الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش عن :- محاكمة كافكا -

عادل الخياط

2021 / 6 / 2
الادب والفن


هوامش عن :" محاكمة " كافكا "
هل كان يهذي ؟ مُحتمل .. ليس تاريخ عبيد روما وهُم يواجهون المفترسات في ساحات المصارعة الرومانية , أو يُصلبون على مفترقات الطرق بلا بلل ولا شعير .. ليس الخليفة العباسي المنصور وهو يضع غُلاما في إسطوانة بقدر حجم جسده لتنفلق روحه .. ليس مقاصل الفرنسيين بعد الثورة , ولا تفانين الأتراك في التعذيب والقتل .. ولا .. ولا .. ولا .. التاريخ مُترع بالفظائع ..

في المحاكمة " كافكا " لا يعرضها على هذا النحو المبسط .. يعرضها على هيئة دهاليز , دهاليز السلطة الغاشمة - بخصوصي أنا كتبت ذات يوم العبارة التالية " أشد إختراع دموي إخترعه جنس البشر هو : السلطة الغاشمة على مدى التاريخ !" .. ما هي دهاليز تلك السلطة ؟ .. يطرحها كافكا على هيئة محامي يسير وُفق قوانين السلطة الغاشمة .. شخصان من تلك السلطة يستفزان بطل الرواية جوزيف بفعل ما .. يطرحها على أو من خلال عمه المنافق الذي يندرج ضمن هذا النظام الكوني الغاشم , والنظام الكنسي المُقترن بذلك الجبروت المستفحل .. يعرضها بواسطة جهله لما يجري حوله من أحداث : فما معنى أن يُدعا أو يُخبر لمحاكمة يجهل خلفياتها , يجهل الفِعل الذي بدر منه .. لكن وسط سلطة مُؤسسة على عدمية الوضوح يتوجب عليك أن تسلك هذا المُحدر السُلطوي .. أنت غير خاضع لإرادة تنبض في عقلك ودمك , أنت خاضع لإرادة الترانيم السٌلطوية , هل تفهم ؟

لكن في مُحور آخر رُبما تناول بعض رُواد العبث أو اللامعقول , من أمثال " بيكيت ويوجين يونسكو وجينيه الفرنسي واداموف الروسي تناولوا محاكمة كافكا من بُعد آخر : بُعد اللامعقول في المسرح والفلسفة .. حيث ان جوزيف بطل رواية كافكا - المحاكمة - كان يُحاكي العدمية في طرحه .. في سلوك جوزيف , عدمية الجدوى , المفاهيم التي إستشرت في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم , ورغم ذلك لا تُستثنى المفاهيم السُلطوية .. ففي نبض كان يونسكو يقر ويصر على التفعيل السُلطوي لمفهوم العبث أو اللامعقول .. لنقرأ تلك المقطوعة التي رُبما تقترن بهذا السرد :
" ليس لدي صورة أخرى عن العالم , سوى تلك التي تُعبر عن التلاشي والصعوبة , الخُيلاء والغضب , العدم والكُره القبيح العقيم , بإسمترار كان الوجود يظهر بتلك الصورة , وما رأيت في طفولتي : هيجانات فارغة , صرخات يخنقها الصمت فجأة , ظلال يبتلعها الليل إلى الأبد "

ربما تُكرر هذه الترنيمة الآن , لكنها عموما تُسند في ضمن الحديث عن ان هل كان يونسكو يعني في قوله أو أن قوله مُقترن بـ رؤية شخصية الفرد في النظر للأشياء , أم أن السُلطة القمعية لها دور في رسم الرُؤى البشرية والمزاج العام والفكر وما إليه .. لها دور في رسم تفاعلاتها ؟ .. بمفهوم أشد وضوح : هل كان رُواد فلسفة العبث أو أدب اللامعقول , هل كانوا يكترثون بالواقع السياسي وأن له دور في الرؤية الضبابية أو التشاؤمية لرواد العبث ؟ .. لا بد أن تقول : نعم كانوا يعيشون الفوران السياسي , وأعتقد أن يونسكوا ذاته قد قال : ما معناه : ان السلطة القمعية تهدم كل قوانين الحياة وليس الأدب فقط .. وجان بول سارتر كان من أشد المهتمين بالشأن السياسي كما أظن ..
وتعود لـ محاكمة كافكا .. الكاتب " كنعان مكية " في كتابه " جمهورية الخوف " والمُغرم به الراحل " فالح عبد الجبار .. مكية يحاول أن يجد تناسب بين محاكمة كافكا وسيطرة الجهاز الإداري لحزب البعث في العراق , الشخص يقرن بين دهاليز جوزيف بطل الرواية التي تعرض لها , وبين دهاليز سلطة البعث من سنة 68 إلى الثمانينات .. مكية كان يعكس أو يتناول هاجس الخوف في كلا المحورين وليس بالضرورة مستوى الفِعل في كلتا الحالتين .. يعني الراحل عبد الجبار كان مُغرم بكيفية سيطرة الجهاز الإداري على تفاصيل الدولة وهو ما يعكس دهاليز رواية المحاكمة لـ " كافكا " التي تنتهي بـ سكين يتوغل في قلب " جوزيف " بطل الرواية .. بمعنى أن السكين الذي يتوغل في قلبك لا بُد أن يرتكز على ديكتاتورية ركيزة وليس حُكم هش مضعضع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة