الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش ذكرى النكبة: في الحاجة إلى تغيير البراديغما

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 6 / 12
القضية الفلسطينية


ما زال العرب يستعيدون بمرارة حكاية السلاح الفاسد في حربهم على إسرائيل سنة 1948، وبالرغم من أن ذلك السلاح لم يكن من ابتكارهم إلا أنهم اقتنوه من عدوّتهم بريطانيا بسبب حاجتهم إليه (وهذا دليل على مرونتهم وبعد نظرهم)، وبالرغم من جهلهم في صناعة الأسلحة إلا أنهم عرفوا أنه فاسد، (وهذه نقطة تحسب لهم، وتدل على ذكائهم)، لكن ما لم يعرفوه حينها، ولم يعرفوه بعد مرور عقود من الزمن، هو أنهم منذئذ إلى اليوم يتنفسون “أفكارا فاسدة” لا تنفك تتحول إلى عبوات وأحزمة ناسفة وسيارات ملغمة وفساد في النسل والسياسة والمال وتدهور في الأمن والصحة والتعليم وتضخم في الاستبداد والفقر والبطالة….؛
لقد حاول الفكر العربي بكل مشاربه ومذاهبه استقصاء الأسباب الثاوية وراء هذا التخلف، ولم يدخر جهدا في ابتكار البدائل والحلول، غير أن النتائج كانت دائما عكسية. إذن، ثمة خلل في الإدراك.
يبدو لي أن القوى الإمبريالية قرأت جيدا سيكولوجيا هؤلاء القوم، وحتى تستثمرهم في مخططاتها كان لا بد من “دراسة جدوى” للسوق، يحتاج الأمر إلى خبراء ومراكز أبحاث ودورات تكوينية وما شابه.
ولأن القوم يعشقون القتال ويهتزون طربا كلما أمسكوا بالبنادق كما يفرح الأطفال بألعابهم؛ قررت العناية ما يلي:
أولا: حتى تضمن سوقا رائجة لأسلحتها يجب أن تضمن حربا دائمة ومتعددة الجبهات.
ورأت أن حاجاتها تتمثل في تأمين:
ثانيا: مقاتلين لا يكلّون ولا يهابون ساحات الوغى، ولا يفرّقُون بين الجمل والناقة؛
ثالثا: بيئات بشرية ولودة وقابلة للانقسام إلى فرق متناحرة؛
رابعا: أيديولوجيا حمالة أوجه، مفتوحة على التأويل والتأويل المضاد.
ورأت أنه يجب:
أولا وأخيرا: اصطناع كيانات سياسية بدائية، تتوفر على حاكم، مُوالوه ومعارضوه لهم قابلية استبدال المواقع، كما تتوفر على جماعات متأهبة للاقتتال.
قضي الأمر، وانكتب على المؤمنين شر الاقتتال، وتكفيرا عن ذنبها وفرت العناية أسلحة عالية الجودة لكل الطوائف، وتعهدت أن لن تتكرر قصة السلاح الفاسد.
العناية لم تبخل، وما دام القوم يبتهجون لدوي المدافع ولعلعة الرصاص، كانت بالغة السخاء، لم تكتف بتسليحهم، بل جادت على القوم بدورات في التكوين والتدرب على السلاح، خفيفه وثقيله، لا فضل لهذه الطائفة عن تلك، فالجميع عندها سواء: كان انفصاليا أو مناهضا للانفصال، إرهابيا أو مكافحا للإرهاب، مشاغبا أو مكافحا للشغب، العناية عادلة في كل شيء ولم تحرم أحدا من الشهادة، ومكّنتْ كل الطوائف من النصر، لكل طائفة نصرها وشهداؤها.

ـــ أليس هذا هو الوضع العربي؟
ألسنا في حاجة إلى تغيير البراديغما؟ ألسنا في حاجة إلى نسق تعليمي وفق المعايير الإنسانية والعقلانية؟ ألسنا في حاجة إلى خطاب إعلامي مستنير ينير الرأي العام ويزوده بالمعلومة التي تساهم في تربيته على قيم الحوار والتضامن واحترام الرأي المختلف؟ ألسنا في حاجة إلى سياسات تقوم على البحث العلمي؟ ألسنا في حاجة إلى مجتمع مدني يهتم أولا بأبناء حيه، في مجال التعليم والبيئة والصحة والرياضة؟ هذه أسئلة من ضمن أخرى تحتاج إلى أجوبة علمية بعيدا عن المزايدات (من مقدمة كتابي: الأزمة الخليجية في ضوء التاريخ- من المسألة الشرقية إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد- الصادر عن دار الوطن/الجزائر/2018).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى