الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات مهاجرة

جاكلين سلام
كاتبة صحفية، شاعرة، مترجمة سورية-كندية

(Jacqueline Salam)

2021 / 6 / 17
الادب والفن


في إطار عملي كمترجمة في الميدان الاجتماعي والصحي والقانوني في كندا، تتفتح أمامي صور وعذابات ونجاحات يعيشها القادمون الجدد إلى كندا، بلد التعددية الثقافية التي توسعت وما تزال على أكتاف وسواعد المهاجرين من العالم الى كندا. كانت الهجرات الأولى اوربية على الغالب، ثم تنوعت وشملت كل دول العالم.
في السنوات الأخيرة وبعد موجة الحروب أو الثورات والاقتتال في البلاد العربية، استقبلت كندا عدد كبيرا من المهاجرين في نهاية عام 2015 وبدايات عام 2016، وكنت شخصيا في طاقم العمل مع المترجمين في مطار تورنتو للترجمة وتسهيل أعمالهم فيما بعض فيما يخص مسائل الاستقرار في البلد الجديد. كما تطوع العديد من الكنديين القدامى في خدمة اللاجئين الجدد.

هنا بعض المحطات:
1
الاقتلاع من البيت الأول
سألتُ كاترين وهي امرأة كندية بيضاء على مشارف الثمانين، كيف ترين الحياة الآن وأنت تعيشين لوحدك منذ سنوات في تورنتو؟
قالت كاترين وهي تبتسم وتنظر إلى البعيد: عندي بيت صغير وهذا ما أدخرته خلال عمري الطويل في العمل. أحب بيتي وما زلت استمتع بالحديقة وما زلت قادرة على العناية بها. أحب هذا البيت الذي اشتريته مع الرجل الذي كنت أعيش معه سنوات عمري وشبابي إلى أن رحل عن عالمنا وتركني وحيدة. تنفست بعمق وهي تفرك أصابعها والخاتم الفضي وأضافت:
لا أريد أن أترك هذا البيت إلا إذا كنت مضطرة حين أتقدم في العمر أكثر. ثم ضحكت، ربما أعيش مائة عام من يدري!
أضافت: في ذهني، إن عجزت عن إدارة البيتـ، والعناية بالحديقة وأرض الدار في الصيف والشتاء، سأبيعه وأشتري شقة صغيرة لأكمل مشواري على هذه الارض. أتمنى ألا اضطر للذهاب إلى دار العجزة وانا امرأة لا أولاد لي لكنني عشت حياة غنية روحا ومعنى ، واشتغلت وأحب خدمة الاخرين.
قالت كثيرا وقلت قليلا وأنا أنصت وأراقب طبقات صوتها. لاحظت انها ما تزال تحافظ على ( اللكنة الانكليزية الايرلندية) رغم السنوات الطويلة التي قضتها في كندا. كنا حينها في مكتب للصحة وكنت مكلفة رسميا للترجمة الفوية- عربي، انكليزي.
كانت كاترين التي كانت تعمل طوعا مع امرأة سورية لاجئة جديدة الاقامة هنا. كاترين تقود السيارة وتذهب الى بيت السيدة المهاجرة لتأخذها الى موعدها مع الطبيب، أو لتأخذها الى ورشة عمل للقاء مع مدير معمل الخياطة وموظف المساعدات الاجتماعية وما إليه.
لكاترين قصتها مع الهجرة والاقتلاع ايضا. كاترين اقتلعت يوما في شبابها من بلدها الاول في اوربا واتخذت من كندا بيتا لها واشترت قبرا ليكون بيتها الأخير في هذه المدينة التي عاشت فيها شبابها وشيخوختها.

سلام عليك أيها البيت الاول، والبيت الأخير والقبر الذي ما يزال ينتظر ليصير بيتا مقفلا لكل على حدة.
هناك في القبر تموت الشكوى، تموت الاهانات، تموت الطعنات، يموت الحقد، يموت المال وقوة المال والرغبة إلى مزيد من المال. هناك موت يتبع وقصص تنتهي لتبدأ بعدها قصة أخرى على هذه الأرض، الكريمة، المقبرة، الحديقة، الغابة، والغرابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هناك في المقبرة
ماجدة منصور ( 2021 / 6 / 17 - 05:09 )
يموت الألم و الوجع و لوعة المحبين
يا لعدالة الموت فهو يساوي بين الجميع
شكرا أستاذة جاكلين


2 - لنبادر لانشاء حركة تقدمية تحررية تحفظ كرامة المر
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 6 / 17 - 05:16 )
تحفظ كرامة المراءة الشرق اوسطية خصوصا والشرقية المسماة اسلاميه عموما-عزيزتي الاستاذه سلام-ان كندا بلد في صدارة البلدان الراقية الدمقراطية المرفهة في عالمنا المعاصر ويمكن لكندا ان تكون البيئة الجيدة لتطوير ناسنا وتجعلهم مواطنين في مجتمع يتمتع بنعمة العلم والعمل والثقافة الانسانية بعيدا عن اوساخ وخرافات مجتمعات التخلف وسيادة الفاشية الدينية و/او الفاشية القومية
وللاسف الشديد فاءن ناسنا بالاخص تائهين والناشط بينهم-ياللبشاعة الشيوخ الجهلة وبناء الجوامع واجبار شاباتنا وعموم نسائنا على لبس الحجاب الذي اصبح منظرا مقرفا لنا المتحررين والمتعلمين من بلاد الشرق المسماة الاسلامية-وفي نفس الوقت اصبح الحجاب المقرف يثير اشمئزاز عموم الكنديين ومجموع المثقفين ويعتبر عارا حقا-وانا في الوقت الذي ادين العنف سواء ضد السود وعموم الملونين-وفي ايامنا العنصرية ضد الاسيويين ادين الارفاب الاجرامي ضد الحجاب الاسلامي الذي ياءخذ احيانا شكل الارهاب الدموي القاتل ضد المسلمين وعوائلهم-ولكنني اشعر باهمية نضالنا نحن التقدميين العرب والشرقيين ضد هذا الحجاب المقرف المهين-ارجو ان تهتمي بالاقتراح ولنتوج حياتنا بعمل مفيد و

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا