الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة الى إيران (3) الى الشمال من طهران..

قاسم علوان

2006 / 8 / 7
الصحافة والاعلام


الى الشمال من طهران.. باتجاه (الشتاء الدائم
وقضايا سياسية أخرى ساخنة..... صباحا.. بعد أن تطوع صديقنا الجديد فؤاد مقابل االاستمتاع بصحبتنا.. في أن يرافقنا كدليل في جولتنا السياحية هذه، لأنه يعرف المناطق التي تستحق الزيارة أو المرور بها... وقد نفذنا اقتراحه فورا بتأجير حافلة متوسطة الحجم (كوستر) لترافقنا في رحلتنا التي تمتد الى ثلاثة أيام الى الشمال من طهران لغاية بحر (الخزر) من جهة ضاحية كرج... وكرج هذه عبارة عن مجمعات سكنية، بنيت حديثا لتخفيف العبء السكاني عن مدينة طهران المزدحمة بشدة. يدخل مدينة طهران يوميا نهارا كما أشرنا 16 مليون نسمة لغرض العمل أو لتصريف الشؤن التجارية والحياتية.. وربما لأسباب أخرى، بنيت مدينة كرج لتستوعب 4 مليون نسمة، وزعت وحداتها السكنية على الموظفين والعاملين من ذوي الدخل المحدود.. لتخفف العبء عن العاصمة.. وربطت معها بخط مترو سريع يبدأ عمله منذ ساعات الصباح الباكر... كما تحتوي مدينة كرج على جانب الطريق الصاعد الى الشمال على حاجز مائي كبير يمتد الى أكثر من مئة كم2 ، يغذي طيلة العام مدينة طهران بالماء الصالح للشرب والاستعمالات الأخرى، وكان قد نفذ هذا السد في زمن الشاه السابق، وظيفته تجميع المياه الآتية من الجبال الشاهقة، والقادمة من شمال طهران عبر وديان متجاورة منحدرة دائمة الجريان لغاية الثلث الأول من تموز للتتحول الى بحيرة واسعة كما شاهدنا ذلك خلال أيام رحلتنا.. يقول البعض من الذين زاروا هذه المنطقة سابقا تشح المياه في هذا الوادي أو البحيرة عادة في نهاية آب تقريبا. ومع تقدمنا شمالا تشتد غزارة تلك السيول وكثافتها وكذلك هطول الأمطار لغاية ذلك التاريخ.. يرافقه هبوط درجات الحرارة المفاجيء بالنسبة لنا والمصاحب لتلك الأمطار في تلك الأيام من تموز الذي يجفف الماء في الكوز في مدينة البصرة...!!
كنت أنفرد أحيانا بصديقنا الجديد فؤاد...(36 سنة) وهو رجل أعمال.. يسكن في طهران، بعد ان عرفته بعملي كصحفي.. استفسر منه لتوضيح بعض المظاهر العامة التي اعجز عن تفسيرها.. مثلا ظاهرة الحجاب هذه التي تضاءلت في إيران الى قطعة قماش صغيرة الحجم وهي ربما آخذة في التضائل تدريجيا رغم سماعنا بقرار رئيس الجمهورية الإيراني أحمدي نجاد قبل أشهر والذي دعا فيه الى (الحشمة...!) أجابني فؤاد بان ذلك القرار لم يلاق أي صدى لدى الجهات التنفيذية ولم يلتزم به أحد.. قلت له أليس هناك جهات سياسية أو اجتماعية يمكن أن تلتزم أو تدعو الى الالتزام بمثل هذه الأمور...؟ قال لي... عليك أن تعرف شيئا وهو اهتمام الناس الفاتر بالشؤون السياسية في السنوات الأخيرة... وربما لم تجد شخصا يسمع نشرة الأخبار... فقلت له إذن من هي هذه الجموع التي نراها من خلال شاشات الفضائيات حيث تنقل صلاة الجمعة من جامعة طهران...؟ فقال: أغلبية الشعب الإيراني المسلم يعتقد بوجوب صلاة الجمعة، وإنها تمثل بالنسبة للفقراء من المسلمين (ممن لايستطيعون أليه سبيلا...) مقابلا لاداء فريضة الحج....!! كما يوجههم بذلك رجال الدين.. كما أن هناك عدد لا بأس به من الموظفين الحكوميين (الانتهازيين) ممن يودون أن يظهروا في الصورة...!! سألته: أنتخبت من في الانتخابات الرئاسية الأخيرة..؟ أجابني: لم أذهب الى أي انتخابات طيلة الدورات الثلاث الماضية.. لا أنا ولا أي فرد من عائلتي لأن عندي اعتقاد بان صوتي لن يكون له أي معنى.. فالنتائج معدة سلفا...!!! سألته: ما علاقة جامعة طهران بصلاة الجمعة..؟ اجابني: هذا يمتد الى أيام الثورة الأولى حيث أنطلقت الشرارة من جامعة طهران، وكذلك ارتباطها بمناسبات تعبوية أخرى مثل (يوم القدس)
قريبا من بحر الخزر..
توغلنا شمالا باتجاه (بحر الخزر) وهو سيكون هدفنا التالي في هذه الرحلة، على فكرة.. أوضح لنا منذ بداية الرحلة دليلنا ومضيفنا الأخ فؤاد بأن تسمية (بحر قزوين) لذلك البحر بعد أن تداولها البعض بكثرة هي تسمية خاطئة إطلاقا.. ولا يجوز أن نكررها... فأن بلدة (قزوين) تقع الى الغرب من طهران 200كم، فقد وردت تلك التسمية الخطأ في بعض الخرائط العربية في بداية القرن الماضي فشاعت حتى في بعض الخرائط الأوربية... وكما أفادنا مصدر آخر فـ (الخزر..) تسمية آذرية (نسبة الى آذربيجان) وتعني الرقم سبعة... وذلك نسبة الى سبعة أنهار تصب في ذلك البحر من الدول (السوفياتية) السابقة المجاورة لإيران والمحيطة بذلك البحر الداخلي.. أي أنه لايطل على أي بحر آخر.. المسافة إلى (بحر الخزر) شمالا من طهران هي 164كم .. أما المدن التي تتجاور أو قريبة من ذلك البحر هي جالوس ونوشهر وكلاردشت ونمك أبرو رود حيث تملك المدينة الأخيرة أحدث منظومة (تل أفريك) في المنطقة والتي سنمر بها في طريق عودتنا.. يتراوح زمن الرحلة عادة أربع ساعات صعودا بسبب إلتواءات الطريق حول الجبال، وكذلك الأنفاق الطويلة... لكننا قطعنا تلك المسافة بسبع ساعات ممتعة، حيث كنا نقف حيث يعجبنا أو حيث نحتاج لأن نرى منظرا مدهشا أو نلتقط الصور... أو لنأكل شوربة (الآش) المشهورة في هذه الأصقاع من إيران...
وصلنا عصرا الى مدينة جالوس، وهي مدينة سياحية توشك أن تزدحم في مثل هذا الموسم أو هذه الأيام من نهاية الأسبوع.. حيث يتوافد معظم السواح وأغلبهم من المواطنين الإيرانيين أو من سكنة طهران تحديدا باتجاه الشمال حيث درجات الحرارة المنخفضة وسقوط الأمطار الممتع في مثل هذه الأيام الحارة من السنة.. لا يفوتنا أن نشير الى أن الشعب الإيراني وكما هو واضح شعب محب للسياحة والخروج من دائرة الروتين اليومي المنزلي الى الفضاء الطلق دائما.. إذ قلما نشاهد هذه العادة عند الشعوب الأخرى أو الشعوب المجاورة... وهذا بحسب ما رايناه خلال زيارتنا هذه وبشهادة سياح آخرين في زيارات أخرى عديدة...!! ليس في هذه المدينة فقط بل في جميع المدن التي زرناها.. على الطريق الصاعد شمالا وقبل يومين من إجازة نهاية الأسبوع كان ذلك الطريق مزدحم بشكل ملفت للنظر.. لكن دليلنا أكد باننا محظوظين بأن خرجنا هذا اليوم من طهران، فلو كان خروجنا في اليوم التالي مع إجازة نهاية الأسبوع لما تمتعنا بجمال هذا الطريق ونهاية الرحلة مثلما حصل.. إذ سيكون الطريق حينها مزدحما بشكل كثيف... بعد تجاوزنا لمدينة (كرج) بمسافة قليلة يبدأ منظر الخيام الصغيرة.. ومظاهر (التخييم..) ومستلزماته الأخرى مثل عدة الشواء.. على الجانب الأيمن من الطريق حيث المجرى العنيف للمياه في الوادي باتجاه ذلك السد... وهذا المنظر يستمر بدون انقطاع حتى وصولنا الى ساحل البحر مساءا حيث تزدحم تلك الخيام بشكل ملفت للنظر.. ومن الطبيعي أن لا يقطع هذا المشهد سوى قصبات المدن الصغيرة التي يمر بها الطريق ومحطات الاستراحة بين مسافة وأخرى، وأحيانا وعورة الجبال بمحاذاة الطريق وكذلك الأنفاق العديدة.. قلما شاهدنا شبابا من الذكور فقط يشغلون تلك الخيام أو مظاهر التخييم تلك، فهي في معظم الأحيان أما للعوائل أو لزوجين بدون أطفال أو معهما، أو للعلاقات الأخرى.... (الله وحده يعلم...!) نقول هذا رغم أن بعض الظن إثم...!!
كان مستقرنا مدينة جالوس وفي فندق (كوروش) حيث الواجهة الخضراء الجميلة.. في الفندق حوض سباحة داخلي مشغول ومزدحم دائما منذ ساعات الصباح والى الساعة الخامسة بعد الظهر بالنساء فقط...!! ومن تلك الساعة الى الحادية عشر ليلا إذ يغلق بوجه المساكين الرجال..
الآنسة مينا كشكولي شابة.. 25 عاما، تعمل في إدارة واستقبال الفندق، طريقة استقبالها للزبائن شجعتني لمحاورتها أو الدردشة (صحفيا) معها باعتبارها عينة لمكون واسع من المجتمع الإيراني..
• ما هو تحصيلك الدراسي..؟ ـ: ليسانس (أي بكلوريوس) إدارة أعمال...
• ديانتك..؟ ـ: مسلمة، سالتها هذا السؤال لعلمي بوجود ديانات أخرى في هذه المديتة.. فاستفسرت منها عن وجود أتباع تلك الديانات.. ـ: نعم هناك من يدينون بالبهائية والمسيحية واليهودية ولكنهم أقليات...
• متى بدأت العمل هنا..؟ ـ: منذ كنت طالبة أي قبل ثلاث سنوات تقريبا..
• كيف حصلت على فر صة عمل كهذه...؟ ـ: كانت والدتي تعمل في نفس الفندق، ووالدي متوفي، وقد كانت العلاقة جيدة مسبقا بإدارة هذا الفندق..
• هل تشعرين أن هناك تأثير لسياسات الحكومة الإيرانية الحالية على حياتكم...؟ ـ نعم نشعر أن هناك ضغطا على الناس الضعفاء من ناحية الأجور وارتفاع الاسعار.. وعدم التصدي لظاهرة البطالة بين الشباب وخاصة من الخريجين... لي في عائلتي مثلا أختان أكبر مني سنا أنهيتا دراستهما الجامعية وتجلسان في البيت بدون عمل.. أحدهما تحضر للماجستير.. بينما لو كان لنا أحد من الأغنياء أو من ذوي النفوذ.. لما واجهنا هذه المشكلة..
• ماهو عدد أفراد عائلتك.. أو من الذي يعمل فيها...؟ ـ أنا أعمل وأخت أخرى وكذلك والدتي.. ذكرت لك اللتين أنهيتا دراستهما الجامعية وهما من دون عمل، وهناك أخ وأخت لا زالا طلابا في المدرسة..
• هل أجورك في هذا العمل جيدة..؟ ـ الى حد ما مقبولة.. لا تنسى أنني مضطرة لأن أزاول عملا آخر أيضا...
• ما هو..؟ ـ اعمل في صالون تجميل للسيدات...!!
• وهل هذا العمل مقبول في مجتمعكم..؟ ـ: لم لا...؟ هناك الكثير من النساء يرتادن هذه الصالونات للتجميل أو لصبغ الشعر وكل ما له علاقة بذلك..
• هل تأخذين اجازة من عملك وماذا تمارسين فيها...؟ عندي اجازة اسبوعية وغالبا ما أخرج مع صديقاتي أو عائلتي لقضائها خارج المنزل..
• هل لك مطالعات خارجية..؟ ـ: أحيانا بالأنكليزية لأحسن لغتي..
• هل شاركت بالانتخابات الأخيرة ولمن منحتي صوتك...؟ ـ: نعم شاركت ومنحت صوتي للشيخ الرفسنجاني...
• لماذا...؟ ـ: لأنه سياسي محنك وقدير ونعرفه جيدا كما أنه يعرف الإيرانيين جيدا أيضا..
• لماذا لم تمنحي صوتك لأحمدي نجاد...؟ ـ: لم اكن أعرفه قبلا...
• ماهو رأيك بسياسات الرئيس السابق خاتمي..؟ ـ: كانت سياساته جيدة جدا، ولو منح الفرصة لكان قاد إيران الى وضع أفضل من هذا بكثير سواء من هذا الوضع الداخلي أو الوضع الخارجي...
كان ذلك اللقاء في اليوم الثاني على وصولنا... وقد عرفنا الجميع في الفندق على اننا (وفدا) عراقيا.. كانت هناك أمراة متوسطة العمر تجلس مع فتاة في مقتبل العمر في الصالة الأمامية الفارهة للفندق، كان قد تكرر مرآها أمامي لأكثر من مرة، فقلت لابأس بالحوار مع هذا (النموذج) الآخر للمرأة الإيرانية، فاستعنت هذه المرة بدليلنا الإيراني صديقي فؤاد.. وهو كما يبدو من مظهره (مرافق رسمي) للوفد.. وبهذا يجب أن يكون (عنصر أمن..) كما هو مفترض.. وهذا ما فاتني.. بعد ألقاء التحية عرفني كضيف وصحفي عراقي في بداية الأمر بالمرأة وبنتها.. التي قدمتها لنا بانها طالبة فنون تشكيلية... ولما كنت أشاهد المرأة أحيانا وهي تدخن الأركيلة.. فقد كان سؤالي مباشرا وربما (فجا):
• هل تشعرين بأن هناك قيود على الحقوق المدنية للمرأة الإيرانية..؟ ـ: أبدا ليس هناك أية ضغوط على حرية المرأة في إيران نحن نتصرف ونختار ملابسنا بحرية مطلقة... وإذا رأيت هذا الحجاب الذي نضعه على رؤوسنا فهو بإرادتنا ورغبتنا، ولا يوجد أحد يفرضه علينا..
• هل شاركت في الانتخابات الأخيرة ولمن منحت صوتك...؟ ـ: نعم شاركت وصوتنا جميعا للرئيس أحمدي نجاد..
• شكرا..
عرفت فيما بعد بانها زوجة مدير الفندق الذي كان يراقبنا عن كثب..
إيران... مدن أخرى
في طريق عودتنا من البحر وبعد مرورنا بمدينة نمك آبرو رود حيث أحدث منظومة (تل أفرك) في منطقة الشرق الأوسط... إذ تبدو سمة (الحداثة) هذه من المباني الخدمية والمتنزهات المحيطة بمحطة انطلاق واستقبال الكابينات الأنيقة التي تقل الركاب الى أحد قمم الجبل الذي يحيط بالمدينة ويشرف عليها ويأخذ أسمها أيضا.. محطة نهاية الرحلة ليس على أعلى قمة في ذلك الجبل، بل على قمة أدنى على ارتفاع 750م.. حيث درجات الحرارة المنخفضة وسقوط رذاذ المطر المستمر والتي تستدعي ارتداء الملابس الشتائية حتما في شهر تموز..!! كما أن هناك مقهى ومطعم وأكشاك صغيرة أخرى لتقديم ما يمكن من خدمات سريعة للزائرين، وتغطي ذلك الجبل من جميع جهاته وسفوحه الواسعة غابات بكر وأشجار عتيقة عملاقة وبكثافة عالية، ربما تمتد أعمارها الى مئات السنين... هذه الغابات هي امتداد للغابات التي رافقتنا في رحلة عودتنا في اليوم السابق الى طهران... حيث علق أحد رفاق الرحلة على هذا المنظر الأخضر دائم الطراوة في عز الصيف، والذي يمتد مع الأفق الى مالا نهاية.. بأنه ربما تكون هذه الأرض هي موطن (الحشاشين...) من الطائفة (الاسماعيلية) والتي عاشت في هذه الأصقاع خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين.. وقد دارت تصوراتهم كما يروى عن (جنات الخلد..) حين رسموها لمريديهم وانصارهم مستمدة من هذه الطبيعة الباهرة... فذهبوا يقاتلون كفدائيين أو (فداوية) كما كانوا يطلق عليهم آنذاك...!!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح