الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصادات المتقدمة..تضخم نفقة ام طلب

احمد البهائي

2021 / 5 / 31
الادارة و الاقتصاد


ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 3.6% في أبريل مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي،ويعد ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، هو الأكبر الذي منذ سبتمبر2008 ، وارتفع الإنفاق في أبريل بنسبة 0.5% مقارنة بمارس، وقد كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن خطة أول موازنة سنوية تعتزم إدارته اعتمادها، تتضمن إجمالي إنفاق يصل إلى 6 تريليونات دولار، وزيادات ضريبية كبيرة على الأمريكيين الأكثر ثراء ، وبموجب الخطة، سيصل الدين العام إلى 117٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2031، متجاوزا المستويات القياسية التي سجلت خلال الحرب العالمية الثانية ، وعلى الجانب الاخر ، سجل التضخم السنوي بالاتحاد الأوروبي (27 دولة) ارتفاعا بنسبة 2 بالمئة خلال أبريل/نيسان، قياسا على 1.7 بالمئة بالشهر السابق له ، بينما ارتفع معدل التضخم السنوي بمنطقة اليورو(19 دولة ) إلى 1.6 بالمئة في أبريل/نيسان الماضي، بأعلى وتيرة نمو منذ الشهر المماثل من 2019، وسط تحسن الإنفاق الاستهلاكي، وارتفاع أسعار الطاقة ، حيث قرر البنك المركزي الاوروبي تيسير السياسة النقدية من جديد لتصبح 1.85 تريليون يورو ومدد أجله 9 أشهر حتى مارس 2022 بهدف إبقاء تكاليف اقتراض الحكومات والشركات عند مستويات قياسية منخفضة .

يعتبر التضخم مشكلة اقتصادية تصيب الدول الرأسمالية المتقدمة والدول النامية على السواء ،فقد تعددت تعريفات التضخم في الفكر الاقتصادي ، ومع ذلك لا يوجد تعريف واضح ومحدد يمكن ان يستند عليه ،حيث يمتاز التضخم بتعدد أنواعه ، إلا أن هذه الأنـواع غيـر منفصلة عن بعضها البعض، ولكن جميع انواع التضخم تشترك في صفة واحدة الا وهي عجز النقود عن اداء وظائفها اداء كاملا ، وبالتالي يترتب علية ارتفاع في مستويات الاسعار .

يختلف علاج التضخم في الاقتصاديات المتقدمة تماماعنه في الاقتصاديات النامية ، وهذا يرجع في المقام الاول لاختلاف الظروف الاقتصادية السائدة ، وكذلك لاختلاف الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة في اقتصاديات كلا منهما ، وعليه فإن علاج التضخم في اقتصاديات البلدان المتقدمة تتطلب تنفيذ مجموعة من الاجراءات والسياسات التي قد لا تكون فعالة في علاج التضخم في البلدان النامية ، حيث يرى العديد من رجال الاقتصاد أن التضخم في البلدان النامية هو تضخم " طلب " ، ناشئ عن الإفراط في حجـم الطلـب علـى الـسلع والخدمات، وبالتالي فإن علاجه يتطلب التحكم في حجم الإنفاق الكلي من خلال ضغط حجم الطلب الكلي وذلك بهدف خلق مستوى من الطلب المتوازن مع درجة العمالة الكاملة والمحققة في الاقتصاد بهدف خلق مستوى من الطلب المتوازن مع درجة العمالة الكاملة والمحققة في الاقتصاد ، وبما يكفل امتصاص فائض القوة الشرائية، وتخفيض حجم الاستهلاك، بينما يوصف التضخم في اقتصاديات البلدان الرأسمالية المتقدمـة بأنه تضخم " نفقة " في المقام الاول ،نتيجة الارتفاع في تكاليف عناصر الإنتاج بنسبةٍ تفـوق الزيـادة فـي معـدلات الانتاج ، والتي ترجع إلى اختلال التوازن بـين العوائـد الناتجة عن استخدم تلك العوامل ممثلةً بالمنتجات والخدمات وبين ما تستخدمه العوامـل الإنتاجيـة مـن نفقـات وتكاليف، وبالتالي يتطلب إتباع مجموعة من السياسات تهدف الى تخفيض تكاليف الإنتاج وبما يساعد في تحقيق الاسـتقرار في مستويات الأسعار.
نتيجة لازمة كورونا التي ضربت اقتصاديات العالم المتقدمة والنامية ، وقيام اغلب الدول بضخ الاموال في الاسواق لمواجهة تلك الازمة ، وخاصة الاقتصاديات الرأسمالية تحت مايسمي بالتيسير النقدي اوالتسهيل الكمي من أجل تحريك عجلة الاقتصاد ، فقد تواجه تلك الاقتصاديات بالاضافة الى التضخم التقليدي(تضخم النفقة)الناشئ عن الزيادة في تكاليف عناصر الانتاج بنسب تفوق الزيادة في معدلات الانتاجية ، انواع اخرى من التضخم قد تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتضخم التقليدي والاساسي ، نتيجة التوجهات المالية والنقدية حسب تنوع القطاعات الاقتصادية ، فقد ينشأ التضخم السلعي في قطاع صناعات السلع الاستهلاكية ، الناتج من خلال الزيادة في نفقات انتاج السلع على الادخار، وقد ينشأ التضخم الرأسمالي في قطاع الصناعات الاستثمارية ، الناتج من خلال الزيادة في قيمة السلع الاستثمارية على نفقات انتاجها ، وقد ينشأ التضخم الربحي في قطاع الخدمات ، الناتج من خلال زيادة الاستثمار على الادخار، وقد يكون تضخم اجور في كافة القطاعات الاقتصادية ، وذلك من خلال زيادة وارتفاع اجور الاكتفاء للعمال ، ولكن من المؤكد بجانب ما ذكر من تضخم وانواعه فقد تواجه بعض الاقتصاديات الرأسمالية نوع اخر من التضخم سوف تدير له الف حساب وهو تضخم جانب الطلب الذي ينشأ غالبا في الدول النامية ، نتيجة اختلال التوازن بين الطلب الكلي على السلع والخدمات عن الكميات المعروضة منها في الاسواق ، مما يتسبب في حدوث ارتفاع عام في مستويات الاسعار، ولكن من الجديد والمختلف ان السلطات المختصة في الاقتصاديات المتقدمة في هذه الحالة ، قد يكون لها دور او يد او السماح بطريقة غير مباشرة في حدوث تضخم جانب الطلب ، بأن تعمل تلك السلطات بما لديها وتملكه من سياسات مالية ونقدية على ان يكون تضخم الطلب في مراحله " وقتي او جزئي " ، دون ان يصل الى تضخم الطلب الحقيقيي ، بمعنى ، ان تهيئ الدول المتقدمة اقتصادياتها ، بان تكون مازال لديها القدرة على الإستجابة للتغير في حجم الطلب ، اي ان الوحدات والاجهزة الانتاجية في كافة القطاعات تتمتع بالمرونة والقدرة على تلك الاستجابة ، بالتالي فإن الزيادة في الطلب في هذه الحالة يقابلها زيادة في الانتاج ، وهنا تكون الزيادة في مستوى الاسعار زيادة وقتية وغير مستدامة ، ويمكن التحكم فيها ، وفي وقت قصير ومحدد قد يحدث التوازن ، وهذا ما يطلق عليه اقتصاد " تحت التشغيل " ، اي ان الاجهزة الانتاجية والموارد الاقتصادية للدولة لا تكون قد وصلت الى اقصى طاقتها الانتاجية وهناك موارد اقتصادية عاطلة وغير مستغلة ، وان تكون الزيادة في الدخول قائمة ومرتبطة اساسا بالزيادة الانتاجية اي زيادة الكميات المعروضة في السلع والخدمات ، ولا ينظر الى حالات التوظيف بمنظورها التقليدي( علاقة عكسية بين كلا من معدل التضخم ونسب البطالة) ، بأن يتعامل مع معدلات البطالة على ان التضخم هنا وقتي وجزئي نظرا لنمو النقود بوتيرة اسرع ومتعمدة ومحددة من النمو في كمية الانتاج وذلك على المدى القصير ، وان التغير في كمية النقود المتعمد حدوثها سواء كان بطرية مباشرة او غير مباشرة يوجه الجزء الاكبر منها ليس نحو الانفاق بل توجه نحو الاستثمار ، حيث يكون من ضمن الاستثمار ،التوجهات الاستثمارية عن طريق الاكتتاب في الاوراق المالية ، وبالتالي لا يترتب على الزيادة في المعروض من النقود والزيادة في مستوى الدخول ومعدلات التوظيف زيادة مستدامة ودائمة في مستويات الاسعار، اي ان الاقتصاد حسب تلك النواحي والسياسات غير قابل للوصول الى مرحلة التشغيل والاستيعاب الكامل (اقتصاد مشبع) ، اي ان الزيادة في الطلب على السلع والخدمات مع ثبات وجمود المعروض الحقيقي قد يؤدي الى زيادة الاسعار ، واستمرار الزيادة في الاسعار طالما هناك زيادة في حجم الطلب الكلي نتيجة لعدم مقدرة القطاعات الاقتصادية للدولة على زيادة كميات الانتاج ، وهذا هو ما يطلق عليه تضخم الطلب الحقيقي الذي يصيب اقتصاديات الدول النامية بجانب ، وبالتالي تبذل الدول المتقدمة في تعاملها مع ازمة كورونا اقصى مالديها بما تملكه من ادوات مالية ونقدية حتى يمكنها التحكم في معدلات التضخم ،بأن يكون في مقدار الممكن ،من اجل الحفاظ على اسعار فائدة محفزة للاقتصاد وتنشيطه على المستوى القومي .

مما لا شك فيه ، ان اقتصاديات الدول المتقدمة ، نتيجة مواجهتها لازمة كورونا بما تتخذه من اجراءات وسياسات ، سوف تنشأ لا محال موجة من التضخم ، فقد يكون تضخم نفقة وهذا مؤكد ، وقد يكون تضخم طلب جزئيا او مؤقتا في البعض الاخر بجانب تضخم النفقة ، ولكن من المؤكد سوف يشترك النوعان من التضخم في خصية واحدة وهي ارتفاع ملحوظ في مستويات الاسعار، مما يتطلب تدخل السلطات المختصة لكبح تلك الظاهرة بما تملكه من ادوات نقدية ومالية ، وكل ما تنشده تلك الاقتصاديات ألا ينتهي المطاف برفع اسعارالفائدة لمواجهة الضغوط التضخمية ، واذا حدث يجب ان يكون في حد المعقول ، فمن المرجح ان من ضمن الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة التي ستعاني من تضخم نوع النفقة واخواتها هى اقتصاديات منطقة اليورو (19 دولة ) والاقتصاد البريطاني ،حيث ان تلك الاقتصاديات لديها من السياسات وما تملكه من ادوات تؤهلها من السيطرة على هذا النوع من التضخم في الاجل القصير، اما الاقتصاد الامريكي ومثيله الكندي وبعض دول الاتحاد الاوروبي دون منطقة اليورو سوف تواجه بجانب تضخم النفقة تضخم من جانب الطلب جزئي وقد يمكن السيطرة علية في الاجال القصير والمتوسط ، وما تخشاه اقتصاديات تلك الدول ، ان تمتد الفترة وتطول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة


.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية




.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط