الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهامشي والحاسم في تجارب الأمم

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يرى البعض أن الموضوعية تقتضي محاكمة رموزا سياسية، لعبت أدوارا حاسمة في تأريخ مجتمعاتنا الحديث، مثل جمال عبد الناصر وصدام حسين، وفق صيغة أن تلك الرموز لها ما لها وعليها ما عليها. قسم من هذا البعض يتمسك بهذا المنهج، قناعة منه بكون الرموز والشخصيات التأريخية، مثلها مثل كل أنسان تتشكل من وجوه متباينة، بعضها سلبي وبعضها الآخر أيحابي، وأن من غير الإنصاف إهمال أي وجه منها.

وثمة جزء آخر من البعض الذي نتحدث عنه، منحاز أصلا للرموز والشخصيات المعنية، ويروج لمناهجها ومشاريعها، ويدفع بأتجاة التمسك بتلك المناهج، وأستكمال المشاريع، لكنه يلجأ الى شعار (( القائد ما له، وعليه ما عليه )) حين تعييه سبل الدفاع عن (( القائد )) ويعجز عن إنكار ما في تأريخه من آثام، مع التهوين منها. ورغم التباين في منطلقات أصحاب مبدأ ((الرموز لها ما لها وعليها ما عليها)) فأن نتيجة إعتماد هذا المبدأ تفضي إلى الحيلولة دون أصدار أحكام على الرموز، وهذا في حقيقته تفويت لفرص استخلاص الدروس المناسبة من المراحل التأريخية التي خضعت فيها مجتمعاتنا لتلك الشخصيات والرموز.

ولكن إذا نحن أقررنا أن مسار تطور الأمم والشعوب يتكون من تراكمات للنجاح والأنجاز والأنتكاس والفشل، فيتعين أن نقر أيضا أن ما يطبع ذلك التأريخ ويعبر عنه أدق تعبير هو الأحداث التي تشكل مفاصل تأريخية، تترتب عليها تغيرات في التراتبية الأجتماعية، وفي العقل الجمعي والأنحيازات الفكرية والعقائدية والسياسية، وفي البناء النفسي للجموع، وقبل هذا وذاك في مكانة الشعب بين الشعوب، إرتقاء أو إرتكاسا.

ويمكن الجزم بلا تردد أن هزيمة حزيران 1967، وأحتلال العراق عام 2003 كانا حدثين مفصليين في تأريخ العرب الحديث، ترتبت عليهما كل التداعيات التي تمت الإشارة اليها، إذ تغيرت بسببهما نظرة العربي الى نفسه، وثقته بها، وأهتزت ثقته بمستقبل أمته وبقدرتها على النهوض من كبوتها، وبخياراتها الإجتماعية والثقافية والقيمية. وما جرى في ظل السادات لم يكن سوى ترجمة عملية لتلك التداعيات في العقل العربي الذي خلخلته الهزيمة.

وبالنسبة للعراق، فأن قيام منظومة الحكم الطائفية المليشياوية في العراق على إنقاض نظام صدام حسين، يشكل هو الآخر ترجمة وتعبيرا عن تداعيات السياسات الوحشية والمغامرات الكارثية لذلك النظام وما ترتب عليها من تصحر معرفي، وإنهيار قيمي.

ولهذا فان المطالعات البلاغية المنمقة التي يدفع بها أسرى التجربة الناصرية، ووريثتها التجربة البعثية ـ الصدامية عن لا عدالة التركيز على أخظاء التجربتين وإهمال ((أنجازاتهما)) يقوم على عدم إبصار الفارق بين العناصر الهامشية والهشة والقابلة للتبدد، في التجارب الأجتماعية، وبين العناصر الحاسمة التي تشكل الخلاصة الحقيقة لأي تجربة، وهي التي تقيم بها تلك التجارب وليس الأنحيازات العاطفية المفتونة بقامة الزعيم الذي يقود التجربة وخطبة المحركة للعواطف قبل الأفكار. و ((إنجازاته)) التي ولدت وولدت معها، أو قبلها، عوامل أنهيارها وتبددها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في