الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
المهدي بوتمزين
كاتب مغربي
(Elmahdi Boutoumzine)
2021 / 5 / 17
القضية الفلسطينية
أدَّى إصدرا قرار للمحكة العليا الإسرائلية ، القاضي بترحيل بعض العوائل الفلسطينية من حي الشيخ جراح إلى منطقة أخرى ، و إحلال مواطني الدولة العبرية محلهم ، إلى انتفاضة شعبية في الضفة ، كانت لها ارتدادات في باب دمشق (باب العمود) و المسجد الأقصى ، الذي شهد مواجهات بين الفلسطنيين من جهة و جنود الجيش الإسرائلي و المستوطنين من جانب اَخر .
إن هكذا حدث طارئ يمكن أن يكون القطرة التي تفيض الكأس ، ما يعطي لخط الأحداث دفقا جديدا و مدَّا طويلا ، حيث يكون عنصرا هاما ضمن منظومة متكاملة الجوانب و محددة الغايات . فهذا العنصر الفجائي يشكل جينوما قادرا على إبراز طفرات تنتقل من الداخل إلى الخارج ، ما يعطي للقضية أو المشهد فرصة للتدويل و العولمة ، و هذا هو الوضع الصحيح للقدس العربي الإسلامي الذي يتجاوز حدود المكان و الزمان و الإيمان و التقديس .
الإنتهاكات الإسرائلية في حق المسجد الأقصى و المصلين تطفو على السطح بين الفينة و الأخرى ، داخل مناط الإستعلاء و الفوقية و الإستبداد الذي يمتح من ضعف الأنظمة و الكيانات و تهلهل الجامعة العربية ، و يستقي قوته من دعم نظام أميركي يغوص في أحلام الترامبية الهوجاء ، و الذي خسر الرهان الإنتخابي أمام فكر الديمقراطيين ، الذين أمكنهم إعادة الإنسكاب داخل مؤسسات الدولة و صياغة رؤية موضوعية جديدة تلقاء الملفات المطروحة ؛ لاسيما القضية الفلسطينية ، بعيدا عن الهَنات و التخرُّصات .
كانت إحداثيات التوافقات بين الدول العربية و إسرائيل قبل معالم حد السيف ديكارتية أو كارتيزية ، حيث تقاطعت مواقف الدول العربية مع الدولة العبرية ، من خلال إعلان التطبيع و فتح مكاتب إتصال و إقامة رحلات جوية بين البلدين ، حتى كسرت حركة حماس هذا المشهد الرتيب ، بتنفيذ ضربات صاروخية استهدفت الداخل المحتل ؛ بعد رفض الجيش الإسرائلي الإنسحاب من المسجد الأقصى و إخلاء سبيل الموقوفين على خلفية الأحداث الجارية في حي الشيخ جراح و القدس . هذه التوطئة العسكرية التي مهدت لها كتائب القسام ؛ لم تكن صَدَفة فارغة ، بل رسائل ملغومة و واضحة ، مفادها أن المقاومة في غزة هي سيف و درع للقدس و الفلسطنيين ، و أن العربدة الإسرائلية و التاَمر الداخلي و الخارجي لا يمكنه خرط القتاد و الفصل بين الفلسطنيين جغرافيا أو بشريا أو حزبيا على أي نحو من الأنحاء .
الرد الإسرائلي لم يكن مفاجئا من حيث إعلان قرار الرد أو توقيته ؛ كما وسائله التي وُظفت فيها الطائرات الحربية التي تقصف المنشاَت المدنية ، لكن المعطى الذي لم يكن متوقعا في تقديري، هو استهداف الطيران الحربي و المسير ، بنك أهداف بشرية ، تمثل قيادات مهمة من الصف الأول و الخطوط الأساسية في بنية حركة حماس و ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام . من بين العناصر التي تم اغتيالها، نجد قائد لواء مدينة غزة باسم يوسف و رئيس قسم التطوير و المشاريع في هيئة الإنتاج "جمال زبدة" .
كتائب القسام كشفت بدورها عن مقدراتها العسكرية ، عبر قصف عنيف استهدف عمق الدولة العبرية ، و الذي بلغ العاصمة تل أبيب ، عطفا على تطور الصناعة العسكرية التي تشهد تجديدا مستمرا , كان من بين مظاهرها الأخيرة , إدخال صاروخ جديد هو عياش 250" ، الذي يحمل شق من اسمه مداه الأقصى ، و توظيف طائرات مسيرة انتحارية من طراز "شهاب" ، و هو إنجاز استوط معه الوضع الداخلي في إسرائيل ، التي أدرك مواطنوها أنهم ليسوا في مأمن من رد الفعل الفلسطيني .
حدود المعركة الحالية حسب تحليلنا ، ستقتصر على تبادل الصواريخ بين الفصائل الفلسطينية و الضربات الجوية للطيران الإسرائلي ، أما الحديث عن حرب برية من مسافة صفرفأمر غير وارد . حيث من المتوقع أن تحاصر مدرعات الجيش الإسرائلي غلاف غزة ، و ذلك لإعتبارات تقييمية ، أهمها التفوق الكبير لعناصر الفصائل داخل القطاع ، الذين يتخندقون في الأنفاق التي تلعب دورا استراتجيا في المعارك ، و لا يمكن لرئيس الوزراء الإسرائلي بنيامين نتنياهو ، أن يقدم على خطوات غير مضمونة ،لأنه مازال يعاني من إخفاق فظيع في قضية الجنود الأسرى داخل غزة ، و من بينهم الجندي رون أراد و هدار غولدين .
التغول الإسرائلي إلى عمق غزة ، يقتضي بداية استعمال القوة الجوية كاملة لتدمير المنشاَت العسكرية و هدِّ الهيكلة التنظيمية و البنيوية للفصائل المقاتلة داخل القطاع؛ لاسيما حركتي حماس و الجهاد الإسلامي ، دون تجاهل إحتمال دعم ميداني غير مسبوق في هذه الحالة ، من طرف دول داعمة لمحور المقاومة ؛ لأن الحرب الشاملة ستختلف كليا عن الحرب المحدودة . و هذا ما يتطلب دعما دوليا لإسرائيل، و بيئة خاصة للعمل لم تتوفر إلى الاَن . إذن فالدخول إلى أعماق غزة يفرض حربا شاملة ، و التي ستتجاذب فيها أقطاب عديدة ضمن لعبة المصالح و التحالفات ، و توفير محيط إقليمي و دولي مناسب لذلك ، و الذي مازال في بدايته مع مشروع التطبيع أو اتفاقات أبراهام .
المواقف العربية و الدولية كانت إيجابية تجاه القدس و الفلسطنيين ، حيث اعتبرت الأمم المتحدة أن عملية الإخلاء القسري للفلسطنيين من حي الشيخ جراح قد ترقى إلى جرائم حرب" ، و دعت إلى تدبير عقلاني لفض التظاهرات ، و هو الموقف ذاته الذي عبرت عنه وزارة الخارجية الأميركية . رئيس الوزراء نتانياهو رفض الوساطات العربية و الدولية لتهدئة و تصفيف الأوضاع في القدس و غزة ، لأن له تقييماته الخاصة للأمور ، و التي يمكن أن تكون بعيدة عن الصواب السياسي ،و مستمدة من الرغبة في العلاج بالصدمة و هو ما يمكن أن يكون له أثر الكوبرا .
حزب الليكود اليميني يحاول تحقيق انتصار وهمي ، بزعم عملية برية وسط غزة ، قبل أن يذعن لاحقا للضغوطات الدولية و الرأي العالمي ، الذي يقف بين متعاطف مع غزة و من له مصالحه الحالية من التهدئة ، و هو الغرض نفسه بالنسبة لإسرائيل ، التي تحتاج لتهدئة الأوضاع الداخلية و منع حرب يكون طرفاها عرب الداخل و المستوطنين ، و الوصول إلى تسوية مع فصائل المقاومة في غزة ، و ذلك لسبب وجيه و هو إعطاء مسيرة التطبيع نفسا جديدا ، قبل أن تكشف الشعوب العربية حقيقة الدولة الإسرائلية ، التي تخفي خلف قناع التطبيع أقنوم الدولة الحقيقي الذي ظهر في مجازر "صبرا و شتيلا" و "دير ياسين و هلم جرا.
الفذلكات التي يمكن عرضها في هذا السياق ، هو حجم الإستعداد الذي تتمتع به الفصائل داخل قطاع غزة ، و التلاحم بين فصائل الغرفة المشتركة و بين سكان القطاع ، و يبقى لوحدة الظل كذراع استخباراتي بمعية الأجهزة الأمنية ، الكشف عن خيوط الإغتيالات الأخيرة التي طالت قيادات مهمة داخل الحركة في وقت قصير . في المقابل ستجد إسرائيل نفسها ملزمة بإيجاد بديل للقبة الحديدية التي لا يمكنها صد جميع الصواريخ ، التي باتت قادرة على ضرب تل أبيب و بقوة هي الأكبر .
إن هذا الجيل الفلسطيني حقا هو جيل الكرامة و الشجاعة إذا لم يكن جيل الملحمة و معركة التحرير الشاملة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحملة الانتخابية لبايدن تجمع أموال أكثر من حملة ترامب |#امي
.. 33 قتيلا من المدنيين والعسكريين بينهم 5 من عناصر حزب الله ال
.. فيديوهات متداولة على منصات فلسطينية لاقتحام منطقة جبل النصر
.. حرب غزة.. محادثات مبكرة لتمويل مهمة قوات حفظ سلام في القطاع
.. هل فقدت الشهادة الجامعية أهميتها؟ |#رمضان_اليوم