الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الاقتصاد العالمي وتَوَحُّش الامبرياليةالأمريكية

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2021 / 6 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




نحن أمام ظاهرة تَعَمُّق ديكتاتورية السوق عبر العولمة أو عبر الأممية الراهنة لرأس المال المعولم (الشركات المتعددة الجنسية)، وما يعنيه ذلك من تركز الثروة واتساع الفروق بين البشر والدول اتساعاً لا مثيل له بالتعاون الوثيق مع كل من البنك والصندوق الدوليين ومنظمة التجارة العالمية.
إن تسارع عمليات العولمة سيؤدي إلى تغيير مضامين الكثير من المفاهيم مثل "العالم الثالث" "التقدم" "العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية" وحوار الشمال والجنوب" إذ أن هذه المفاهيم لم يعد لها معنى مع تزايد البطالة والفقر وتحرر الأسواق والانفتاح والتخلي عن كل الضوابط التي أدت إلى تحكم 20% من سكان الكوكب بمقدرات 80% من سكانه، ما يؤكد على الاستغلال البشع لثروات الشعوب الفقيرة.
ففي ظل العولمة الامبريالية الراهنة تتوزع شعوب العالم على خمس شرائح كما يلي :
· أغنى 20% يمتلكون 82.7% من دخل العالم.( 1.3 م.نسمة يمتلكون 64.3 تريليون $ بمعدل 49461 $ للفرد سنوياً)
· أل 20% التالية يمتلكون 11.7% من دخل العالم.( 1.3 م.ن يمتلكون 9.1 تريليون $ بمعدل 7000 $ للفرد سنوياً)
· أل 20% التالية يمتلكون 2.3% من دخل العالم. (1.3 م.ن يمتلكون 1.8 تريليون$ 1384$ للفرد سنوياً)
· أل 20% التالية يمتلكون 1.9% من دخل العالم.(1.3 م.ن يمتلكون 1.5 تريليون$ 1153$ للفرد سنوياً)
· أفقر 20% التالية يمتلكون 1.4% من دخل العالم[3].(1.3 م.ن يمتلكون 1.1 تريليون $ 846$ للفرد سنوياً)
والمعروف أن البلدان الفقيرة أو القوى الضعيفة في العالم تتركز أساسا في المناطق التالية:
- إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (48 دولة تقريبا) .
- آسيا الوسطى الإسلامية ( 6 دول من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق ) ومعها معظم البلدان العربية ما عدا بلدان النفط عموماً ، واليمن ومصر وفلسطين والصومال وسوريا والسودان .
- جنوب آسيا ( أفغانستان- بنجلاديش وباكستان واندونيسيا ونيبال...الخ)
- القطاع الشرقي من آسيا الشرقية: كمبوديا- كوريا الشمالية- لاوس-ميانمار...
- منطقة أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي ( جواتيمالا، ،جرينادا، هاييتي...الخ).
إن الدول التي تعرضت لاثارة الصراعات المذهبية والطائفية الدموية، وتراجعت وتفككت سياسياً واقتصادياً تعتبر المنطقة الرخوة في النظام العالمي، وبذلك فإنها أيضا تمثل أكثر مناطق العالم قابلية لمزيد من مظاهر التبعية والتخلف الاقتصادي / الاجتماعي ، من خلال القوى اليمينية الطبقية التي مازالت تتحكم في مسار التطور السياسي والاجتماعي الداخلي في تلك المجتمعات، بالتنسيق مع القوى الخارجية، ولفترة طويلة قادمة، طالما ظلت القوى الديمقراطية اليسارية على حالتها الراهنة من الضعف والركود.
فمنذ بداية القرن الحادي والعشرين، شهد العالم متغيرات نوعية إضافية متسارعة ، انتقلت البشرية فيها من مرحلة الاستقرار العام المحكوم بقوانين وتوازنات الحرب الباردة ، الى مرحلة جديدة اتسمت بتوسع وانفلات الهيمنة الأمريكية للسيطرة على مقدرات البشرية ، وإخضاع الشعوب الفقيرة منها ، لمزيد من التبعية والحرمان والفقر والتخلف والتهميش، كما جرى في العديد من بلدان اسيا وافريقيا وفي بلدان وطننا العربي عموما والعراق أولاً ثم سوريا واليمن ومصر وليبيا وفلسطين خصوصاً، فقد تم إسقاط العديد من القواعد المستقرة في إدارة العلاقات الدولية ، بدءا من هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمؤسسات الدولية الأخرى ، وصولا الى تفريغ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي من مضامينهما الموضوعية الحيادية، يشهد على ذلك عجز "الأمم المتحدة" عن تنفيذ قراراتها تجاه الشعوب المستضعفة خاصة شعبنا الفلسطيني، في مقابل تواطؤ وخضوع الاتحاد الأوروبي واليابان للهيمنة والتفرد الأمريكي في رسم وإدارة سياسات ومصالح العولمة الرأسمالية في معظم أرجاء هذا الكوكب، وفي بلداننا العربية خصوصاً.
لقد أدى إفراغ ميثاق الأمم المتحدة من مضامينه، إلى أن أصبحت الأمم المتحدة –اليوم- غير قادرة على ممارسة دورها السابق الذي تراجع بصورة حادة لحساب التواطؤ مع المصالح الأمريكية ورؤيتها السياسية، بحيث أصبحت هذه العلاقات محكومة لظاهرة الهيمنة الأمريكية المعولمة، أو لهذا الفراغ أو الانهيار في التوازن الدولي الذي أدى الى بروز معطيات جديدة في كوكبنا من أهمها: -
1- تم إسقاط العديد من القواعد المستقرة في إدارة العلاقات الدولية، حيث دخلت هذه العلاقات تحت الإشراف المباشر وغير المباشر للولايات المتحدة الأمريكية.
2- تحولت أقاليم عديدة في هذا الكوكب الى مسارح استراتيجية مضطربة،بدأت، أو أنها في انتظار دورها على البرنامج، وهي مسارح أو أزمات مفتوحة على جميع الاحتمالات وفي جميع القارات كما جرى في يوغسلافيا أو البلقان وألبانيا والشيشان ثم في سوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر.. إلخ، وما أصاب هذه البلدان من تفكك وخراب أعادها سنوات طويلة الى الوراء، وكذلك الأمر في فنزويلا والبرازيل وإندونيسيا وأزمة افغانستان والباكستان وبنغلادش وسيريلانكا والعديد من بلدان أفريقيا.
3- تتدخل التيارات فائقة الرجعية والفاشية على نحو متزايد الفعالية على الساحة السياسية بكل مكان في العالم، بأشكال بالغة التنوع ومركبة أحيانا، وساعية للنيل من الخدمات العامة الاجتماعية:
- حزب الشاي في الولايات المتحدة الأمريكية؛
- حركات شعبوية عنصرية في أوربا، ضد العرب والمسلمين والسود؛
- حركات شعبوية يمينية متطرفة حاكمة في هنغاريا وربما في الهند غدا؛
- حركات نازية جديدة في اليونان، وفي أوربا الشرقية ؛
- أصوليات كافة الديانات، قوية بكل مكان، تستبسل ضد الحق في التعليم وحقوق النساء، وتصل أكثر فأكثر حد القتل، وأوصوليات دينية تحرف حركات تحرر شعبية و تحاول سحقها؛وصولا إلى نزاعات عسكرية حقيقية، تتفاقم في قسم من أفريقيا و آسيا[4].
4- قوى يمين متطرف جديدة، وفاشيات جديد[5]: تتمثل إحدى أولى عواقب القوة المزعزعة للعولمة الرأسمالية في صعود مهول لقوى يمين متطرف جديدة وفاشيات جديدة، ذات قاعدة (محتملة) جماهيرية. يكتسي بعضها أشكالا تقليدية نسبيا، مثل منظمة الفجر الذهبي في اليونان، أو تتخذ شكل نزعات كارهة للأجانب وقائمة على انطواء هوياتي. وتولد أخرى في شكل أصوليات دينية، وهذا في جميع الديانات “الكبرى” (المسيحية والبوذية والهندوسية، والإسلامية…)، أو “قومية دينية” (اليمين المتطرف الصهيوني)… وتمثل هذه التيارات اليوم تهديدا في بلدان مثل الهند، وسريلانكا، و قد كانت قادرة على التأثير على حكومات لها من الأهمية ما لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية (في ظل بوش). لذا، ليس للعالم الإسلامي احتكار ما بهذا الصدد، لكن الأمر اتخذ هناك بعدا دوليا خاصا، مع حركات “عابرة للحدود” مثل الدولة الإسلامية في الشام والعراق (داعش)، أو حركة طالبان، وشبكات ذات ارتباطات شكلية إلى هذا الحد أو ذاك من المغرب إلى اندونيسيا،وحتى جنوب الفلبين.
5- وفي أفريقيا: الصومال وجيبوتي وموريتانيا والكونغو وغيرها، وصولا الى بلدان أمريكا اللاتينية وتزايد الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فيها، بدءاً من فنزويلا ومحاولة اسقاط نظام "مادورا"، والمكسيك وكوبا والأرجنتين وكولومبيا والبرازيل، حيث نشهد في أمريكا اللاتينية عام 2017، احتمال بداية النهاية للحكومات والأنظمة السياسية الوطنية.
كما تتفاقم هذه الأزمات في منطقتنا العربية، حيث يتفجر الصراع السياسي والاجتماعي/ الطبقي بكل تغيراته الطائفية والمذهبية الهادفة إلى تفكيك وتقسيم دولها لضمان السيطرة عليها وعلى ثرواتها.
6- إضعاف وتهميش دول عدم الانحياز، و منظمة الدول الأفريقية، و الجامعة العربية، و منظمة الدول الإسلامية، و كافة المنظمات الإقليمية التي نشأت إبان مرحلة الحرب الباردة والتي تكاد اليوم ان تفقد بوصلتها ودورها بعد ان تم افراغها من مضامينها السياسية الوطنية السابقة.
7- يبدو أنه تم إسقاط المنطقة العربية و دورها ككتلة سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي ، و تجريدها من أي دور سوى الخضوع السياسي و استمرار تأمين المواد الخام ، و إقامة القواعد و الأحلاف العسكرية وفق ما حددته التوجهات و المخططات الأمريكية / الصهيونية لمنطقتنا العربية على طريق تنفيذ مخططات التوطين والتصفية لقضيتنا الفلسطينية.
باختصار شديد أقول من منطلق التحريض ومواصلة النضال ، التحرري والاجتماعي الطبقي ، ان الدول المتخلفة والتابعة (بما في ذلك بلداننا العربية) فقدت اليوم –عبر أنظمة الخضوع والتبعية الكومبرادورية- إرادتها الذاتية و سيادتها ووعيها الوطني ، و كان استسلام معظم هذه الدول أو رضوخها لقواعد و منطق القوة الأمريكية والتطبيع والاعتراف بدولة العدو الصهيوني ، مسوغاً و مبرراً "لشرعية" هذه القواعد من جهة ، و الصمت المطبق على ممارساتها العدوانية في كثير من بقاع العالم، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جهة أخرى، بهدف وحيد هو : الاستيلاء على فائض القيمة للشعوب.
لذلك تصبح عملية النضال الثوري التحرري والمجتمعي وفق المنظور الطبقي الماركسي مهمة ملحة وعاجلة من مهام الحركات الثورية الوطنية التقدمية في بلدان العالم عموماً ، وفي بلدان الاطراف على وجه الخصوص لاجتثاث انظمة الاستغلال والتبعية والاستبداد والتخلف، واقامة النظام الثوري وفق مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية بافاقها الاشتراكية ،آخذين بعين الاعتبار إن الثورة بقيادة الحزب الثوري هي في التحليل الأخير هي من صنع الجماهير، ولذلك فهي ليست حلماً رومانسياً نتعلق به، بل هي عمل دؤوب ومتواصل نقوم به لكي نحققها ، وهو عمل بين الجماهير أساساً، فإذا كان العمل الثوري يحتاج إلى «الغرف المغلقة»، أوالعمل السّري، فإن حاجته الأساسية هي العمل بين الجماهير. تحريضها وتعليمها على فن الثورات الكفاحية والسياسية والاجتماعية الديمقراطية. وتصليبها وكسر حاجز الخوف عندها. تطوير وعيها وبلورة أهدافها ودفع حركتها باتجاه صاعد وتوحيدها وقيادتها.
وكل ذلك بحاجة إلى التالي:
1- معرفة ظروفها، ومشاكلها عيانياً وبشكل دقيق، وهذا يقتضي «العيش» في وسطها، معايشتها، البحث بالأرقام والأدلة في وضعها.
2- تحريضها بإظهار طبيعة مشاكلها ومسببات هذه المشاكل، وتحديد مطالبها، وهذا بحاجة إلى الاندماج في أوساطها واستقطاب عناصر من صلبها.
3- الدفاع عن مصالحها عبر تبني قضاياها وخوض النضال من أجلها.
4- دفعها إلى التنظيم في الآطر النقابية والسياسية لخوض معمعان النضال النقابي و المطلبي والديمقراطي والسياسي.
ان توفير هذه العوامل المحمولة بالوعي والارادة الثورية كفيل بتحقيق الانتصار...اذ لم يعد هناك خيار....اما الثورة الاشتراكية والنصر أو بربرية وتوحش الامبرياليين والصهاينة والحكام العملاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا


.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي




.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل