الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد في العراق من وجهة نظر أخرى

سالم روضان الموسوي

2021 / 5 / 18
الفساد الإداري والمالي


التقيت في شارع المتنبي بالكتبي الثقف الأستاذ نوري السلطاني وإثناء الحديث عن الهم العراقي المشترك ارشدني إلى كتاب عنوانه (عصر الظلمات .. التعليم في العراق بعد عام 2003 منشورات دار الورق في بيروت طبعة عام 2017) تأليف الدكتورة جمان مكي كبة وفي سيرتها الذاتية في اخر الكتاب، بانها من مواليد بغداد من أسرة بغدادية كظماوية غادرت العراق وهي في سن الخامسة عشر في منتصف سبعينيات القرن الماضي مع أهلها إلى اوربا ومن ثم استقرت في أمريكا وحصلت على الشهادات العليا في اختصاص العلوم العصبية وعملت لأكثر من 21 عام في التعليم والبحث العلمي. وهذا العرض لها ضروري لنرى وجهة نظرها المغايرة تجاه حالة الفساد في العراق بعد ان عادت اليه بعد عام 2003 وعملت فيه لمدة ست سنوات لغاية عام 2016 في رئاسة الوزراء بصفة مستشار، كما ورد في الكتاب أعلاه، وانها بعد ذلك عادت أدراجها من حيث أتت، لان ما شاهدته وواجهته من فساد صدمها وكان اكبر من طاقتها على التحمل كما تروي ذلك في الكتاب، وعند مطالعتي للكتاب وانا ما زلت في بداياته وفي المقدمة على وجه الخصوص وجدت إنها وضعت الأصبع على الجرح وشخصت بعض أسباب العلل التي انتجت الفساد، فإنها لم تبرأ ساحة النظام السابق وإنما اعتبرته أساس ما نحن فيه، إلا أنها استغربت من بعض من تولى زمام الأمور في البلاد ومنهم من يزعم انه من كفاءات الخارج وأحاول في هذا العرض ان انقل بعض ما كتبته الدكتورة جمان مكي كبة في المقدمة لنرى رؤيتها تجاه تغول الفساد في العراق والتي زادت من سوء الحال ومستمرة في الانحدار والتسافل وعلى وفق الاتي :
1. تقول بانها لم ترى بحراً هائلاً هائجاً مهولاً من الجهل، كما رأته خلال السنوات التي عملت فيها في العراق، وتقول (ان أمواج الجهل تلاطمني من كل صوب، الجهل ومعه المصالح الشخصية والعائلية لمتخذي القرار والمسؤولين وكذلك مصالح الأحزاب والكتل السياسية والجهات الأجنبية اي ما يعرف بالفساد المالي والإداري) ص16
2. (ان معظم من استلم مناصب عليا ووسطى في العراق بعد 2003 هم غير مؤهلين لذلك وجيء بهم فقط لانهم يطيعون حزباً ما أو جهة أجنبية، وتقول هذه اكبر مصيبة حلت على العراق) ص16
3. أما عن التعليم فإنها تقول (يجب ان ينقذوا التعليم قبل ان ينقرض العقل في بلدنا، العقل في خطر، فقد اصبح التعليم اليوم مدمَّراً ومدمِّراً، وليس تربوياً ولا تعليمياً، إننا اليوم نعيش في عصر الظلمات، لم تعد المنظومة التعليمية قادرة على ان تُنشئ جيلاً صالحاً واعياً ملتزماً بالعلم) ص17
4. أما عن العائدين من الخارج الذين تولوا مناصب في الدولة تقول (العديد ممن استلم المناصب الحكومية الهامة، ممن أتوا من الخارج، فقد كانوا قد تركوا العراق إما بسبب القمع والظلم او لأغراض شخصية مثل التجارة والعمل، وقد يكون من بينهم من ترك العراق لغرض الدراسات العليا في اوربا او الولايات المتحدة الأمريكية الا انهم في الواقع لم يعملوا في مجال اختصاصهم وإنما توجهوا للتجارة والأعمال الحرة (إدارة متجر لبيع الخضار او في اعمال الخدمات مثل النظافة وجني المحاصيل الموسمية) او ممن اعتاش على المعونات والمساعدات الانسانية، لذلك تجد عدد قليل من العراقيين العائدين من الخارج ممن له تجربة العلم والخبرة من الدول المتقدمة وممن عمل في مؤسسات تلك الدول) ص30
5. (ان سوء التعليم ومؤسساته التربوية بدأ منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي في ظل فترة النظام السابق واستمر في ثمانينيات الحرب العراقية الإيرانية ثم تلقى ضربة قاضية بعد حرب عام 1991 والحصار الاقتصادي الذي أعقبها، لكن ماتم اتخاذه بعد 2003 من إجراءات لتطوير وضع التعليم هو أصلاً حصل في واقع تعليمي متردي وفي مؤسسات متآكلة أصابها الخراب، بل ان ما يزعمون بانه تطوير ما هو إلا ترقيع) ص34
6. (ان سوء الإدارة ناجم من أصحاب المناصب الإدارية في الدولة لعقود طويلة من الزمن وهؤلاء مزاجيون يريدون كل شيء على حسب رغباتهم لا يطيقون التحديث والتطوير، يريدون ان يمتدحهم الجميع وان يقر الكل بانهم اكثر الموجودين فهماً في هذا الكون، يمتدحون انفسهم طوال الوقت إلى حدٍ مزعج) ص35
7. (استجدت حالات بعد عام 2003 منه ان ترى شاباً صغير السن ليس له علم ولا خبرة، يتولى المناصب العليا في الدولة لمجرد انه قريب احدى الشخصيات السياسية وهذا اصبح من الأمور الاعتيادية، أو ان ترى أبناء المسؤولين من الشباب والشابات الصغيرات وممن فشل في الحصول على عمل في الدولة الأجنبية التي يقيم فيها، فأتى العراق واصبح يعمل في الرئاسات الثلاث أو في السفارات في الخارج، كما اصبح اعتيادياً ان ترى عشرات الأقارب في وزارة او مؤسسة يسيطر عليها الحزب الفلاني او الجهة الفلانية) ص35
8. اما عن المسؤولين الكبار في الدولة تقول (افضل وصف لما شهدته خلال السنوات الست التي عملت فيها في العراق، بانه معركة بين العلم والجهل، والمسؤولون الذين بيدهم زمام المبادرة، لا يأبهون بما يحصل للعراق، فالعراق ليس همهم إطلاقاً، همهم الوحيد هو الحصول على امتيازات المناصب من منافع وأموال وأبهة، وترتيب أوضاع أبنائهم في داخل وخارج العراق) ص36
هذه ملاحظات لفتت الانتباه عند مطالعتي لهذا الكتاب الذي تربو صفحاته على 320 صفحه، لان من كتبته ليس من اهل الداخل وإنما من اهل الخارج ومن أصحاب الكفاءة وكانت قريبة من مصدر اتخاذ القرار وان ما ساقته في ثنايا الكتاب يطابق ما نحن فيه وما سنكون عليه، وكان احد العاملين في قطاع التخطيط المتعلق بالوظائف في الدولة قد ذكر بان لا يوجد مسؤول من الخط الأول في مؤسسات السلطات الثلاث او الخط الثاني وحواشيهم لديه عاطل عن العمل من أبنائه وبناته أو من أقاربه لدرجة الرابعة، بل على العكس تراهم في اهم الوظائف ذات الرواتب العالية او في السفارات والقنصليات في الخارج، بينما نجد خيرة الشباب المتعلم والواعي يفترش الأرض بلا فرصة للعمل.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي