الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-هل كانت الفلسفة الإسلامية مجرد جسر بين أثينا والغرب؟.... –

محمد سيد رصاص

2006 / 8 / 6
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


مازال يطغى اعتقاد على الوسطين الفكريين الغربي والعربي,أتى من الوسط الإستشراقي في القرن التاسع عشر,بأن الفلاسفة المسلمين هم مجرد نقلة ومترجمين وشرَاح وحملة للفكر اليوناني وأنهم كانوا جسوراً لنقل تلك الحمولة الإغريقية إلى الغرب الأوروبي.
انبنى ذلك على مسلَمة تقول بأن القول الفلسفي الاسلامي(لايقصد هنا ,في هذا المقال,بالمنتج الفلسفي فقط ماقدمه الفلاسفة المسلمون بالمعنى التقني لكلمة فلسفة وإنما أيضاًكل مايلامس ويشمل الفضاء الفلسفي من الذي قدَمه المناطقة وعلماء الكلام والمتصوفة وعلماء أصول الدين)لم يقدم جديداً,وأن نتاج العرب والمسلمون الأساسي قد تركز في الفقه والأدب.
جرى تطبيق تلك المسلَمة,أساساً, على ابن رشد من حيث اتجاه الإستشراق إلى تقليصه لمجرد شارح لأرسطو,وقد قدًم إرنست رينان نظرة إلى فيلسوف قرطبة اعتبر فيها أنه يمثل خروجاً على تقاليد "العرق"العربي"المحصور كباقي الشعوب السامية في الدائرة الضيقة للشاعرية والنبوة"و"المعادي للفلسفة وللنشاط العقلاني",وأنه بعد انفتاح العباسيين على العنصر الفارسي,ذي الأصول الهندية-الآرية,وعقب ازدهار البيئة الاسبانية-الأندلسية-نمت الفلسفة عند المسلمين ,بالتضاد مع تلك التقاليد العربية,لتكون بمثابة استعادة وتخصيب للإرث اليوناني,وذلك لتمريره لأوروبة,إلاأنها لم تكن لاعربية ولااسلامية حسب رينان.
لم ترى تلك النظرة الاستشراقية جديداً عند ابن رشد,ولم ترى ماقدمه من جديد في التاريخ الفلسفي من خلال قوله بالفصل ما بين الحكمة(الفلسفة) والشريعة(الدين)من اتصال,عبر تحديد مجالات الأخيرة في العبادات والمعاملات والأخلاق,وتحديد الباقي في إطار اختصاصات الفلسفة والعلوم,وأنهما ليسا في تناقض وإنما هما فضاءان مختلفان بموضوعاتهما ومجالاتهما,وهو قول فلسفي جديد دارت على أساسه,في السلب والإيجاب,معارك السكولائية الأوروبية والحركة الرشدية الغربية لقرون عدة لاحقة,وإن استفادت السكولائية(عبر توماالإكويني )من دمج العقلانية الأرسطية-الرشدية في الفكر الكنسي (مع رفض نظرية ابن رشد في الفصل)بعد أن وضعت وراءها الإرث الأفلاطوني-المانوي المجلوب إلى الكاثوليكية من قبل القديس أوغسطين(354-435م).
مازال هناك للآن تجاهل عند البحَاثة الغربيين والعرب لما قدَمه المسلمون من قول فلسفي جديد,سواء عند ابن حزم أثناء نقده لاستدلال علم الكلام,المعتزلي والأشعري,ب(الشاهد على الغائب)لإثبات موضوعاته في(الإلهيات),وأنه يجعل الأول أصلاً والثاني فرعاً, في أثناء برهانه المعرفي على وجود الله والماورائيات,رافضاً امكانية تلك المعرفة التي يرى أن طريقها هو التصديق بالقلب لما جاء في الكتاب,وأن مجالات العقل ليست في ماوراء المحسوس بل في الإطار الحسي المحض(وهو مانجده عند كانط أثناء نقده للمقولات الميتافيزيقية في كتاب"نقد العقل المحض"),أوعند الغزالي لما قدم نظريته حول(العادة) ناقضاً مالدى الفلاسفة من مقولات حول السببية معتبراً أن ربطنا بين السبب والأثر ناتجاً عن العادة والتكرار في الحدوث وليس عن ترابط موضوعي خارجنا هو موجود في الأشياء وعلاقاتها(نرى ذلك عند دافيد هيوم في أثناء نقده للموضوعية الأرسطية-الديكارتية,وهو ماتابعه كانط),أولماقدمه ابن تيمية عبر نقده للمنطق الأرسطي عندما اعتبره مجرد تعبير عن عمليات ذهنية مجردةوليس عن العمليات الحسية,وهو مايشكل نقطة التفارق الكبرى بين المنطقين الصوري والديالكتيكي عند هيجل,من دون أن نتكلم عن ماقدمه ابن سينا من نظريات جديدة حول"ثبات كمية المادة في العالم"(في"رسالة أضحوية في أمر المعاد")أوحول العلاقة بين النفس والجسد,أولماماقدمه ابن عربي من نظرية جديدة حول(وحدة الوجود),تختلف عن نظرية الفيض الأفلاطونية المحدَثة,من خلال اعتباره الوجود الحسي مجرد(وجود عيني)أبرزه الله من خلال(الوجود العلمي),وأن الوجود واحد وهومجرد مظهر للإسم والعلم الذي هو الله,ماكان استباقاً لنظرية اسبينوزا حول وحدة الوجود حيث يرى أن كل ماهو موجود يعبر عن طبيعة الله,وأن الله يعبر عن ذاته ليس فقط عبرنفسه و"الطبيعة الطابعة"بل أيضاً عبر "الطبيعة المطبوعة".
ربما,كانت نظرة المستشرقين إلى النتاج الفلسفي الاسلامي تأكيداً لمقولة أن الاستشراق يشكِل"شرقه الخاص",ليجتمع ذلك مع نظرات سادت التيارات الحديثة العربية المتأثرة بالغرب,من ليبرالية وماركسية,لم تكن خارج النظرات التبخيسية للنتاج الفلسفي الاسلامي,وقد ساهم في تكريس تلك النظرة وسيادتها وجود اتجاه قوي ضمن الفكر الاسلامي الحديث والمعاصر يحمل نفحة قوية معادية للفلسفة,تمَ توريثها ابتداء من الغزالي,حيث سادت وغلبت طوال القرون العشرة الماضية.
ألم تكن تلك النظرة الإستشراقية للنتاج الفلسفي الاسلامي هي الأخت التوأم لنظرة القوميين العرب التي رأت أن "شمس العرب قد أشرقت على الغرب" وأن الأخيرقد نهض فقط عبر أخذه لماعند العرب؟............
---------------------------------------------------------------------
عدد الكلمات :588








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط