الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات الأخضر وما ماتت مشاغله!

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2021 / 6 / 13
الادب والفن



أعلن يوم الأحد 13/6/2021 عن نبأ موت الشاعر الكبير العراقي سعدي يوسف. هذا الفارس الأخضر الجميل الرقيق الذي كانت لها نظرات ثاقبة تخترق أعماق كل ما يراه.
مرة في معرض مقارنة بينه وبين عبد الوهاب البياتي رحمهما الله قلت أن البياتي يرى الشجرة كاملة بجمالها وأغصانها وأوراقها وظلالها فينبهر، فيما يرى سعدي البراعم المتخفية تحت أوراق الشجرة وهي تتفتح ويتابع مراحل حياتها بنظرة عميقة إلى أن تغدو زهرة ويبقى متعلقا بها، لكنه يفاجئنا بمغادرته لها في لحظة تحولها إلى ثمرة. لماذا؟ هل هذا هو قلق الشعر أم أنه فعلا كان مأزوماً كما قال عنه مالك المطلبي مرةً؟
كانت مجموعته " الأخضر بن يوسف ومشاغله" إحدى أرقى محطات شعره. ففيها صرخة جلد الذات :
ماذا صنعت بنفسك
ساومت نفسك ساومت
تصعد السلم الساعة الثامنة
تهبط السلم الساعة الثانية
إنه يرفض نفسه إذ تحول موظفا عاديا " مستشارا في وزارة الثقافة" لا بل أدان تجربة سياسية كبيرة تمثلت بتحالف بين الأحزاب الأساسية في العراق آنذاك. ويأخذه الحنين إلى خبز الجزائر الذي كان الأهلة في الفجر ،حين كان لاجئا مقيما هناك.
سعدي كان ناقدا فذا لكنه لم ينشغل بالنقد مع حاجة العراق لهذا النوع من الإبداع. لأنه ببساطة كانت مهنته الشعر وكانت حياته الشعر. لم ينصف السياب ناقد بعد عبد الجبار عباس في كتابه عنه مثلما أنصفه سعدي بملاحظات نقدية منثورة هنا وهناك. سعدي هو الذي تنبأ بأن حسب الشيح جعفر سيتجه نحو القصيدة المدورة وهذا ما كشفت عنه قصائده الأولى في "نخلة الله" حيث تجاربه الشعورية المدورة التي لا ينبغي لشكلها الفني أن يتوقف عن التدفق ليناسب جيشانها. فراح حسب فعلا في " زيارة السيدة السومرية" يجوب العالم الظاهر والباطن بحثا عن إمرأةٍ تأتي ولا تأتي.
قابلته قبل سنوات على الفيس بوك فاستغرب أن في عراق الخراب من لا زال يتابع الشعر ويحبه ويبحث عن أخبار شعرائه. قلت له ألم تقل " بخرابه أرضى"؟.
وقلت له: ثلاثة شعراء أنا مولع بهم ومسحور بما قالوا ويقولون. يوسف الصائغ وحسب الشيخ جعفر وأستاذي الكبير سعدي يوسف.
لا تنم قرير العين أبا حيدر. فمشاغلك لا زالت مستعرة. ومشاغلك لم تزل من شعارات المستحيل. والبلد من سيء إلى أسوأ. ومن كنت تعشقه صار متسولا في الشوارع ومعايير الجمال صارت تعني البشاعة كلها. نم وأهدأ عند جرفك المتلاطم والذي كنت بانتظاره دائما. تخلصت من همجيتنا وعذاباتنا وتخلف أرواحنا. نم ولا تعد إلينا فنحن قتلة الأنبياء نغتصب الشعر والشعراء. ونرضى حتى بخرابه.
وداعا أبا حيدر. وداعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج