الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجموعة الدول الصناعية السبع والهيمنة على اقتصاد العالم

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2021 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اختتمت قمة "الدول الصناعية السبع"، المعروفة أيضا باسم " مجموعة السبع " المكونة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا، والتي عقدت في مدينة كورال البريطانية أعمالها يوم الأحد 13/ 6/ 2021، وأصدرت بيانا ختاميا طلبت فيه من روسيا والصين احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وانتقدت ممارسات الصين المعادية للديموقراطية في هونغ كونغ، والعنصرية في إقليم شينغيانغ الذي تقطن فيه الأقلية الإيغورية المسلمة، ودعت إلى مواصلة التحقيق الدولي لمعرفة منشأ فيروس كورونا، وشددت على أهمية ضمان السلام والاستقرار في تايوان، وقرر قادتها العمل معنا لمواجهة التغيير المناخي، وتقديم مليار جرعة لقاح كورونا للدول الفقيرة.
الدول الصناعية الغنية السبع تمثل 10% من سكان العالم، و 40% من الناتج القومي العالمي، أي ان هذه الدول السبع التي لا يزيد عدد سكانها عن 750 مليون تتحكم في اقتصاد العالم، وتسيره وفقا لرغباتها ودفاعا عن نفوذها الاقتصادي والسياسي والعسكري الدولي؛ ولهذا جاءت هذه القمة لشد صفوف هذا التحالف بقيادة أمريكا لمواجهة الصين وروسيا، وخاصة مشروع " طريق الحرير" الصيني الذي أطلقته الصين عام 2013، وتقدر كلفته بتريليونات الدولارات، ويشمل مبادرة تنمية واستثمارات تهدف إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية تربط الصين بآسيا وأوروبا وأفريقيا، وحتى الآن وقعت 123 دولة اتفاقات مع الصين للتعاون في مشروعات تتصل ب" طريق الحرير" مثل مد خطوط سكك حديدية، وإقامة موانئ، وطرق سريعة، ومشاريع صناعية وتجارية، وبنى تحتية تعزز دور الصين الاقتصادي والسياسي على الصعيد الدولي، وتجعلها المنافس الأكبر والأخطر الذي يهدد هيمنة دول المجموعة السبع على الاقتصاد العالمي.
من الواضح أن أمريكا بقيادة بايدن تعمل للعودة إلى المسرح الدولي في محاولة لإصلاح الضرر الذي الحقته بسمعتها ومصداقيتها ومصالحها إدارة دونالد ترامب؛ فقد أكد بايدن خلال جولته الأوروبية الأولى أن أمريكا عادت حاضرة في الديبلوماسية الدولية. وحاول حشد حلفاء بلاده ضد عدويها اللدودين الصين وروسيا؛ فلا غرابة في أن يلتقي بايدن مع ترامب والرؤساء الأمريكيين السابقين على ضرورة احتواء الصين، لأنه يرى في الصين التحدي الأمني والاقتصادي والعسكري الأهم لبلاده بسبب السرعة الكبيرة التي تسجلها في نموها الاقتصادي والعسكري، ولأنها تعيد هيكلة التجارة العالمية عبر " طريق الحرير"، وتسير بخطى ثابته لتصبح القوة الاقتصادية الأكبر في العالم. ولهذا اقترح بايدن المشروع الذي أطلق عليه " إعادة بناء العالم بشكل أفضل " لتطوير البنى التحتية في الدول النامية لمنافسة المشروع الصيني.
من جانبها اتهمت الصين " مجموعة السبع " بالتلاعب السياسي وترويج أكاذيب وشائعات واتهامات ضدها لا أساس لها، وقال سفيرها في لندن " ان الأيام التي كانت تقرر فيها مجموعة صغيرة من الدول مصير العالم قد ولت " وأضاف " نعتقد دائما أن الدول كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، فهي متساوية، ويجب معالجة الشؤون العالمية من خلال التشاور بين كل الدول."
فهل ستنجح " مجموعة السبع " في محاصرة التمدد الاقتصادي الصيني المتسارع، وفي المحافظة على نفوذها الاقتصادي العالمي؟ من المستبعد أن يحدث ذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية التي تتزعم المجموعة فقدت الكثير من مصداقيتها الدولية وتأثيرها السياسي، وتراجع دورها كزعيمة للعالم الغربي وكحامية للديموقراطية ومدافعة عن السلام العالمي وحقوق الإنسان بسبب سياساتها الفاشلة والحروب الظالمة التي شنتها، أو شاركت فيها في عدد من دول العالم؛ وبسبب عدم قدرتها على وقف أو تهميش التيار الأوروبي الذي يرى الصين كشريك اقتصادي وأمني، لا سيما بعد أن أبدت بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا استعدادها للانخراط في مشروع "طريق الحرير"، وعدم تحمسها هي وألمانيا وفرنسا للمشاركة في اقتراح بايدن لمشروع " إعادة بناء العالم بشكل أفضل" الذي يهدف إلى منافسة المشروع الصيني.
العالم يتغير بسرعة، والصين وروسيا والهند والبرازيل ودول أخرى دخلت في منافسة شديدة مع أمريكا وحلفائها الغربيين، والدلائل الحالية تشير إلى تراجع الهيمنة الغربية على العالم، وإلى تغبير موازين القوى السياسية والاقتصادية العالمية خلال السنوات القليلة القادمة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف