف هو النظام الديمقراطي ، والدولة الديمقراطية ، وليس الشخص او الشكل ...
وهنا كيف يتجاهل هؤلاء ملوك الدول الاوربية ، وامراء الدويلات الاوربية ، كموناكو ، و لشتن شتاين ، ومونتكرلو ... وكيف يجهلون توافق الأمير نورودوم سيهانوك ، مع الحزب الشيوعي في حكم الكمبودج .... لدمقرطة الدولة الديمقراطية الحقة ...
ان رفض نظام الملكية البرلمانية الحقيقية ، كنظام ديمقراطي لا احد جرّح مثيله في اوربة .. بل يستشهدون بها ويصفقون لها ... ومعارضة هذه الملكية الديمقراطية في المغرب ، لان ما يصلح في نظرهم للمغرب وللمغاربة هو فقط نظام الجمهورية .. مع العلم انهم يفتقدون مكانزمات الوصول الى النظام الجمهوري ، وانهم لم يتفقوا على نوع معين من الأنظمة الجمهورية ، لان لكل واحد جمهوريته الخاصة به ... الغرض منه اخطر من النظام الجمهوري الدكتاتوري .. لان الغرض من دعوة تفتقر شروطها التنظيمية والأيديولوجية ، هي دعوة الى تدمير الدولة الحالية ، ليس بقصد الدخول او بناء دولة جديدة ، بل الغرض هو الدخول الى اللاّدولة حيث يستحيل ابدا بناء دولة جديدة من جديد ...
اذن هناك حالتان يمكن من خلالهما قلب الدولة الحالية . لكن دون ضمانة في احدهما للوصول الى دولة جديدة .
الحالة الأولى ، وهي على سبيل الافتراض ، ان تستجيب العامة العنيفة الجاهلة ، لدعوة النزول الى الشارع ، واحتلاله بإعلان العصيان المدني ... وهنا فان نتيجة أي تحرك من هكذا هبّة ، وليس ثورة ، وبسبب الجهل المستشري ، وعنف العامة ستترتب ثلاثة سيناريوهات :
-- السيناريو الأول ، وهو على سبيل الافتراض ، ان تنجح العامة الجاهلة العنيفة في قلب الدولة . وهذا لن يحصل ، لأنه من باب الافتراض فقط .. هنا سندخل الفتنة الكبرى ، أي الاناركية التاتا رية .. اي التدمير من اجل التدمير ، والتخريب من اجل التخريب .. هنا سننتقل من وضع الدولة ، الى وضع اللادولة ... أي سقوط الجميع في التيه والفراغ القاتل ... وهذا ما تبحث عنه الدوائر الصهيونية والامبريالية ، ويتمناه الجيران .. لكن حجم الخطر ، ويقظة الاحرار والشرفاء من الشعب المغربي ، وليس الرعايا العامة الجاهلة ، سيتصدون لمخطط ومخاطر التدمير والتخريب .. لان ما ينتظر تدمير الدولة ، هو تحويلها الى دويلات ، متفرقة ، سيكون رعاياها حطب حروب منتظرة بين الدويلات المصطنعة ...
-- السيناريو الثاني ، وهذا ممكن حصوله بنسبة مئوية متقدمة .. اذا تكررت هزة 9 يونيو 1981 ، او هزة يناير 1984 ، او هزة 1990 في كل المغرب ، معتمدين السلمية كقاعدة عامة ، ومعتمدين العنف كقاعدة استثنائية ، العنف يولد العنف ... هنا ممكن انتظار رفع الشعارات الإسلامية ، وميل الأمواج البشرية الى الاتجاهات الاسلاموية ... وهنا نكون امام حالة إيرانية مشابهة ... وهذه الهبة بدورها ، انْ كانت ستتفادى تخريب وتحطيم المغرب ، كما الحال في حالة الاناركية ، فهي تعني تدمير الدولة ، لصالح دولة ستكون اكثر بشاعة ، واكثر رعبا من الدولة الساقطة ، خاصة في السنوات أولى للثورة الإسلامية ...
-- السيناريو الثالث ، وهذا وقته قد انقرض ، ولم يعد مجديا امام انتهاء الحرب الباردة التي كانت تتم بالوكالة .. هو انقضاض الجيش على الحكم .. انّ هذا السيناريو لن يتحقق الاّ اذا توافرت شروطه ، كخسارة الجيش حرب الصحراء امام جبهة البوليسارو ... او انسحابه من الصحراء .. هنا يجب انتظار نزول الشعب الى الشارع .. وامام الهزيمة ، يجب انتظار السيناريو الثاني اذا لم يتدخل الجيش بتعليمات أمريكية وفرنسية ، وإسرائيلية .. لقطع الطريق على مشروع السيناريو الثاني لعدم تكرار الحالة الإيرانية .. وهنا فان تدخل الجيش لن يكون الهدف منه اسقاط الدولة التي يجب ان تبقى وتستمر ، بل سيكون الهدف اسقاط النظام القائم ، لصالح نظام آخر ضمن استمرارية الدولة ، أي تبديل ملك بآخر ، والتاريخ المغربي يشهد بواقعة تبديل ملك باخر ، لأسباب كثيرة ليس هنا مجال بحثها ..
-- الحالة الثانية، هو انتظار قلب الجيش للنظام ( محاولة الجنرال احمد الدليمي ) ، او اسقاط الدولة ( الانقلاب العسكري في سنة 1971 وانقلاب 1972 ) ..
فبالنسبة لإسقاط النظام ، سيتم اسقاط شخص الملك ومحيطه ، مع استمرار كل الدولة بأجهزتها المختلفة .. وهذه كانت محاولة الجنرال احمد الدليمي الذي أراد اسقاط شخص الملك الحسن الثاني ، كعائق ضد مخططاته ، لإنهاء حرب الصحراء بالتنسيق مع النظام الجزائري ، ومع جبهة البوليساريو .. من خلال وضع يديه على شخص محمد السادس الذي كان لا يزال غير راشد .. وحتى يصل الى تنفيذ المخطط الرهيب ، ويديه ملوثة بدم الأبرياء .. كان الجنرال يقف وراء مجازر تعرض لها الجيش المغربي على يد البوليساريو في الصحراء .. وهو ما يهدف الى بث السخط وسط الجيش ، لاستمالته الى جانبه عند ابعاد شخص الحسن الثاني ... وعندما يطيب له الجو ، والأمير كان لا يزال صغيرا ، قد يستمر في الحفاظ على النظام الذي سيكون عليه محمد السادس شكليا ... وقد يذهب بعيدا عندما يصبح كل الجيش الى جانبه بقلب الدولة بعد ان نجح في قلب نظام الحسن الثاني ... لكن كل المؤشرات كانت تفيد بالسيناريو الأول ... أي انهاء حرب الصحراء بالاتفاق مع النظام الجزائري ومع جبهة البوليساريو .. وقد شجعه على ذلك اعتراف النظام الموريتاني بالجمهورية الصحراوية في سنة 1979 ..
-- الحالة الثالث الذي يدعو اليه البعض ، هو انقضاض الجيش على الحكم كما حصل في سنة 1971 و 1972 .. ان هذا السيناريو اضحى اليوم مستبعدا بانتهاء الحرب البارة .. ومن جهة فانه باستثناء بعض الأنظمة الغير مرغوب فيها ، كنظام العياط محمد مرسي الاخواني .. أصبحت الدول الديمقراطية تعارض تغيير النظام ، او الحكم بالانقلابات العسكرية .. لكن هذا التغيير ولنفرض جدلا انه حصل ، فهو وبخلاف السيناريو الأول والثاني .. سيقط الدولة شكلا وليس جوهرا .. أي الذي سيقط هو العنوان من ملكية الى جمهورية ، مع احتفاظ النظام الجديد بكل الجيش ، والشرطة ، وهيئة السلطة ، والقضاء ... أي الاحتفاظ بكل مؤسسات الدولة .. طبعا ستحصل تصفيات .. لكنها ستكون محدودة .... ان هذا التغيير قد تكون له علاقة بدكتاتورية الجيش كما جرى الامر في الدول التي عرفت انقلابات عسكرية ، لكن لن يكون له علاقة بالجمهورية الدكتاتورية التي يفضلها ثوارنا البواسل ، بدل نظام الملكية البرلمانية الديمقراطية ، ولن يسقط ابدا في نظام اللاّدولة التي يشتغل عليه من يروج للجمهورية كذبا وبهتانا ، وهو يشتغل في حقيقته على نظام اللاّدولة ..
ان الدعوة الى الملكية البرلمانية كنظام ديمقراطي ، لا يعني الدعوة الى شخص او مجموعة اشخاص ، لكنها دعوة لبناء النظام الديمقراطي الذي وحده يحفظ وحدة المغرب الأرض ، ووحدة المغرب الشعب ، ووحده يجنب السقوط ، سواء في نظام الجمهورية الدكتاتورية ، او السقوط في نظام اللاّدولة الذي يهدد وحدة الدولة .. ووحدة الشعب ..
المؤامرة افتٌضحت .. والأوراق سقطت .. وكل شيء اصبح مكشوفا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية