الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق والمياه والقانون الدولي

عبد الكريم حسن سلومي

2021 / 6 / 16
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


قال تعالى في محكم كتابه المجيد
((. وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ))سورة الانبياء أية 30
لقد مارس العراقيين الزراعة بالري من الانهار المنتشرة في كل أراضيه وقد ابدع سكان العراق في هندسة الري فشيدوا الجداول والسدود والخزانات التي نراها منتشرة اليوم في أغلب بقاع البلاد لذلك فأن للعراق حقوق تاريخية مكتسبة بالمياه من جراء أستخدامه للمياه من نهري دجلة والفرات قبل اي دوله وهذه الحقوق تؤيدها كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية .
لقد جاء في مؤتمر فينا لعام 1815 تعريف النهر الدولي " هو النهر الذي يقع في اقاليم اكثر من دولة تميزا عن النهر الوطني الذي يقع بأكمله من منبعه الى مصبه داخل اقليم دولة واحدة .
وقد أسهمت قرارات مؤتمر برشلونة عام 1921 في تطوير مفهوم النهر الدولي التي عدت أجزاء من كل ممر دولي صالح للملاحة من والى البحر مما يخترق او يفصل في جريانه دولا متعددة (انهارا دولية).
لذلك لايجوز ان تنفرد دولة وحدها بأستغلال مياه النهر دون مراعاة حقوق الدول الأخرى والتي يمر بها .
وللأسف إن القانون الدولي لازال به غموض حيث أنه ينظر الى النهر الدولي نظرة ضيقة وذلك بحصر اهمية النهر في مجال الملاحة فقط.
فلو كان النهر بالكامل من منبعه الى مصبه يقع في اقليم واحد فيسمى هذا النهر نهرا وطنيا اما اذا كان مجراه يسير في دول متعددة او يفصل بين اكثر من دولة مستقلة فهو يعتبر نهر دولي .
كان العراق وسوريا لغاية بداية القرن العشرين الماضي جزء من الدولة العثمانية ولكن بعد الحرب العالمية الاولى جرى تقسيم الدول التابعة للسلطة العثمانية على دول التحالف التي ربحت الحرب العالمية الأولى لتصبح دول إنتداب على اجزاء من أقاليم الدولة العثمانية .
وبعد انتهاء الأنتداب أستقلت دول عديدة منها العراق وسوريا وأصبح كل من نهري الفرات ودجلة يمران بعدة دول وبذلك فأن وضعية النهران وفق القانون الدولي قد تغيرت نتيجة لذلك من أنهر وطنية الى أنهر دولية وأصبحت دول المصب او الممر او أسفل الأنهر هي الدول المتضررة الأكبر من هذه الحالة بسبب عدم قيام دولة الأنتداب بحماية حقوق الدول المنتدبة بالشأن المائي .
وفي 21 آيار من عام 1977 اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقيه في دورتها (51) ضمن قرارها (51/229) تحت عنوان (اتفاقية قانون استعمال المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية ).والتي وضعت في هذه الاتفاقية القواعد العامة الكلية المتعلقة بأستخدامات الانهار في غير شؤون الملاحة والقواعد الاساسية التي يجري بمقتضاها تقاسم الموارد المائية للأنهار الدولية بشكل عام .
*ووفق هذه الاتفاقية فان للدول المتشاركه في مياه النهر الدولي في الجزء الواقع من أقليمها الانتفاع من النهر
إن القانون الدولي اليوم أعطى الحق لدول أسفل الأنهار بالمطالبة بحقوقها الكافية من المياه وعلى دول المنبع أحترام حقوق دول أسفل النهر وعدم الأضرار بها ويجب أخذ رأيها في اي نشاط يقام على مجرى النهر .
ان المياه اليوم تشكل أًزمة عالمية وليس محلية او أقليمية فقد أصبحت مشكلة ذات أبعاد كبيرة وعلى المستويات الأقتصادية والسياسية والطبيعية والأجتماعية .
وأن علاج هذه الأزمة يتطلب تعاون دولي وبمجالات عديدة وقد أصبحت المياه في الشرق الاوسط حسب ماتقول به المراكز البحثية العالمية هي مشكله عالميه ويقول الخبير الامريكي "توماس نان" (ان المياه في الشرق الاوسط قضية اقتصادية وسياسية واجتماعية و تمتد لأن تصبح مصدرا محتملا للصراع وهو مايجعلها ذات بعد عسكري).
إن أغلب المنظمات الدولية المختصة بالمياه وخاصة التابعة للأمم المتحدة توصلت الى إن الماء سيكون هو مشكلة القرن 21 الحالي وكذلك قالت توصيات مؤتمر ريودي جانيرو عام 1994 اذ أعلن في هذا المؤتمر الى ان صحة الانسان وآمنه الغذائي وتنمية الصناعة وأنظمة الايكولوجية معرضة كلها للخطر.
إن مشكلة المياه الواضحة اليوم بين كل من العراق وسوريا وتركيا وايران ومصر وأثيوبيا ومياه فلسطين المحتلة والأردن هي مشكلة معقدة والسبب هو تدخل الدول الامبريالية التي تسعى لجعلها مشكلة مزمنة .
كان من التعاريف التقليدية للنهر الدولي في القانون الدولي أنه النهر الذي يفصل بيد دولتين أو أكثر ويشكل حدود جغرافية بينهما أو النهر الذي يجتاز مجراه خلال حوضه المائي دولتين أو أكثر أو النهر الذي يجمع كلا الصفتين.
الدكتور حامد سلطان الفقيه بالقانون الدولي يقول
إنه قد حل محل النهر الدولي مصطلح جديد ألا وهو (المياه الدولية)
إن الحقوق المكتسبة في مياه النهر الدولي كثيرا من فقهاء القانون الدولي يعرفوها بأنها كمية الماء التي تؤخذ وتحول سنويا لتوضع في الأستعمال المقيد والأستهلاك الموافق للقوانين الدولية التي يوجد فيها الماء وبهذا يكون هنالك حق مكتسب بموجب تلك القوانين .
وهي تلك القوانين التي لها علاقه بالاستعمال طول مدة زمنية بعيدة في التاريخ سواء عن طريق اقرار الأخرين بهذا الحق أو عدم الاقرار به و لا يمكن بالفعل إنكاره لا نه مرتبط بمبدأ من مبادئ القانون الدولي
إن تطبيق الحقوق المكتسبة هو جزء من قواعد القانون الدولي إلا إنه هنالك اليوم من يرفض هذه الحقوق .
وفي مايتعلق بالعراق فأنه كانت هنالك مساحات شاسعة من الارض الزراعية التي تروى من مياه النهرين منذ آمد بعيد حرمت اليوم من الحصة المائية بحجة عدم خصوبة تلك الاراضي وتشترط دول المنبع استبعاد محاصيل زراعية معينة من الزراعة بحجة استهلاكها كميات كبيرة من المياه.
ونتيجة لسلوكيات دول المنابع بدأ العراق من سنوات يعاني من تناقص مستمر بوارداته المائية من دول المنبع مما أدى ذلك الى توقف زراعة الكثير من مساحات العراق الزراعية وخروجها من الإنتاجية
وقد ظهرت ازمة المياه بالعراق بقوة واضحة في منتصف السبعينات من القرن ال 20 الماضي بعد أن بدأت كل من تركيا وايران وسوريا ببناء السدود في اعالي الانهار .
إن تركيا وايران تتحكم اليوم بما يقارب من 60% من مياه العراق وهذا مما يجعل ازمة المياه بالبلاد تتفاقم وقد تحدث حروب مستقبلية بسبب المياه.
إن ازمة المياه التي يعيشها شعب العراق اليوم فعلا ستجلب له الويلات والمرارة اكثر مما جلبته له الحروب الاخيرة والاحداث التي عاشها .
فالأزمة المائية ستخلق له مشاكل اجتماعيه وسياسيه واقتصاديه معقدة وسيؤدي استمرارها الى تعطيل تنمية البلاد
ان باستمرار ازمة المياه وشحتها سيضطر العراق لاستنزاف المياه الجوفية بسرعه كبيرة لمعالجة الازمة وان هذه المياه الجوفية لا يمكن تعويضها اليوم في ظل الظروف المائية والمناخية الحالية التي يعيشها العراق.
فالعراق اليوم يعاني من فجوة كبيرة بين ما متوفر من المياه وما مطلوب للاستهلاك بمعنى إن لديه عجز كبير بالمياه وأغلب السبب يعود بالدرجة الاساسية لسلوكيات دول المنابع المائية التي لا تراعي حقوق العراق المائية مستغلين حالة عدم الاستقرار بالعراق وظروفه السياسية وضعفه على المستوى الدولي اليوم .
إن القوانين والأعراف الدولية والأديان السماوية أعطت للماء أهمية كبرى في كل تشريعاتها وقد فرضت على كل إنسان إعطاء الماء للإنسان مهما كانت ديانته فالماء هو مادة الحياة لكل الكائنات الحية وبدونها تموت الاحياء .
ولكن للأسف اليوم تركيا وايران يعارضان مبدأ القسمة لتحديد حصص المياه وان تركيا تركز على تطبيق مفهوم الاستعمال الاقل للمياه الذي يتطلب حسب وجهة النظر التركية اعتماد خطتها المسماة خطط المراحل الثلاثة وتطبيقها والتي تتضمن المراحل التالية
المرحلة الاولى:-تشكيل لجان عدة لأجراء دراسات تفصيلية في كل من تركيا والعراق وسوريا عن مواقع الموارد المائية كافة والزراعة اضافة للتربة
المرحلة الثانية:- تقويم التقنيات المستخدمة حاليا بالري وتركيب التربة واصناف المحاصيل وطرق الزراع
المرحلة الثالثة -التخطيط الهندسي للمشاريع الحالية والمستقبلية وتحديد الحاجات المائية الحقيقية ودراسة السياسات والاساليب المستخدمه والاستخدام الامثل للموارد المائية ووضع معايير محددة لتخصيص مياه وتحديد انواع مفيدة من المحاصيل التي يجب ان تزرع في كل دوله
ان اي مختص بالمياه وسياسة ادارة موارد المياه حينما يطلع على خطط المراحل الثلاثة التركية يدرك الابعاد السياسية والاقتصادية من وراء هذه الخطة علما ان لدى تركيا من الخزانات المائية السطحية والجوفية الكثير وبما يعادل حاجتها السنوية بخمس اضعاف وهذا كله يدل على ان غاية تركيه بشأن السدود ليس تنمية البلاد وانما المتاجرة بالمياه والكهرباء مستقبلا وعلى حساب دول التشارك المائي لذلك لا نرى اي امل بحصول العراق على حقوقه المائية المكتسبة وليس للعراق من حل الا التوجه للمحافل الدولية للحصول على حقه بالإضافة لاستخدام السلاح الاقتصادي لانتزاع حقه من كل دول التشارك المائي فهل يا ترى تعي حكومات العراق ما ترمي له دول التشارك المائي من اساليب المماطلة بالمفاوضات بشأن المياه ام سيكون لهذه الحكومات قرار بالتوجه للمحافل الدولية لانتزاع الحق العراقي اننا كمختصين نأمل ان يتخذ قرار التوجه للمحافل الدولية لان اكثر من نصف قرن من المفاوضات الفاشلة كافيه لاتخاذ مثل هذا القرار






المهندس الاستشاري
عبد الكريم حسن سلومي الربيعي
15-6-2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة