الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: رفض الهوية الوطنية

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 6 / 4
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ثمة ثلاث تيارات رئيسية تناهبت الساحة السورية مذ إنشاء الكيان السوري الهش والمهلهل والذي كان توليفة ديمغرافية "مسلوقة" سلقاً، تشكلت من خلائط ديمغرافية عرقية وقبلية وطائفية ودينية وإثنية غير متجانسة، بالمرة، لا بل متنافرة في الكثير من ركائزها الإيديولوجية حاولت لاحقاً ترميم ذلك بوصفات إيديولوجية أخرى كانت أكثر فتكاً وضرراً من الأولى ما أدى لانهيار وتفكك وتمزق واضمحلال هذا الكيان والذي لم يعد له، عملياً، في عالم اليوم أي وجود، إذ يمكن مراءاة ومناظرة ثلاثة أو أربعة كيانات، ورما كانتونات، باقية حتى اليوم، ولا أحد يعلم مدى قدرتها مستقبلاً على مقاومة عمليات التفكك والانحلال، بسبب حضور نفس عوامل وأسباب التمزيق والاستفساخ داخل نفس هذه الكيانات.
وتمكن ملاحظة ثلاثة تيارات إيديولوجية رئيسية حاولت اختطاف الهوية الناشئة ونسبته لها، وهي التيار القومي الرجعي العروبي الظلامي، وعلى تنويعاته الوحدوية المضحكة، والذي اختزل لاحقاً بما يسمى بـ"حزب البعث العربي الاشتراكي"،(ورجاء ممنوع الضحك)، المطبوخ والمنتج في فرنسا وهو الذي يريد بأدبياته وأهدافه المعلنة إعادة "بعث" أمجاد وعدوان وعمليات احتلال وتدمير واسعة النطاق قامت بها قبائل من الغزاة والمحتلين الصحراويين الذين دمـّروا حضارات المنطقة القديمة، ووضع هذا الكيان الطوباوي الذي أسموه بـ"الوطن العربي" على الخريطة من جديد مع ادعاء فرادة وتفوق وتميـّز من يسميهم الحزب بـ"العرب" وفضلهم على البشرية يوم احتلوا البلدان ووصلت غزواتهم لجنوب فرنسا غرباً وللصين شرقاً، هذا الحزب يرفض الهوية الوطنية السورية ولا يعتبرها موجودة ويستقدم عليها الهوية والانتماء العربي ويطلق على سوريا التاريخية اسم "القطر العربي السوري"، أي جزء" قوس أو قطر" من دائرة العروبة الأشمل والأكبر، أو بأحسن الأحوال يسميها بـ"الجمهورية العربية السورية"، أي هويتها العروبية مفضلة ومستقدمة على الهوية السورية. بالتوتازي وعلى نفس النيق الإيديولوجي، هناك التيار الإسلامي الديني المتمثل بشكل رئيس بحزب الإخوان المسلمين المطبوخ والمنتج بريطانياً أيضاً، والذي يريد هو الآخر إنشاء دولة "الخلافة الإسلامية"، أي النسخة التنظيمية العسكرية والإيديولوجية الرسمية والأصلية للكيان الإسلامي العربي "المزور" المعروف بـ"الوطن العربي"، إي دولة إيديولوجية تتبنى فقه الذمة والتمييز العنصري وادعاء التفوق الجيني والعقلي والحضاري لمن يسمونهم بالمسلمين، وهو أيضاً، كصنوه البعثي، يرفض وجود الكيان السوري والهوية السورية، ويعتبر سوريا جزءاً، و"ولاية" أو "إمارة" ,"بلاد الشام" (وفق التوصيف المحمدي)، ملحقة بدولة الخلافة الإسلامية المركزية، أي لا اعتراتف أيضاً بالهوية والانتماء والوطن السوري المجرد والمترفع والمنزّه عن الإيديولوجيات وصراعاتها، وأما الفريق الثالث، وهو الأخطر، ربما، من الفريقين، وهو التيار الشيوعي "العربي"، الخليط العجيب من فقه قريش وماركس، والذي يسعى للأممية الاشتراكية والبروليتارية العالمية ويتحالف وينتمى تحت رايات عالمية عابرة للحدود الوطنية، ولا أثر ولا وجود للهوية الوطنية فيها، بينما تتقدم الإيديولوجيا الماركسية على سوها من أفكار، حتى على الأديان والعروبة.
هذه الأصناف الإيديولوجية، التي امتلكت ناصية القرار في سوريا في ما بعد مرحلة التكوين، تهمل، مجتمعة، ويا لمساوئ الصدف، البعد والانتماء الوطني السوري ولا تلحظه كعامل هام في النشأة والتكوين السياسي الوطني وتجتمع كلها على هدف واحد وهو رفض الهوية الوطنية السورية الناشئة والمستحدثة بموجت اتفاق طيبي الذكر سايكس وبيكو، وجلّها موزعة الانتماءات بين قومي وإسلامي وأممي، وفشلت في تكوين عصبوية وطنية جامعة للشتات الإثني والديمغرافي والديني والطائفي والقبلي، وتحد من خطورة وتغول هذه النزعات التي تفشت في الجسد السوري، وفرقته لولاءات وانتمات متعددة، ولا نستغرب بعدئذ حال التمزق وتفسخ واضمحلال الكيان السوري مرة واحدة وإلى الأبد، بعد عقود طويلة كأداء، من نهج دؤوب ومدروس لإلغاء وإفناء هذا الكيان على يد هذه التيارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا