الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر ما بعد الحرب

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2021 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


د. جاسم الصفار
20-05-2021
إسرائيل هي آخر مشروع استعماري أوروبي في العالم، وبحكم مصادرتها لواحدة من أقدس المناطق بالنسبة للمسلمين والمسيحيين واليهود، فإنها ستبقى مركز اهتمام العالم طيلة وجودها ككيان استعماري عنصري. ليست هنالك في العالم دولة أخرى، عدا الولايات المتحدة الامريكية، تتمتع بقدر غير محدود من التساهل من الدول الغربية، في أي عمل اجرامي تقوم به على أراضيها أو خارجها، الا إسرائيل. وليست هنالك دولة لا تخضع للقانون الدولي، عدا أمريكا، الا اسرائيل التي تمنح نفسها الحق بقصف دول الجوار، وإغراق السفن الأجنبية، واحتلال ومصادرة أراضي الغير، والاستهتار بسيادة الدول الأخرى وتصفية من ترغب بتصفيته من الفلسطينيين على أراضي تلك الدول، وخطف من ترى ضرورة اختطافه حتى من الولايات المتحدة الامريكية دون خوف من عقاب أو الاهتمام لاحتجاجات المنظمات الدولية.
كل القيم الغربية التي تدعي إسرائيل انتمائها اليها لها معاني أخرى عندها، كما أن لها فهمها الخاص "لحرية التعبير" و "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان". وعلى الرغم من خروج مئات الآلاف من الناس حول العالم اليوم لدعم الفلسطينيين، الا ان الأنظمة الغربية ووسائل اعلامها الجبارة لا تردد سوى ما يرضي نتنياهو والصهاينة الغربيين.
المثل الروسي يقول إن ألوز لا يخاف البلل، هذا صحيح في الظاهر، ففي الوقت الذي تظهر فيه إسرائيل عدم مبالاتها بأي انتقاد غربي لجرائمها فهي تخفي قلقها على مستقبلها وضمانات وجودها. انها تدرك تماما أن قطرات الماء يمكنها تهشيم الصخور. فاتهامات منظمة هيومن رايتس ووتش، المقربة من المؤسسة الليبرالية الامريكية، للدولة العبرية بسياسة الفصل العنصري ليست ثرثرة لا أثر لها كما يحسب البعض في اسرائيل. كما أن تشبيه الجناح اليساري للحزب الديمقراطي الأمريكي لتصرفات الإسرائيليين بإرهاب الشرطة الأمريكية للمواطنين الأمريكيين المسالمين، كما يقولون، يمكنه أن يبدد شيئا فشيئا أجواء التضامن الأمريكي غي المحدود معها. تدرك إسرائيل، بعد سلسلة من الجرائم التي لم تعاقب عليها، أن ما يقال اليوم على هامش السياسة الرسمية الغربية، سيحمل لمشروعها أخبارا غير سارة ويبشرها بمستقبل عدمي.
منذ نهاية الحرب الباردة، نظر الليبراليون الجدد في أوروبا الشرقية إلى الصراع في الشرق الأوسط حصريًا عبر منظار أمريكي. بينما يرى المحافظون الامريكيون أن ما يجري في فلسطين هو صراع الحضارة البيضاء ضد الإسلام المتوحش. هذا دون أن يحددوا ما هو المقصود بالإسلام، أهو "القاعدة" التي أنشأتها أمريكا، باعتراف هيلاري كلنتون، أم المجاهدون السوريون المدعومون من الولايات المتحدة وإسرائيل، أم الإسلام الوهابي السعودي المدعوم من أمريكا وإسرائيل. انهم بالتأكيد يتحدثون عن وحش إسلامي هم من نفخ فيه ورعاه واستخدمه لتمرير مشاريعه.
ليس غريبا أن نجد معظم المعادين للسامية والكارهين لليهود، هم من أكثر المؤيدين لمشروع الدولة الإسرائيلية تطرفا. فلطالما كان المعادون للسامية، من ألليبراليين الجدد في أوربا الشرقية الى الأصوليين المسيحيين الأمريكيين هم أفضل أصدقاء إسرائيل. انهم يحبون رؤية "أصدقائهم" اليهود ليس في أقسام الجامعات، أو وسائل الاعلام الغربية الكبرى أو في إدارة المصارف والمشاريع المالية، ولكن في ثكنات في وسط الصحراء.
يقول القوميون الأوكرانيون، بعد أحداث الميدان واستلامهم السلطة في كييف، باستخفاف إنهم مستعدون لدعم اليهود طالما بقوا بعيدًا عن أوكرانيا. وهم يعلمون جيدا بأن هذا الدعم لفظيا ولن يدوم طويلا لأن حرب إسرائيل الأبدية، هناك حيث هي الان في فلسطين، محكومة بمصير واحد، فأي مصارع، مهما كانت قوته، ان لم يتوقف عن النزال المستمر ليعيش يوما حياة طبيعية ستكون خاتمة بطولاته السقوط بضربة ابهام يد.

كتب المؤرخ الماركسي اليهودي العظيم إسحاق دويتشر: يمكن لإسرائيل أن تهزم الفلسطينيين إلى ما لا نهاية، لكنها لا تستطيع التغلب عليهم. لا يمكن لهذه الدولة أن تقدم للمضطهدين الفلسطينيين أي شيء سوى العنف، لكن من المستحيل ببساطة أن تجلس على الحراب إلى الأبد. في يوم من الأيام، ستدور الدوائر ويتخلى الرعاة الأجانب عن إسرائيل، ويسقط المجتمع الإسرائيلي في حالة من الفوضى، وعندها فقط سنكتشف من سيقف مع صيانة إنسانية اليهودي ومن يرجم شيطانه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا