الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان محمد (رسول الإسلام) موجوداً ؟ وهل كان شخصية تاريخية حقيقية ؟

اسكندر أمبروز

2021 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شخصية صعلوك الصحراء هي أحد أشهر الشخصيات في العالم اليوم , والتي تؤثر سلباً وبشكل خطير على حياة مليار ونصف شخص حول العالم , ولكن ومع هذا فنحن اليوم عالقون تاريخياً أمام معضلة حقيقية لإثبات وجود تلك الشخصية اللعينة , فهو (أي صعلوك الصحراء) لم يذكر عنه شيء إلّا بعد قرون من وفاته وتشكّل الامبراطورية العربية ببدايتها الأموية واستمرارها العباسي , حيث يعي أي باحث في التاريخ أهمية الأحافير والآثار والمخطوطات والسجلّات التاريخية المعاصرة في علم التاريخ , وكل هذه مفقودة تماماً عندما نأتي لصلعم الزفت.

فلو نظرنا لشخصيات تاريخية أُخرى , كالإسكندر المقدوني , أو أوغسطس الروماني , أو شارلمان أو أي شخصية سياسية ضخمة في عصرها , لوجدنا آلاف المخطوطات والكتب المعاصرة التي لا تزال والى اليوم شاهدة على وجود تلك الشخصيات , فمن أبنية ضخمة تحمل أسمائهم , الى مدن كبرى تشهد لهم , الى كتب ومخطوطات معاصرة تم إثبات عمرها العائد لتلك الفترات من خلال التحليل الكربوني وغيره من أساليب التحقق الرائعة التي وفرتها التكنولوجيا الحديثة.

كل هذا وأكثر يبيّن لأي شخص مهتم في التاريخ والشخصيات التاريخية وجود هؤلاء الأشخاص , فكل تلك الأدلّة تقطع الشك باليقين بشكل حاسم لا لبس فيه , ولكن لو عدنا لشخصية صعلوك الصحراء , سنجد ثقباً تاريخياً أسود وعصر زمني مظلم لا يمكن التماس أي دليل أو حقيقة فيه تؤيّد وجود هذا الشخص !! فهو تماماً كشخصية الملك آرثر في انجلترا , أو روميولس وريموس وقصّة نشأة مدينة روما , أو شخصية موسى وعسيى والعديد مِن مَن يسمون بالأنبياء والرسل كما ناقشت في هذا المقطع على قناتي سابقاً...
https://www.youtube.com/watch?v=HsI4rN0Ifv8

وصعلوك الصحراء محمد لا يختلف عنهم في شيء , فلو أردا أي باحث تاريخي أن يقيّم وجود هذه الشخصية فلن يجد لها أي دليل يثبت وجودها من الأدلّة التاريخية المعتمدة , فلا وجود لأي صرح معاصر يحمل اسم هذا الشخص , ولا وجود لأي مخطوطة أو كتاب أو سجل تاريخي معاصر له لا من جهته أو من جهة الأقوام المعاصرة له , ولا وجود لأي نقش أو عملة معاصرة تحمل اسمه , وهلم جرّاً...وكل ما ذكر عن هذا الشخص من سيرة وأحاديث وهراء جاء لاحقاً , كلّها قصص مختلقة لا يعتد بها تاريخياً فسيرة ابن هشام مثلاً كتبت بعد وفاة محمد المزعوم ب200 سنة تقريباً , ومع أنها مأخوذة عن نسخة ابن اسحق الأقدم منها , إلّا أن نسخة ابن اسحق غير موجودة اليوم وأقدم سيرة يمكن الإعتراف بها هي لإبن هشام , لهذا ابن اسحق وسيرته مرفوضة ولا يمكن الاعتراف بها , والأحاديث ظهرت بعد ذلك حتى كالبخاري الذي كُتب سنة 870 أي بعد وفاة صلعم ب238 سنة ناهيكم عن كتب "التاريخ" التي ظهرت بعد ذلك كالطبري وغيره...

وهي فعلياً مسخرة في أوساط الباحثين والمحققين التاريخيين , فالتراث المتواتر والمتناقل شفهياً كان ولا يزال موجوداً ونقل لنا العديد من العقائد السابقة للإسلام كالديانات والملاحم اليونانية والمعتقدات الفارسية والمصرية القديمة , جميعها نقل عن طريق التواتر والتراث الشفهي , ولكنها جميعها لا تساوي قرش بسنة الغلا تاريخياً , فهي أولاً غير معاصرة , وثانياً معرّضة لتأثير تجربة الهمس الصينية التي تثبت تغيّر وتبدّل أي قصّة من شخص لآخر حتى وإن كانو جالسين مع بعضهم البعض في نفس الوقت والمكان , لهذا فالتراث الإسلامي برمّته لا يساوي شيء في أوساط علم التاريخ والآثار , وعلينا رميه في سلّة المهملات والبداية من جديد.

ولكن كما يقول أي باحث تاريخي محايد , انعدام الأدلّة على وجود الشيء تاريخياً , ليس دليلاً على عدم وجوده والحجة على من ادعى , وهذا صحيح , فانعدام الأدلّة على وجود الملك آرثر ليس دليلاً على عدم وجوده في يوم من الأيام , وانعدام الأدلّة على وجود روميولس وريموس ليس دليلاً على عدم وجودهما , ولكن يجب على من يدعي وجود هؤلاء الإتيان بدليل يثبت ادعائه حتى يؤخذ كلامه على محمل الجد , وذات الشيء يمكن أن يقال عن أسطورة شخصية صلعم , ولكن ومع عمل العديد من الباحثين , لدينا اليوم أدلّة مناهضة لوجود محمد , والتي تضع أي مؤيد لوجوده في موضع حرج يستحيل الخروج منه , حيث لا يرفض المؤرخون وجود هذا الشخص لانعدام الأدلّة فحسب , بل يدعون عدم وجوده أصلاً ولديهم الأدلّة على هذا.

فمن الأدلّة المناهضة لوجود صلعم الملعون كما هو مذكور ومتعارف عليه بالتراث والأحاديث والسير , هي مخطوطة تسمى doctrina jacobi , أو تعاليم يعقوب والتي يعود تاريخها ل640 ميلادي , والتي تذكر وجود رسول جاء من بين السراسنة وتعني حرفياً (صعاليك الصحراء) , دون ذكر اسمه , حيث دخل الى فلسطين والقدس وخاض معارك ضد البيزنطيين في سوريا والأردن وفلسطين , فيما يتعارض تماماً مع صور محمد في التراث , حيث أنه لم يدخل القدس , ولم يخض أي معارك في سوريا , ولم يكن حيّاً أصلاً بحسب التراث الداعشي سنة 640.
ولكم هذا النص المترجم من الوثيقة...

"يقولون أن نبيًا ظهر بين السراسنة , وأنه يعلن قدوم المسيح المقدس , المسيا الذي سيأتي.
عندما ذهبت أنا إبراهيم إلى سيكامينا ، استشرت رجلاً عجوزًا على دراية بالكتب المقدسة في هذا الشأن ، وسألته: "ما رأيك يا سيدي ومعلمي بهذا النبي الذي ظهر بين السراسنة؟"
قال بتنهيدة عظيمة: إنه دجال ، والأنبياء لا يأتون بالسيف والعربات الحربية.
بحثًا وكدحًا ، تعلمت أنا إبراهيم من الناس الذين قابلوه (رسول السراسنة:): "لن تجد أي حقيقة في هذا النبي ، فقط سفك للدماء ؛ وادعاء بأنه يمتلك مفاتيح الجنة ، وهذا أمر لا يصدق"". (Doctrina Jacobi 5.16)

وهذا هو الذكر لما يعتقد أنه صلعم التراث الاسلامي , ولكنه أبعد ما يكون عن هذا , فهو أوّلاً يتنبأ بقدوم رسول من بعده (المسيح المقدس اليهودي , والذي لا علاقة له بعيسى أو يسوع المسيحي المعروف , حيث أن اليهود لا يؤمنون به أصلاً , ويعتقدون بقدوم مسيح آخر) , ثانياً مذكور أنه قد كان حيّاً في سوريا وفلسطين , خاض معارك في غزّة ودخل القدس وتحالف مع اليهود.

وهذا كلّه ينسف العلاقة بين تلك الوثيقة والتراث الاسلامي الذي يتضارب معها بشكل كامل , فالوثيقة تحكي قصّة زعيم للعرب ورسول آتٍ بالنبوئات دخل واحتل وسيطر بالسيف على المناطق البيزنطية , وتحالف مع اليهود وجاء برسالة تتنبّأ بقدوم المسيح اليهودي , في تضارب تام مع التراث الداعشي المعروف , ومع انعدام تام لأي ذكر لاسم هذه الشخصية أو لإسم محمد حرفياً , وثالثاً يدعي ذلك الرسول أنه يمتلك مفاتيح الجنّة بصورة مشابهة بشكل كبير مع قصّة القديس بيتر الذي ادعى ذات الادعاء , في إطار مسيحي يهودي مطلق لا علاقة له بالتراث أو المنظور الاسلامي , والوثيقة ذاتها ظهرت في فترة كثر فيها الحديث عن رسل وأنبياء من مختلف المناطق قاموا بخلط الدين والنبوئات بالسياسة للسيطرة والمنافسة على السلطة كما كان حال العرب في بداية امبراطوريتهم في المناطق البيزنطية والفارسية.

ويذكر روبيرت سبينسر الباحث والمؤرخ والذي ألّف العديد من الكتب عن الاسلام وتاريخه وفي كتابه "Did Muhammad Exist هل كان محمد موجوداً", نظرية انعدام وجود هذا الرجل ويتسائل هل محمد شخصية حقيقية تاريخية ؟؟ أم هو مجرد شخصية خيالية ألّفها العرب لتشكيل دين جديد يجمع امبراطوريتهم مترامية الأطراف ؟؟
وبعد قراءة هذا الكتاب الرائع والذي يجمع نظريات مختلفة حول بدايات الاسلام , زادت فكرة انعدام وجود شخصية محمد رسوخاً وثباتاً , لا بل ظهرت عليها أدلّة جديدة , وهذا ما يبين مدى عمق البحث الذي قام به الاستاذ روبيرت سبينسر وأهمية هذه النظرة التاريخية الناسفة للإسلام.
كما نرى في العديد من النظريات الأُخرى كنظرية دان جيبسون في القِبلات المختلفة والبتراء , وكما فعل روبيرت سبينسر في هذا الكتاب.
ومن أهم النقاط المناقشة في هذا الكتاب هي :
- لا وجود أو ذكر لشخصية محمد إلّا بعد 60 عام على موعد وفاته المفترض في 632 م.
- بنائاً على سجلّات تاريخية معاصرة مدوّنة من قبل الأقوام التي احتلوها العرب كالسريان والمصريين وغيرهم , لم تَذكر أن المحتلين الجدد أتو بدين جديد , أو بنائاً على تعاليم دينية لرسول جديد , أو بكتاب ديني جديد !! حيث لم يذكرو لا الاسلام ولا محمد ولا القرآن في ذلك الوقت.
- صك العرب في بدايات حكمهم للشرق الأوسط وشمال افريقيا , عملات عليها صلبان , وشمعدانات يهودية , ونقشو عبارات وتراتيل مسيحية على أبنية مختلفة كالجسور والقلاع وغيرها , حيث يوجد بناء يعود بناؤه لمعاوية (من 661- الى 680) والذي نقش عليه الصليب المسيحي.
- لم تظهر الأحاديث الخاصة بمحمد إلّا في نهاية عهد الأمويين وبداية عهد العباسيين متزامنة مع ظهور سيرته , وفي ظل منافسات سياسية بين الأمويين والعباسيين اختلقو مئات لا بل آلاف الأحاديث لشيطنة الطرف الاخر في ذلك الصراع.
- تم وضع المكان المقدّس الاسلامي في بيئة خالية من البشر (مكة) حتى لا يدعي أحدهم أن مدينته أو بلده هي التي كانت بلد الاصل للرسول المُختَلَق , وتفادياً للثورات الدينية مستقبلاً ضد العباسيين الذين قد بدأو بإدراك قدرة الدين على السيطرة على الشعوب , وتخديرها.
وطبعاً كل هذه الأمور مثبتة من خلال أدلّة وصور ومصادر موجودة داخل هذا الكتاب الذي أنصح الجميع بقرائته.

الكتاب مرفق في الرابط التالي :
https://drive.google.com/.1muTHohMI6AzTEWSNruzsje.view


ومن خلال هذا الكلام يمكننا الاستنتاج وبكل أريحية أن صلعم الاسلام بصورته المعروفة , بسيرته , بصحابته , بأحداث حياته , لم يكن موجوداً ولا دليل عليه على الإطلاق , وهذا ناهيكم عن انعدام أي ذكر أو دليل تاريخي على صحابته أمثال عمر وعثمان وعلي وأبو بكر وغيرهم من الصعاليك الدواعش , والذين ظهروا مع ظهور محمد نفسه فيما بعد في كتب السيرة والأحاديث والتراث المنسوف آنفاً في هذا المقال.

فشخصية صعلوك الصحراء هي شخصية مختلقة , أقرب الى الخيال والأساطير والكلام الفارغ من أي تاريخ مسجّل أو حتى معقول , وهذا يتضح لنا من ارهاصات أُخرى كتحريف القرآن واختلافه عبر العصور ومخطوطات صنعاء هي أكبر شاهد على هذا , ناهيكم عن وجود أكثر من 30 نسخة معتمدة من القرآن اليوم حول العالم , والتي تختلف فيما بينها من حيث المعنى والرسم والحركات...الخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي