الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصحروالتغيرات المناخية- ألاردن -1

نعمى شريف
دكتورة مهندسة مدنية باحثة وكاتبة

(Noama Shareef)

2021 / 5 / 24
الصناعة والزراعة


التصحر هو عملية تؤدي الى تدهور الأراضي الجافة ويشمل ذلك خسارة في انتاجية المحاصيل الزراعية أو أراضي المراعي أو الغابات. تعزى تلك الخسارة بالمقام الأول الى التغير المناخي أو الممارسات غير المستدامة التي من أهمها النشاطات الإستنزافية لمورد الأرض، الرعي أو الإحتطاب الجائر أو الإفتقار الى خطط سليمة لأدارة إستعمالات الأراضي. يعتبر التغير المناخي ظاهرة طبيعية تنجم عن تدني معدلات هطول الأمطار عن المعدلات طويلة الأمد.
وبسبب محدودية إنتاجها، تعتبر أراضي المناطق الجافة وشبه الجافة في بلد كالأردن ذات طبيعة هشة ولاتحتمل النشاطات الإنسانية الإستنزافية غير الموزونة بعناية والناجمة عن جملة ضغوطات إقتصادية واجتماعية. تقل معدلات هطول الأمطار السنوية على أكثر من 90% من مساحة الأردن عن 200 ملم الأمر الذي ينعكس سلبا على مدى ثبات بناء التربة ويعرضها، من ثم، الى الإنجراف حتى في حالات الهطول المطري الخفيف. يترتب على هذه الظاهرة عدم استدامة استخدامات الأراضي تلك مما يؤدي الى زوال الغطاء النباتي في كثير من الحالات. بناء على ما تقدم، تتركز النشاطات الإنسانية في الرقعة الصغيرة المتبقية من مساحة المملكة (10%) مما يؤدي الى حدة التنافس على استخدامات الأراضي المختلفة في تلك الرقعة ويحفز على ضرورة أن تؤخذ عوامل عديدة بعين الإعتبار عند التخطيط لإستعمالات تلك الأراضي مثل ممارسات الرعي الجائر، الممارسات المغلوطة لبعض عمليات الري والعمليات الزراعية، سوء الأحوال الإقتصادية والإجتماعية للمزارعين، إرتفاع معدل الزيادة السنوية في عدد السكان وضعف البنى المؤسسية ذات العلاقة. في الحقيقة تتدهور أراضي المراعي بوتيرة متسارعة نظرا لإنتشار الرعي الجائر وحركة قطعان الأغنام غير المنضبطة في تلك المناطق، الإحتطاب المفرط، الممارسات الزراعية غير المناسبة واستمرار حالات الجفاف لسنوات عديدة. كما تتفاقم ظاهرة انجراف التربة نظرا لزراعة الأراضي الهامشية واللجوء الى الآليات الثقيلة من أجل ذلك الغرض واستخدام أساليب حراثة غير مناسية كالحراثة باتجاه الميل. من جهة أخرى، تؤدي ظاهرة الإمتداد العمراني الى المناطق الزراعية الخصبة الى فقدان تلك الأراضي ذات الإنتاجية المرتفعة والى الأبد.
وبسبب شح الموارد الأرضية، يتزايد الضخ المفرط من المياه الجوفية الى الحدود التي تتعدى الضخ الآمن سنويا، كما لم تتبلور بعد سياسات مائية ذات معالم محددة تعمل على تبني ممارسات وتقنيات تؤدي الى خفض مقننات مياه الري وزيادة شحن المياه الجوفية بالمياه العذبة وتطوير أساليب الحصاد المائي على مستوى المستجمعات المائية. تعتبر تلك المدخلات ذات أهمية فائقة على صعيد الأردن الذي يعاني من تزايد الفجوة المائية بين إحتياجاته وموارده السنوية (أبوشرار والبطيخي، 2002).
لقد أدى تطور أساليب الري الى إدخال مساحات متزايدة من أراضي المناطق الجافة الى منظومة الإنتاج الزراعي لكن ذلك عمل، من جهة أخرى، على تدهور نوعية الموارد المائية بسبب تلوثها بالأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية كما أدى الىتملح التربة بسبب سيادة أنظمة الري بالتنقيط التي لاتعمل على غسيل الأملاح المتراكمة في التربة السطحية. وبسبب تدني نوعية مياه الصرف الصحي المستصلحة، تفاقمت مشكلة تردي نوعية الأراضي المروية بتلك المياه الى الحدود التي تهدد استدامة استخداماتها الزراعية. من جهة أخرى، عملت الضغوطات الإجتماعية والإقتصادية على تفاقم مشكلة التصحر في المملكة إذ يؤدي الفقر والزيادة غير المنضبطة في عدد السكان الى زيادة استنزاف الموارد الأرضية الهشة بطبيعتها.
فإذا أخذنا بعين الإعنبار كل ما تقدم، فإنه يتوجب على مؤسسات الدولة ونظمها التشريعية التصدي لمشكلة التصحر كما تجسدها مظاهر تدهور الأراضي الزراعية وأراضي المراعي والغابات لتحسين انتاجية تلك الموارد والإرتقاء بنوعيتها. ولتحقيق ذلك، يتوجب زيادة الدعم المالي والتقني المكرسين لغايات تدجين أصناف نباتية فائقة الصفات الإنتاجية والبيئية واعتماد تقنيات زراعية حديثة وأساليب حصاد مائي مبتكرة من أجل الإرتقاء بإنتاجية الأرض دون المساس بديمومة استثمارها. كذلك يتوجب تشجيع المجتمعات المحلية من أجل تنويع مصادر الدخل التي تخفف الضغوطات على الموارد الطبيعية. يمكن تحقيق ذلك عبر منطق المشاركة الفاعلة للمجتمع المحلي التي تؤدي الى الإرتقاء بمستوى الوعي المحلي للحد من تهديد التصحر ولتمتين الأطر المؤسسية المحلية التي هي من متطلبات العمليات المؤدية الى عكس ظاهرة التصحر والتدهور البيئي في مجتمع يجتاز مرحلة تحول إقتصادي كالمجتمع الأردني.
يعتبر تعدد أوجه ظاهرة التصحر وعدم كفاية الأطر المؤسسية العاملة في مجال الإدارة البيئية في الأردن من العوامل المحفزة للإستعانة بالمساعة الخارجية. وعليه فإن البناء على الخبرات الوطنية التراكمية يصبح من ضرورات الإرتقاء بمستوى الوعي البيئي والإجماع والإلتزام الشعبيين للعمل في هذا المجال من مدخل المشاركة الفاعلة ومتعددة الأطر. فإذا أخذنا بعين الإعتبار أن نحو ثلث أراضي العالم تصنف ضمن مجموعة الأراضي الجافة فإن العمل على مكافحة التصحر يصبح إحدى أهم أولويات العمل الوطني الأردني. لقد تم إعتماد الإتفاقية الدولية لمكافحة التصحر (UNCCD) في باريس بتاريخ 19 حزيران من العام 1994 وأصبحت بذلك ملزمة لكافة الأطراف الموقعة عليها إعتبارا من 26 كانون الأول من العام 1996. تعتبر تلك الإتفاقية الأولى من نوعها التي تم التفاوض عليها كنتيجة لمؤتمر قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في العام 1992 والذي عرف رسمياباسم مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (UNCED). عكس ذلك المؤتمر التوجه المتكامل نحو البيئة والتنمية وأيد بذلك أهداف محو الفقر والتنمية الإنسانية المستدامة. لقد أكد ذلك المؤتمر علىأهمية الرفاه الإنساني في مجال مكافحة التصحر وهوبذلك يربط بين التصحر والعوامل الإقتصادية والإجتماعية كالفقر والأمن الغذائي والهجرات البشرية والإختلالات الديموغرافية. وهكذا فإن تفعيل الإتفاقية الدولية لمكافحة التصحر يصبح أحد أدوات التنمية البشرية المستدامة في الأقطار المتأثرة بتلك الظاهرة. تمثل برامج العمل محور تلك النشاطات ومن أجل ذلك دعت الإتفاقية تلك الأقطار المتأثرة بالتصحر الى إنشاء برامج عمل وطنية (NAP) تشترك في وضعها كافة الجهات الرسمية والشعبية ذات العلاقة.
2. الإطارالقانوني:

تعرف المادة 1a)) من الإتفاقية الدولية لمكافحة التصحر تلك الظاهرة بأنها عملية تدهور الأراضي في المناطق شبه الجافة والمناطق تحت الرطبة الجافة والناتجة عن جملة عوامل تشمل التغير المناخي والنشاط الإنساني. كما تعرف نفس المادة السابقة مكافحة التصحر بأنها النشاطات المشمولة بأعمال تطوير الأراضي المتكامل في المناطق شبه الجافة والمناطق تحت الرطبة الجافة من أجل تحقيق التنمية المستدامة عبر الأهداف المحددة التالية:
1- الحؤول دون أو الحد من استفحال ظاهرة تدهور الأراضي.
2- تطوير الأراضي المتدهورة جزئيا.
3- إستصلاح الأراضي المتصحرة.
يعتبر الهدف الرئيسي للإتفاقية المشار اليها أعلاه هو مكافحة التصحر وتخفيف الآثار المترتبة على استفحال ظاهرة الجفاف في الأقطار التي تعاني من تلك الظاهرة أو من عمليات التصحر عبر جملة من الإجراءات الفاعلة على كافة الصعد. تتطلب تلك الإجراءات دعم المنظمات الدولية وعقد اتفاقيات مشاركة ضمن الإطار التكاملي المنصوص عليه في أجندة 21. تؤكة إتفاقية مكافحة التصحر على مشاركة الجمهور الفاعلة ومشاركة المجتمعات المحلية في عملية صنع القرار وفي تصميم وتنفيذ برامج مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا