الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض خصوصيات العراق

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2021 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


إمتاز العراق منذ نشأته بخصائص كثيرة ميزيته عن سائر بلدان العالم , أول هذه الخصائص تسمييته التي عرف بها منذ القرن السادس الميلادي , حيث سميت المنطقة التي تشكل معظم أنحاء العراق الحالي وصولاً إلى منابع دجلة والفرات خلال عصور ما قبل الميلاد بـ "بِلَاد ٱلرَّافِدَيْن" والتي جاءت من التسمية الإغريقية " موسوبوتيميا " التي تعني أرض الرافدين . إختلف المؤرخون بتسمية العراق , فمنهم من يرى أن هذه التسمية تعود إلى مدينة أوروك السومرية التي تعرف حاليا بالوركاء, وهي المدينة التاريخية للحضارة السومرية العريقة التي علمت البشرية الكتابة لأول مرة في التاريخ , والتي تقع حاليا شرق ضفة نهر الفرات على بعد ( 30) كم شرق مدينة السماوة مركز محافظة المثنى .
هناك من يعتقد أن سبب التسمية يعود إلى احد الاسماء الفارسية للمنطقة وهي (عيراق), والتي تعني الأراضي المنخفضة باللغة الفارسية, ويرجح آخرون سبب التسمية إلى عروق أشجار النخيل لكثرة تواجدها في وسط العراق وجنوبه , أو إلى نهري دجلة و الفرات اللذان يشبهان الأوردة و العروق. وبالنسبة لمعظم الجغرافيين العرب، كابن الحوقل، والمقدسيّ، فالعراق يمثل فقط ما يعرف في الوقت الحاضر بمنطقة جنوب العراق، والكلمة لم تشمل المناطق في شمال تكريت على نهر دجلة، وبالقرب من هيت على نهر الفرات. وتسمية العراقان يقصد بها الكوفة، والبصرة. وفي القاموس المحيط (معجم عربي-عربي للفيروزآبادي)، العراق: بلاد من عبادان إلى الموصل طولاً، ومن القادسية إلى حُلْوان عرضاً، سميت بها لتواشج عراق النخل والشجر فيها، أو (لانه اسْتكفّ أرض العرب)، أو سمي بعِراقِ المَزادَة: لجلدَة تجعل على ملتقى طرفي الجلد إذا خُرِزَ في أسفلها؛ لأن العراق بين الريف والبر، أو لأنه على عراق دجلة والفرات، أي: شاطئهما، أو معربة إيرانْ شَهْر، ومعناه: كثيرة النخل والشجر, والعراق لغةً لهُ معاني كثيرة منها: شاطئ الماء، وشاطئ البحر طولاً.
تشير موسوعة ويكيبيديا إلى أن الحضارات البشرية الأولى ظهرت في بلاد الرافدين , أنشأتها أقوام مهاجرة من بلاد مختلفة إلى وادي الرافدين , بدءا بالسومريين وهم أقوام مهاجرين من مناطق جبلية يفصلها عن وادي الرافدين البحر, كما ورد في الألواح الطينية (ما نقله السومريون عن أنهم تركوا موطنا في ارض جبلية يمكن الوصول إليها بحرًا)، وقد اختلف كبار المؤرخين في تحديد الموطن الأصلي لهم وإن كان الأكثر على أنه من أواسط آسيا أو من جنوب آسيا. ثم أعقبهم الآراميون والعموريون وهم قبائل سامية بدوية هاجرت من الجزيرة العربية بسبب التصحر إلى بلاد وادي الرافدين الوفيرة بالماء والصالحة للزراعة , ليؤسسوا الحضارات الأكدية والبابلية والكلدانية والآشورية، وكانت نهاية السومريين على يد العيلاميين القادمين من إيران والعموريين المهاجرين من الجزيرة العربية.
وهنا يحق لنا أن نتساءل ماذا عن سكان العراق الأصليين ممن ولدوا وعاشوا في العراق ؟ ألم يكن لهم دورا بقيام هذه الحضارات العظيمة في العراق التي ينسبها المؤرخون للأقوام المهاجرة ؟ وكأن هؤلاء السكان عاجزين عن إرساء حضارات عظيمة التي جعلها المؤرخين حكرا على الأقوام المهاجرة . ويتكرر الحال في العصور اللاحقة في اعقاب الفتوحات العربية الإسلامية , بقيام الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وغيرها , وجميعها لم يتولى العراقيون زمام القيادة فيها , وحتى بقيام دولة العراق الحديث عام 1921 , إختار العراقيون ملكا حجازيا عليهم في إستفتاء شعبي أجرته سلطة الإنتداب البريطاني التي إحتلت العراق يومذاك . فأية مفارقات عجيبة هذه في تاريخ العراق سابقا ولاحقا , يكاد ينفرد بها العراق بين دول العالم.
وإذا صحت روايات المؤرخين هذه , نتساءل لماذا لم تبدع هذه الأقوام المهاجرة ,حضارات عظيمة في بلدانها الأصلية التي قدمت منها إلى العراق ؟ , حيث لم تشر رواياتهم إلى أنهم قدموا من بلدان ذات حضارات عظيمة في حينه لينقلوها إلى العراق , بل أنها تشير إلى أنهم جاءوا من أماكن تصعب فيها الحياة حيث يقل فيها الرزق , إلى العراق الذي حباه الله بالخير الوفير للعيش الكريم .
وأيا كانت صحة روايات المؤرخين , نقول أن نزوح الأقوام البشرية من مكان إلى آخر في العصور القديمة أمرا طبيعيا , وبخاصة من المناطق شحيحة الموارد إلى المناطق غنية الموارد , وتختلط الأقوام بعضها ببعض لتكون هوية جديدة لها , وهنا تكون هويتها هوية عراقية , تفاعلت هذه الأقوام مع بعضعا لتنشأ هوية عراقية , تارة سومرية وتارة أكدية واخرى بابلية وآشورية وهكذا , ولكل منها خصائها المميزة الخاصة بها , فهي حضارات عراقية بإمتياز , نشأت ونمت وتطورت في بيئة عراقية خالصة لا فضل لأحد عليها, فقد أنارت هذه الحضارات العظيمة العالم القديم بإنجازاتها العلمية والتقنية والثقافية , يكفي أن نشيرإلى إكتشافها أعظم إختراعين في التاريخ هما العجلة والكتابة .
فإذا كان سكان العراق ينحدرون من سلالات بشرية متنوعة , فهل يصبح هناك معنى للتعصب العنصري على أساس قومي أو سواه , والإحتراب الذي نشهده اليوم بين أبناء البلد الواحد من منطلقات عنصرية تارة , ومنطلقات دينية وطائفية تارة أخرى, بل الأصح أن تسود روح المودة والتآخي بينهم لبناء عراق حر ومزدهر بعيدا عن مداخلات الدول الأخرى , ذلك أن العراق وطن الجميع . حفظ الله العراق وشعبه من كل مكروه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران