الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحاجة لثقافة مغايرة

محمد بلمزيان

2021 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كم يبدو المشهد العام قاتما، لا يحمل أية تباشير لمستقبل جديد، ولعل المشهد الثقافي المتأزم هو أول هذه الزوايا المعتمة، على اعتبار أن الثقافة هي الكوة التي من خلالها النظر لفهم محيطنا في تجلياته المختلفة، وعلى اعتبار أن الثقافة اذا ما همشت في مجتمع ما يصير هذا اّلأخير بمثابة هيكل بلا روح ولا قيمة اعتبارية له في حاضره وغير قادر على مواجهة تحديات مستقبله، ولعل هذا الوضع هو نفسه الوضع الذي نعيشه حاليا في ظل تراجع كبير لثقافة القيم مواقف المروءة في مقابل شيوع ثقافة التفاهة والتملق حتى لا نقول الميوعة في حالات كثيرة، من خلال ما نشاهده في القنوات الإعلامية والنمط الثقافي الجارف الميال الى البحث عن نمط الماركوتينغ هجين في اشكاله المختلفة، والذي غايته ليس إرساء قواعد ثقافة تقوية الشخصية للجيل الجديد، او غرس القيم الثقافية التي تجعل البشر يحس بأنه يعيش في محيط يتقاسمه مع آخرين، ويجب احترامه، بدءا باحترام حق الآخر في الطمأنينة ، وبيئة سليمة من جميع اشكال الحقد والكراهية التي تنتشر كالنار في الهشيم في ظلا المجتمعات التي تعرف تدنيا وتضعضعا في مستواها الثقافي والتربوي ، ولعل هذا الوضع المزري بات سمة مميزة لكل المجتمعات الراهنة التي تعاني من وضع اقتصادي واجتماعي مأزوم، الناتج أساسا عن غياب قواعد المواطنة الحقيقية، التي من شأنها أرساء وترسيخ ثقافة حقوقية يتشبع بها الجميع .
في هذا السياق، أعتقد جازما بأن هذا الوضع ناتج عن غياب مدرسة عمومية ومواطنة، وحينما نتحدث عن المدرسة فإننا لانتحدث عن حجرات وتجهيزات وبنايات عملاقة ، رغم أهميتها، بل نتحدث أيضا عن المناهج التعليمية والتربوية ، فهل هذه المناهج قادرة على بناء إنسان قادر هنا والآن على فهم محيطه حاليا من جهة لتجاوز معيقاته مستقبلا من جهة ثانية؟ وهل أعددنا برنامجا ثقافية قادرا على استيعات دروس الماضي لتدارك أخطائه في مخطط مستقبلي جديد؟ قد لا يختلف اثنان على أن المناهج التعليمية التي تبرمج في المدرسة العمومية أصبحت تعتمد على طرق تقليدية ومتقادمة، غير قادرة على بناء إنسان القرن الحالي ، سيمما وان الحفظ والإجترار ومحاولة شحن المعلومة في ذهنية الطفل ومطالبته باستظهارها في آخر موسم دراسي، لن يسهم إلا في غرس ثقافة الغش وابتداع طرق التدليس، حيث ينتشي حينما يصل الى اكتشاف حيل وصيغ في الغش في غاية من الدقة والتخفي، بدل تحفيزه على اكتشاف سبل التفكير السليم والقطع مع رواسب الكسل والإتكال، عبر التشجيع على المثابرة والإبداع والتحفيز على التفكير ومحاورة الآراء المختلفة، جنبا الى جنب مع استحضار احتياجات المجتمع في التعليم التقني والتكوين في مجالات حيوية، لبناء عقل بشري ذي ميولات معرفية ثقافية مختلفة بدون تهميش الإستثمار في العقل البشري للحصول على عقول صناعية قابلة لمجابهة تحديات المستقبل
بدء على بدء، فلا شك ان ما نعيشه اليوم من حصيلة هزيلة على جميع المستويات، هو نتيجة منطقية لما غرسناه منذ سنوات، فمن يزرع الشوك لا ينتظر أن يجني محصولا آخر، وهكذا أصبحنا نعيش ظواهر اجتماعية غريبة نشتم منها روائح تضعضع ثقافي ومعرفي ، ناتجة عن هزالة منتوج المدرسة أو الحرمان من فرصة التعليم ، الأمر الذي يولد تراكم بعض ( القيم) بالمعني السلبي للقيم تنبني على التحايل والغش والكذب... ، بل أصبحت بعض الحالات تتكرر بشكل مخجل في المدرسة ، وهذا ما ينعكس سلبا على رهانات المجتمع اقتصاديا ، اجتماعيا ، ثقافيا وبيئيا ،
وللخروج من هذه الزاوية المعتمة ، يستلزم الأمر في اعتقادي القيام بمحاولة زرع ثقافية مغايرة ملؤها التشبع بقيم الإنسان والمواطنة، من خلال بناء مدرسة جديدة، منخرطة في هواجس الحاضر وانتظارات المستقبل، باعتماد مناهج تعليمية مغايرة لما ألفناه قبل عقود من الزمن، مستأنسة بما هو مشرق فيها، برؤية نقدية تشتشرف المستقبل بعيون شاخصة وعقول مبتكرة ومبدعة ،وعبر سن سياسة لخريطة جديدة تستحضر الشخص كأرضية خصبة للإستثمار المعرفي وأداة فعالة في شق الطريق نحو التنمية في تجلياتها المختلفة،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل