الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي و المَسيرة نحو مجتمع الرفاهية

آدم الحسن

2021 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


عند تناول اسباب الإخفاقات التي رافقت مسيرة افكار الاشتراكية التقليدية سنجد امامنا أسئلة عديدة بحاجة الى أجوبة , من بين هذه الأسئلة هنالك سؤالان مهمان هما :
الأول : ما طبيعة الصراع الطبقي في الأنظمة الصناعية الليبرالية المتطورة ...؟
قد يكون اسرع جواب لهذا السؤال هو بسؤال آخر :
هل هنالك صراع طبقي اصلا في الأنظمة الصناعية الليبرالية المتطورة ...؟
لقد اختار الفكر الثوري الاشتراكي التقليدي مفردة ( الصراع ) في وصفه للعلاقة بين اصحاب رأس المال و الطبقات العاملة و خصوصا طبقة البروليتارية منهم , اذ لم يجد هذا الفكر الثوري مفردة اكثر حماسة و اقسى من مفردة ( الصراع ) لكي يستخدمها لوصف هذه العلاقة و ذلك لتحفيز الطبقات المُنتِجة للقضاء على خصمهم بثورة بروليتارية و اقامة نظام ديكتاتورية البروليتارية و بالتحالف مع الفلاحين , هكذا كان النهج السائد للفكر الاشتراكي التقليدي في مراحله الأولى .
ففي البدء افترض الفكر الثوري الاشتراكي التقليدي أن الصراع الطبقي يجب أن يُحسمْ لصالح الطبقات المُنتِجة و على رأسهم البروليتارية و ذلك و فق حتمية تاريخية صنعوها لمسار النضال الطبقي .
و حسب افكار قادة الاشتراكية التقليدية كان الصراع الطبقي بحاجة الى نضال , و نضال العمال و الفلاحين بحاجة الى قيادة , و هذه القيادة تتطلب وجود احزاب ... فتم صنع الأحزاب , ثم الثورة , ثم السيطرة على السلطة , و بواسطة السلطة تم تأميم وسائل الإنتاج أو مصادرتها من اصحابها و اصبحت ملكيتها للدولة .
ماذا حَصلتْ الطبقات المُنتِجة بعد أن اصبحت ملكية وسائل الإنتاج للدولة ... ؟
هل استعادت الطبقات المنتجة كما ادعى اصحاب الفكر الاشتراكي التقليدي للأجر المسلوب منهم ( فائض القيمة ) .... ؟
بالطبع لا , فلقد ذهب فائض القيمة للدولة عوضا عن رأسمالية القطاع الخاص بعد أن دخل المجتمع مرحلة رأسمالية الدولة بدلا عن رأسمالية القطاع الخاص , بالإضافة الى ذلك فقد خَسِرَ العاملون الكثير من حقوقهم و منها حق الإضراب و المطالبة بتحسين ظروف العمل . لقد اصبح العاملون في ظل رأسمالية الدولة في مواجهة مباشرة مع الدولة التي يسيطر عليها موظفون يدعمهم الحزب الحاكم الذي يمسك بكل وسائل الإعلام و القمع ... و هنا الكارثة ...!

تطلب الأمر حوالي قرن من الزمان للوصول الى قناعة و نتيجة هي أن رأسمالية الدولة اقل كفاءة و ادنى قدرة على زيادة و تطوير العملية الإنتاجية مقارنة برأسمالية القطاع الخاص اذ لم يكن هنالك في ظل رأسمالية الدولة طرق عملية لتشجيع الابتكار و بذلك صار نمو و تراكم رأس المال الضروري للتطور بطيء بسبب خضوع كل مفاصل العملية الإنتاجية لنظام بيروقراطي مميت .
لقد كان هذا الخلل البنوي في انظمة رأسمالية الدولة هو السبب الرئيسي وراء انهيارها كالذي حصل من انهيار الاتحاد السوفيتي السابق و عموم الدول التي اعتمدت نظام رأسمالية الدولة .

و لو لا صعود الإصلاحيين للسلطة في الصين و التي نجحت في اعادة بناء طبقة رأسمالية القطاع الخاص ليكون شريكا ر ئيسيا لرأسمالية الدولة الصينية لكان انهيار الصين اكثر قسوة من انهيار الاتحاد السوفيتي السابق , حيث يعمل حاليا حوالي 30% من القوى العاملة الصينية في رأسمالية القطاع الخاص و حسب الأرقام الرسمية للحكومية الصينية فإن انتاجية رأسمالية القطاع الخاص اعلى من انتاجية رأسمالية الدولة بنسبة ملحوظة , و اصبحت مهمة الدولة الصينية هي تنمية و تنشيط القطاع الخاص من خلال القروض الميسرة و غيرها من الإجراءات بعد أن دخلت الصين في سباق مع الزمن لبناء قاعدة صناعية متينة و متطورة , و ليس غريبا أن نرى المهمة الأساسية للدولة الصينية قد انتقلت من مرحلة تدمير رأسمالية القطاع الخاص الى مرحلة بناء رأسمالية القطاع الخاص و وضع الخطط اللازمة لتسريع بناء هذه الرأسمالية الواعدة ...! حيث دخلت الصين في سباق مع الدول الصناعية المتطورة الأخرى في عدد المليونيرية و المليارديرية حيث بلغ عدد المليونيرية في الصين اكثر من مليون مليونير .

بعد فشل نظام ديكتاتورية البروليتارية انتقل الفكر الاشتراكي التقليدي الى بعض من اطروحاته القديمة كي يحيها من جديد و التي تدعو الى دمقرطة الانتقال للاشتراكية من خلال الأحزاب و الحركات الاشتراكية الديمقراطية لكن كل هذه المحاولات فشلت ايضا لأن الخلل هو في البناء الفكري لنظريات الاشتراكية و اسسها التقليدية .
الخطأ الرئيسي في الفكر الاشتراكي التقليدي و في تحديثاته هو نكران دور الآلة في خلق القيمة المضافة حيث افترضت هذه الأفكار أن القوى البشرية من عمال و فلاحين و مهندسين و علماء و غيرهم من العاملين المشاركين في العملية الإنتاجية هم فقط من يخلقوا القيمة المضافة و افترضوا أن ليس للآلة دور في خلق القيمة المضافة لذلك أوجدوا مصطلح فائض القيمة وفق اسس غير صحيحة .. !

من اجل التطور تخلصت البلدان الصناعية الليبرالية من المفاهيم الثورية المدمرة كمفهوم الصراع الطبقي و غيرها حيث اعتمدوا بدلا عن ذلك الحلول التوفيقية العادلة و المحايدة في حل المشاكل بين اصحاب رأس المال و العاملين , حلول تتم بطريقة تحقق نمو رأسمالية القطاع الخاص و في نفس الوقت توفر ظروف عمل و اجور افضل للعاملين وفق الإمكانيات الممكنة فالانحياز للعاملين هو امر مدمر لتطور القاعدة الإنتاجية و كذلك الانحياز لأصحاب رأس المال هو ايضا امر مرفوض مجتمعيا , و من هنا بدأت الحاجة الى انظمة ليبرالية في البلدان الصناعية المتطورة و الى احزاب غير طبقية , احزاب غير منحازة لطبقة معينة على حساب طبقة أخرى , أحزاب ترفض مبدأ الصراع الطبقي و تعمل على مزيد من التعاون بين طبقات المجتمع كافة من اجل التطور و النمو و الانتفال التدريجي نحو مجتمع الرفاهية .

السؤال الثاني : أي الطبقات مؤهلة أكثر لقيادة المجتمعات الصناعية الليبرالية المتطورة نحو مجتمع الوفرة ...؟
التكنوقراط هم المؤهلون لقيادة المجتمعات الصناعية الليبرالية المتطورة , هم من سيكون لديهم الإمكانية لإيجاد افضل الحلول التي تحقق اكبر قدر ممكن من التنمية مع الحفاظ على البيئة و اصلاحها و مراعات مصالح طبقات المجتمع كافة من ضمنهم رأسمالية ا لقطاع الخاص .
التكنوقراط هم من سينهون عصر الأيديولوجية , أما وجود تعددية حزبية فهو امر ضروري في المجتمعات الصناعية الليبرالية المتطورة لأن وجود احزاب متعددة سيمثل تنوع ضروري في برامج تكنوقراطية متباينة .... و الشعب هو من عليه أن يقرر أي برنامج تكنوقراطي هو الأفضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE