الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية كآلية سلمية لإدارة النزاعات

هيثم فؤاد الأصبحي
كاتب وباحث

(Haitham Fuad Mohammed Al-asabi)

2021 / 6 / 3
دراسات وابحاث قانونية


تعلمنا الأدبيات السياسية أن الديمقراطية ترتبط بعامل الصراع الاجتماعي لأنها تقدم نفسها كآلية مؤسساتية للتسوية ولإدارة الـنـزاعـات. وفـي الحالة العربية وخاصة الحالة اليمنية قـد تمثل الديمقراطية وصفة للتخلص من الاستبداد ومن التسلط الذي أعاق نمو المجتمعات ً اقتصاديا ً وسياسيا، لذلك فنحن لسنا مطالبين بتفسير ظاهرة مفقودة، بقدر ما نحن مطالبون بالبحث عن العتبات التي قد تقودنا إلى أنظمة حكم صالحة ومستقرة. ومنذ الخمسينيات أجمعت أدبيات التنمية السياسية على أهمية العامل الاقتصادي في خلق بيئة جيدة لظهور الديمقراطية، لكن أدبيات الانتقال إلى الديمقراطية تذهب إلى شرط أولـي آخر وهو شرط الدولة أو الحسم في المسألة الوطنية وفي جوهر الجماعة السياسية التي ينتمي إليها الجميع( ).
أصبحت الديمقراطية مطلباً شعبياً، حيث يستخدم الأفراد والجماعات وكافة مؤسسات المجتمع المدني أسلوباً أكثر جراءة في مواجهة النظم التسلطية، مؤمنين بأن الديمقراطية، بغض النظر عن مصدر المسمى، هي الطريق الصحيح في التحديث والإصلاح للخروج من مأزق التخلف بأنواعه، بغية الوصول لتنمية شاملة مستدامة وأخذت التيارات الليبرالية في العالم العربي تنطلق من مفهوم تجديد التضامن الاجتماعي وإن التغيير هو مسؤولية الفرد والجماعات، وإن أي حوار مع الأنظمة الحالية يجب أن ينطلق من الثقة في الطرح، وبالتالي الالتزام بمعنى أن الثقافة السياسية باتت عند الإنسان العربي تقوم على إدراك دور القيمة السياسية لدور القاعدة الشعبية، على أساس أن الفرد في المجتمع هو عامل مؤثر، له وزنه، وحقه، والقدرة على الفعل بالمشاركة في تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وليس الحاكم الفرد، أو الأقلية الحاكمة لا بُدّ لنا من التذكير بأركان الديمقراطية وتعريف المجتمع الديمقراطي، حتى نتمكن من الحكم على ذلك بكل موضوعية ودقة( ).
ومن هنا يرى الباحث ان يعرج على اهم المبادئ التي يعتقد انها الاساس لقيام ديمقراطية حقيقة في المجتمع وهو "أول مبدأ في الديمقراطية هو ان المواطن كامل المواطنة ، له دور إيجابي في شؤون وطنه ، بما في ذلك إدارة دفة الحكم على الوجه الذي يقرره الدستور الموضوع من قبل الشعب ، الديمقراطية تقيم توازنا عادلا بين الفرد والمجتمع بحيث ينتفي امكانية طغيان مصلحة الفرد أو مجموعة افراد على مصلحة المجتمع بقدر ما ينتفي تحول الفرد تحول الفرد الى مجرد ترس في آلة تسمي المجتمع " ، يمكن تعريف الديمقراطية كما جاء في دائرة المعارف البريطانية أن الديمقراطية تستخدم بعدة معان منها أنها شكل من اشكال الحكم يمارس فيه مجموع الموطنين مباشرة حق أتخاذ القرار السياسي وتطبيقها لحكم الأغلبية وهو هو ما يطلق علية باسم الديمقراطية القانونية كذلك فإن كلمة الديمقراطية قد تستخدم احيانا لوصف أي نظام سياسي أو اجتماعي دونما اعتبار لما إذا كان ديمقراطي بالمعاني الثلاثة السابقة ام لا ..... وهي نظام يعرف بالديمقراطيات الاجتماعية والاقتصادية والشعبية والديمقراطية ( )، من حيث المفهوم، هي حكم الأغلبية مع الحفاظ دوماً على حقوق المجموع؛ لأن الأنظمة الديمقراطية هي التي يتخذ فيها المواطنون قراراتهم السياسية بحرية على أساس القاعدة الأغلبية بضمانات لحقوق الإنسان الفردية، وبكل بساطة فإنَّ تعريف الديمقراطية هو حكم يقيمه الشعب وتكون منه السلطة العليا مناطة بالشعب، يمارس الشعب سلطته بصورة مباشرة، أو بواسطة وكلاء عنه ينتخبهم في نظام انتخابي حر ( )، كما نلاحظ أيضأ انه خلال نصف القرن الماضي روج جوزيف شموبيتر لمفهوم الديمقراطية الدستورية والتي تعنى المنافسة المستمرة بين مختلف الزعماء السياسيين منظمي المشروعات، وبمكانية الاطاحة بالحكام السيئين ، او كما طرحة كارول بوبر المنافسة الحرة على السلطة وتكفل هذه المنافسة إمكانية التغير المستمر للحكم دون أي صراع او تذمر شعبي من الجمهور وتتمثل أركان الديمقراطية والملاحظ أن التعاريف السالفة الذكر تجعل من الديمقراطية تقوم اساسا على مشاركة الشعب عن طريق ممارسته لحق الانتخاب وكذا التمثيل الشعبي ، وإضافة إلى أن هناك ما يسمي بالديمقراطيات الاجتماعية وكذا الاقتصادية إضافة إلى الديمقراطية السياسية كشكل من أشكال الحكم وممارسة السلطة لسلطة وهذا ما يهمنا في هذا البحث ، يتمخض عن سيادة الشعب من:
أ‌- حكم قائم على رضى المحكومين.
ب‌- ضمان حقوق الإنسان الأساسية، والمتمثلة بحرية التعبير (الرأي)، وحرية الصحافة، إضافة إلى
ت‌- حرية الديانة، وحرية الانتماء إلى جمعيات ومنظمات، وحق الحماية المتساوية من قبل القانون، والحق في تطبيق الإجراءات القانونية المعتمدة، والمحاكمة العادلة( ).
قبل الحديث عن مفهوم الديمقراطية لقيام مشروعٍ ليبراليٍّ ديمقراطي، لابد أن يكون هناك مشروعٌ ليبرالي تحمله قوى منظمةٌ فكريةٌ وسياسيةٌ واقتصادية. عندما يكون مثل هذا المشروع قائماً، ويقدم برنامجاً عملياً للتواصل مع الناس والقوى الشعبية المتنوعة، لا أعتقد أنه سيُجابَه بعداءٍ من الثقافة الشعبية، لأن الأمر يتعلق بحق الفرد والمواطن في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتوسيعها، وحمايته من تعسف السلطة والدفاع عن حقوقه، إنما سيواجه عداءً من النخب العسكرية والأجهزة الأمنية والمشيخية، والتي ستعمل على إجهاض المشروع الديمقراطي على كافة المستويات، وسيكون النضال الحقيقي للديمقراطيين في تعميق الثقافة الديمقراطية في الأوساط الشعبية، والاستناد إليها في الدفاع عن الفكر الديمقراطي والمشروع السياسي، وقد يشكل الدين عائقاً قوياً في محاولة تعميق الثقافة الشعبية الديمقراطية، ولكن على الديمقراطيين أن يفرقوا بين الدين المجرّد والمقدّس والخارج عن سياقه التاريخي، وبين التديّن كممارسةٍ أخلاقيةٍ ونشاطٍ اجتماعي للفرد، مثل الصوم وعيد الفطر وما شابه. لكن الخطورة تكمن في استغلال التدين سياسياً من قبل الإسلام السياسي، عندما تقوم تيارات الإسلام السياسي بحمل لواء الأصولية والعودة بالوعي إلى السلف، ولحظةٍ في الماضي ترسم مستقبل شعبٍ وإدارة بلدٍ ودولة( ).
اذا فان لديمقراطية :عبارة عن مجموعة من الممارسات أو أساليب العمل، لإدارة النزاعات المجتمعية ضمن مؤسسات شرعية، تضمن التداول السلمي ، وتكفل الحل العقلاني للمشكلات الطارئة وإن كان هدف الحرية واضحا وهدف العدالة اقل وضوحا، فإن هناك هدف ثالث قد يكون أهم الأهداف الديمقراطية ولا يلفت الانتباه .إليه بما فيه الكفاية وهو بناء السلام، فالمتأمل في آليات الديمقراطية يكتشف أنها نقلت بكثير من الذكاء، العنف البشري في السياسة من ميدان الفعل إلى ميدان الرمز، ومن ثم هي كالرياضة، أو الشطرنج معالجة سلمية لغرائز النزاع، وإرادة القوة المتأصلة في الإنسان فالمجتمع ليس مجرد كم من الأفراد، بل هو طبقات يترتب علي وجودها علاقات ومنافسات ونزاعات، وإذا لم ينجح المجتمع في تنظيم هذه النزاعات بوسائل سلمية فأنه يتعرض لمخاطر العنف الذي قد يصل .إلي حد الحرب الأهلية( ) ، من هنا فإن الديمقراطية كإطار تنظيم الصراع الطبقي سلميا هي مسألة نسبية وعملية تاريخية متدرجة ، تبدأ عند ما يتمكن المجتمع الوعي من السيطرة على مصادر العنف وإدارة أوجه الاختلاف سلميا تعبيرا عن إجماع القوى الفاعلة على ضمان الحد لأدني من المشاركة السياسية الفعالة لجميع المواطنين دون استثناء، إذاً فالديمقراطية منافسة بكل معنى الكلمة، وهي مستمرة بين المتنازعين ذوي مصالح متباينة ومتعارضة، وتشكل فيها حرية الرأي السلاح الأساس، مما يأتي يوم الانتخابات وصناديق الاقتراع، لتصفية الحسابات المتراكمة وقتل السلطان الفاشل، دون إراقة دمه واستبداله بحاكم آخر تتجدد معه العملية وذلك لأنه أي الديمقراطية نظام سياسي يعطي للمحكومين القدرة المنتظمة والدستورية لتغيير حكامهم سلميا . إذا قرروا ذلك بأغلبية كافية اعتمادا على الأحزاب والجمعيات غير العنيفة والمؤسسة بحرية، للقيام بدورهم كمواطنين والتمتع بجميع حقوقهم المدنية والضمانات الشرعية لزاولتها . إلا أن هذه الضمان للمحكومين يخلق ضغطا على الحكام فيجعلهم مقيدين برضا المحكومين الذين قد يكون غير مطلعين على السياسات العامة، أو لا يفهمون الوضع المتداول ويقع هذا الأمر أي توعية الموطنين المحكومين على الأحزاب والجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني. ومن ناحية الأغلبية والأقلية، فالديمقراطية هو النظام الذي تعترف فيه الأقلية بحكم الأكثرية لاستحقاقاتها الانتخابية ، وبل ورها تضمن الأكثرية حقوق الأقلية، لأنها تقبل بأن أكثرية اليوم يمكن أن تصبح أقلية الغد، وتخضع لقانون يمثل مصالح مغايرة لمصالحها من غير أن يحول بينها وبين حقها في ممارسة حقوقها ، وبالتالي تكون آلية تداول السلطة فيما بينهما سلمية، دون إثارة النزاعات ا لمدمرة، بل تكون النزاعات فيما بينهما، نزاعات بناءة تكون مصادر قوة لأنها تكشف الثغرات الأخطاء ومن ثم تصحيحها وفي العمل الديمقراطي في المجتمعات التي تؤمن بديمقراطية يكون النزاع الكائن نزاع ايجابي قائم على التدافع الايجابي لبناء الحضارة والإنسان . وقد أضيفت الديمقراطية وقاية الرأي العام وممثلي الشعب أي البرلمان، لإعمال الحكام فهذه الرقابة هي من حملة النقاط التي تميز الأنظمة الديمقراطية عن الدكتاتورية وعن حريتها تتحقق رقابة الشعب لإعمال السلطة العليا ومدى احترامها للحريات وتحقيق المساواة .عندما نؤسس لأي تطور ديمقراطي مستدام لا يمكننا بالهدنة والوضع الرهن ، كما يقول الباحث بأمور يوهان غا لتونغ ،الذي وضع مفهوم السلام السلبي والسلام الايجابي مع العالم ان السلام السلبي يعني يقاف الحرب أو انهاءها لكن مع الابقاء على اللامساواة البنيوية الاساسية التي كانت السبب وراء الحرب ، أما السلام الايجابي فلا يتحقق إلا بتغير البنى الأساسية التي تقوم عليها اللامساواة عموما و اللامساواة بين الجنسين خصوصا وعلى ذلك فإن الديمقراطية الفعالة يتم بناؤها على أساس مزدوج على النحو التالي :
مجموعة من الإجراءات العادلة للمعالجة السليمة للأمور التي تقسم المجتمع الهيكل السياسي والاجتماعي لنظام الحكم، ومجموعة من العلاقات الفعالة بين الجماعات الضالعة في الصراع. ولن يقوم المجتمع بتطوير تلك العلاقات الفعالة إذا لم تكن الهياكل عادلة وفي المقابل لن تعمل الهياكل بصورة سليمة، مهما كانت عادلة وصائبة إذا لم يكن هناك حد أدنى من التعاون في العلاقات الداخلية فيما بين الأطراف الضالعة لقد تعرضت العلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة الهشة إلى تشوهات خطيرة نتجت عن استئثار فئات ضيقة بالسلطة احتكرت لنفسها المكاسب والمغانم على حساب الأكثرية، مستخدمة كل أنواع التحايل والنزيف ولكبت نقمة الفئات لمهمشة والمتضررة وضمان استمرار احتكارها ومغانمها. فسنت الكثير من القوانين المفصلة على قياس مصالحها لتخدم أهدافها من جهة وتجعلها سيفاً مسلطاً على رقاب كل من يعترض على سياستها الاحتكارية وممارستها المشينة من جهة أخرى.
وأصبح كل مواطن مداناً بجرم أو أكثر كلما حلا للسلطة ذلك، فتنازل المواطن عن حقوقه المشروعة برضى ظاهر يكمن خلفه نقمة واستياء شديدين، وإن هذا الجو من انعدام الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة يجعل الأكثرية تعيش حالة من الإحباط فتتلاشى قواها ويتدهور أداؤها، فيختل توازن المجتمع وتنكفئ قيمه النبيلة وتنتشر الأنانية وتختل الموازين. لأن شعباً خائفاً يعيش فوضى اجتماعية واقتصادية لا يمكن أن يعمل أو يبدع بشكل طبيعي لينتج حضارة ودولة عصرية، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بإقامة السلم الاجتماعي بين مؤسسات الدولة وأجهزتها من ناحية وبين مواطنيها من ناحية أخرى، وذلك من خلال علاقة شفافة عادلة تحترم فيها وتصان كل حقوق المواطنة، وتبنى على قاعدة من تكافؤ الفرص والمنافسة النزيهة التي يضبطها القانون.
يتشكل المجتمع من مجموعة فئات يمكن تصنيفها حسب المهنة التي تمارسها أو الفئة العمرية أو غيرها من العوامل المشتركة، وكل هذه الفئات أطراف أساسية في المجتمع تشكل بمجموعها شركاء في تبادل المصالح الاقتصادية والاجتماعية، ويهدف السلم الاجتماعي إلى تحويل مفهوم هذه العلاقات من علاقات صراع متشنجة بين المصالح إلى علاقات متوازنة يسودها الاحترام المتبادل انطلاقا من أن كرامة كل فرد مقدسة لا ينتقص منها.
ولا بد من التأكيد هنا على ضرورة التخلص من الهيمنة الأبوية في العمل السياسي وفسح المجال للأجيال الشابة لتأخذ دورها كاملاً في صنع حاضرها ومستقبلها وتوظيف إمكاناتها العلمية والعملية للمساهمة في إدارة الدولة وتحديثها والاشتراك الفاعل في النشاط الاقتصادي والاجتماعي للتخلص مما تراكم من سلبيات خلال العقود الماضية والذي كان من أسبابه تهميش دور الشباب والمرأة في عملية البناء بطريقة ديمقراطية حقيقة تشرك الجميع دون استثناء ( ).
ومن هذا المعنى أكد الإعلان العالمي للديمقراطية الذي أقره مجلس الاتحاد البرلماني الدولي في القاهرة في 16سبتمبر 1997ان الديمقراطية تقوم على سيادة القانون ومباشرة حقوق الإنسان ، وأنه في الدولة الديمقراطية لا يعلو أحد على القانون ، وان الجميع متساوون أمام القانون (المادة7)( ).
وواقع الأمر أن العلاقة بين الديمقراطية وسيادة القانون ، تتجلى في العنصر الموضوعي للقانون في الدولة القانونية، وهو حماية الحقوق والحريات /لان الدولة الضامنة لوجود دولة ديمقراطية هي الدولة المدنية الحديثة وهي الدولة التي تخضع للقانون في جميع مظاهر نشاطها سواء من حيث الإدارة او التشريع والقضاء ،وتعمل بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية / وقد أكد إعلان دلهي الصادر عن المؤتمر الدولي الرجال القانون والمنعقد في نيودلهي سنة 1959العنصر الموضوعي لسيادة القانون ، قائلا بأن الدولة القانونية هي دولة تؤكد المساواة بين المواطنين في التزامهم بقانون ينظم العلاقات الاجتماعية ويحمي القيم والمبادئ الأساسية ويعهد الي محكمة عليا أو محكمة دستورية متخصصة بالرقابة على تحقيق هذا الهدف بحسب ما تأخذ الدولة من النظم القضاء الموحد والنظام المزدوج ونحن في اليمن ما زلنا نأخذ بنظام الشمولي من حيث النظام المزدوج مع وجود جهود فقيه وقضائية من اجل تأسيس القضاء المزدوج ، ويتفق مبدأ السيادة القانون في عنصره الموضوعي المتعلق بمضمون القانون مع ما يتطلبه مبدأ حكم القانون في المفهوم البريطاني ، ومبدأ اتباع الوسائل السلمية في المفهوم الأمريكي وفقا لتعديل الرابع عشر لدستور الأمريكي 1868( ).
والمتأمل من الدارسين والباحثين إلى كل من ميثاق الأمم المتحدة والإعلانات ، والاتفاقيات، والبرتوكولات، الصادرة بين مكونات المجتمع الدولي لا تخلو هذه الوثائق والصكوك من التأكيد على مبدأ المشاركة والتأكيد على البحث عن أرضية مشتركة تتسع للجميع تحت مسمى السلم والأمن الدولي ومن هذا المنطلق يري البحث أن الديمقراطية أداة سلمية حقيقة في فض النزاعات على المستوى المحلي بل على المستوى الدولي لان الوعي السياسي الديمقراطي التي تمخض عن التجارب التي مرة بها الشعوب الغربية في اروبا خصوصا قد جعل من الديمقراطية وعي مجتمعي بشكل شمولي في كافة مناحي الحياة ، لان الثقافة السياسة هي الحامي الوحيد للمؤسسات الديمقراطية من اجل استقرار السلم الأهلي ،لان المؤسسات هي جسد الدولة والإنسان روح تلك الدولة وتقصد بالإنسان ذألك الذي يؤمن بوجود المشاركة والتعايش مع الآخرين ،وهي تتقرر بالدرجة الأولى على المستوى الثقافة السياسية وقد ظهرت ابحث الثقافة السياسية منذ الستينات بأن المؤسسة الشكلية الديمقراطية ، والتي لأيتم احتضانها بعمق ضمن ثقافة سياسية متهاودة معها ، لن تكون في وضع تتمكن فيه من الأداء الفعال أو من الاستمرار على البقاء فالديمقراطية بهذا المعني ليست محايدة ثقافياً . وان فكرة مساواة الثقافة الغربية والثقافة الشرقية قياس مع الفارق من وجهة نظر البحث لان العالم الغربي يوجد تكامل من حيث ممارسة سلوك الديمقراطية من حيث السلوك الفكري والعقائدي والنظري وهذا ظاهر في مؤسساتهم والنهضة الحقيقة في كافة المجلات بعكس المجتمع الشرقي الذي يعيش بين الخرافة وتكريس المخزن التقليدي والحفاظ علية بكل الوسائل ، ونقصد بالمخزن التقليدي الموروث التاريخي لإدارة المؤسسات الحديثة بعقل يقدس النص ويلغي العقل بشكل نهائي وهذا ظاهر في وجود جماعات يمينية لا تؤمن بنظرية الديمقراطية لأنها غربية ولكن التناقض الغريب في هذه الجماعات تؤمن بمخرجات الديمقراطية تحت مسمي" ولي الأمر" وهذا يعمل شرخ في النظرية والتطبيق من حيث المبدأ وهناك من يؤمن بتغير الراديكالي وينفي الانخراط في العملية الديمقراطية وينفي كل ما يأتي من الغرب لأنه عمل غربي وهذه الجماعات والأفكار تهدد امن البشرية لأنها تهدد كل من يتعامل مع هذه الأفكار تحت حكم الولاء والبرء وهم الجماعات الجهادية ( ) . هناك من يؤمن بعمل الديمقراطية بأسلوب ونظام الخلافة الإسلامية هو ما أطلق علية اليوم "الإسلام السياسي " هناك من يؤسس لوجود نظرية الإمامة من المسلمين الشيعة وكل هذا التركيبات والنظريات التي تحاصر الفكر الديمقراطي من اجل المرور لكي تؤسس دولة عربية تقوم على الديمقراطية وتحمي الحقوق في ظل مؤسسات دستورية تحمي السلم الاجتماعي وتأسس لسلام دائم تكون التركيبة المعقدة للمشهد العربي الذي يريد أن يلحق بركب الحضارة لابد له من أن يعمل على الاستفادة من الدول الإسلامية التي حققت نهضة في شرق أسيا وفي أوروبا ( )، يلاحظ " لاري دايموند" أن المجتمع شهد تحولا جذريا خلال العقود الثلاثة الماضية ،بحيث كانت تعيش حولي ثلاثة أربع دول العالم في ظل الحكم الشمولي عام 1974 لصير بعد ذلك أزيد من نصف هذه لدول ديمقراطية، وان فكرة (دايموند ) تقوم على حقيقة أن الديمقراطية قابلة للحياة في كل مجتمعات العالم دون تميز ، ولا تقتصر على الدول الغربية على رغم من كل المعوقات التي تعترض سبيلها ، فبنسبة الوعي التي يتمتع بها مجتمع ما والمستوى المعيشي الذي وصل إلية كفيلاً بتحديد إمكانية احتضانه ، للديمقراطية وتغدو الدلالة التاريخية واردة جداً في هذا الصدد ، بأن التقاليد الغربية كما تشكلت في أوروبا منذ القرن التاسع لم تسفر بحد ذاتها عن قيام ديمقراطية ، بل هي القطيعة الحادة مع كل تلك التقاليد عند العبور إلى ثقافة الحداثة ، فقد كانت عملية التنوير والثورة الحبلى بالديمقراطية إبان القرن الثامن عشر في فرنسا وفي الولايات المتحدة الأمريكية هي التي خلقت القواعد الثقافية للديمقراطية( ). كما أن الديمقراطية وحقوق الإنسان كما كتب الدكتور "محمد عابد الجابري" هذا العنوان ليكون فاتحة لموضوعه حول الديمقراطية باعتبارها مطلباً عربياً وإسلامياً لا بدّ من النضال من أجل تحقيقه، فيقول: «... فالأُم التي ترغب في مولود يخرج من رحمها، محكوم عليها أن تتحمّل غثيان الوحم و وخزات الجنين وتقلّباته، وأيضاً كل ما يلزم من الحمية والحيطة، وما يتلو ذلك من عسر الوضع، وأحياناً، ولربما هذه حالنا، ما يتطلبه ذلك من عملية قيصرية... وإذن، فالديمقراطية في مجتمعاتنا العربية ليست قضية سهلة ـ ليست انتقالاً من مرحلة إلى مرحلة، بل هي ميلاد جديد ـ وبالتأكيد عسيرة...». ولا يتردد الجابري أن يضع فصلاً أو عنواناً صارخاً يقول فيه: إن الديمقراطية هي الشرك في الحاكمية البشرية أولاً، وإذا سأل سائل لماذا الديمقراطية؟ فهو كمن يقول: لماذا الحرية؟ ولماذا الخبز؟ ولماذا الهواء؟ ولماذا الماء؟ ... الخ ويعلّل ذلك قائلاً: «لا جدال إن الهدف المباشر من الديمقراطية هو إيجاد أحسن صيغة ممكنة لحلّ مشكلة الحكم، وذلك بجعل الحاكمين خاضعين لإرادة المحكومين، أو مضطرين للخضوع لهم خضوعاً منظماً مقنّناً تسهر عليه وتجعله فعلياً أجهزة ومؤسسات تُنتخب انتخاباً حرّاً من طرف جميع أفراد الشعب البالغين سن الرشد...» ويضيف: «إن ديمقراطية في جوهرها ليست شيئاً آخر غير الشرك في الحكم، لأن الإيمان بوحدانية الإله هو مجرد الأساس في عقيدتنا الدينية، وهذا ما يجب أن نحافظ عليه ولكن مع الإيمان بأن كلّ شيء بعد الله متعدّد ويجب أن يقوم على علّة التعدّد، في مقدمة ذلك الحاكمية البشرية التي يجب أن نسلب عنها سلباً قاطعاً باتّاً صفة الوحدانية». انبثقا من الطموحات العصرية للاستقلال ( ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا