الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعون البير كامو وفايروس كورونا2 /2

داود السلمان

2021 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


انتابتني حالة من التذمر والحزن معًا، وانا ارى بأم عيني، وفي كل يوم وفاة صديق لي هنا وآخر هناك تحت مذبحة كورونا، فضلا عن ابناء مدينتي وبلدي، هذا التذمر والحزن اصابني بحالات نفسية وحالات ضجر وقلق، وفتق عندي تساؤلات فلسفية واخرى وجودية: لماذا ظهر هذا الفايروس؟، ولماذا يغيّب هؤلاء الناس المساكين، وخصوصًا الفقراء منهم، من العمال والكسبة، ومن الذين يعيشون بأجور يومية ومن غيرهم، جراء الحظر الذي فُرض على العالم برمته وليس على ابناء بلدي فحسب. واقتصاديا فرط عقد مليارات الدولارات، وضاعت في مهب الريح وفي اشهر معدودة، بينما هناك ملايين الفقراء والمعوزين هم بحاجة الى تلك المليارات، لانتشالهم من جحيم الفقر ونار العوز.
كورونا هو من الاسباب الطبيعية، كالفيضانات والكوارث الاخرى، مثل التسونامي الذي ضرب عدد من المدن الاوربية. ومن السذاجة بمكان أن نوعز ظهور فايروس كورونا الى غضب الاله وانتقامه من العباد بسبب عصيانهم لأوامره وعدم الطاعة، كما اوعز ذلك قساوسة مدينة وهران التي اصابها الطاعون، وكما رأى ذلك بعض علماء المسلمين عند ظهور كورونا.
في مقال سابق لنا حول رواية "الطاعون" ذكرنا إن الاحداث، تدور حول مرض الطاعون، اذ راح هذا الفايروس يفتك بآلاف الناس، حتى كاد أن يقضي على الجميع، وقد استعملوا كافة القضايا الوقائية للحد من هذا المرض، فلم ينجحوا، حتى أنهم، اخيرًا، اتجهوا الى علاج آخر لربما يكون الافضل أو البديل، الا وهو العلاج الروحي أو نستطيع أن نقول الماورائي وهو الدعاء والتضرع الى الله، من خلال تلك الادعية والصلوات، والاستغفار، لعل الله يرفع عنهم هذه المحنة، التي عصفت بهم كما تعصف الريح العاتية بأوراق شجرة صفصاف في موسم الجفاف.
جاء نداء الكنيسة أنه على جميع المؤمنين وغير المؤمنين التوجه الى الكنيسة لسماع توجهات الجهة الدينية بخصوص هذه الكارثة (الطاعون). فخطب القيس خطبة وعظية اشار فيها الى أن هذه عقوبة الهية، لأن الناس ضعف ايمانهم بالله ولم يتمسكوا بالدين، وتفرغوا الى ملذاتهم الخاصة، فنسوا الله خالقهم، وفي نهاية الخطبة العصماء دعا الحاضرين الى العودة الى الايمان والتضرع للخلاص من هذا البلاء". وهذه هي لعبة رجال الاكليروس في كل زمان ومكان، فهم شطار بالعزف على هذا الوتر الحساس، لتهوي قلوب الناس الى الدين، وهو بذلك المستفيد الاكبر.
ففايروس كورونا اعتبره البعض حربًا اقتصادية يريد المتسبب من وراءها الحصول على مزيد من الدولارات والربح العاجل، لينتعش بذلك اقتصاد شعبه، وإن كان على حساب قتل الناس الابرياء في معظم دول العالم وخصاصًا الضعيفة منها وذات الاقتصاد الهش، وهو ما حصل بالفعل، حيث تعرضوا للموت العاجل إثر هذا الفايروس اللعين بشكل لافت. والدليل إن اربع دول راحت تنافس بعضها البعض لإنتاج لقاح ضد هذا الفايروس، وهي الصين وامريكا وبريطانيا وروسيا، وبالفعل هذه الدول، في غضون عام كامل، استطاعت أن تنتج، وبوقت قياسي، لقاح مضاد لهذا الفايروس، وكل واحدة من منها تدعي إن انتاجها هو الاحسن والافضل.
البير كامو في روايته الطاعون كأنه يناغم عصرنا هذا في رسم ملامح كورونا بصورة الطاعون، اذ الاحداث تكاد أن تكون متشابهة من حيث الكارثة والجائحة التي حلت بوهران، وحيث البُعد الانساني، كذلك، والرعب الذي عاشته الناس ولا تزال تعيشه الى حين كتابة هذا المقال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي