الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استدامة الحروب الكونية

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.


فريق دار الأكاديمية: أشرت في غير مرة إلى أن الاقتصاد الإمبريالي المعولم قائم على «استدامة الحروب على المستوى الكوني»، وأن أي شكل من أشكال السلم العالمي يمثل تهديداً وجودياً لذلك النظام الاقتصادي. هل يمكن أن توضح وجهة نظرك في ذلك الصدد؟

مصعب قاسم عزاوي: نموذج الاقتصاد الإمبريالي المعولم مشخصاً بنموذج اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومن لف لفها من الأقطاب الاقتصادية الأساسية في اليابان وأوروبا، قائم أساساً على تحويل الدولة إلى جابي ضرائب عملاق من الطبقات العاملة والشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم إنفاق جزء مهول من تلك الجبايات على الميزانيات العسكرية لتلك الدول، والتي يذهب معظمها عبر عقود شراء وغيرها إلى خزائن الشركات العولمية العابرة للقارات مشخصة بشركات المجمعات الصناعية العسكرية التقانية في تلك الدول، والتي تمثل الحاكم الفعلي من وراء الكواليس في تلك الدول عبر تمويلها وتصنيعها وتسويقها للشخوص من النخب السياسية و التنفيذية المدربة على القيام بدورها الوظيفي في خدمة مصالح تلك الشركات، عبر العمل والتدرج في رتبها الوظيفية إلى أن يحين وقت إعادة تدويرهم وتعليبهم عبر الترويج لحملات انتخابية تسويقية يصبحون فيها مرشحين سياسيين، لا بد لهم من الالتزام بدورهم الوظيفي المرسوم لهم من قبل عند وصولهم إلى مراكز صنع القرار وسدة الحكم في تلك الدول، في لعبة مسرحية متقنة يعرف ويلتزم جميع ممثليها بشروط أدائها وتنفيذها وإخراجها حسب معايير الديموقراطيات الشكلية في المجتمعات الرأسمالية المعولمة في الغرب.
وتمثل استدامة الحروب على المستوى الكوني السبيل الوحيد لشركات المجمعات الصناعية العسكرية التقانية الذي تستطيع من خلاله تلك الشركات عبر آلاتها الإعلامية الأخطبوطية تبرير وإقناع «قطعان الجماهير الشاردة» بوجوب ديمومة ذلك الصنبور الذي لا ينقطع صبيبه من خزائن الجبايات الضريبية في دول المجتمعات الغربية إلى حسابات تلك الشركات، كجزء جوهري من مقتضيات اللعبة السياسية والديموقراطية الشكلية القائمة في العالم الغربي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. و في الواقع فإن أي انزياح عن الضبط المرهف لإيقاع ذلك الصبيب يمثل تهديداً وجودياً لعيوشية تلك الشركات التي تنظر إليه دائماً بعين رقيبة حسيبة، وتوظف لاستدامته كل قواها الأخطبوطية، وتبذل في سبيل الحفاظ عليه كل غال ورخيص بطرائقها الذرائعية التي قد يخجل من وحشيتها مؤسس النهج الذرائعي سياسياً، وأعني هنا الإيطالي «نيكولا ميكافللي» مؤسس فكر الذرائعية بشكله الذي لا أخلاق فيه و لا وازع فكرياً أو قانونياً يتفارق مع مبدأ اتباع أي نهج مهما كان خبيثاً ووضيعاً و مخاتلاً للوصول إلى الهدف المروم الذي قد يكون أكثر رجساً من الوسائل المتبعة في إدراكه.


*****

هوامش:
للاستماع للتسجيل الصوتي للحوار مع مصعب قاسم عزاوي، يمكن مراجعة الرابط التالي:
https://pod.co/academyhouse








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق