الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتاسلمين 30 - خرافة نذر عبد المطلب

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2021 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من القصص والروايات التي تتكرر في روايات (المتاسلمين ) من السنة والشيعة قصة النذر الذي نذره (عبد المطلب بن هاشم) جد الرسول محمد بان يذبح احد أولاده ان تكامل له عشرة من الأبناء بعد ان عيرته قريش بقلة الولد بعد حفر بئر (زمزم ) وهي القصة التي أصبحت من المسلمات التي لا يقبل العقل المسلم بديلا عنها وتكررت في الأفلام والمسلسلات الدينية حتى تقبلها العقل الجمعي المسلم باعتبارها حقيقة لا تقبل الجدل . ولكن هل توقف احد لمناقشة هذه القصة ومعرفة مدى صحتها ؟ وما مصدرها ؟ وهل تتفق مع الوقائع التاريخية ؟ فلنحاول ان نستعرض هذه القصة ونرى مدى صحتها .
عبد المطلب جَدُّ النبي صلى الله عليه وسلم من سادات وزعماء قريش، فهو رئيس بني هاشم وبني المطلب، وكان معروفا بالمحافظة على العهود، شريفاً مطاعاً جواداً، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه، وكان له من الأولاد: الحارث، والزبير، وحجل، وضرار، والمقوم، وأبو لهب، والعباس، وحمزة ، وأبو طالب، وعبد الله . وكما تشير روايات المتاسلمين فان قريش كانت تعير عبد المطلب واسمه الحقيقي (شيبة ) بقلة الأولاد فنذر ان تكامل له من الأولاد عشرة فسيقوم بذبح احدهم . ونذر عبد المطلب هذا رواه ابن هشام وغيره في السيرة النبوية، والطبري في تاريخه، وابن أبي شيبة في مصنفه، عن عبد الله بن عباس أنه قال: ". كان عبد المطلب بن هاشم نذر إن توافى له عشرة رهط أن ينحر أحدهم، فلما توافى له عشرة، أقرع بينهم أيهم ينحر (يذبح)، فطارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحب الناس إلى عبد المطلب، فقال عبد المطلب: اللهم هو أو مائة من الإبل، ثم أقرع بينه وبين الإبل، فطارت القرعة على المائة من الإبل". وفي السيرة النبوية لابن كثير: ".. ثم أشارت قريش على عبد المطلب أن يذهب إلى الحجاز فإن بها عرافة لها تابع فيسألها عن ذلك، ثم أنت على رأس أمرك إن أمرتْك بذبحه فاذبحه، وإن أمرتك بأمر لك وله فيه مخرج قبلته، فانطلقوا حتى أتوا المدينة فوجدوا العرافة، وهي سجاح - فيما ذكره يونس بن بكير عن ابن إسحاق ـ بخيبر فركبوا حتى أتوها فسألوها، وقصَّ عليها عبد المطلب خبره وخبر ابنه فقالت لهم: ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فرجعوا من عندها، فلما خرجوا قام عبد المطلب يدعو الله، ثم غدوا عليها فقالت لهم: قد جاءني الخبر، كم الدية فيكم؟ قالوا: عشراً من الإبل، وكانت كذلك، قالت: فارجعوا إلى بلادكم، ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشراً من الإبل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم. فخرجوا حتى قدموا مكة فلما أجمعوا على ذلك الأمر قام عبد المطلب يدعو الله، ثم قربوا عبد الله وعشراً من الإبل، ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله، فزادوا عشراً ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله، فزادوا عشرا فلم يزالوا يزيدون عشراً عشرا، ويخرج القدح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة، ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل . قال ابن حجر في كتابه "الإصابة": "قال موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير: سمعت حكيم بن حزام يقول: وُلِدْتُ قبل الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل، حين أراد عبد المطلب أن يذبح عبد الله ابنه". . مصدر هذه القصة هو (أبو بكر محمد ابن إسحاق ابن يسار المدني )
كما روى الحاكم النيسابوري عن معاوية بن أبي سفيان ( حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق بن إبراهيم؛ فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل، وقال بعضهم: بل إسحاق الذبيح، فقال معاوية: سقطتم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه الأعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة، والماء يابسا، هلك المال، وضاع العيال، فعد علي بما أفاء الله عليك يا بن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم فأسهم بينهم، فخرج السهم لعبد الله فأراد ذبحه، فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا: أرض ربك وافد ابنك، قال: ففداه بمئة ناقة، قال: فهو الذبيح وإسماعيل الثاني ).
اذا اتينا الى الرواية الأولى فان مدارها يكون حول (محمد ابن إسحاق ) . فمن هو ابن إسحاق ؟ (محمد بن إسحاق بن يسار المدني) ولد في المدينة سنة 80 للهجرة في المدينة وتوفي سنة 151 للهجرة في بغداد وهو من الموالي فابوه من سبي عين تمر . الف ابن إسحاق كتابه المغازي من أحاديث وروايات سمعها بنفسه في المدينة ومصر، وهذا الكتاب لم يصل إلينا، فقد فُقِد ولكن مضمون الكتاب بقي محفوظا بما رواه عنه ابن هشام في سيرته عن طريق شيخه البكائي . وابن هشام هذا (هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، المُكنّى بأبي محمّد ) المتوفى في مصر سنة 213 هجري . واذا رجعنا الى اقوال العلماء المعاصرين لابن إسحاق نجد في كتاب (الجرح والتعديل) ، لعبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي أبو محمد ، تحقيق عبد الرحمن بن يحي المعلمي اليماني ، منشورات دائرة المعارف العثمانية ، 1371 – 1952 ، الجزء الأول ، الصفحة 20 " كنت عند مالك بن أنس، فقال له رجل: إن محمد بن إسحاق يقول: أعرضوا على علم مالك بن أنس فإني أنا بيطاره، فقال مالك: دجال من الدجاجلة يقول اعرضوا علي علي " . وقال مالك ابن انس كما ذكر الرازي في نفس المصدر القسم الثاني الجزء الثالث الصفحة 193 " نحن نفيناه من المدينة" وقال عنه هشام بن عروة بن الزبير بن العوام في نفس المصدر " ذاك كذاب " . كذلك نقرء في كتاب تقريب التهذيب (ت: شاغف) ، لابن حجر العسقلاني؛ أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل، شهاب الدين، ابن حجر ، التحقيق أبو الأشبال صغير أحمد شاغف الباكستاني ، الناشر: دار العاصمة ، سنة النشر: 1421 ، الجزء الأول ، الصغحة 825 "5743 - محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق إمام المغازي صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر من صغار الخامسة مات سنة خمسين ومائة ويقال بعدها " . كما ان ابن حجر ذكره في المدلسين حيث ورد في كتاب " طبقات المدلسين " والمعروف أيضا باسم " تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس " لاحمد بن علي بن حجر العسقلاني أبو الفضل شهاب الدين المعروف باسم الحافظ ابن حجرمنشورات (مكتبة المنار الأردن ) ، تحقيق وتعليق الدكتور ( عاصم بن عبدالله القريوتي ) الأستاذ المساعد بكلية الحديث والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، الطبعة الأولى ، طباعة جمعية عمال المطابع التعاونية ، عمان ، الأردن في الصفحة 51 ذكره في الطبقة الرابعة من المدلسين بالتسلسل 125 بقوله " محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني صاحب المغازي صدوق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم وصفه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما " . قال عنه محمد بن عبد الله بن نُمير" إذا حدَّثَ عمن سَمِعَ منه من المعروفين فهو حسَنٌ صَدُوق، وإنَّمَا أُتِيَ من أنه يُحَدِّث عن المجهولين أحاديثَ باطلة". قال عنه ابن النديم في “الفهرست "وكان يحمل عن اليهود والنصارى ويسميهم في كُتُبِهِ أهلُ العِلم الأول..، وأنه كانَ يُعْمَل له الأشعار، ويؤتى بِها ويُسأل أن يُدخلها في كتابه فيفعل، فضمَّنَ كتابه من الأشعار ما صارَ به فضيحة عند رُواة الشِّعر" . نقل يحيى بن معين عن يحيى القطَّان أنَّ الأخير كان لا يرضى ابن إسحاق، ولا يروي عنه. وقال ابن المديني : سمحت يحيى يقول: قال إنسان للأعمش : إن ابن إسحاق حدثنا عن ابن الأسود ، عن أبيه بكذا وكذا ، فقال: كذب ابن إسحاق ، وكذب ابن الأسود ، حدثني عمارة بكذا وكذا . وقال الرازي : قال أبو حفص الغلاس : كنا عند وهب بن جرير فانصرفنا من عنده فمررنا بيحيى بن سعيد القطان فقال: أين كنتم؟ قلنا: كنا عند وهب بن جرير -يعني يقرأ علينا كتاب المغازي عن أبيه ، عن ابن إسحاق – قال تنصرفون من عنده بكذب كثير " . وقال الرازي : حدثنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا علي- يعني ابن المديني - قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: قلت لهشام بن عروة : إن ابن إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر فقال: أهو كان يصل إليها؟ فقلت ليحيى : كان محمد بن إسحاق بالكوفة وأنت بها؟ قال نعم ، قلت: تركته متعمدا؟ قال: نعم تركته متعمدا ولم أكتب عنه حديثا قط . اذن فرأي الكثيرين من معاصري ابن إسحاق ومن كتب عنه بانه (مدلس) وانه ( كذاب ) وانه ( دجال ) . فهل يصلح مثل هذا ان يكون مصدرا لمعلومة ؟ وقال أبو جعفر العقيلي :" حدثني أسلم بن سهل ، حدثني محمد بن عمرو بن عون ، حدثنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال: قال أبي: سمعت مالكا يقول: يا أهل العراق من يغت -أي يفسد- عليكم بعد محمد بن إسحاق ". كما ان ابن إسحاق نفسه ينسف روايته من الأساس فهو يروي في "السير" (ص34) ، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (1/99) ، قال ابن إسحاق :" وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ ، فِيمَا يَذْكُرُونَ ، قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ مَا لَقِيَ: لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ ، ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ - لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ لِلَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عِنْدَ الْكَعْبَةِ . فَلَمَّا تَوَافَى بَنُوهُ عَشَرَةً: الْحَارِثُ ، وَالزُّبَيْرُ ، وَحَجْلٌ ، وَضِرَارٌ ، وَالْمُقَوَّمُ ، وَأَبُو لَهَبٍ ، وَالْعَبَّاسُ ، وَحَمْزَةُ ، وَأَبُو طَالِبٍ ، وَعَبْدُ اللهِ ، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ جَمْعُهُمْ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْوَفَاءِ لِلَّهِ تعالى بذلك ، فأطاعوا لَهُ ، وَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: يَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا ، فَيَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ ، ثُمَّ تَأْتُونِي . فَفَعَلُوا ثُمَّ أَتَوْهُ . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي دُخُولِهِ عَلَى هُبَلَ عَظِيمِ أَصْنَامِهِمْ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَبُو رَسُولِ الله ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ ، أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ ، وَكَانَ هُوَ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بن عائد بن عبد الله بن عمر ابن مَخْزُومٍ ، وَكَانَ - فِيمَا يَزْعُمُونَ- أَحَبَّ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَيْهِ . فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ القداح القداح ، لِيَضْرِبَ بِهَا ، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ هُبَلَ ، يَدْعُو: أَلَّا يَخْرُجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ ، فَأَخَذَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ وَأَخَذَ الشفْرَةَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إِلَى إِسَافٍ وَنَائِلَةَ - الْوَثَنَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْحَرُ قُرَيْشٌ عِنْدَهُمَا ذَبَائِحَهُمْ - لِيَذْبَحَهُ ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا ، فَقَالُوا: مَاذَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: أَذْبَحُهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَكَرُوا أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اجْتَرَّهُ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ أَبِيهِ ، حَتَّى خَدَشَ وَجْهَ عَبْدِ اللهِ خَدْشًا لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهِهِ حَتَّى مَات .فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا وَنَحْنُ أَحْيَاءٌ حَتَّى نُعْذَرَ فِيهِ ..". ولكن من المعلوم المشهور عند أهل السير أن العباس وحمزة رضي الله عنهما كانا أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بقليل ، والمشهور كذلك أن العباس ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث ، وأن حمزة ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أو بأربع سنوات .فقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (33921) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (350) ، من طريق أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ:" قِيلَ لِلْعَبَّاسِ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي ، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ ".وإسناده صحيح ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/270) :" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ ". وقد نصّ غير واحد من المحققين من علماء السير أن العباس ولد قبل عام الفيل بثلاث سنوات .ومن هؤلاء الزبير بن بكار كما "المستدرك" للحاكم (5399) ، ومحمد بن عبد الله بن نمير الحافظ ، كما في "المستدرك" للحاكم (5401) ، وإبراهيم بن المنذر ، وعلي بن عبد الله التميمي ، كما في "تاريخ دمشق" (26/283) ، وابن هبيرة كما في "الإفصاح" (7/99) ، وابن حجر في "الإصابة" (3/511) . . وأما حمزة رضي الله عنه، فإنه من الثابت أنه أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة .حيث أخرج البخاري في "صحيحه" (2645) ، ومسلم في "صحيحه" (1447) ، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: لاَ تَحِلُّ لِي ، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ .
هذا بالنسبة للمصدر الأول اما المصدر الثاني فهو حديث (انا ابن الذبيحين ) . فهذا الحديث رواه الحاكم النيسابوري في كتاب (المستدرك على الصحيحين ) للحاكم النيسابوري؛ محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم الضبي، الطهماني النيسابورى، الشهير بالحاكم، ويعرف بابن البيع، أبو عبد الله ، تحقيق (مصطفى عبد القادر عطا) ، دار الكتب العلمية ، 1422 – 2002 ، الطبعة الثانية ، الجزء الثاني ، في الحديث رقم 4036 الصفحة 604 ، ورواه الطبري كذلك وأورد القصة الكامل في التاريخ من دون ذكر السند . ويكفي الرواية ضعفا ان الراوي هو (معاوية ابن ابي سفيان ) الذي قال عنه الرسول " وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ " كما يروي مسلم ابن الحجاج يروي في كتابه – كتاب الطلاق – باب المطلقة ثلاثا لانفقة لها – الحديث رقم 1480 الصفحة 686 – تحقيق "نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة" ، منشورات دار طيبة ، سنة النشر: 1427 – 2006 . والذي قال عنه " لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ " كما يروي مسلم ابن الحجاج يروي في كتابه الحديث رقم (2604 )وقال عنه الرسول أيضا "يموت على غير ملتي" كما يروي عبد الرزاق بن همام كما ذكر البلاذري في كتابه " جمل من أنساب الأشراف " . هذا بالنسبة للراوي اما المحدث : الألباني فقد ذكر الحديث في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة) لمحمد ناصر الدين الألباني ، دار المعارف - الرياض الطبعة: الأولى ، بالرقم 331 و خلاصة حكم المحدث : لا أصل له بهذا اللفظ كذلك ذكر الحديث في كتاب (النصيحة بالتحذير من تخريب (ابن عبدالمنان) لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة) محمد ناصر الدين الألباني ، دار ابن عفان - القاهرة الطبعة: الثانية ، 2000 ، الصفحة273 ، خلاصة حكم المحدث : لا أصل له بهذا اللفظ ، لا يصحوذكر الحديث أيضا القرطبي في ( تفسير القرطبي) وقال عنه سنده لا يثبت . كما ورد الحديث في كتاب (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) تاليف عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ، دار الفكر - بيروت الطبعة الأولى سنة الطبع 1403 هـ وقال عنه إسناده ضعيف . اذن الروايات مصدرها كذاب او مدلس او صعلوك او يموت على غير ملة الإسلام فهل تصلح مصدر للقصة .
الان بعد ان بينا ان هذه الروايات من ناحية السند ناتي الى متن الروايات ونناقشه بالرجوع الى كتب من يسمون انفسهم (اهل السنة والجماعة ) . فننظر من هو (عبد المطلب ) الذي صوره المتاسلمون بصوره انسان جلف قاسي ينذر للصنم الذي يعبده أن يذبح ابنه عبدالله أعزّ ولده عنده ولايمنعه من ذلك سوى كاهنة يهودية . ولولا تلك اليهودية لما كان اسلام ولا مسلمين .
عبد المطلب الذي نتحدث عنه هو (عبد المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب القرشي ) سيد مكة وشيخها وكبير بني هاشم وجد الرسول محمد . وقد جاء في كتاب (إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون) المعروفة بالسيرة الحلبية المؤلف علي بن ابراهيم نور الدين الحلبي منشورات مطبعة محمد مصطفى . صفحة 122 ، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: يبعث جدي عبد المطلب يوم القيامة في زي الملوك وأبهة الاشراف . ثم قال ، قال البرزنجي ويروى أن عبد المطلب يعطى نور الانبياء وجمال الملوك ويبعث أمة واحدة (قال) لانه كان على التوحيد، وذلك كمن أخبر عنه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من امثاله كزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل أنه يبعث أمة واحدة، ومن يبعث أمة واحدة لا يبعد أنه يعطى نور الانبياء لانه مستقل لا تابع، وأما كونه يعطى جمال الملوك فلانه كان سيد قريش في زمانه، وهو ملحق بالملوك الذين عدلوا وما ظلموا.
ان القول بهذا النذر يتعارض مع ماورد في القران من ان اباء الرسول لم يكونوا من المشركين بدليل قوله تعالى " مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ" وقوله تعالى " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " حيث ذكر الشوكاني في كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية
تفسير فتح القدير - تفسير سورة إبراهيم : 35 - تفسير قوله تعالى " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ " وقد أخرج ابن جرير ، عن مجاهد في قوله "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ (" قال : فاستجاب الله لإبراهيم دعوته في ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته ، واستجاب الله له ، وجعل هذا البلد آمنا ، ورزق أهله من الثمرات ، وجعله اماما ، وجعل من ذريته من يقيم الصلاة ، وتقبل دعاءه فأراه مناسكه وتاب عليه. كما ذكر السيوطي في " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " سورة إبراهيم الجزء ( 5 ) رقم الصفحة 46 "أخرج ابن جرير ، عن مجاهد (ر) في قوله : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ( ابراهيم : 35 ) } قال : فاستجاب الله تعالى لإبراهيم (ع) دعوته في ولده ، فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته ، وجعل هذا البلد آمنا ، ورزق أهله من الثمرات ، وجعله اماما ، وجعل من ذريته من يقيم الصلاة ، وتقبل دعاءه ، وأراه مناسكه ، وتاب عليه. كما قال السيوطي في نفس المصدر " وأخرج عن سفيان بن عيينة ، قال ‏:‏ لم يعبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام لقوله‏ :‏ { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ( ابراهيم : 35 ) } قيل ‏:‏ فكيف لم يدخل ولد إسحق وسائر ولد إبراهيم ‏،‏ قال ‏:‏ لأنه دعا لأهل هذا البلد أن لا يعبدوا الأصنام ودعا لهم بالأمن‏ ،‏ فقال ‏:‏ { اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ( ابراهيم : 35 ) } ولم يدع لجميع البلدان بذلك‏ ، وقال ‏:‏ ‏‏{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ( ابراهيم : 35 ) } فيه وقد خص أهله" . وهو نفس الذي ذكره الطبري في " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " تفسير سورة إبراهيم . إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس" يدل على أن أبوي النبي (ص) لم يكونوا مشركين لأن المشرك بنص القران نجس ، فكيف يلد النجس نبيا ؟ . كذلك قول الله تعالى " وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ " يدل على أن أبوي النبي (ص) لم يكونوا كفارا لأن الكافر يسجد لصنم ، فمن المستحيل أن يمدح الله بكتابه الكريم الساجد للصنم.
وقد جاءت أحاديث كثيرة تتضمن هذه المعاني، فقد ذكر بن حجر العسقلاني - فتح الباري شرح صحيح البخاري - كتاب مناقب الأنصار - باب مبعث النبي (ص) الجزء : ( 7 ) - رقم الصفحة : ( 125 ) قوله ابن عدنان بوزن فعلان من العدن ، تقول : عدن أقام ، ‏وقد روى أبو جعفر بن حبيب في تاريخه المحبر من حديث ابن عباس ، قال : كان عدنان ومعد وربيعة ومضر وخزيمة وأسد على ملة إبراهيم ، فلا تذكروهم الا بخير ، وروى الزبير بن بكار من وجه آخر مرفوعا : لا تسبوا مضر ولا ربيعة فانهما كانا مسلمين ، وله شاهد عند ابن حبيب من مرسل سعيد بن المسيب. روى ابن جرير الطبري في (نوادر المعجزات) "ثمّ قذفنا في صلب آدم، ثمّ أُخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأُمّهات، ولا يصيبنا نجس الشرك، ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون" . كما روى (عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين ) ، في (الدر المنثور في التفسير المأثور) منشورات دار الفكر للطباعة والنشرالجزء 6 ، سورة الشعراء ، الصفحة 332، سنة النشر: 1432 – 2011 "عن ابن مردويه، عن ابن عبّاس، قال: سألت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقلت: بأبي أنت وأُمّي! أين كنت وآدم في الجنّة؟ فتبسّم حتى بدت نواجذه، ثمّ قال: (إنّي كنت في صلبه... لم يلتق أبواي قطا على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة إلى الأرحام الطاهرة، مصفّى مهذّباً، لا تتشعّب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما...) . كما ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) ، كتاب علامات النبوة - باب في كرامة أصله (ص) ، الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 214 ) 13819 - عن ابن عباس ‏: { وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ( الشعراء : 219 ) } قال ‏:‏ من صلب نبي إلى نبي حتى صرت نبيا ، رواه البزار ، ورجاله ثقات‏.‏
بعد كل هذه الايات والاحاديث التي ترويها كتبهم مازال المتأسلمين يصرون على اتباع قصة رواها (مدلس ) وحديث يرويه (صعلوك ) يموت على غير ملة الإسلام . لم يسال احد نفسه هل عرفت العرب نذرا بان يذبح الاب ابنه ؟ اذا كان المشركين والاعراب الذين هم اشد كفرا ونفاقا كما وصفهم القران يمتنعون عنها فهل يمكن ان يفعلها رجل بمواصفات عبد المطلب ؟ . فما سبب ذلك ؟ الإجابة بكل بساطة هو الإساءة الى الرسول بصورة غير مباشرة لاحظ في الحديث الذي يرويه معاوية (الصعلوك ) كما سماه النبي يكون السوال عن الذبيح هل هو إسحاق ام إسماعيل نجده يحاول تثبيت التهمه على عبد المطلب دون ان يكون هناك سؤال عنه . ولكنها العداوة للرسول تؤدي الى اتهام اباء الرسول بالكفر والشرك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س