الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة والنشاط الاقتصادي .

سعد سوسه

2021 / 5 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مثلما كان للغة دور مهم في المجتمع الانساني ، وعلى مختلف الصعد ، فقد كان دور اللغة ذا اهمية خاصة في مجال النشاط الاقتصادي ، وبالخصوص الصناعي ، ( فلا يمكن لمجتمع اليوم ان يستغل كل موارده الاقتصادية استغلالا تاما ، الا على اساس تعميم القراءة والكتابة والقدرة على الكلام والاستماع ) .
فالوعي اللغوي مطلوب بشكل كبير ، بل واساس في جميع المجالات ، والعمليات ومن اهمها المجال الاقتصادي لما له من دور في عملية التنمية . ولوجود الاختلاف بين الامم ، وعلى امتداد العالم فقد ميز هذا الاختلاف في مظاهر النشاط الاقتصادي ، وطبع بدوره اللغة بطابع خاص تناول المفردات والمعاني والاساليب والتراكيب اللغوية .
فاللغة تستخدم في الجوانب ، والمستويات المختلفة للحياة الاقتصادية ابتداءَ من اضيق الحدود ، و حتى اكثرها واشدها اتساعا وتعقيدا ، ولعل هذا الدور الكبير يبرز في العمليات المرافقه للانشطة الاقتصادية ، كالبيع والشراء ، وصولا الى اعمال المصارف والاسواق المالية والصفقات واعمال الشركات الكبيرة والنظريات الاقتصادية .
ان اهمية اللغة في المجال الاقتصادي التنموي تأتي من كونها مرتبطة بالعديد من العمليات ، ومن دونها ينعدم التعامل . فاللغة تسهل القيام بالعمليات الاقتصادية ، من خلال ، الطرق والاساليب المستخدمة في التعاملات ، ابتداءَ من الافراد ، وانتهاءَ بالدول لكونها اداة للتفاهم ونقل المعلومات . وكما هو معلوم، فان لكل مجال او طريقة او اسلوب في النشاط الاقتصادي مصطلحاته ، ومفرداته الخاصة ، فطريقة العد والمساومة والمزايدة والاعلان عمليات اساسية في النشاط الاقتصادي ، وبالتأكيد ان لها تأثيرات مهمة على التنمية ، وتصاعد فوائدها . فالاعلان مثلاَ له لغة خاصة به تتباين ما بين ، المقروءة والمسموعة التي تفعل فعلها المؤثر في ( المتلقي) فتدفعه باتجاه شراء بضاعة معينة دون اخرى ، وهنا يكون له دور في حركة السوق والبضائع المتداولة فيه فيتحرك تبعا لذلك النشاط الاقتصادي .
كما ان التقدم الصناعي قد اتى بلغة خاصة اختلفت عن سابقتها بتطور مفرداتها ،
كذلك الالات وعلاقة الانسان بها ، فقد اوجدت لغة خاصة تمتاز بمفردات لغوية خاصة متولدة من التعامل ، والعمل بين العاملين .
فالاله اول واسطة بين الانسان والعالم ، واللغة تنتعش في البيئات الغنية بالالات وبالاشياء المصنوعة والمكتشفة ، فالعملية تبدأ من اكتشاف الشيء واستعماله ، ثم التلفظ بالمسميات لتلك الاشياء ، اي ان اكتشاف الاشياء لاشباع حاجات معينة ومحددة يدفع مكتشفها الى وضع مفردة لغوية مناسبة لها تميزها وتتميز بها عن غيرها .
وكمثال على ذلك ، الانقلاب الصناعي الحديث الذي كانت اوربا مهداَ له وتأثرت به معظم امم العالم ، قد نقل معه الكثير من كلمات اللغات من دول الى دول اخرى مختلفه .
وهنا كان من الضروري وضع اجراءات لهذه الحالة ، وهذا التأثر وذلك بتغيير العديد من المدلولات للكثير من الكلمات في لغات الدول ، كذلك اشتقاق كلمات جديدة تتناسب مع المجتمع ولغته ، وهذا بهدف المحافظة على اللغة الوطنية من تأثير اللغات الاجنبية اولا ، وثانيا تبسيط تلك الكلمات داخل هذا المجتمع او ذاك .
ومع اختلاف اللغات ، وتداخل المفردات والمصطلحات للغات فيما بينها ، اوجب ان يكون هناك تجانس يبعد عن سوء الفهم ، ومن ثم التعامل مع هذه المفردات والمصطلحات ، وهنا كان لدوائر ومؤسسات المواصفات والمقاييس دور مهم في ذلك ، والتي هي دوائر تعنى بشعب العلم وجوانبه المختلفة ، والتي تدخل في الصناعة و الزراعة والتجارة ، فتدرس المواصفات والمقاييس .
وهذه الدوائر والمؤسسات .. تتناول المصطلحات القديمة البسيطة كما المصطلحات المعقدة الحديثة ، والموجودة بفعل تعقد الحياة في العصر الحديث ، والتي يجب ان تكون ثابته على وفق المتطلبات العالمية ، وليس المحلية او الاقليمية ، اي يجب ان تكون المواصفات غير متغيرة خاصة في العصر الحديث ، للدور الكبير الذي تقوم به في عمليات تطوير الصناعة ، والنقل والزراعة … الخ . اي ان اي عمل تنموي يجري على وفق حدود اتفق عليها في سائر بلدان العالم تمهد الطريق الى نقلها من الخاص في مجتمع ما ، الى بلدان اخرى للاستفادة منها ، فضلا عن وجود تعاون بين جهات غرف الصناعة وغرف التجارة ، وكذلك الفنيون الصناعيون والمزارعون ليأتي من ذلك ضبط متطلبات الحياة المعاصرة .
ولذلك كان واجبا الاهتمام بالعنصر اللغوي لاهميته في تحديد وتوحيد المصطلحات اقليمياَ ، وعالمياَ ، والذي يعود بالفائدة على النشاط التنموي الاقتصادي وهذا امر لا نستطيع تجاهله فلا غنى ابداَ عن اللغة مهما تطور العصر وتطورت وسائله الصناعية والعلمية لانها عصب الحياة ووسيلة التفاهم والاتصال.
ولا بد من التأكيد على ان التخاطر يستطيع ان يحل محل اللغة والذي قد يفرضه العصر والتعامل مع التكنولوجيا العالمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف