الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعون البير كامو وفايروس كورونا1 /2

داود السلمان

2021 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الالم هو احساس فردي- شخصي لا يشعر به الا الشخص المعني نفسه، أي صاحب الالم، اما الشخص الذي يوجد بجانبه فهو يشعر بالانزعاج من تأوهات ذلك الشخص ولا يدرك قساوة ومرارة الالم، الذي يتعرض له المصاب بلوعة الالم، " لا يؤلم الجرح الا من به الالم"، لكن من باب الشعور الانساني، يدرك ما يعانيه المصاب، ادراكا شعوريا بحت. لذلك يعبّر دوستويفسكي بقوله "إن العذاب هو المصدر الوحيد للإدراك، رغم أنني قلت في البداية أن الادراك هو أسوأ ما يتميز به الانسان".
البير كامو في روايته "الطاعون" والتي تقع احداثها في مدينة وهران في الجزائر، يسرد لنا احداث مؤلمة حول كيفي ظهر الطاعون هناك من خلال ظهور اسراب الفئران بشكل يدعو للقلق والتي شاهدتها سكان المدينة عيانا، وهي قد نفقت بالعشرات ثم بالمئات ثم بالآلاف، فانتقلت عدوة الطاعون الى الناس عبر تلك الحيوانات النافقة، وراح هذا المرض اللعين يفتك بالناس ويقتلها، فلم يسلم منه صغيرًا ولا كبيرًا، حتى عجز الناس عن دفن ضحاياهم الذين هم آلاف متعددة. "يربح الإنسان في الأوبئة والحروب المعرفة والذكرى" (الطاعون)
وكامو يسرد لنا الحالات الانسانية من خلال روايته هذه، وكيف أن سكان تلك المدينة تعاملوا بشكل انساني مع تلك الاحداث المؤلمة، فعاشوا الشعور الجمعي بالألم الذي انتابهم، وهم يشاهدون، في كل يوم يتساقط مئات الاشخاص، يتساقطون تباعا على الارض، وهم ميتون مصابين بذلك الطاعون الذي لا يرحم. "الطاعون وسيلة إلهية فعّالة للحصول على السعادة الأبدية" (الطاعون). ومن خلال احداث تلك الرواية الممتعة -المحزنة في آن، يصوّر لنا كامو الاوضاع الاجتماعية وربما الدينية كذلك تصوير دراماتيكيا، حيث كان رجال الكنيسة يحثون الناس على الصلوات والتضرّع الى الله على أن يرفع عنهم هذا البلاء، اذ حاول رجال الدين المسيحيين أن يقنعوا اهالي المدينة بذلك، "الطاعون لا يصيب أصحاب البنية الضعيفة، بل أصحاب البنية المتينة". إن الله قد ابتلاهم بهذا البلاء، لأنهم نسوا ذكره وانشغلوا بملذاتهم الدنيوية؛ وقد اقتنع الكثير منهم بهذا الرأي، وتأثروا بهذه المقولة، فراحوا يدخلون الكنائس والاديرة وحدانا وزرافات، وهم يضجون بالدعاء والتضرّع والبكاء ويستغفرون ربهم على معصيتهم له، أن يفرّج عنهم هذا العذاب وأن يرفع هذا الالم، ويقبل هذا التضرع، و "بما أن الموت هو مَن يقرّر مصير العالم، أليس من الأفضل «لله» ألا يؤمن به الناس"؟(الطاعون).
المجتمعات، ككل، في حالة الرخاء قد تتقاضى عن كثير من الامور المجتمعية، الضرورية لحياة الناس على اعتبارهم يشكلون قيمة انسانية عليا، يجب عليها أن تتعايش بمحبة واخلاص وشعور متبادل بين الجميع على حد سواء، اذ يكتنف هذا الشعور مسؤولية اخلاقية يجب أن تسود الجميع لكي يعيشون بتفان وتواصل مع الحياة المشتركة. وعند حدوث حالات البلاء وتعرض هذا المجتمع الى هزات نفسية وجسدية من امراض واوبئة او من كوارث طبيعية وغيرها، يعود هذا المجتمع الى رشده فيشعر بحجم الدمار الذي اصابه جراء ذلك، فينتبه الى نفسه والى وعيه، ويرجع الى ما كان عليه من ذي قبل، رجوع ندم، فيكون التعامل بالإنسانية، تلك الانسانية التي فُتق عليها الانسان، لتلافي النكوص والاهمال الذي ساد هذا المجتمع نتيجة لتغاضيه عن اسباب وكوامن انسانية قد فقدها دون أن يشعر بذلك او متعمدًا، او على الاقل يشعر بذلك نخبة معينة من ذلك المجتمع الذي اصيب بهذا النكسة التي كادت أن تقضي عليه، ويفترض أن مثل هذا أن لا يحدث. ذلك لأن "طريق الوصول لراحة النفس هو العطف" (الطاعون).
الدولة التي ظهر فيها فايروس كورونا، هي الصين وهي اكبر دولة سكانية عالميا، وهي الاكثر جهة تضررت بداية انتشار الفايروس. والى يومنا هذا ونحن لا نعلم الاسباب الحقيقة التي اظهرت هذا الفايروس القاتل، فبعظهم يرى أن الفايروس كان مُصنّع، أي هو عبارة عن حرب بيولوجية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، الدولتان المتنافستين على عرش العالم، وكلنا يعلم هذا التنافس بين القوتين العظيمتين: الصين وامريكا، وصراعهما الاقتصادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب في جامعة السروبون يحتجون على الدعم الفرنسي لإسرائيل ويت


.. الاحتلال يمنع الفلسطينيين ويحمي المستوطنيين أثناء اقتحامهم ا




.. الجيش الإسرائيلي: مغادرة لواء الناحل قطاع غزة بعد 6 أشهر من


.. أكد أن بلاده مستعدة لردع روسيا.. رئيس بولندا يثير مخاوف العا




.. الصين ترسل -أسماكا- للفضاء لإجراء تجارب جديدة