الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الوساطة العربية في الصراع مع إسرائيل

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 5 / 18
القضية الفلسطينية


إنّ كُل وساطة عربيّة تُحاول الدُّخول بينَ الكيان المُحتل وبين الشّعب الفلسطينيّ؛ كي تسعى إلى التهدئة، وتخفيف حديّة الصّراع بين الطرفين، وتحثّهما على عقد هُدنة، هي وساطة فاشِلة وميّتة ميتةً لا حياة بعدها ؛ لأنّهُ مِن المُعيب أن تكون الوساطة مِن طرف يعيش في قلبِ القضيّة، لكنّهُ يرفض، بل ويتهرّب مِن الإقرار بهذا، ويرى نفسه أنّهُ خارِج إطار المنطقة التي يسعى الكيان إلى فرض سيطرتهِ المُطلقة عليها .

ولأنّنا نؤمِن بأنَّ هذا الصّراع الوجودي يتعلَّق بكُلّ عربيّ، فلا حاجةَ للعربيّ في أن يكونَ وسيطًا به، وإنّما عليه أن يوظّف كُلّ أوراقه السياسيّة ؛ كي يُدعِّم وجوده، ويقوِّض صلاحيّات الإحتلال الغاصِب الغاشِم، ويعمَل على دحضِه دحضًا بيّنا .

فبالنسبة لي، فإنّهُ لمن المؤسِف والمُحزن في ما يحصُل الآن، هو ليسَ القصف الإسرائيلي للفلسطينيين وارتقاء الشُّهداء منهُم ؛ فالدّفاع عن الكرامة وعن الأرض وعن الحقوق لا يجوز فيه لا الأسف ولا الحُزن أبدا، وإنّما ما يحزنني ويؤسفني، هو دخول الأنظمة العربية كطرفٍ وسيط في حلّ الصراع، ونظرتها لهُ على أنّهُ صراع فلسطيني-اسرائيلي وليس صراع عربي-إسرائيلي، ومُفاخرتها -أي الأنظمة- بتقديم بيانات شجبٍ واستنكار تُفقِد ماء الوجِه، وانتهاجها لنهِج تحريك المُجتمع الدوليّ -ولا أُنكِر أهميّته ودوره المُهم بالقضية- الذي ما زال يُمارس الكذب على الشّعب الفلسطينيّ منذ أكثر من سبعين سنة، ويتبنّى أفضل طُرق هذا الكذِب .

إنّ هذه الأنظمة ما زالَت حتى هذه اللحظة، تُقنع نفسها بأنّها خارِج مُعادلة الصراع مع الكيان، وأنَّ الكيان لا يُريد أكثر مِن الأراضي الفلسطينيّة. وإنّنى لأرى أنَّ مِن أهَمّ الأسلحة التي يجب أن نستخدمها في مواجهتنا لهذا العدو، هو أن نُبدِّد كُل هذه القناعات التي تتبنّاها الأنظمة الزائفة .

فمسألة القضيّة الفلسطينيّة، هي مسألة عربيّة قبل كُلّ شيء، وإن لَم تكُ كذلك، كما يعتَقد البعض، فلماذا سعَت القوى الاستعماريّة إلى تجزئة الصراع إلى جُزئين، جُزءٌ عُرِف ب"الصّراع العربيّ الإسرائيليّ" وهذا ما تمّ التخلُّص منهُ مِن خلال معاهدات السّلام العربي الإسرائيليّ، واتفاقيات التطبيع التي غزَت الوطن العربي قبل عام، تقريبًا .. وآخر عُرف ب"القضيّة الفلسطينيّة"، وهذا الجُزء هو الذي عملَ على تجريدِ الأنظمة العربية من هذا الصّراع، وأقنعَ أربابها بأنّهم خارجَ دائرته، على الرّغم مِن أنَّ شعار الحُلم للدولة الإسرائيليّة يقول : " إسرائيل مِن النّيلِ إلى الفُرات " .

الشّعب الذي يُقدِّم الشّهيد تلوَ الشّهيد هو بغنىً عن أيّ شكلٍ مِن أشكالِ الوساطة التي تستَلب منهُ عزيمته وإرادته، ولا يحتاج لأيّ نوعٍ مِن أنواع البيانات التنديديّة والإستنكاريّة، وإنّما يحتاج لمَن يؤمِن بقضيّته وعدالتها، ويُعينهُ على تقديم أفضل وأعلى سُبل المُقاومة التي تُمكّنهُ من الانتصار على عدوٍّ يطمَح لأن يسكُن في قلب كُل عاصمة عربيّة .

وعليه، أقول : " أنّهُ ثمّة حقيقة يجب على الجميع أن يُدركها إن كُنّا حقًّا نُريد أن نعيش كُرماء وأحرار، وهي أنّ إسرائيل لا تسّعى للقُربى مع دول المنطقة العربيّة لمُجرّد القُربى فقط، أو لمُجرَّد العلاقات، وإنّما تسّعى إلى ذلك مِن أجِل أن تُصبحَ من ضمِن نسيج المنطقة، الذي سيضّمَن لها السّيطرة على المنطقة برُمّتها وليس فلسطين فحسب، وهذا ما بدا واضحًا مِن خلال موجات التطبيع التي عصفت بالمنطقة منذ منتصَف العام الماضي، والتي أكّدَت على أنَّ إسرائيل موجودة، ولن نعترِف بوجودها، لكنّها، غير مُستقرّة، وهذا ما تبّحث عنهُ ؛ هو الإستقرار، وهذا لَن يحصل إطلاقًا .

ومِن هذه النُقطة المفصليّة، أي نُقطة التغلغُل والتمدُّد الإسرائيلي إلى كُلّ أرجاء المنطقة العربيّة، فإنّني لا أرَ الأمر شديد التّعقيد، كما يعتَقد البعض ؛ قياسًا على ما لحظناه من تغيُّراتٍ مُلفتة خلال الفترة الزمنية التي مرَّت على وجود إسرائيل في المنطقة، وهي فترة قصيرة جداً بالقياس إلى عمر الدول والشعوب ؛ وذلك لإيماني بأنَّ القضية الفلسطينيّة، هي قضية مُرتبطة بالتحوّلات المُستقبلية والكيفيّة التي سوفَ تكون عليها ثقافة الأجيال القادمة .


وعند الخِتام، فإنّ ما سأكتُبهُ هو بمثابة رسالة موجّه لكُلّ الأنظمة العربيّة، دون أيّ استثاءٍ لأيّ نظامٍ منها .. وأقول :

لا معنىً لوساطتكَ التي تُحاول أن تبحثَ من خلالها عن شرعيّة دوليّة جديدة لَك ؛ فأنتَ بينَ الفكّين، وفي أيّ لحظة، لن تجدَ نفسكَ إلّا وقَد أصبحتَ طعامًا شهيًا لأحد النابين .
لا معنى لحقِّ الرّد إن بقيتَ طِوال عُمركَ خانعا .
لا معنى لحياتكَ إن رأيتَ بأنّكَ ضعيف، وأنّ الركونَ لضُعفكَ هو الحَل .
لا معنى لأيّ شيءٍ في حياتكَ إن استسلمتَ للإستلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة