الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دلالات مهمة لأحداث الانتفاضة الفلسطينية الحالية

صلاح السروى

2021 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اندلاع أحداث حى الشيخ جراح وحصار المسجد الأقصى ومحاولة اخلائه من المصلين يوم 10 مايو والأحداث تتوالى لترسم واقعا جديدا لم تفطن اليه مخيلة كثير من المراقبين ولا حتى مخيلة العدو الصهيونى. فقد دأب الصهاينة على التعامل مع الانتفاضات الفلسطينية السابقة بطريقة: تشديد القمع والقبض على عد من الشباب واغلاق الطرق وتكثيف الحواجز .. الخ. وينتهى الأمر بعد وقت قد يقصر أو يطول قليلا. ولكن فى كل الأحوال تبقى كل الأمور تحت سيطرة السلطات الاسرائيلية. وكذلك الأمر فيما يتعلق بصواريخ المقاومة فتكفى عدة طلعات للطيران الصهيونى وتكثيف للقصف المدفعى وتبدأ جهود الوساطة وينتهى الأمر.
أما الآن فالوضع مختلف الى حد كبير، وذلك على النحو التالى:
أولا: أن انتفاضة حى الشيخ جراح تجاوب معها كل الفلسطينيين فى الضفة والمناطق المحتلة عام 48 وفصائل المقاومة فى غزة. وهذه العرامة وهذا الشمول اللذين ميزا هذه الانتفاضة يعدان أمرين غير مسبوقين فى تاريخ المواجهات الشعبية بين الفلسطينيين وسلطات الكيان الغاصب. واللافت هنا هو دخول فلسطينيى 48 بقوة واتساع استثنائيين، بما يدل على أن سنوات الاحتلال والقمع لم تنجح فى الاخضاع النفسى والمعنوى لهذا الشعب.
ثانيا: ان صواريخ المقاومة قد ظهرت بكثافة ومديات وقدرات تفجيرية أكبر مما سبق. كما أنها تميزت بالذكاء التكتيكى . صحيح أن جزءا كبيرا منها قد تم اعتراضه، وهذا مفهوم ومنتظر فى كل الأحوال ولكن كثافة وطريق الاطلاق أربكت طواقم "القبة الحديدية" (الصواريخ الدفاعية الاسرائيلية) مما سمح لعدد من صواريخ المقاومة بالوصول الى أهداف بعيدة وحيوية للغاية، مثل تفجير خط أنابيب أشدود ايلات وضرب أهداف فى تل أبيب وتهديد مطار بن جوريون، مما أدى الى اغلاقه وتحويل الطيران الى مطار آرون بالجنوب الاسرائيلى بالقرب من ايلات، التى لم تسلم بدورها من الاستهداف. وذلك مرورا بمدينة بير سبع والقدس .. الخ. وهو ما أدى فى المحصلة النهائية الى أن يبيت أكثر من 5 ملايين اسرائيلى فى الملاجئ، خوفا من صواريخ المقاومة. وهذا أمر يحمل دلالات خطيرة اذا علمنا ان عدد سكان اسرائيل لا يزيد عن 6 ملايين.
ثالثا: أن اسرائيل قد فوجئت لأول مرة بحشود شعبية ضخمة تحاول اجتياز الحدود من كل من الأردن ولبنان. وكذلك اطلاق صواريخ كاتيوشا من كل من لبنان وسوريا، وهى صواريخ غير مؤثرة بالطبع ولكنها تحمل رسالة قوية لمن يريد أن يفهم.
رابعا: استدعاء اسرائيل لنحو 16 ألفا من جنود الاحتياط ويمكن أن يزداد العدد لو اتسعت المواجهة بما يمكن أن يحقق نوعا من الشلل للجبهة الداخلية التى تعانى من كل ما أشرت اليه آنفا من انتفاضة لفلسطينيى الداخل واشتباكات وصلت الى حد أن تكون مسلحة مع قطعان المستوطنين ومبيت عدد هائل من السكان فى الملاجئ.
فماذا لوطال الوقت مع هذه الحالة من حيث التأثير على الاقتصاد والمجهود الحربى وكافة مناحى الحياة فى اسرائيل ؟؟؟

ومن كل ما سبق يمكن أن نستنتج مايلى :
1- أن اسرائيل كيان هش للغاية من حيث التجانس السكانى، فهو يعيش على فوهة بركان اسمه تناقض تركيبة هؤلاء السكان، بين فلسطينيين ويهود. وأن هذه التناقضات ليست بالهينة ولا البسيطة، بل هى عميقة للغاية، وقابلة للانفجار بين لحظة وأخرى. ولا ننسى أن السكان الفلسطينيين داخل الكيان يبلغ تعدادهم حوالى مليون ونصف، أى حوالى 1/5 السكان، وأن معدل تزايدهم العددى يفوق بقوة معدل تزايد السكان اليهود. بما يجعل مستقبل (يهودية الكيان الاسرائيلى) محل تساؤل كبير فى المستقبل.
2- أن السلاح الاسرائيلي المتقدم، سواء أكان يتعلق بالدفاع الجوى أو الطائرات أو القوات البرية .. الخ، يمكن أن تتغلب عليه منظمات قليلة العدد وفقيرة، باستخدام أسلحة بدائية وبسيطة، وقد رأينا بروفة ذلك فى حرب لبنان عام 2006 (لا تنس مذبحة الميركافا فى وادى الحجير بالجنوب اللبنانى)
3- أن الشعب الفلسطينى فى كل أماكن تواجده شعب حى ومبدع ومناضل ولم يستطع أحد ابتلاعه ولا تغييب هويته ولا حرف بوصلته عن تحرير بلاده.
4- أن الحديث الآن، فى الأوساط الشعبية الفلسطينية، لم يعد متعلقا بالأراضى المحتلة بعد 1967 ولكن أضحى متعلقا بكل فلسطين، باعتبارها قضية شعب واحد: بعضه يعيش تحت سلطة الكيان الصهيونى المباشرة، وبعض آخر يعيش تحت سلطة احتلال من الكيان ذاته، وبعض ثالث يعيش فى الشتات فى دول معظمها يحيط بهذا الكيان احاطة السوار بالمعصم، وينتظر لحظة العودة بفارغ الصبر وبأكبر استعداد ممكن للتضحية، فى سبيل هذه العودة.
5- أن محيط الدولة العبرية معبأ بالثارات وقابل لأن تندفع جماهيره بالصدور العارية لاجتياح الحدود، ولو حدث ذلك فى المستقبل فلن يكون بمجرد الصدور العارية.
6- وأخيرا فان القوى الداعمة لاسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون هى القوى الأعظم فى عالمنا بعد وقت وجيز للغاية.

لكل ذلك فاننى أقول أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية تحمل الكثير من الدلالات، وأيضا، الكثير من الاشارات والبشارات، حول مستقبل هذا الصراع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل