الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة التحرر الفلسطيني: من حافز إلى حاجز

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 5 / 26
القضية الفلسطينية


الأحداث الدامية التي عاشها قطاع غزة، وتابعناها على المباشر، مؤخرا، أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وبالموازاة أعادتها إلى نقطة الصفر؛ والمقصود بنقطة الصفر، هنا، هو ما حدث عام 1948. دعاة المقاومة والمناهضون للتطبيع يصرون على محو ما تم الاتفاق عليه في أوسلو، ويستنفرون الهمم إلى استئناف الثورة حتى تتحرر فلسطين من المحتل.
أصحاب هذه الأطروحة لديهم اليقين أن المقاومة المسلحة هي الوسيلة الوحيدة التي تحقق تحرير فلسطين وتزيل الاحتلال الصهيوني. وإذا كانت المقاومة المسلحة معلومة وهي باختصار قتال العدو بالصواريخ فما هو المقصود بتحرير فلسطين وإزالة إسرائيل؟ المسألة تحتاج إلى توضيح ورفع اللبس.
فهل يقصدون بالتحرير، أن إسرائيل حين تنهزم وتستسلم ستطلب من قادة المقاومة أن يمهلوها بعض الوقت ليجمعوا أغراضهم ويرحلوا؟
أم ستسلمهم زمام السلطة وتترجاهم أن يعيشوا تحت حكمهم؟
أم المقصود هو أن يكون للفلسطينيين دولة على جوار دولة إسرائيل؟ أم ماذا؟
السؤال مطروح على مناهضي التطبيع، لأن الوضع لم يعد محتملا بسبب هذا الغموض الذي كلما طال ازداد غموضا.
لا جدال في أن جماعة مغامرة سطت على أرض فلسطين، وحدثت الجريمة في غفلة من التاريخ عام 1948، حدثت باسم التوراة ولن يتحقق السلام باسم التوراة ولا باسم الإنجيل ولا باسم القرآن، لأن الجهات التي تقحم الديانات في هذا الصراع لا تريد للشعب الفلسطيني ولا للشعوب العربية أن تنعم بالسلام.
ومن الجهل والمغالطة أن تتم مقارنة "الاحتلال الإسرائيلي" بباقي الاحتلالات التي عرفها العالم، ولعل أقرب الحلول إلى هذه المعضلة هو الحل الذي عرفته جنوب أفريقيا إذا ما تعذر حل الدولتين.
لكن دعونا نعود إلى المقاومة المسلحة، والنصر والجهاد والصمود وما شابه من مفردات تحتار كيف تطابق بينها وبين واقع تراه رأي العين. وأنت تحاول أن تجد صلة بين الواقع ومعجم النصر تجد نفسك أمام أمرين: إما أن تُكذِّب الخطاب وإما أن تُشكِّك في قدراتك العقلية. إن هذا الخطاب وهو كأغلب الخطابات السياسية العربية مدجج بكل أساليب التضليل، وإذا ما سولت لك نفسك أن تتساءل فستكون عرضة إما للابتزاز أو للتخوين؛ بل تجد نفسك مستهدفا في قدراتك العقلية والأخلاقية والوجدانية.
وإذا استقرأنا الأحداث وفحصنا المرئي واللامرئي وحللنا المعطيات المتوفرة ومن ضمنها جهل النخب المتحيزة إلى أطروحة المقاومة المسلحة، لوجدنا أن هذا النفير لا يصب لا في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا في مصلحة الشعوب العربية؛ ولوجدنا أن النخبة الحاكمة في إسرائيل من مصلحتها أن تعمل على تسويق خطاب كاذب يُرِسّخ الانطباع أن إسرائيل تعيش تحت التهديد، لماذا؟
أولا: لتبقي الرأي العمومي المحلي تحت السيطرة؛
ثانيا: لتوفر لحلفائها مبررات دعمهم اللامشروط لها؛
ثالثا: لتتخلص من المواطنين المتذبذبين سواء كانوا عربا أو يهودا؛
رابعا: لتوهم التيار المتطرف في فلسطين أنه على مشارف النصر بفضل المقاومة المسلحة، وبفضل هذا الوهم يحكم قبضته على الشعب الفلسطيني ويحرمه من الانخراط في المقاومة السلمية ومن الحياة السياسية الديمقراطية، ويزج به كل مرة في مجزرة لا يكاد يشفى من آثارها حتى يدخل في مجزرة أخرى.
وبالتالي، لم ينجح دعاة المقاومة المسلحة سوى في تقوية إسرائيل على تعطيل مخرجات أوسلو، بل جعلوا من القضية الفلسطينية عامل تعطيل وليس عامل تحرير، قد حولوها من حافز للتحرر إلى حاجز ضد التحرر ليس في فلسطين فحسب بل حتى في الأوساط العربية ذات النخب الضحلة.
ولأن ما حدث مؤخرا ليس حربا بل مجزرة، فإن المقاومة السلمية هي الحل، وهي التي تخيف أولئك الذين لا يريدون حلا سواء كانوا يهودا أو كانوا فلسطينيين أو كانوا عربا أو فرسا أو تركا، أو كانوا من جبل قاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن