الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد مقاطعة الإنتخابات العراقية المبكرة وأين ستكون الكيانات السياسية الجديدة ؟

وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)

2021 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أكّدنا في مقالنا السابق أنّ الإنتخابات ليست عملية إقتراع فقط كما يحاول السياسيون تصويرها للمجتمع ، بل هي " سلسلة معقدة من العمليات الفرعية المعتمدة على بعضها البعض ، وتتضمن بشكل عام : ترسيم الدوائر الحدودية ، توعية المواطنين ، توعية الناخبين ، تسجيل الناخبين ، تسجيل الأحزاب ، تسمية المرشحين ، فترة الحملة الإنتخابية ، عمليات الإقتراع ، جمع وَعَدّ الأصوات ، حل النزاعات الإنتخابية والإعلان الرسمي للنتائج ". إضافة إلى ضرورة توفر الأمن الإنتخابي ، الذي يُعدّ الركن الأساسي لضمان إجراء العملية الإنتخابية بنزاهة وشفّافية . الحقيقة أنّ الأمن الإنتخابي غير متوفر أبدًا ، ودليل ذلك ، العمليات الإجرامية المنظمة لإغتيال الناشطين والمعارضين للقوى السياسية القائمة ، وقد صرّح مستشار رئيس مجلس الوزراء للأمن الإنتخابي مهند نعيم في اجتماع مفتوح قبل ليلة أمس على تطبيق (كلاب هاوس) ، أنّ الأمن الإنتخابي غير متوفر لهذه اللحظة ، وأكّدَ أنّ عمليات الإغتيال والقتل المنظّم بحقّ المتظاهرين والنّاشطين تقوم بها جهات سياسية ... بالتالي فإنّ الهدف هو القضاء على أيّ صوت معارض يمكن أن يمثّل بديلًا للقوى السياسية المسيطرة على الحكم ، وعمليات الإغتيال المنظّم ستستمر بشكل ممنهج .
والآن نتساءل : هل هناك أملٌ في انتخابات نزيهة فعلًا ؟
يكفي أن نراجع الإنتخابات السابقة وعمليات حرق صناديق الإقتراع وتصريحات سياسيين بارزين عن موضوع التزوير وتقاسم الحصص لنعرف ( كذبة ) الانتخابات في العراق ، إضافة لفقدان الأمن طبعًا . أمّا الإنتخابات القادمة فهي انتخابات محسومة واقعًا ، وقد تمّ تقسيم الدوائر الانتخابية ، بشكل يضمن لكلّ جهة سياسية مقاعدها النيابية حسب مناطق نفوذها . لقد أدركت القوى السياسية الجديدة وبعض القوى القديمة ذلك ، مما دفعها لإعلان مقاطعة الإنتخابات وبعضها ذهب أبعد من ذلك حيث أعلن مقاطعة النظام السياسي تمامًا .
من المتوقع أنّ لا تحصل القوى السياسية الجديدة التي أعلنت مشاركتها في الإنتخابات المقبلة إلّا على بضع مقاعد في البرلمان لا تتجاوز عدد أصابع اليد ، وبناء على ذلك فليس أمامها سوى أن تتحالف مع القوى السياسية القائمة طبقًا لسياسات المحاصصة المعروفة أو تبقى كمجموعة من الأفراد ، ينطبق عليهم المثل القائل : إذا حضر لا يُعَدّ وإذا غاب لا يُفتَقَد !. إنّ طبيعة النّظام السياسي في العراق يمثّل المشكلة الأساسية التي لا ينظر لها أصحاب تيار المشاركة في الإنتخابات بعين الإعتبار . إنّ النّظام السياسي في العراق نظام برلماني كما هو معروف ، وطبقًا لهذا النظام فإنّ الرئاسات الثلاث والسلطة التنفيذية بشكل عام ، تنبثق من البرلمان نفسه ، عبر الكتلة النيابية الأكثر عددًا أو التحالف الأكبر لمجوعة قوى سياسية .
والآن نتساءل : هل يوجد كتلة نيابية بإمكانها أن تشكّل الحكومة وتختار الرئاسات من دون نظام المحاصصة ؟ والجواب بالنّفي قطعًا ، فلا يوجد قوة سياسية قادرة على الحصول على الأغلبية النيابية ، التي تمكّنها من التصويت على ما تسعى إليه من دون الحاجة إلى التوافقات السياسية التي دمّت الدولة العراقية بكلّ مفاصلها . بناء على ذلك فإنّ البرلمان سيكون مفككًا ولن يكون منتجًا أبدًا .
يمكننا القول أنّ النّظام البرلماني لا يصلح للبلدان غير المستقرة ، ودائمًا ما سينتج سلطات مفككّة . سيجعل هذا الخلل البُنيوي السلطاتَ متصارعة فيما بينها وليست سلطات تكاملية ، تعمل لإنجاح بعضها بعضًا . وهذا ما نلاحظه في كلّ السلطات التي حكمت العراق في هذا النّظام المفكّك . لذلك أعتقد أنّ النّظام البرلماني لا يصلح لبلد غير مستقر مثل العراق في الوقت الراهن أبدًا . هذا النّظام الّلقيط لا يمكن إصلاحه ، لأنّه وُلِدَ ميتًا . وهنا أرى خيار الذهاب إلى المقاطعة السياسية الشاملة أفضل خِيار للقوى السياسية الجديدة وقوى الحِراك الشعبي . لعلّ إتحاد القوى السياسية الجديدة مع القوى الإحتجاجية والذهاب لمقاطعة النّظام السياسي مقاطعة شاملة فضلًا عن مقاطعة الإنتخابات المقبلة ، يمثّل خيارًا استراتيجيًا وعقلانيًا ، يمكن أن يجدَ له موضعًا وقبولًا دوليًا مستقبلًا يتيح له الفرصة لتغيير النّظام نحو النّظام الرئاسي أو شبه الرئاسي ، ليتمكن الشعب من إختيار سلطته التنفيذية بشكل مباشر من دون العودة إلى البرلمان . لقد تغيرت قواعد اللعبة وأصبحت الكيانات السياسية الممثلة للحِراك الإحتجاجي والمنسجمة معه واضحة ومعروفة وكذلك القوى المجتمعية الأخرى أيضًا . إنّ بروز هذه القوى بشكل واضح وصريح سيتيح لها التواصل مع المجتمع الدّولي وتشكيل معارضة سياسية-شعبية خارج النّظام القائم كما أسلفنا في مقالنا السابق ، لتطرح نفسها كبديل سياسيّ يمكن التعويل عليه . أعتقدُ أنّ القوى السياسية الجديدة التي ستشارك في الإنتخابات المقبلة ستحرقُ نفسها وستواجه رفضًا كبيرًا من ساحات الإحتجاج مستقبلًا ، عكس القوى التي انسحبت من هذه اللعبة الانتخابية المكشوفة والمحسومة مسبقًا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص