الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
5 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
اسماعيل شاكر الرفاعي
2021 / 5 / 17مواضيع وابحاث سياسية
5 -
اذا آنست وجوداً لحب الناس في أعماقك ، وشعرت بأن هذا الحب يطالبك بمساعدة الآخرين ، فاعلم بانك موهوب سياسياً : وان عليك الجهر بموهبتك هذه عن طريق الاشتراك بكل الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية . وإياك ان تنشط اجتماعياً او ثقافياً وانت خالي الوفاض من محبة الناس : ففي هذه الحالة ستشوه المضمون الحقيقي لسياسة الحب ، اذ ستتخذ قرارات لا فائدة منها للصالح العام ، وإنما الفائدة المرجوة منها تعود بالنفع عليك شخصياً ، وعلى اتباعك من العازفين والمطبلين لك ، ولا تعود بالنفع حتى على طائفتك الدينية : رغم إصرارك على ان تظهر بمظهر الفارس الطائفي الذي يدافع عن ابناء طائفته .
ماذا قدم نوري المالكي لطائفته ،
وماذا قدم منافسه مقتدى الصدر ؟
لقد اصبح الاول سياسياً انسجاماً مع نظام حزبه الداخلي الذي لا يفسح مجالاً لصعود هرميته الا للشقاوات الذين تطلق عليهم آيدلوجية حزبه : مجاهدين ومناضلين ، بسبب من قيامهم بأعمال عنف في : الهور وفي الكويت وفي بغداد وبيروت ، فهم لم يقدموا لنا درساً جديداً في السياسة ، وإنما قدموا لنا الدرس التقليدي ذاته : درس الثأر وانتزاع الاعتراف بالذات بالقوة . صحيح ان النظام السياسي لصدام حسين : اضطرهم - وهو يحتكر السلطة ويضطهد المختلف سياسياً - الى استخدام العنف والكفاح المسلح ، الا ان هذا الكفاح ظل حبيس المعسكرات ومحصوراً في الخنادق ، ولم يستطع ممارسوه نشره وتسويقه بين العراقيين كعلاقة جديدة تختلف عن العلاقة الاجتماعية السائدة . بعبارة اخرى كان يتطلب من معارضي صدام حسين : ان يبتكروا ، ان ينحتوا في الصخر ، ان يبدعوا رسم صورة اخرى للعلاقة مع شعبهم يحبها ويحترمها : ليست تقليدية ، وذات ابعاد إنسانية . ولكنهم اطلوا علينا بالاسلوب السياسي الموروث : الاسلوب العسكري الذي يمكن ممارسته بسهولة لخلوه من الابداع . لنعترف بفشل المعارضة العراقية لنظام صدام حسين في صناعة : معارضة تقرر ما تريد ، ولا تستمع لمصادر من خارجها : تملي عليها ما يجب ان تقوم به وما يجب ان تمتنع عن القيام به . والفشل في صناعة المعارضة يعني الفشل في ادارة آليات اشتغال النظام الديمقراطي بشكل صحيح ، وهذا ما تحقق بعد 2003 فعلاً . ولقد تأسس على غياب ابتكار علاقة جديدة في محاورة الشعب : ان استبدت احزاب المعارضة برأيها ، فعاشت في شبه عزلة عن الشعب الذي كانت تتهمه بشكل ضمني بتآمره مع صدام حسين عليها ، اذ كانت تعتقد بان الذين تركوا العراق وخرجوا الى المعارضة : اطهر واقل تلوثاً من الذين ظلوا في الداخل . هذا الشعور التطهري الذي يشبه شعور جماعة التكفير والهجرة المصرية : الذين كفروا شعوبهم وهاجروا ليتطهروا ثم ليعودوا الى مجتمعاتهم : والعصا في أيديهم ، ليهشوا عليها ، وليحملونها بالقوة على سلوك طريق ( الحق ) . لقد منح هذا الشعور : المعارضة العراقية ، الايمان بانهم اصبحوا أعلى درجة من مواطنيهم ، وان من حقهم ان يقرروا ما يشاؤون من غير الرجوع الى مجتمعهم واستطلاع رأيه ، وهذا ما دفعهم الى الهرولة - معممين ومكشدين وافندية - الى خيمة : المحاصصة ، والاستماع الى شرح لها من الوالي الجديد : الأمريكي بريمر ( رغم ان بريمر كان يكن لهم - وهذا واضح من مذكراته : احتقاراً عميقاً ) . ضاعت ، في هذه الهرولة ، الفروق بين : الاسلامي والعلماني والديمقراطي والليبرالي والاشتراكي : وضياع الفروق هذا : يشير الى غياب البرامج المتنافسة ، الذي تؤكده تشابه افعال وقرارات رؤساء الوزراء في ادارة شأن العراقيين العام . لم يلمس العراقيون اختلافاً في ادارة شأنهم العام من قبل رؤساء الوزراء الذين كانوا : بلا إنجاز ، ولم يتميز اي منهم بالقيام بفعل وطني : مطلوب وضروري ، لاستعادة هيبة الدولة عبر استعادة سيادتها . وهذا الشيء ينطبق على الوزراء الذين ينتمون الى احزاب وتيارات مختلفة ، فهم جميعاً انطلقوا من رؤية بيرقراطية واحدة في افعالهم وقراراتهم : لا فرق بين اسلامي او غير إسلامي او تكنو( خراط ) في الاداء ، ولو ادعى احدهم بانه : انجز شيئاً ، لكذبته وقائع الفساد الجارية على قدم وساق في اروقة ومديريات وزارته . هذا التشابه بين قيادات الاحزاب العراقية تدل عليه : الصيحة الواحدة التي انطلقت من جميع مقرات هذه الاحزاب ، مطالبة بثمن معارضتهم لصدام حسين ، ولأن هذه الصيحة هي البرنامج الوحيد الذي سمح لهم : بريمر برفعه والتلويح به ، فقد ناضلوا ( كعادتهم ) نضالاً مستميتاً في سبيل ذلك ، حتى تكللت جهودهم بحصول قواعد احزابهم - بحجج مختلفة - على رواتب ثابتة ، وحصول زعامات الاحزاب على مناصب برلمانية ووزارية بتقاعد ثابت ، فعكست هذه الطبقة السياسية روح الشقاوة لدى زعامات الاحزاب : اذ ان الصعود الحزبي وتسلق الهرم الداخلي للأحزاب - اصبح حكراً على الحزبيين الذين اشتهروا بالقيام بعمليات عسكرية كتفجير السفارة العراقية في ثمانينيات القرن المنصرم في بيروت ، الذي راحت ضحيته الكثير من العناصر المدنية ومنها : بلقيس ، زوجة الشاعر نزار قباني التي وصفها بأنها :
" أطول النخلات
في تاريخ بابل
كانت اذا تمشي ترافقها طواويس وتتبعها أيائل " .
وهكذا فأن الذين خططوا للعنف ومارسوه هم الذين عملوا على ترويج : ضرورة مكافأة فترة الجهاد والكفاح ، كما لو كانوا قد عاشوا هذه الفترة وسط معارك ضارية ضد سلطة صدام حسين ، تكللت أخيراً بالنصر ، وانهم لأجل هذا النصر يستحقون التفرد بالسلطة والقرار . لم تفعل المعارضة العراقية شيئاً يستحق الاحترام : يشبه ما قام به الجيش الأحمر الصيني من افعال بطولية في سبيل تحرير بلادهم من الغزاة ، لكي يستبدوا بالسلطة ، ولم يخوضوا حروباً شرسة ضد الفرنسيين والأمريكيين كتلك التي قادها الحزب الشيوعي الفيتنامي والتي أهلته لأن يقود الشعب بعد النصر . لقد طالبت المعارضة العراقية لصدام حسين بغير وجه حق : بثمن ( جهاد ) و ( نضال ) لم يقم بأي دور للإطاحة بنظام صدام حسين ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشيف عمر يجهز أشهى برياني وكبسة ومندي شغل أبو راتب ????
.. الذيل أو الذنَب.. كيف فقده الإنسان والقردة قبل ملايين السنين
.. في تونس.. -الانجراف- الاستبدادي للسلطة يثير قلق المعارضين •
.. مسؤول أميركي: واشنطن تنسق مع الشركاء بشأن سيناريوهات حكم غزة
.. إسرائيل تعلن القضاء على نائب قائد وحدة الصواريخ في حزب الله