الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في قصيدة - رق قطر الندى- للشاعر حارث الأزدي

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2021 / 6 / 2
الادب والفن


رقَّ قـطْـرُ الـنـدى
وتــعـالـى نــــداءُ حـــرٍ غــيـورٍ// يـتـسـامى بــنـوره الأنـقـيـاءُ
كـنتَ تـرجو فـي مـحنة بـعضَ رأيٍ// فـتنادت في دفعِها الآراءُ
لـيس غـروًا إذا أتـاك عـدوٌ//يشتري مـنك بـعضَ ما قد أساؤوا
ثــم يـغـدو وقــد أتــاك بـحـلٍّ// نـصـفُه ضـجـةٌ ونـصـفٌ هــراءُ
لـيـس عـيـبًا بــأن تـكـون غـريبًا//كلَّ عـيبٍ سـيفتري الأجـراءُ
لستَ ترضى بفعلِهم، أنتَ أدرى//ليسَ صدقًا ما يفعلُ الجهلاءُ
كــنـتَ رأيًـــا إذا دهــاك عـظـيمٌ//نحوَ فـكـرٍ سـتـلجأ الـعـقلاءُ
أنـتَ وعـيٌ إذا ابـتليتَ بـوضعٍ //ضاقَ وضعٌ بما احتوت أسماءُ
فِـكـرُهم نـاقـصٌ غـريـبُ أصـولٍ//فـاستعانت بـسوئِهِ الـدخلاءُ
بُــحَّ صــوتٌ؛ شـبـابُنا فـيه نـسغٌ//ورحيقٌ مـن الـشبابِ هـواءُ
يـتـمـطى بـقـربِـهِ كـبـريـائي//بل تــمـادى بـطـولِـهِ الـكـبـرياءُ
أيُّ هــذا الـأطـواد أنــتَ عـراقٌ//ولـمثل الـعـراقِ يـحـلو الـثـناءُ
هـكـذا أنتَ يــا عــراقُ كـبـيرٌ//في عـلـوٍ مـسـتقبلٌ وابـتـداءُ

التنسيق خاصية جمالية، لايجيدها إلا مَن يحترف فن مراودة القارئ عند وقوفه على ناصية شعره البليغ من حيث أسلوبية النص الأكمل والرؤيا والتنسيق البنائي في تشكيل القصيدة فنيًا.. ويجعلك تشعر بتناغم وتآلف أبياتها وكأنها رابطة محكمة الطبقات فنيًا.
كقارئة؛ أتهيب جدًا عند الدخول إلى أي نص شعري مقفى وموزون.. فلست بكاتبة لمثل هذا الفن المجنون بحدة جماله.قد أقع أسيرته لذا أحاول أن أدعني خارج نفسي وامتشق مدادي وفكري، حيث محطات ذاك النص أو قد يفضيان بي إلى محطات أخرى.. من حيث بناء النص، طريقة إنتاجه، تأويلاته ومواطن جماله من خلال التحقق الفعلي فيه؛ "من هنا نستنتج أن للعمل الأدبي قطبين ، قد نسميهما القطب الفني والقطب الجمالي، الأول هو نص المؤلف والثاني هو التحقق الذي ينجزه القارئ" * 1
لذا سأكون حريصة على استنفاد لغتي المرئية في البحث عن كل احتمالات نص (رقَّ قـطْـرُ الـنـدى) الدلالية،في الدال والمدلول أو صعيد اللغة التي تشمل صعيد التعبير(الكلمة، الجمل، الأشكال النحوية أو الأسلوبية) وصعيد المضمون" 2* ولغة التكثيف ومقدرة طاقتها في أن تهز الأعماق وتلامس الروح والوجدان.
قد يراها قارئ آخر غير ما قرأته في لغة النص الشعري للشاعر الأزدي فكل واحد منا له لغته في القراءة أو البحور في عالم النص وسبر أغواره ..فقد وجدت أن القصيدة لا تخلو من الدهشة،مكتملة البناء لغويًا ومرتبة بكيفية خاصة من حيث الفكرة والرسالة المراد تمريرها.
في قصيدة الأزدي تلمس الناموس يسري على مستويات البناء والتركيب والدلالات فتقف أمام نص شعري بمثابة بصمة تعود على صاحبها بالتفرد، مما دفعني كقارئة أن أبحث عن سحر تلك البنى الأسلوبية في المستوى الدلالي وعلني أتمكن من استنطاق دلالتها .

لذا أجد أن قمة جمالية نصه الشعري في تقنياته،من حيث:
- شعرية النسق؛ تلمسها في تماسك الكلمات وتلاحمها مع الحركة النفسية والتكثيف والفاعلية.
- دقة تقنية التفاعل؛ سواء كان ذلك في المفردات أو في الرؤى الشعرية في إبراز جمالية النص.
- التكامل ؛يكمن في بناء النص من حيث الروح الوطنية الشفافة والتماسك بين الأنساق من حيث الاندماج والتلاحم وهذا ماظفرت به قصيدة الأزدي.
- البلاغة الشعرية؛ تلمسها من خلال بلاغة رؤاه الشعرية وسلاسة انتقاله بين سطور فكرة النص، لتوّلد لدى القارئ الكفاءة في رسم الحراك التصويري وانغماس الأبيات بالموسيقى وبإيقاع خاص تشي بالانسجام في فاعلية الصور الشعرية.
- وكلها مجتمعة ضمن الإطار النصي للشاعر في حياكة قصيدته.

وفي خاتمة هذا السبر جعلني أرى القصيدة وفق رؤيتي هذه من حيث:
1- عنوان القصيدة: يعتبر كإسم الشاعر الذي يُسرع بانتشار نصه ، وهنا العنوان اظهر النص بمظهر مضاعف وكأنه منتجًا للنص، فيغدو بمثابة المرآة التي تُظهر تفاصيل جماليته..فيُعرَف صاحبها بها كما يُعرّف باسمه..
2- بطاقة هوية النص: كشفت لنا عن جمالية النص إثر توصيفه بــ (رقَّ قـطْـرُ الـنـدى) عبر رصد توجعات الوطن وهمة شبابه تجده قد حدد هوية النص من منظور ثلاثي الأبعاد؛ الذات التي تحكي النص الشعري وينعكس من خلالها أثر الموضوع وصورة الهوية .وهنا الأزدي قد برع برسم النص كخريطة لتعين القارئ العربي على تلمس أوجاع العراق كله.
3- معمارية النص: تجد أن النص قد تمظهر وفق شكل هندسي ، يحكي البناء الهرمي الرأسي، الذي يُخرج الذات، على مستوى النص، وفق الترتيب: العراق/ الشباب/ حارث الأزدي، كما يوزعها على ثلاثة أشكال وهي: عنوان النص، هوية النص ، ومعمارية النص .
لذا اللغة الشعرية ليست لغة محاكاة أو نقل، وإنما لغة خلق ولغة إيحاء ولغة تأويلية ورسالة عند فرسان الشعر .

_________________
1. فولفغانغ آيزر: فعل القراءة، حميد لحميداني والجيلاني، منشورات مكتبة المناهل ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص:13.
2.عبد القادر الجرجاني (ت1078) لغوي من الأئمة من كتبه: أسرار البلاغة و دلائل الإعجاز قال بالنظم وهو تخير مواطن اللفظ وإسناده في الجملة لتوليد المعاني البليغة- المنجد في الإعلام- دار المشرق. بيروت . ط17 . 1991.ص:199








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في


.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة




.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد