الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمد فلسطينيو الداخل حبل النجاة للصهاينة؟!

سامي الذيب
(Sami Aldeeb)

2021 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أنشر هنا نص وصلني اليوم من فلسطيني من الداخل لن اذكر اسمه لأسباب أمنية.

-----------

لا بد من النظر على امتداد عقود من السنوات، للاجابة على هذا السؤال.
لكن لاقتراب هذه الحرب من نهايتها، ساختصر بمقولات دون شرح ودون تفصيل.

المنظر الاول يقف فيه صبي تحت العاشرة على طريق الجولان-الساحل، بعد انتهاء حرب السبعة وستين بهزيمة مصر وسوريا.
مارش بطيء لمُصفحات ترفع علم سوريا تجاوز عددها الثلاثين مصفحة.
كانت هذه مسيرة النصر ... نصر جيش الدفاع.
"كونوا أولاد شاطرين يا عرب شاغور مجدالكروم، لان صُبّاطنا فوق رقبة جيوشكم".

المنظر الثاني:
مدارس بلداتنا العربية تحتفي
"بعيد استقلال بلادي غرّد الطير الشادي ... عمّت الفرحة البلدان حتى السهل والوادي".
جاء اكتوبر ٧٣ ليغير مزاج الجماهير الفلسطينية.
لكن صيام "رمضان" ذاك انتهى ببصلة كامپ ديڤِد، لا بأس ... فقد سهّل على فلسطينيي الداخل حصر الصراع مع المشروع الصهيوني بعيداً عن ادعاء الكيان أن العرب تُجهز على دولته الفتية.
استفراد اسرائيل بالفلسطيني سهّل عليها التهامه بعد طبخه في قدرة السلام مع المهزومين، وتنامي جبروت المنتصر الصهيوني الذي اكمل مسيرته في طريق المجاهرة ب"يهوديةٍ" مُعتزّةٍ بنفسها فخورة بانجازات لا يُستهان بها. كل هذا العِز توّجه قانون القومية: اسرائيل ليست دولة اليهود، بل دولة يهودية.
"واللّي مو عاجبه ... يرقّص حواجبه".

في الحرب على لبنان ودخول بيروت ادّعيت أمام زملاء اشكناز
ان تفرّغ اسرائيل لانهاء قضية فلسطين سوف يثبت انها قضية اكبر من مُجرد قضية انسانية وقضية حقوق لاجئين.
بالاساس كان ادعائي: وقد استتب لكم السلام الوجودي مع جُل العرب، فإن انشقاق المجتمع الاسرائيلي اليهودي أمام صراعكم معنا، شيء مؤكد:
١. لان الخطر "الوجودي" زال.
٢. أن الآراء بينكم ستنقسم على كيفية التعامل مع فلسطينيي الداخل والمناطق المحتلة.

منذ ؤسلو استنفذت حكومات اسرائيل عملية قضم الارض والتاريخ والثقافة والميراث البشري، بحيث صار الفلافل والحمص اسرائيليين، وملابس النساء الفلسطينية هي ميراث اللباس التوراتي.
حرب العام الفين وستة والربيع العربي المزعوم، اعادا الى الوعي أن انتماء الفلسطينيون هو الى محيطهم الشامي العربي.
شعرت اسرائيل ان لا حاجة لها الّا طمس هذا الانتماء بالاغراء والترهيب، دون اعطاء بديل انتماء، بل بالتوجه نحو التفكير المصلحي المادي. فلا تريدنا فلسطينيون، ولا تقبلنا اسرائيليون. يكفينا ان نسبح بحمد رضاها عنّا وجمال يهوديتها الديموقراطية الممسوخة.

اعتقد صهاينة هذه المرحلة المتقدمة (مرحلة يهودية اسرائيل الصِرفة) ان المال يشتري الرجال والعقول.
ومع هذه الطمأنينة التي اوجزها بنيامين نتانياهو بخطابه عن عظمة اسرائيل برئاسته:
With the push of a button, we can bring a whole nation down to knees
تحولت دولة اليهود الصهيونية الآوروپية العلمانية الى مآلها الطبيعي: التطور خلفاً نحو جذورها الدينية: دولة يهودية توراتية وبس، والباقي كُلّه خس.

بمعنى: انت ايها الاقلياتي، لا يكفي ان تصبح صهيوني ليتم قبولك كمدني ببدلة "مفصّلة لك" خصيصاً لكي تبقى مقبول المواطنة، فأنت لن تنتمي الى "العرق" اليهودي دينياً، ولن تُقيم حكومة أو تدعم حكومة لانك خارج شرعية ال kosher، وتحت هذا السقف يتحتم عليك التحرك تحت طائلة رضانا عنك.

إزاء يهودية الدولة، سألتُ هازلاً: هل مضاجعة زوجتي تُعتبر تهديد ليهودية الدولة؟!
ففيها "خطر" أن تلد غير يهود، يُخِلّون بميزان الديموغرافية القُدُس.
بموازاة مأزق التوازن اليهودي المُتجدّد والرافض لادخال غير اليهود في ميزان قوة السُلطة، دخلنا زقاق النفعية الواضح لنتانياهو، الذي لم يرَ خطورة الانزلاق فيه.
فقد حلّل الاعتماد على "عرب" في تأليف حكومته الخلاصية من مآزقه. معتقداً ان هذا التحليل لن يجوز لغيره، وواثقاً أن التحريض الجاهز داخل جيبه على من سيؤلف حكومة عوضاً عنه، سوف يُفشل مسعى هذا.

حينما اشعل نتانياهو الصراع ابتداءاً من حي الشيخ جرّاح، كان يعلم بتفصيل التفصيل، أنه سيجر نفتالي بنيت الى حظيرة اليمين والعزوف عَن حكومة بديلة. تبين صدق توقع نتانياهو حين رأينا بِنيت "يعملها" داخل پامپرز الصهيونية الذي كان نتانياهو يُحفّظه فيه بحكومات سابقة.

وجاءت المُفاجئة:
فكما اشتعلت انتفاضة الحجارة الأولى بعد هجوم مُقاتلَين بطائرة شراعية ١٩٨٧ قرب كريات شمونا، انطلق الصراع الآني بزخم ضارباً عرض الحائط تقديرات اجهزة الامن والمخابرات الداخلية والخارجية.
ومع تمزيق قدسية سماء تل ابيب، اجتاز الكثيرون حاجز الوجل من بطش دولة النووي، واضحى الاشتباك عن قرب، جائزاً.

استفاق الصهاينة الى واقع جديد: فكما كّنا نُنشِد "عيد استقلال بلادي"، اليوم نرى تعابير التقرّب منّا والتي لا سبب خلفها سوى أن استيعاب الاسرائيلي لواقع اليوم ليس كواقع الامس.
ترون اعلانات في التلفاز عن المشاركة و"التعايش" في أطر عمل رسمية من ثُنائيات: اسم يهودي واسم عربي.
سبحان مُغيّر الأحوال!!

اصبح العمل المشترك مع عربي، ملاذاً من غضب المصير الذي شقّته اقدامهم هم على عقود، غير آبهين بالهبّات الشعبية عند "العرب" من فترة لأخرى.
أصبح تهديد باراك بإعادة لبنان الى العصر الحجري، والعربدة من سماء البلاد لقذف الجوار بالحِمَم تهديداً فارغاً، لا بل بطعم التراب الذي مرّغت به صواريخ التنظيمات المُحاصرة بالقطاع والمراقبة ليلاً نهاراً، انف الغطرسة الحديدية لقبّة الدفاعات الجوية في محيط العاصمة الرسمية ومطارها لدولة اسرائيل.
كلمة يئير لپيد عن عزمه التقدم لتأليف حكومة، بالرغم من الظروف صار انصع تعبير عن الشرخ الذي اصاب الاجماع الصهيوني.

وحينما رأيتُ كاريكاتير هآرتز، ذُهلتُ الى مدى التغير الذي سببته احداث الاسبوع الاخير للصراع الفلسطيني الاسرائيلي "الخالص"، والذي توقعته في حرب ١٩٨٢ وطرد منظمة التحرير من بيروت.
في رسم الكاريكاتير لم يبق امام الصهيوني الهارب من وجه الفلسطيني سوى الاستعانة برب اسرائيل- "شمٰع يسرائِل".
بالمقابل بقي للعربي الهارب من المستوطن اللجوء الى عمل يديه: "أنا مُمرّض ب ڤولفسون".
"الاستعاذة بالغيب"، أمام "الاستعاذة بعملك الطيّب"!!

أكّد هذا المفهوم الصحفي أمنون أبراموڤيتش في نقاش باحدى نشرات المساء حين قال: يمكن للعرب في اسرائيل شلّ الدولة، لو قرروا ذلك. فقط على طواقم الطب والتمريض والصيدلة وعمال البناء والمطاعم الاضراب" وسترون ماذا سيحل بالدولة.
في لقاء إذاعي لبرنامج الصحفي بِن كسپيت مع احد رجال الدين المسلمين من اللد، اصابني العجب. بِن كسپيت ضغط على رجل الدين باتجاه ان يتدخل لوقف العنف في اللد، وتراوح كلامه عالي الصوت بين التهديد والوعيد، الاستعطاف والمناشدة، النصيحة والتقريع. "هل تريدون ثمانية واربعين" ثانية و"تتبكبكون بعدها بأننا أخذنا … وغنمنا … وحرمانكم" قال!
عندها فهمت أن مأزق الصهيونية قد حل.
ففي استعطافه رجل الدين (الذي بقي على هدوءه وعدم اكتراثه)، انما يقول بِن: الا تعلم، الا تفهم، الا تستوعب اننا سنُساق من اليمين الى حرب ضدكم ... لأنه لا قِبَل لنا بحرب اهلية ضدهم وضد ايماننا الدفين؟!
(هل جننتم يا "عرب اسرائيل" حتى تُعطوا ذريعة لليمين أن يحقق حلم اسرائيل "النقية").

إذاً … ولّى زمن التهديد بالسلاح! فحينما يستعطفنا الصهيوني العقلاني أن نبقى "ممرضون في ڤولفسون" ونهوّن عليه اجتياز هذه الفترة العصيبة لمآل الصهيونية من فكر إلى المسيحانية، معنى ذلك أن توقعات التمزق الصهيوني منذ ١٩٨٢، حالما تنحصر المواجهة مع صاحب الأرض والتاريخ، صارت حاضرة الآن في ربيع ٢٠٢١ بكل قوة.

اذا كُنتَ صادقاً أيها الصهيوني العقلاني (يئير لپيد، بِن كسپيت وغيركما)، فها نحن نمد لك حبل النجاة.
أمامك أن تستعمله في احد ظرفين:
1. عندما تخسرون الحرب الاهلية لصالح اليمين، ويُتوّج يمينكم نصرهُ بتهجير "كالثمانية واربعين".
3. حين يضيق الخناق حتى تقبلوا أن تكونوا معنا اهدافاً للصواريخ القادمة من قريب وبعيد.
في الحالة الاولى لن ينفعكم حبل النجاة لان اوانه يكون قد فات.
في الحالة الثانية يمكنكم استعماله. مفتاح قفل العلبة الموضوع فيها هو "هجران الصهيونية العنصرية".
لا، لا حاجة للتنازل عنها دفعة واحدة. ابدأوا بخطوة يرضى عنها الدروز (اُخوّتَكُم التي دفعوا ثمنها دماً) قبل "العرب":
تراجعوا عن قانون القومية.
لا تحاولوا اللعب على الوقت الضائع.
لا بديل عن هذه الخطوة وهذا المطلب. مهما ضخّمتم من اهمية البديل:
1. لا نريد أن ندعم حكومة مقابل رئاسة لجنة برلمانية.
2. لا نريد وزير يكون مسؤول عنّا.
نريد تحوّل بالمفاهيم. والمفهوم الذي نطلبه:
ان تتنازلوا عن غباءكم وهوسكم الغيبي الديني، وان تفسحوا المجال أمام "ممرض ڤولفسون" أن يمارس عمله تجاه الكل، بدون تقسيم طائفي كما اردتموه منذ وصولكم ديارنا.

حبل النجاة هذا فيكم أن تضعوه على عنق عنصريتكم وستجدوننا معكم والى جانبكم.
وإلّا ... ستضعه عنصريتكم على اعناقكم، وعندها سنقول:
جنت على نفسها براقش

----

الدكتور سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي
https://www.sami-aldeeb.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لحظان تاريخية يا سامي
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 5 / 17 - 22:57 )
بعد ان تصهينت اوروبا والكنيسة عموما بنبؤءة الصقت ببولص زورا عن ضرورة جمع اليهود في فلسطين كي يخلصهم المسيح العائد
لنفرض جدلا ان كل هذا صحيح فليبادر قادة العالم (المسيحي) بتفويج اليهود والاعتراف بالمسيح وانه قد اتى
ولكن لا افهم استمرار انكار اليهود لقدومه وكل هذا الدعم والتاييد من الفاتيكان وامريكا والمانيا وفرنسا
فاعترافهم به سيكون انه العائد ام النسخة الاولى للمسيح
الا ترى في هذا يا سامي نفاقا ساذجا وسخيفا من اوروبا وفاتيكانها
وانت تعرف ان التصاق اهل فلسطين بها للدفاع عن مصداقية عيسى وامه من مسيحييها ومسلميها على حد سواء
فلما رفع المسيح الى السماء توقف المشهد الى حين
واصحاب الدور والمشهد عادوا بعد 2000 سنة لاستكمال المشهد الذي يكتمل بعودة بطل المشهد سيدنا المسيح لنشاهد حل اللغز
واما عن الطرف الاخر في المشهد فسنجد مليون يهوذا هذه المرة ونعود للغز جديد
من فيهم يهوذا السارق
لنتستنتج انهم كلهم سواء في اللصوصية والكفر والعناد والقتل والارهاب
معهم اموال وسطوة في الارض ليعيشوا رغد الحياة ولكنهم عادوا او اعيدوا بارجلهم ليسمعوا حكم المسيح فيهم

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي