الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتأسلمين 29 - خرافة صيام الأيام الست من شوال

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2021 / 5 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كما في كل عام ما ان ينتهي شهر رمضان الذي فرض الله به الصيام بنص قراني حتى يخرج علينا ( المتأسلمون) واتباعهم بقصة صيام الأيام الست من شهر شوال مدعين ان من صامهن فكانما صام الدهر كله . ولهذا سنقوم بالبحث عن اصل هذه القصة ومصدرها وهل هي حقا صدرت عن الرسول ام انها من الخرافات .
في البداية فلنعرض المصدر الذي اعتمدوا عليه ، انهم يسندون في هذه القصة على حديث منسوب الى الرسول أورده مسلم بن الحجاج من طريق يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر وابن نمير عن أبيه وأبو بكر ابن أبي شيبة كلهم من طريق سعد بن سعيد عن أبي أيوب الأنصاري ، عن النبي أنه قال: (من صام رمضان، ثم أتبعه بست من شوال، كان كصيام الدهر) كما أخرجه الإمام أحمد في مسنده من طريق أبي معاوية عن سعد بن سعيد بنحوه إلا أن في آخره (فذلك صيام الدهر) .وأخرجه أحمد في المسند من طريق محمد بن جعفر عن سعد بن سعيد أيضًا بلفظ (من صام رمضان وستاً من شوال، فقد صام الدهر) .واخرجه أحمد أيضًا من طريق ابن نمير عن سعد بن سعيد أيضًا وفي آخره (فذاك صيام الدهر) . وأخرجه أبو داود حديث رقم 2433 والترمذي حديث رقم 759، والنسائي في الكبرى حديث رقم 2860و 2861 في 2/2862 و 2/163 وابن ماجه حديث 1716. وكلهم يرونه عن طريق سعد ابن سعيد . وحديث ثوبان مولى رسول الله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان وستاً من شوال فقد صام السنة»، وفي رواية أخرى بلفظ: «من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيام السنة". حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ "أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا" . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله"، وفي رواية أخرى: "من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة كلها" . وحديث ابن عباس وجابر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال صام السنة كلها". وحديث ابن عمرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
الان نأتي لنتناول هذه الاحاديث بالنظر واعتمادا على كتب من يسمون انفسهم (اهل السنة والجماعة ) . ان اول نقطة تثار عن هذه الاحاديث انها تخالف القران الذي يقول في سورة المائدة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}. قمن احدث في الإسلام ما ليس منه فهو يتهم محمداً صلى الله عليه وسلم بانه خان الرسالة؛ فما لم يكن عند موت الرسول من الدين لايمكن ان يكون بعده دين الا اذا كان هناك قران قد اخفاه الرسول . اذن القران الذي هو عند المسلمين قطعي الثبوت وقطعي الدلالة لم يذكر صيام ستة أيام من شوال . فلايبقى سوى كتب الاحاديث .
هناك ستة كتب معتمدة للحديث عند اهل السنة والجماعة كما حددها الشيخ ابن باز هي : الصحيحان -البخاري ومسلم-، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وهنا نقول ان البخاري في كتابه الذي يعتبره اهل السنة والجماعة (اصح كتاب بعد كتاب الله ) لم يروي أي من هذه الاحاديث ولم يروي عن صيام ستة أيام من شوال . اما الذين رووا هذه الاحاديث فهم مسلم ابن الحجاج ، وابي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ومن غير الكتب السته مسند احمد والطبراني والبزار . هنا ناتي الى مدى موثوقية تلك المصادر وهل هناك من طعن فيها من اهل السنة والجماعة انفسهم ؟ فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (النكت على كتاب ابن الصلاح ، ج2 ص636) في أسئلة تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي: "وسأله عن ما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعنا هل نقول: إنها اطلعا على اتصالها؟ فقال: كذا يقولون، وما فيه إلا تحسين الظن بهما، و إلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح". . وقال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم بعنوان: فصل في الأحاديث المستدركة على البخاري ومسلم: "قد استدرك جماعة على البخارى ومسلم أحاديث أخلا بشرطيهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه وقد سبقت الإشارة إلى هذا وقد ألف الإمام الحافظ أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى في بيان ذلك كتابه المسمى بالاستدراكات والتتبع وذلك في مائتي حديث مما في الكتابين ولأبي مسعود الدمشقى أيضا عليهما استدراك ولأبي على الغساني الجيانى في كتابه تقييد المهمل في جزء العلل منه استدراك أكثره على الرواة عنهما وفيه ما يلزمهما وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره وستراه في مواضعه إن شاء الله تعالى، والله أعلم".. وقال ابن تيمية الحراني (كما جاء في ج19، ص17 -19 من مجموع فتاواه): "ومما قد يسمى صحيحًا ما يصححه بعض علماء الحديث، وآخرون يخالفونهم في تصحيحه فيقولون: هو ضعيف ليس بصحيح، مثل ألفاظ رواها مسلم في صحيحه، ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم، إما مثــله أو دونه أو فوقه، فهذا لا يجزم بصدقه إلا بدليل . وقال الإمام السيوطي في تدريب الراوي شرح تقريب النواوي (1/135) "ورأيت فيما يتعلق بمسلم تأليفا ًمخصوصًا فيما ضعف من أحاديثه بسبب ضعف رواته..."، ثم قال "وذكر بعض الحفاظ أن في كتاب مسلم ـ أحاديث مخالفة لشرط الصحيح، بعضها أبهم راويه، وبعضها فيه إرسال وانقطاع، وبعضها فيه وجادة، وهي حكم الانقطاع، وبعضها بالمكاتبة". وقد رد وضعف الشيخ عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري (هو محدث المغرب العربي) عدة من أحاديث الصحيحين:- فمن ذلك تضعيفه في كتابه "الصبح السافر " لحديثين من أحاديث البخاري ومسلم .
اما اذا اخذنا سند الحديث فنرى ان الحديث الذي رواه مسلم وغيره مداره سعد ابن سعيد . وقد اختلف في سعد بن سعيد ابن قيس الأنصاري أخو يحيى بن سعيد الأنصار حيث ضعفه بعض أهل العلم كالإمام أحمد وغيره. قال الترمذي حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح, ثم قال وسعد بن سعيد قد تكلم به بعض أهل الحديث من قبل حفظه وقال المزي في تهذيب الكمال قال يحيى بن معين أنه ضعيف وفي رواية أنه صالح .وقال النسائي : ليس بالقوي ,وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : سعد بن سعيد الأنصاري مؤدي يعني أنه كان لا يحفظ ويؤدي ما سمع , وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال (كان يخطئ) . كما ذكره الحافظ ابن حجر في التقريب (519/753/ التحفة)، وقال عنه أحمد «.. سعد بن سعيد ضعيف جداً تركه مالك وأنكر عليه هذا الحديث». وقال عنه النسائي (814/3431 شرح السنن) سعد بن سعيد ضعيف، وقال ابن حبان " لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد، وهو مداره على عمر بن ثابت الأنصاري ولم يروه عن أبي أيوب غيره فهو شاذ ولا يحتج به" . وضعفه يحيي بن معين، والعقيلي، وقال ابن الجوزي : "ليس بالقوي ". وقال أبـو علي الطوسي : "تكلموا فيه " وقال ابن حبان : كان رديء الحفظ؛ وقال أيضاً : وكان يخطئ إذا حدث من حفظه ، ونقل ابن الجوزي والمتقي الهندي عن ابن حبان أنه قال : "لا يحتج بحديثه". وقال ابن القطان الفاسي : "ضعيف، ولكن معنى ذلك أنه بالنسبة إلى من فوقـه، وبالقياس إلى من هو أقوى منه "، وقال ابن حزم : ضعيف جدا، لا يحتج به لا خلاف في ذلك.
اما حديث ثوبان فمدار هذا الحديث على يحيى بن الحارث الذماري ، ورواه عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله ، وفي بعض طرقه عن يحيى بن الحارث عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي أسماء. وأبو الأشعث الصنعاني . ورواه ابن حبان عن الحسين ابن إدريس الأنصاري، عن هشام بن عمار، عن الوليد ابن مسلم والطبراني عن المقدام بن داود، عن أسد بن موسى، عن الوليد بن مسلم، عن ثور ابن يزيد. وعن إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، عن محمد بن مصفى، عن بقية بن الوليد، عن ثور بن يزيد وجميعهم عن يحيى بن الحارث عن أبي أسماء عن ثوبان . والرواية لم تسلم طرقها من الكلام على بعض رجال إسنادها، الحسين بن إدريس: ضعيف، وهشام بن عمار: صدوق اختلط بأخرة، والوليد بن مسلم: ثقة مدلس، ويحيى ابن الحارث: ثقة، وأبو أسماء الرحبي: ثقة، والمقدام بن داود: ليس بثقة، وأسد بن موسى: ثقة، وثور بن يزيد: ثقة، وإبراهيم بن محمد بن عرق: غير معتمد، ومحمد بن مصفى: صدوق له أوهام ومدلس، وبقية بن الوليد: صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، موسى بن هارون الحمال: ثقة، وإسحاق بن راهويه: ثقة حافظ، والحسين بن إسحاق: ثقة، وعلي ابن بحر: ثقة فاضل، سويد بن عبد العزيز: ضعيف، وعلي بن أحمد: حافظ، وأحمد بن عبيد: ثقة، وأحمد ابن عمرو البزار: صدوق، ومحمد بن عقبة السدوسي: صدوق يخطئ، ويل: ضعيف، ويحيى بن حمزة: ثقة رمي بالقدر. كذلك حديث جابر.وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة مدارها جميعاً على أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي، وهو مختلف فيه، ويغلب عليه الضعف. وقد علق الشيخ شعيب الارناؤط على الحديث من رواية الإمام أحمد بقوله: "صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عمرو بن جابر الحضرمي . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله"، وفي رواية أخرى: "من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة كلها".ورواها الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن إسحاق بن إبراهيم ابن شاذان، عن أبيه، عن سعد بن الصلت، الحسن بن عمرو الفقيمي، عن يزيد بن خصيفة، عن ثوبان عن أبي هريرة به. وذكره الهيثمي في الزوائد وقال: فيه من لم أعرفه. وحديث ابن عباس وجابر رواه الطبراني عن عبيد الله بن محمد بن شبيب القرشي، عن أبيه، عن بكار بن الوليد الضبي، عن يحيى بن سعيد المازني، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد به. وقال الطبراني عَقِبَهُ: "لَمْ يروِ هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا يحيى بن سعيد المازني. ويحيى بن سعيد: أحاديثه عن عمرو بن دينار غير محفوظة، وهو ليس من المعروفين، بل إن الهيثمي قال عنه: متروك. وحديث ابن عمر رواه الطبراني في الأوسط من طريق مسعود بن محمد الرملي، عن عمران بن هارون، عن مسلمة بن علي، عن أبي عبد الله الحمصي، عن نافع، به"، وقال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا أبو عبد الله الحمصي تفرد به مسلمة بن علي".وهذا الحديث منكر؛ لأن مسلمة بن علي: متروك، كما أن متنه مخالف لجميع الروايات الأخرى . الخلاصة ان جميع من روي عنهم الحديث اما ضعفاء او متروكين او غير ثقة او مدلسين .
اذا اتجهنا الى راي المذاهب الأربعة في صيام شوال نجد ان مالك ابن انس امام المذهب المالكي وأبو حنيفة النعمان امام المذهب الحنفي كرها صيام الستة من شوال فقد قال مالك "إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف ". وقال الشيخ علي فخر، مدير عام إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الافتاء المصرية، إن الإمام أبو حنيفة كره صوم الستة أيام من شوال، واتبتعه طائفة من العلماء، كالحسن وأبي حنيفة والثوري ومالك، وغيرهم على أنه لا يستحب صيامهما. اما الشافعيّة ذهبوا إلى تفضيل واستحباب صيامها مُتتابعةً بعد العيد؛ مسارعةً للأعمال الصالحة. الحنابلة ذهبوا إلى عدم التفريق في الأفضليّة بين التتابُع، والتفريق.
اذن حديث رواه (الضعفاء ) الذين لايؤخذ منهم الحديث والذين لايوثق بحفظهم يريدون ان يجعلوه كصيام الدهر معارضة للقران الذي حدد الصيام في شهر رمضان . من هذا يتضح انما هذه القصة هي من الخرافات التي يخدع بها المتأسلمون اتباعهم الذين عطلوا استخدام العقل اعتمادا على مايرويه الضعفاء والمدلسين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س