الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حَزِيرَان

سلام ابراهيم محمد

2021 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


» و ها نحن فُتات / في مقاهي الشرق / نصطاد الذباب « البياتي، بكائية إلى شمس حزيران
عند صباح (ابو الجرائد) مع صديقي وليد الذي كان يميل الى الثقيل على المعدة عبد الناصر كنا نقرأ مجانا العناوين الرئيسية على المنار و أخريات ومنها : »سنرميهم في البحر«! أو نستطلع صورا لذيذة تغطي صفحات داخلية كاملة بعيون تتسع لتحوي انوثة صدر بريجيت باردو على الانوار البيروتية؛ او صورة يَقسم بصدقها شهود عيان للعذراء (هالة او كرة من نور) تسري في سماء بيروت ! كصعقة مَستّنا مرة و برقا تقريرا مصورا لجسد رجل ثقبته رصاصات، مسجى على دكة يدعى تشي (جيفارا)..

في ذلك اليوم الحزيراني من العطلة الصيفية كنت اعمل في معمل تصحيف كتب و مجلات قرب مطبعة دار التضامن إتسع Office-هُ لمنضدة صغيرة و قلطغ* ضخم واحد يحتضن مذياعا (يوازيه بل يضاعفه غلاظة و ثقلا) بدأ بإذاعة بيانات حربية تُختم بأناشيد حماسية _ لم يبزغ بعد عصر البزخ الذهبي_ ثم ارتبطت إذاعة بغداد مباشرة بإذاعة صوت العرب..كلما أذيع بيان عسكري جديد تتصاعد الهُسهسات، فيفرمل الجميع تحركاتهم و تمتص مساماتنا فورا كل ضجيج و نهرع مُحَزمين الراديو! نعصره لنستخرج ما يضمره و يخفيه عنا من إنتصارات دقائقية متتالية تموسق تكرارها آذاننا..حَلّ المساء و جَمْعُنا في زهو و تباه و يصعر خده للناس ! كيف لا و قد أسقط "احمد سعيد" بمعية الدفاعات الجوية المصرية كل طائرات العدو بل و أكثر، حتى تلك التي لم يحصلوا عليها و لم تُصنع بعد !

الوجوم كان سمة اليوم التالي، مَردّه غسل الوجه بماء أخبار إذاعة "لندن" المثلج..لذا لم يقرأ احد أخبار"النصر المبين" البائتة في الصحف مثل »الجيش العربي يزحف إلى تل أبيب..«! قال أحد العمال بأن الجسر الجوي الاميركي هو السبب..و كان لآخرين عتب على"ميراج" الفرنسيين، آحادا أشادوا و ثَمّنوا تهديدات السوفييت للعدو..و بعضهم أدرك ِلمَ يستوطن الفشل في هذه البلاد : فالسلاح سلاح إنما الحسم في يد و حكمة حامله. لقد إستنظر "القادة" عبثا_ حصادا وفيرا زاهرا من بذور لم تُروى قط !..
مرت أيام قلائل لتمسح جماهير البؤس المزمن ما لصق على وجوهها (من نفس الراديو الجسيم) رذاذا متطايرا بهدوء من بصاق قائد الانكسار الكبير عندما "أبهرهم" بخطاب اللاتنحي، إثره خرجت جماهيره المغشوشة (بطانة و وجه) إلى الشوارع تأييدا له و مضى هو يزاول عظمته بسَكينة_ ملاعين، من تذكرتم توا ً!

في تلك الاثناء لَطّف الطبّالون (قاهري الزمان، التاريخ و الجغرافيا) الاندحار المشين بمفردات : زَلّة، هَنّة (أية قساوة و حدِة !) أزمة و نكسة و »خسرناها معركة و سنربحها حرباً«..فيما بعد أنجبت الأمة المغلوبة على أمرها بالتوارث أضحوكات سوداء مُنتنة بدموع مُرائية فاقوه دُعابة ليصبحوا بجدارة مُخزية، آباء كل الهزائم المكتسية زورا ثياب نصر أجوف.
أربع و خمسون سنة مضت..القادة الراديويون أفقدوا القوم خلالها حتى السيوف الخشبية..
» طحنتنا في مقاهي الشرق
حرب الكلمات
والسيوف الخشبية…….
و ها نحن فُتات/ في مقاهي الشرق/نصطاد الذباب« البياتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْطُغ= أثاثة، مَقعد مفرد من طقم جلوس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام