الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما توازى الكلمة الطلقة

سامي محمود أبو عون

2021 / 6 / 7
الصحافة والاعلام


المثقف والمبدع في زمن الحرب
جبر شعث ينسج من غبار الموت حروف الحياة والأمل ، وينتقل من الأمس حيث الشمس المبهرة الى التو المجهول ليسجل وقت الأكيد بربط الأشياء الغير مؤكدة وينهل من حسرة الفقد ارتواء الغد المبشر ويدور ويحوم بأجنحة العارف عند حواف الحياة ويلتقط صراخ الغربال النازل من السماء على وسائد الحلم في لحظة تجلي وتقسم الفرحة وتُكَسر معنى الحياة
جبر شعث المبدع حاول أن يرمم هذا الكسر ، ليرسم المعنى في لوح البقاء والمناجاة والخروج عن دائرة القلق المعلق بين السماء والأرض إلا أن الأمل كان رفيق شعث حتى حطت الحرب أوزارها .
سامي أبو عون - غزة
في الحرب الأخيرة على غزة ، هل كانت الكلمة حاضرة وهل كان للمثقفين دور نضالي فيها
لم تكن الحرب الأخيرة على غزة وحدها ، بل كانت على الكل الفلسطيني واستهدفت الإنسان الفلسطيني بما يشكل من فعل مقاوم بكل أشكال المقاومة ومنها النضال بالكلمة ولطالما كانت الكلمة هي الطلقة الموازية لطلقة النضال والمقاومة . ونحن في ذلك لسنا استثناءً ؛ إذ إن الكلمة والفعل الثقافي الرافد كانا حاضرين لدى كل الشعوب التي ناضلت من أجل حريتها وانتزاع حقوقها وكان مثقفوها يشكلون جبهة أخرى للقتال عبر الكلمة وعلى سبيل المثال نذكر هنا الحركة الثقافية التي رافقت الثورة الجزائرية والتي حاربت المستعمر الفرنسي بلغته وكذلك حدث مع الفيتناميين في ثورتهم ضد أميركا ومع الفرنسيين أنفسهم ابان الاحتلال النازي لباريس ولكن يبقى النضال بالكلمة والفكر وبالثقافة عموماً بمفهومها التوعوي العميق هو ما ميز النضال الفلسطيني الذي اتخذ منذ البدء شعاره الدال : "بالدم نكتب لفلسطين " وظل هذا الشعار واقعاً مؤثراً عبر كل محطات وجولات النضال الوطني الفلسطيني ومنها جولة الحرب الأخيرة على فلسطين عامة وعلى غزة خاصة .

كيف قضيت وقتك في الحرب كمبدع ومثقف
المبدع في زمن الحرب يتخلى مؤقتاً عن صفته ، ويلتحم مع الجماهير المعتدى عليها والتي هو واحد منها ومعرض مثلها للقصف والموت في أية لحظة . في زمن الحرب يكف المبدع عن اصطناع المجاز فالوقت وقت حقيقة واللحظة لحظة إنسانية بامتياز تثير تساؤلات حول قيمة حياة الإنسان وتغول العدو الذي يتصرف بكل وحشية وهمجية وبربرية وكأنه خارج مدار الإنسانية كلها وهو في ذلك يمتلك تفويضاً مفتوحاً للإمعان في القتل والتدمير من العالم الذي يدعي الذود عن حقوق الإنسان ويتمسح بالتحضر المنزوع من الأخلاق ، في وقت الحرب أنا إنسان عادي مثل كل الناس أخاف وأبكي وأنتظر لحظة الحقيقة ، لحظة الموت المحيط بنا من الجهات الأربع ... في هذا الوقت أنسى الشعر والنثر والنقد وحتى مجرد القراءة وأهجس فقط بسؤال : هل سأكون حياً بعد دقيقة ساعة يوم ؟ والكتابة في وقت الحرب والعدوان ؛ الكتابة من قلب الحدث فضلاً عن أنها قد تكون غير ذات قيمة فنية فإنها أيضاً تعدّ ترفاً ليس في موضعه .

كيف رأيت تفاعل الكُتّاب والمثقفين العرب خلال الحرب والتي استهدفت دور النشر والمراكز الثقافية في غزة
فلسطين قضية العرب الأولى وهي كذلك قضية كل شرفاء وأحرار العالم ومن منطلق هذا الايمان كان تفاعل الكُتّاب العرب حاضراً وبقوة من خلال الموقف والكلمة ونذكر هنا مواقف بعض الكُتّاب العرب المشرفة والتي عبر عنها أصحابها كواجب عروبي وإنساني وأخلاقي : الكاتبة والناشرة آسيا علي موسى والشاعر محمد الأمين سعيدي والشاعر حرز الله بوزيد والروائي واسيني الأعرج والدكتور أحمد شنه أمين أكاديمية المجتمع المدني الجزائري والشاعر محمد بن جلول والدكتورة الشاعرة حليمة قطاي والشاعر سليمان جوادي والشاعر خالد بن صالح والروائي بشير مفتي والشاعر ميلود خيزار وغيرهم الكثير من الجزائر .
ومن المغرب الكاتب هشام مشبال والشاعر منير الادريسي والشاعر المترجم رشيد وحتي وغيرهم . ومن سلطنة عمان الشاعر والسينمائي عبد الله حبيب والكاتب سليمان معمري ولبيد العامري وزاهر الغافري وغيرهم . ومن مصر الدور الأبرز كان للشاعر ابراهيم المصري الذي كان يقصف على الجبهة الثقافية طوال أيام العدوان . ولا ننسى الكاتب المثقف المميز حسن مدن من البحرين . هذا فضلاً عن المواقف المبدئية التي عبر عنها مثقفو وكتاب لبنان وسوريا وتونس والأردن والكويت واليمن.
وفي المقابل كان هناك كُتّاب ومثقفون وقفوا مع الطرف المعتدي ضدنا نحن الفلسطينيين بحجة ( العقلانية والواقعية السياسية ) أمثال : الروائي المصري يوسف زيدان والدكتور سعيد ناشيد والكاتب محمد مقصيدي من المغرب وبعض الأصوات النشاز الأخرى غير المؤثرة .
برأيك هل ستؤثر تداعيات الحرب على المشهد الثقافي في غزة
لكل حدث كبير تداعيات ولكنها لا تظهر في لحظة الحرب ذاتها وإنما تحتاج إلى وقت للاختمار ثم تتجلى بعد ذلك قصائد وقصص وروايات ولوحات تشكيلية ومسرحيات . إن الحرب على غزة سيكون لها حضورها الطاغي ومفرداتها الخاصة ورؤيتها التي بالتأكيد ستكون مغايرة عما كانت عليه قبل الحرب . ولكن الحركة الثقافية في فلسطين النشيطة والمختلفة أصلا ستنشط أكثر وستكون أكثر اختلافاً وتمايزاً فيما سيظهر من إبداعات يكون موضوعها الحرب وتداعياتها الانسانية والسياسية والثقافية والاجتماعية .
كيف تنظر إلى دعم ومساهمة كُتّاب ومثقفو الضفة الغربية والداخل أثناء الحرب على غزة
فلسطين كل واحد تاريخاً وجغرافيا وحضارة وثقافةً ؛ وعليه لا يمكن أن نجزئ الموقف الثقافي وننظر إليه بمنظار البعيد المتضامن . لم يكن كُتّاب ومثقفو الضفة والداخل الفلسطيني محايدين بل كانوا أصحاب ألم وهم وقلم وكلمة في التحام مشهدي ثقافي موحد تتجلى فيه كل فلسطين الوطن والقضية والإنسان .

هل مازال الحلم قائماً أم تعرض لاغتيال أو تشوه وهل مازال قنديل الكلمة مضيئاً ومن الذي عليه أن يسرج الزيت في القنديل
نعم ما زال الحلم قائماً بل منتصباً كجبل الكرمل . وطالما أن الإنسان الفلسطيني راسياً كالجبل في أرضه لا يجرؤ أحد على الاقتراب من حلمه بقصد اغتياله أو تشويهه فالحلم الفلسطيني مسيج بالأشواك والكبد . إن الحلم الفلسطيني محمي بسياج ناري من الثقافة والحضارة وصدق الرواية وكل من سيقترب من هذا السياج سيحترق ، ولأن الكلمة صنو الطلقة سيظل قنديلها مضيئاً أبداً ، أما المسرجون لهذا القنديل فهم سدنة ثقافتنا الفلسطينية بعمقها العربي وبعدها العالمي الإنساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة