الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعركة الوجودية لحماية الحياة والبيئة

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 6 / 10
المجتمع المدني


تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في مركز التثقيف الصحي المستمر في لندن.

كانت المعدلات المتزايدة للأمراض والاضطرابات المرتبطة بالمواد الكيميائية أحد الإنذارات المبكرة لمخاطر كيميائية جديدة من صنع الإنسان. وقد لوحظ تحذير مواز في تأثيرات تلك المواد الكيميائية على البيئة.
تم لفت الانتباه إلى الآثار البيئية للمواد الكيميائية المصنعة السامة لأول مرة من خلال نشر كتاب الربيع الصامت في عام 1962، وهو كتاب مبدع من تأليف عالمة الأحياء راشيل كارسون. عرض الربيع الصامت بالتفصيل مخاطر المبيدات الصناعية على الحياة البرية، وتحديداً دور المبيد الحشري ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثلاثي كلورو الإيثان DDT في التسبب في انقراض العقاب النساري والعقاب الرخماء الأمريكي. أشاد العلماء ووسائل الإعلام بكتاب كارسون، لكن الصناعة الكيميائية وجماعات الضغط التابعة لهم انتقدته.
تم الإعراب عن المخاوف بشأن تأثيرات المواد الكيميائية على أنظمة الغدد الصماء للحياة البرية والبشر على حد سواء، والتي أشارت إليها راشيل كارسون في كتابها الربيع الصامت، مرة أخرى في عام 1996 في كتاب رائد آخر يحمل عنواناً واضحاً وهو «مستقبلنا المسروق: هل نهدد خصوبتنا وذكاءنا وبقاءنا على قيد الحياة؟ قصة تحري علمية» بقلم ثيو كولبورن وزملاؤه، الذين صاغوا مصطلح عوامل اختلال الغدد الصماء لوصف كيف يمكن للمواد الكيميائية الاصطناعية أن تحاكي أفعال الهرمونات الطبيعية في الحياة البرية وفي البشر.
في بعض الحالات، عارضت الصناعات التي لها مصالح راسخة في حماية أسواق المواد الكيميائية الخطرة، مثل الرصاص والتبغ والحرير الصخري ومبيدات الآفات الكيميائية، بنشاط الجهود المبذولة لفهم ومراقبة تعرض البشر لهذه المواد. و لقد استخدمت هذه الصناعات حملات تضليل متطورة للغاية لإرباك الجمهور وتشويه سمعة العلم. و هاجمت جماعات الضغط والعلماء في تلك الصناعات خبرات وادعاءات المهنيين الطبيين والباحثين وعلماء البيئة الذين لفتوا الانتباه إلى مخاطر التقنيات الناشئة والمواد الكيميائية الجديدة، تماماً كما فعلوا في العقود السابقة في حالة الرصاص والزئبق. اليوم، تنشط حملات التضليل التي ترعاها الشركات التصنيعية الكبرى حول المذيبات المكلورة ومبيدات الآفات الفوسفاتية العضوية ومبيدات الأعشاب الكيميائية.
علاوة على ذلك، فإن غالبية المواد الكيميائية عالية الإنتاج والبالغ عددها 3,000 في جميع أنحاء العالم لم تخضع حتى إلى الحد الأدنى من التقييم للسلامة أو السمية المحتملة للإنسان والبيئة. حيث تم فحص ما يقرب من 20 ٪ فقط من المواد الكيميائية ذات حجم الإنتاج المرتفع للتحقق من قدرتها على تعطيل النمو الجسدي و الفيزيولوجي في أبدان الأجنة و الأطفال أو التسبب في مرض ما لدى البشر البالغين. وفقاً لذلك، ليس لدينا علم بالمخاطر المحتملة على صحة البشر نتيجة لمعظم المواد الكيميائية الاصطناعية في العالم اليوم.
لا يُعرف الكثير عن الآثار المحتملة لتعرض البشر المتزامن للعديد من المواد الكيميائية، أو عن كيفية تفاعل المواد الكيميائية مع بعضها البعض في جسم الإنسان، مما قد يتسبب في تأثيرات ضارة تآزرية على الصحة.
لعقود من الزمان، أعاقت الصناعات الكيميائية على مستوى العالم تقريباً جميع الجهود لتحقيق التنظيم الفعال للمواد الكيميائية المعروف أو المشتبه في أنها ضارة بصحة الإنسان. وقد تجلى هذا الفشل المأساوي في القرار، الذي اتخذ في الولايات المتحدة، والتي تعد موطناً لأقوى الشركات الكيميائية متعددة الجنسيات، في أواخر السبعينيات من القرن العشرين حيث تم «السماح غير المشروط» لـ 62,000 مادة كيميائية كانت موجودة بالفعل في السوق، دون أي شرط لاختبار السمية. حيث سُمح لهذه المواد الكيميائية بالبقاء في حيز الاستخدام التصنيعي و التجاري ما لم تتوصل السلطات إلى نتيجة نهائية بأن المادة الكيميائية تشكل «خطراً غير معقول على صحة الإنسان أو البيئة».
كان معيار «المخاطر غير المعقولة» عائقاً رئيسياً أمام تنظيم المواد الكيميائية الصناعية والاستهلاكية، حيث إنه يضع عبء الإثبات على السلطات الرقابية الهشة، وفي النهاية على الضحايا لإثبات الضرر بعد إطلاق مادة كيميائية مستحدثة و إدخالها في عجلة التصنيع، وليس على مصنعي تلك المواد الكيميائية من قبل إطلاق أي مادة كيميائية اصطناعية جديدة في السوق الاستهلاكي. ولقد أدى هذا الوضع الختل إلى توازن قائم دائم لصالح الصناعات الكيميائية متعددة الجنسيات القوية التي كانت قادرة على صد أي جهود من قبل السلطات ومنظمات المجتمع المدني والضحايا لإثارة ناقوس الخطر فيما يتعلق بالمخاطر المحتملة على صحة البشر أو البيئة الناجمة عن أي مادة كيميائية اصطناعية. حتى الآن، من بين عشرات الآلاف من المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان، هناك القليل من المواد الكيميائية التي تخضع للتنظيم الضعيف ولكنها غير محظورة في العديد من البلدان، وخاصة في العالم المتقدم، ولكن ليس في غالبية الدول النامية. هذه المواد الكيميائية هي ثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs)، ومركبات الكلوروفلوروكربون، والديوكسين، والحرير الصخري، والكروم سداسي التكافؤ.
على سبيل المثال، عندما يتم رفض بيع المواد الكيميائية في الاتحاد الأوروبي بسبب مخاوف تتعلق بالصحة والسلامة، يقوم مصنعو المواد الكيميائية بتحويل المواد الكيميائية المحظورة إلى بلدان ذات معايير أقل صرامة، والتي تشمل غالبية الدول النامية. وفي الواقع، أصبحت البلدان الفقيرة نوعاً من «أماكن للدفن» للمنتجات التي تعتبرها أوروبا والدول الغنية الأخرى غير آمنة.
تنتج الشركات متعددة الجنسيات بالفعل منتجات صحية تلبي اللوائح الصارمة للاتحاد الأوروبي، بينما تظل منتجاتها غير الآمنة متوفرة في البلدان النامية. يجب أن تكون المنتجات الأكثر أماناً مثل الألعاب الخالية من الفثالات وأجزاء الكمبيوتر الخالية من الكادميوم والإلكترونيات التي لا تحتوي على مثبطات اللهب المبرومة ومستحضرات التجميل التي لا تحتوي على الفثالات أو الرصاص أو غيرها من المواد الكيميائية السامة هي المعيار لكل دولة ومجتمع في جميع أنحاء العالم، وليس فقط للأثرياء.

الملحق:
جدول يوضح بعض المواد الكيميائية المستخدمة حالياً على نطاق واسع في الصناعات، إلى جانب مخاطرها الضارة المحتملة على صحة الإنسان والبيئة.

المادة الكيميائية الاستخدامات / المواقع
التأثيرات الصحية / التأثيرات البيئية
1,4-ديوكسان ملوث للمياه الجوفية؛ ملوث محتمل للعديد من مستحضرات التجميل والمنظفات. مادة مسرطنة بشرية محتملة.
1-بروموبروبان مواد لاصقة، مزيلات بقع، منظفات. يصنفه البرنامج الوطني لعلم السموم في الولايات المتحدة على أنه «من المتوقع بشكل معقول أن يكون مادة مسرطنة للإنسان». و له آثار سلبية إنجابية ونمائية.
الحرير الصخري يوجد أحياناً في وسادات وقوابض الفرامل الآلية وبلاط الفينيل ومواد التسقيف ولعب الأطفال المصنوعة من التالك. مادة مسرطنة معروفة، تسبب أمراض الرئة القاتلة.
رابع كلوريد الكربون مذيب. يستخدم لتصنيع الكيماويات الصناعية. مادة مسرطنة بشرية محتملة. وسامة للكبد والكلى. وقد تضر بالجهاز العصبي المركزي.
الدوديكان الحلقي السداسي البروم: كتلة بروميد أليفاتي دوري
من مثبطات اللهب التي تستخدم في المقام الأول في عزل منزل البوليسترين الصلب. يمكن أيضاً أن تلوث الطعام والغبار. عالية الثبات والتراكم الأحيائي في البيئة، وشديدة السمية للكائنات المائية. يضر الدوديكان الحلقي السداسي البروم بالتكاثر البشري ونمو أبدان الأطفال.
كلوريد الميثيلين إزالة الطلاء، إزالة الشحوم بالبخار، الطباعة، تصنيع الرغوة، استخلاص التوابل، تصنيع الإلكترونيات، التصنيع الكيميائي، التنظيف. مادة مسرطنة بشرية محتملة.
NMP إزالة الطلاء. مادة سامة تؤثر على القدرة على الإنجاب.
صبغ البنفسج 29 لون صناعي يستخدم في البلاستيك والطلاء. معتمد كمضاف غذائي غير مباشر. ثابت في البيئة وسام للكائنات المائية.
PERC (بيركلورو إيثيلين، رباعي كلورو إيثيلين) التنظيف الجاف، تلوث المياه الجوفية. من المحتمل أن يكون مسرطن للإنسان؛ سام للجهاز العصبي
TCE (ثلاثي كلورو إيثيلين) التنظيف الجاف والاستخدامات الصناعية وحفنة من المنتجات الاستهلاكية للفنون والحرف اليدوية ومنتجات السيارات وصيانة المنازل والمكاتب المنزلية. مادة مسرطنة للإنسان. سامة للجهاز العصبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا