الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزرق

علي دريوسي

2021 / 5 / 26
الادب والفن


"ملاحظة: هذه الخاطرة من وحي الخيال. لا علاقة لها أبداً بمدينة دمشق ولا بشخصية الرئيس المحترم."

الاِنتِماء للوطن لا يعني أنْ تقع في غرام لون عيون الرئيس وبذلاته الأنيقة وضحكته العالية، الاِنتِماء للوطن لا يعني أنْ تهجر زوجتك وأولادك أو أنْ تمزِّق جواز سفرك الألماني الذي فعلت المستحيل كي تضعه وسام أمان في جيب طقمك!

كان عبد الستّار جرّاحاً ناجحاً في مشفى عريق، كان مدخناً شرهاً وفي عينيه أكوام خوف وقلق. أقنعوه بأنّ الرئيس الشَّاب، طبيب الأذن والحنجرة، قد يحتاج إليه هناك ويطلبه في أي لحظة ليصير طبيبه الخاصّ، أقنعوه بأنّ التجديد عنوان المرحلة وعليه أنْ يكون جاهزاً لتحمل المسؤولية، أقنعوه أن لا معنى لوجوده في ألمانيا طالما أنه يعشق الرئيس ويتغنى بأفعاله ليل نهار، لعب أولاد الحلال بعقله، طلَّق زوجته، هَجَرَ أطفاله، اشترى أجمل البذلات وربطات عنق تليق بمقابلة رئيس.

عاد أخيراً إلى وطنه بعد غربة طويلة واغتراب، في مطار العاصمة الفقير مزَّق جواز سفره الغربيّ أمام الكاميرا، صفَّق الحضور له، صَوَّرَته جريدة الرئيس واثقاً مبتسماً وهو يرسم إشارة النصر.

حجزوا له في الأسبوع الأول غرفة مدفوعة الحساب في فندق بخمسة نجوم.
تأخروا في الأسبوع الثاني عن دفع الفاتورة فاضطر لدفعها من كيس نقوده الخاص.
في الأسبوع الثالث انتقل للسكن في غرفة بمستوى ثلاثة نجوم.
في الأسبوع السادس اِتصل بمعارفه لتذكيرهم بموعده المُرتَقَب مع الرئيس.
بعد مرور خمسة شهور اِتصل بهم مرة ثانية دون بارقة أمل بلقاء حتى لو كان هامشياً.
فيما بعد عمل بصفة طبيب في مشفى ريفيّ في ضواحي العاصمة.

مع مرور الأيام نسيَ عبد الستّار حبه للرئيس والموعد الحلم بمقابلته، استعر الفساد في بلده، ندم على حماقاته، ذهب للسفارة الألمانية معتذراً عن بلاهته، قدَّم طلباً للحصول على بدل ضائع، بدل تمزيق، وَضَّب حقائبه، غادر الوطن وقد بدأ بعقده السابع، عاد للبحث عن أولاده وزوجته التي بم تنتظره، عن أسباب عشقه للَّون الأزرق في عيون الرئيس، عاد للبحث عن أسباب مخاوفه من الغُرْبَة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا