الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احترابات وانقسامات اليسار العربي

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 5 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هو برأيك مصدر ومحرك تلك الحروب الداخلية الطاحنة والانقسامات بين تيارات اليسار العربي، والتي تصل في بعض الحالات إلى مستويات تراجيدية في نتاجاتها السلبية على اليسار العربي عموماً؟

مصعب قاسم عزاوي: من الناحية المبدئية فإن مصطلح اليسار مصطلح فضفاض وحمال أوجه فكرية وعقائدية وتنظيمية متباينة في مشاربها الإيديولوجية، يختلط فيها الحابل بالنابل، فلا يعود العاقل قادراً على تحليل نقدي مفيد لآليات عمل ذلك اللفيف المفروق من التوجهات والرؤى وآليات العمل للأفراد والمجموعات التي تصنف نفسها في عداده.
وبشكل عياني مشخص، فإن ذلك النموذج من الصراعات الداخلية والحروب الضروس بين فرق وقيادات «اليسار العربي» ناجمة بشكل موضوعي عن كونها نتاج الواقع السياسي العربي المتصحر سياسياً في ظل هيمنة الاستبداد على كل بناه ومؤسساته وآفاق التحرك المتاحة فيه؛ والتي ضيقت هامش العمل السياسي في جل الأنظمة العربية إلى شكل من التعايش الطفيلي بين «الاستبداد العربي المقيم»، والكثير من تيارات «المعارضة الاستعراضية» التي تصنف نفسها في خانة «اليسار»، إذ تقوم فيه تلك المعارضات بدور تزويقي تنميقي في مسرحيات «الديموقراطيات الخلبية» على نهج المستبدين العرب، والذين لا يبارحون «رشرشة الفتات الانتهازية» لها لالتقاطها هنا وهناك، عبر تقليدها مناصب ومقاعد شكلية في سلطات تشريعية أو تنفيذية «ديكورية» لا وزن فعلياً لها في منظومة «الدول الأمنية الاستبدادية» التي تسيطر فيها «المؤسسات المخابراتية العسكرية» على كل مفاصل الأجهزة البيروقراطية و التنفيذية في الكيانات السياسية المسماة «دولاً عربية» عمقاً وسطحاً وعمودياً وأفقياً.
ولا يفوتنا في هذا السياق الإشارة إلى أن التصحر السياسي العربي ليس عضوياً أو حالة طبيعية في المجتمعات العربية، وإنما ناتج موضوعي لعقود الاستبداد والقهر المريرة التي لم تتقاعس عن مهمتها «الأمنية المقدسة» في إفناء وإبادة وتغييب كل من تسول له نفسه الانخراط في أي حراك اجتماعي يمكن أن يتمخض عن تشكيل أو فعل جمعي قد يسهم في تقويض أسس هيمنة الاستبداد على كل شؤون إدارة الدولة والمجتمع كمرادف عياني مشخص لممارسة السياسة عربياً.
وهناك أيضاً موضوعة «النزعة الانتهازية المستدامة» في عمق سلوك العديد من التيارات السياسية وحتى الفكرية التي تصنف نفسها في سلة «اليسار الفضفاض»، مفصحة عن نفسها في محاولتها الدؤوبة التي لا تنقطع لتصدر و«ركوب أمواج» أي حراك اجتماعي فطري عفوي في المجتمع، لمحاولة «تجيير الحراك» وقولبته في منظومة أهدافها المعلنة والمضمرة في خطاب ووعي نخبها التي «اشرأبت في صيرورة تعايشها مع النظم الاستبدادية». وتتوزع تلك الأهداف ضمن طيف مركب يبدأ من تحويل الحراك الاجتماعي إلى «ورقة تفاوض» مع النظم الاستبدادية التي تتعايش معها تلك التيارات السياسية، تستطيع عبرها المطالبة بزيادة «كم ونوع الفتات النفعية والمكتسبات الانتهازية» التي طالما تحصلت عليها في حيواتها التعايشية الطفيلية مع النظم الأمنية الاستبدادية، مروراً بالاستفادة الانتهازية من «تجنيد كوادر جديدة» يتم استقطابها من ذلك الحراك الاجتماعي عبر إيهامها بأن انضمامها لذلك التيار السياسي أو ذاك من طيف «اليسار التقدمي» هو وسيلتها الوحيدة لنقل الحراك من حيز الممكن إلى حيز الفعل المؤثر، عبر تركيب «رأس» للجسد الشعبي مشخصاً بحراكه العفوي، وهو ما يصب في إذكاء أوراق ذلك «الكيان السياسي التقدمي التلفيقي» التفاوضية مع النظم الأمنية التي تعايش معها دهراً، ويسهم في إطالة عمره البيولوجي بعد أن تحول معظم التيارات السياسية المكونة لذلك الكيان إلى تجمع من الأشخاص والشخصيات الرمزية في قيادات ليس لها قواعد فعلية من بشر حقيقيين سوى ذلك المتخيل منهم وفق شروط وتوازنات «مسرحيات الديموقراطية الخلبية» على طريقة الاستبداد العربي؛ ومن ثم وصولاً إلى مربط الفرس المتقرح، والمتعلق بالوعي الضمني لدى رهط كبير من أولئك الذين يصنفون نفسهم في خانة «اليسار» ناظرين إلى كينونتهم بأنها «الطليعة الثورية» الوحيدة المؤهلة لقيادة «قطيع الجماهير الجاهلة» في مسيرة تقدمية نحو «المستقبل الأفضل» لا يمكن لذلك القطيع من البشر دون أولئك «الأفذاذ الملهمين» تلمس معالمه واستبصار شكل المجتمع الذي تسعى إليه لجهلها البنيوي والوظيفي، وحاجتها العضوية لتلك «الطليعة الثورية» لتكون ساستها ورعاتها «المؤتمنين» على تحقيق ذلك، في رؤية «فوقية استعلائية مقززة» قد تفسر ذلك التنقل الذي لا ترى فيه عواراً فصائل «الأفذاذ الملهمين» بين دشم اليسار الفضفاض، فتراها إبان حقبة الاتحاد السوفيتي، من «نساك وسدنة الاشتراكية العلمية القائمة بالفعل»، لتتحول بين عشية وضحاها عقب اندثار ذلك الاتحاد إلى «أبواق مؤدلجة» للفكر الليبرالي الجديد المعولم ورأسماليته العابرة للقارات، إذ أن تحول «مركز الثقل والقوة كونياً» يقتضي من تلك «الطلائع الثورية» تغيير وجهة بوصلتها السياسية فقط من الشرق إلى الغرب، دون أن يغير ذلك من منظارها الفكري والعقائدي والسياسي لوجودها الوظيفي الضروري «لقيادة قطعان الجماهير الجاهلة» تجاه الضالة والهدف الاجتماعي الأسمى الذي لا ضير في تغيير «لونه» حسب تقلب الأحوال والأزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا