الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عليكُم بقتلِ التشكيكِ والتخوين ..

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 5 / 17
القضية الفلسطينية


أن يكون هُناك مَن لا يتّفقَ مع جهة مُعيّنة مِن الجهات التي تُقدّم نفسها على أنّها مُدافعة عن قضيّة عامّة، أيًّا كانت هذه القضيّة ؛ لمُجرَّد أنّ هذه الجهة تقتَرف أخطاء كبيرة وكثيرة، وترفُض أن تنخَرِط بكُلّ مَن يُدافع ويُقاوم في سبيلِ إحقاقِ الحقّ في هذه القضيّة، فهذا لا يعني بأنّ كُل مَن لا يتفِق مع تلكَ الجهة خائن، وأنّهُ يُهادِن ويُقامِر بالقضيّة ؛ فالقضيّةُ بأصلها هي قضيّة شامِلة، والكُلّ معنيٌّ بها، ولم تكُن، ولا ولن تكون في لحظةٍ من اللحظات قضيّة معنيّة ومُناطة بجهةٍ على حساب أُخرى، إلّا إذا أتى يوم ونُزِع عنها رداء العموميّة، وأُلبِست رداء الخصوصيّة، وأصبحَت قضيّة جهة "س" وليست قضية جهة "ص" .

أمّا في فلسطين، فإن كُنتُم تُريدونَ أن تُحقِّقوا النّصر حقًا، وأن تقفوا بجانبِ أصحاب القضيّة الأُصلاء، وأن تُلقّنوا أعداء أمّتكُم درسًا لا ينسونه أبدا، والأعداء هُنا كُثر، ومنهُم مَن يُظهرونَ أنّهُم معكُم وأنتُم تُقاتلونَ عدوّكم المُشترك ؛ فعليكُم أن تخرِجوا أنفُسكم مِن قصوركُم العاجيّة التي تسكنونَ بها، والتي لا تعتَرف سقوفها العالية إلّا بالتّشكيكِ والتّخوين، والسّير على منهَج أنَّ مَن لا يُلامسها، ومَن لا يتبرَّك بها فهو خائن، وهو حسبما تزّعمون، فإنّهُ بكُلّ تأكيد لن يكونَ إلّا مؤازرًا ومُساندًا لعدوّكُم الذي هو عدوّه أيضًا .

وحقيقةً، لن يكون هُناكَ قول أفضَل مِن قول الحقيقة، حتى لو كانَت هذه الحقيقة أمرَّ مِن المُرّ ذاته، وباطنها الذي يجِب أن يعرِفهُ الجميع، أقسى مِن أيّ قساوةٍ عَرفناها منذ عقود . لذا، أقول، وكَم أرجو مِن الله أن يكونَ قوليَ هذا خالٍ مِن كُلّ الشوائب والمُنغّصات، بمعنى على عكس ما سيعتَقده البعض ..أقول :

" لنترُك العاطِفة، ولنُكسِّر كُلّ سهامِ التّخوين التي في جُعبنا ؛ فهي قد أضعفتّنا كما لَم يُضّعفنا أي شيء آخر، ولنضَع حدًّا للإنجرار الذي دائمًا يستَلبنا، والذي نكتَشف بعد أن يلتَهمنا، ولا يترُك منّا شيئا، أنّنا قد كُنا مُخطئين في عواطفنا، وأنّنا قد سُقنا أنفُسنا إلى طريقٍ لا يُحمَد دخولها إطلاقا، وحتى وإن كانَ دخول هذه الطريق أمر لا مفرّ ولا مهربَ منهُ، فيجب أن نَدخلها على وعيٍ تام بمخاطر هذه الطريق، وما هي أعتى العقبات التي ستواجهنا فيها، وما سيترتَّب على الدخول فيها مِن فرضيّات ستُفرض علينا .

وعليه، فإنّهُ مِن الواجب علينا ألّا نكتفي بقراءات وتحليل الأحداث الحاصلة على الأراضي الفلسطينية المُحتلة، وأقصُد هُنا الأحداث الداخليّة التي نراها بأُمّ أعيُننا، وإنّما يترتَب علينا أن نقِف عند أي تحرُّكٍ لأيّ دولةٍ ترى بأنّها مُناطة بالدّفاع عن القضيّة، خاصةً، دول الصراع في الشرق الأوسط، وأن نُحلِّل مواقف هذه الدول تحليلًا دقيقًا لا يحتمِل المُجاملة ولا المواربة ؛ وذلكَ لما أُلبست هذه الدول مِن لباس الأهميّة والتأثير في مُجريات بل والأحداث والنقاط المفصليّة في حاضر القضيّة، وبعد هذا، لا بُدَّ مِن العمل على التأثير الموقف الدولي برُمّته، دونما أيّ تجاهلٍ لأيّ سرديّة مُتعلّقة بالقضيّة يحتضنها الموقف الدولي ."

القضيّة الفلسطينيّة ليست لجهةٍ مُعيّنة، ولن تكون لجهة على حساب أُخرى، وهذا أكثر ما يُعطيها صدًى عالميّ، كما أنّ لا قُدسيّة لأحدٍ فيها على آخر إلّا لمَن كانَ صادقًا مع قضيّته بالشكل المُطلق، وليسَ صادقًا مع مَن يسعى لتحقيق انتصار إقليمي ودولي على حساب القضيّة واستغلالهِ لها استغلالًا قذِرا، ويعمَل بها على أساس أنّها ورقة ضغط يستخدمها لتحقيقِ مصالحه، وبالنسبة لهذا المُستغِل، فالأمر لا يقتصر على القضيّة وحدها، فهناكَ ثمّةَ أوراق أُخرى لهُ، تقبع في أكثر من ثلاثة عواصم عربية، يوظفها أيّما توظيف في صراعهِ العالميّ .

القضيّة الفلسطينيّة، هي قضية وجدانيّة، وإنسانيّة، وأخلاقيّة، ولا يتفاعَل معها إلّا أحرار العالَم، بصرف النّظَر عن قوميّاتهم وعن انتماءاتهم الدينيّة، وأُكرِّر ما قُلتهُ آنفًا، بأنّها قضيّة ليسَت حكرًا على أحد، وإن كانَت حكرًا على أحد، فلن يكون هذا الأحد إلّا شعبها الحُر والمُقاوم والمُدافع عن ذاتهِ وعن وجوده قبل أيّ شيءٍ آخر .


الخُلاصة: مِن حقّكَ أن تختَلف مع مَن شئت مِن الحركات في داخل فلسطين، وخاصةً، تلكَ التي تبّحث لنفسها عن مقعدٍ إقليميّ - غير مفهوم المُبتغى- مِن خلال دعمِ بعض الأطراف الدوليّة التي تصّطلي بنيرانِ الصّراع العالميّ لها، والتي تُحاول أن توجدَ لها أذرُع في كُلّ بقاعِ الأرض . لكن، بشرط، وهو أن يكونَ هذا الإختلاف في إطارِ الدّفاع عن القضيّة، وألّا يصُب إلّا في مصلَحِة القضيّة مِن ألفها إلى يائها، وأن يتصدّى لكُلّ مَن يُحاول أن يدُس السمَّ بالدَّسَم .

ففلسطين، هي جُرحنا النّازف دائمًا، وحقّ مُغتَصب لا يهملهُ إلّا الجُبناء، ولا يُهادن عليهِ إلّا العُملاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا