الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صمود الشعب الفلسطيني الأخير، بداية الطريق نحو الحرية

خليل اندراوس

2021 / 6 / 19
القضية الفلسطينية




الأساليب التي تستعملها الحركة الصهيونية العالمية وحكومات اسرائيل منذ قيامها "لحل" القضية الفلسطينية لا يمكن مقارنتها من حيث وحشيتها الفظيعة ووقاحتها وعدوانيتها خاصة في العقود الأخيرة خلال الحرب البربرية الأخيرة على غزة وقتل عشرات الأطفال، ومئات الأبرياء، الا بالطريقة النازية "لحل المسألة اليهودية نهائيًا" في سنوات الحرب العالمية الثانية، ولكن صمود وانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده من غزة إلى القدس والضفة والداخل وفي العالم، وتضامن الغالبية الساحقة من شعوب العالم مع القضية الفلسطينية، أعاد هذه القضية العادلة الى صدارتها الانسانية الكونية رغم تآمر الثالوث الدنس أي امريكا واسرائيل وأنظمة التطبيع لا بل الخيانة مع دولة الاحتلال والاستيطان الكولونيالي – هذا الثالوث الذي أراد "دفن" القضية الفلسطينية وفرض الهيمنة المطلقة لهذا الثالوث على الشعوب العربية بل وعلى غرب آسيا.

ولكن صمود سوريا واليمن وانتفاضة ومقاومة وصمود الشعب العربي الفلسطيني المناضل القى بهذه المؤامرة، أي دفن القضية الفلسطينية وبما يسمى صفقة القرن أو صفقة الخيانة والذل إلى مزبلة التاريخ. ومع كل الممارسات الارهابية للحركة الصهيونية عامة وحكام اسرائيل خاصة ضد الشعب الفلسطيني، ومع كل المقارنات التاريخية المشؤومة التي ذكرتها في البداية، تقوم الولايات المتحدة بادعاء أن ما تقوم به اسرائيل هو دفاع عن النفس، ومن خلال اعتقادهم بأنّ الغاية تبرر أيّة وسيلة من أجل تحقيق استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية اليمينية العالمية، في الهيمنة والسيطرة على غرب آسيا، لذلك نرى سرعة استجابة الادارة الامريكية بإرسال مئات ملايين الدولارات، لدعم ما يسمى "القبة الحديدية" في اسرائيل وتعويضها عن السلاح الأمريكي الاسرائيلي الوحشي البربري الذي قامت اسرائيل من خلال استعماله، بقتل الأطفال والأبرياء في غزة المحاصرة.

ان ما تقوم به الادارة الامريكية الآن في فترة بايدن من دعم سياسات اسرائيل العدوانية، من خلال الادعاء بأنّ ما تفعله اسرائيل هو دفاع عن النفس، وهو دليل بأن ما جرى في الولايات المتحدة بعد سقوط المأفون ترامب، ما هو الا تغيير القناع لا الوجه، فسياسات الولايات المتحدة بإداراتها المختلفة قد تختلف في التكتيك هنا وهناك ولكن ستبقى تخدم طبقة رأس المال العسكري والنفطي وشركات صناعة السلاح، وستبقى تخدم بكل الوسائل السياسية والاقتصادية والاعلامية قاعدتها الأمامية في الشرق الأوسط – اسرائيل، وبتعاون وتنسيق مع طبقة رأس المال الكومبرادوري الوسيط – الأنظمة الرجعية العربية – ولذلك لم اتفاجأ عندما شاهدت على شاشة التلفاز سفير الامارات في اسرائيل يأخذ "البركة" بل العار من قبل الرابي العنصري الصهيوني اليميني. ويجري هذا بعد كل الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، خاصة ضد سكان غزة المحاصرة على مدى أكثر من أربعة عشر عامًا.

وهنا لا بدّ أن نذكر بأن ممارسات حكومات اسرائيل الارهابية المتتالية والمدعومة من الولايات المتحدة، تتم بواسطة أكثر الأسلحة ابادة وعليها وسم الصناعة الامريكية. وتأتي الانظمة الرجعية العربية وعلى رأسها السعودية والامارات وتقوم بشراء السلاح الامريكي بمئات مليارات الدولارات، وهذا يدعم ويقوي طبقة رأس المال العسكري الامريكي بل كل الاقتصاد الامريكي، في حين يعاني الملايين من الشعوب العربية من الفقر والجوع حتى داخل هذه الدول أي دول النفط التي تعتبر دولًا غنية، وتقوم هذه الدولة الاستبدادية الرجعية بشن حرب همجية على اليمن، وقامت بدعم المنظمات الارهابية خاصة داعش في العراق وسوريا، وعملت مع الولايات المتحدة والصهيونية العالمية من خلال مؤامرة مدروسة تم اقرارها في مؤتمر للحركة الصهيونية العالمية في القدس عام 1984 والتي تهدف الى تقسيم سوريا الى دويلات، دويلة كردية في شمال سوريا، دويلة علوية غرب سوريا – على ساحل البحر الأبيض المتوسط دويلة سنية وسط سوريا ودويلة درزية على حدود اسرائيل خدمة لمصالح اسرائيل الاستراتيجية وأمنها، بل عدوانها في المنطقة، وهذا المشروع فشل من خلال نضال وصمود الشعب السوري ودعم روسيا وايران وحزب الله للشعب السوري والوطن السوري، ونجاح الانتخابات الاخيرة التي جرت في سوريا دليل على فشل هذه المؤامرة.

سياسات الصهيونية العالمية واحجارها حكومات اسرائيل منذ قيامها، هدفت وتهدف الى أن تقوم اسرائيل بوظيفة الدرك والاستحكام الأمامي الامبريالي في الشرق الاوسط وغرب آسيا.

ان كل عمل عدواني جديد، تقوم به اسرائيل انما يعطي الولايات المتحدة الحجة والفرصة للقيام بدور الوسيط، وهذا ما فعلته الولايات المتحدة بعد العدوان الارهابي على الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده خاصة ضد غزة المحاصرة، ولذلك رأينا وزير خارجية الولايات المتحدة يسرع في زيارة اسرائيل وفلسطين ودول المنطقة خاصة مصر والأردن بحجة العمل من اجل الاستقرار في المنطقة، ومدافعًا عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها دون اية ادانة للجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد سكان غزة المحاصرة، أي ان الولايات المتحدة مستمرة بسياستها الكيل بمكيالين، ومع ذلك نرى الانظمة العربية الموالية للإمبريالية الامريكية، تضع كل أوراق عملها السياسي مع الرجعية العربية المتواجدة في سرير واحد مع الامبريالية والمتولهين بالدبر اليهودية – الصهيونية، اعتقادًا منهم أي من هذه الانظمة الرجعية بأن الولايات المتحدة هي وحدها دون غيرها تستطيع الحصول على تنازلات من اسرائيل، ولكن صمود غزة وانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني في الفترة الأخيرة أظهرت لكل شعوب العالم بأن النضال والصمود والمقاومة هي الطريق الوحيد لقهر وهزيمة الثالوث الدنس ومن أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

وسياسات اسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، ستسبب في آخر المطاف بضرر لا يستهان به للمصالح الأمريكية الاستراتيجية والاقتصادية الطويلة الأمد في المنطقة، والفشل لسياسات اليمين الصهيوني الإسرائيلي عاجلا أم آجلا وقادة اسرائيل منذ قيامها وحتى الآن في فترة حكم المأفون نتنياهو يزمرون بغطرسة وعنصرية عن بأس اسرائيل العسكري، وتصريحات نتنياهو في فترة العدوان على غزة أكبر دليل على ذلك، وحكام اسرائيل يفعلون ذلك لكي يرفعوا سعرهم ويزيدوا مكانتهم أمام طبقة رأس المال العالمي خاصة العسكري والنفطي.

وهنا أعود بالذاكرة الى سنة 1980 حيث صرح رئيس دولة اسرائيل في ذلك الوقت هرتسوغ والد الرئيس الحالي، بأنه يمكن تشبيه جيش اسرائيل من حيث عدد الرجال، بالقوات المسلحة الامريكية في المانيا الغربية، وانه يكلف الولايات المتحدة الامريكية، أغلب الظن، أرخص الى السدس.

وهذا الكلام دليل على أن اسرائيل وأفراد جيشها خدام ورخيصو الثمن لطبقة رأس المال العالمي والصهيوني. وخلال زيارة شمعون بيرس "رجل السلام" الى واشنطن في تشرين الاول عام 1984 وخلال مفاوضاته مع الرئيس الامريكي في ذلك الوقت رونالد ريغين وغيره من قادة الادارة الامريكية صرح بأن حكومة "الوحدة القومية" في ذلك الوقت تعمق "الحلف الاستراتيجي المعقود في سنة 1981 مع الامبريالية الامريكية، والمنشَّط في اواخر سنة 1983 خاصة خلال السنوات الأخيرة، والموجه بالأساس ضد حركة التحرر الوطني في الشرق الاوسط وغرب آسيا وضد حركات التحرر في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية.

ومنذ عام 1984 اتخذت الاوساط الحاكمة الامريكية قرارًا لا سابق له بوضع أحد اقمارها الصناعية التجسسية تحت تصرف اسرائيل لكي يجمع المعلومات التجسسية في منطقة الشرق الاوسط وغرب آسيا، وهذا الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الامريكي لإسرائيل يهدف الى فرض الهيمنة والسيطرة على أرض فلسطين في الحدود التي رسمتها الحركة الصهيونية العالمية. وهنا اريد التذكير بأن في آب عام 1937 بحث المؤتمر العشرون للمنظمة الصهيونية العالمية إذا كان يجب تقسيم "إيرتس إسرائيل" ام لا، فما من صهيوني يستطيع ان يتخلى حتى عن قسم في منتهى الصغر من ارض اسرائيل.

الجدال يدور حول معرفة أي من السبيلين يؤدي بمزيد من السرعة الى الهدف العام.



ولاعتبارات تكتيكية دعا بن غوريون الى الموافقة على خطة التقسيم لأجل مواصلة النهج الاستراتيجي الرامي الى الاستيلاء على عموم فلسطين. وفضلاً عن ذلك قال بن غوريون آنذاك ان حدود "الدولة اليهودية" يجب ان تشمل شرق الأردن أيضًا بما فيها ذلك القسم الشمالي فيما وراء نهر اليرموك، وقد طالب برنامج بيلتمور الذي اقره الصهاينة في أيار عام 1942، فيما طالب، بتشكيل "الدولة اليهودية" في عموم اراضي فلسطين.

وفي اعلان الاستقلال الذي أصدره الصهاينة في 14 ايار عام 1948 والذي كان بن غوريون واضعه قيل عن عموم فلسطين فقد كان الشعب العربي الفلسطيني آنذاك يكون ثلثي سكانها انها "ارض اسرائيل"، كما ان حدود دولة اسرائيل لم تحددها لا حكومة بن غوريون ولا الحكومات اللاحقة "يسارية" كاذبة كانت ام يمينية.

وفي حالات كثيرة صاغ زعماء الحركة الصهيونية خططهم التوسعية بقدر كبير من الصراحة والصفاقة والعنصرية. فإن بن غوريون، مثلاً كان قد رسم في سنة 1951 برنامج حكام اسرائيل الصهاينة في مسألة الارض كما يلي:

"لا يمكن ان يتناول الكلام بقاء الستاتوس كو (أي الوضع بعد النكبة عام 1948). فقد انشأنا دولة زاخمة تتجه الى... التوسع. والآن لم نبلغ الاستقلال إلا في قسم من بلدنا الصغير". وزعم حينها بن غوريون بأن اسرائيل لا تشغل سوى 25% من أراضيها.

وبعد العدوان الاسرائيلي ضد الدول العربية عام 1967، والنكسة التي حلت بالشعوب العربية حاول حكام اسرائيل وبدعم من الامبريالية العالمية والصهيونية العالمية توثيق الاساطير حول "استحالة قهر اسرائيل" ولكن المواجهة الاخيرة بين دولة الاستيطان والاحتلال وبين الشعب العربي الفلسطيني في كل اماكن تواجده، فرض معادلات جديدة وأصبحت القدس خطًا احمر، وحتى مظاهرة رفع الاعلام الاسرائيلية في شوارع القدس الشرقية أصبحت غير ممكنة. ونقول لحكام اسرائيل خاصة الأحزاب الصهيونية اليمينية وعلى رأسها امثال نتنياهو وسموترتش وبن جبير وبينت وغيرهم بأنه لا يمكن ان يكون سلام أو استقرار أو أمان لهم في الشرق الاوسط بدون الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، فالقدس مفتاح السلام، والسلام العادل لمصلحة كلا الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني ولمصلحة شعوب المنطقة بل والعالم اجمع.

منذ قيام دولة اسرائيل وارتكاب جرائم النكبة، حكومات اسرائيل المتتالية تمارس سياسات الحروب العدوانية الاستباقية المتكررة وخير مثل على ذلك حرب عام 1956 وعدوان 1967، وتمارس سياسات الاحتلال والاستيطان الكولونيالي والتنكر للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني ليس فقط في المناطق المحتلة منذ عام 1967 بل أيضًا هنا داخل اسرائيل، من خلال التمييز السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومن خلال تشريع عشرات القوانين التي تعكس وتتبنى التمييز العنصري ضد الاقلية القومية الفلسطينية داخل اسرائيل، ومن أبرز هذه القوانين قانون يهودية الدولة، هذه السياسات والممارسات والقوانين حولت اسرائيل الى دولة ابارتهايد، وهذه السياسات التي تمارسها اسرائيل لا بد ان تؤدي عاجلا ام آجلا الى هزيمة الاستراتيجية اليمينية الصهيونية العالمية وهنا في اسرائيل، المدعومة من الامبريالية العالمية خاصة الامريكية، وبتواطؤ وخيانة انظمة التطبيع مع اسرائيل.

فالطريق الوحيد لخروج اسرائيل من طريق الهزيمة هو اتخاذ خطوات وسياسات أخرى تعترف بالحقوق العادلة للشعب العربي الفلسطيني، وحقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، واعترافها بمسؤوليتها الانسانية والتاريخية بجريمة النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني وتمزق المجتمع الاسرائيلي خاصة في السنوات الاخيرة، في فترة حكم سيد الارهاب نتنياهو، الذي اذا استمر بهذا الشكل الذي يحدث اليوم سيؤدي الى انهيار اسرائيل ليس فقط من الخارج، بل وأيضًا من الداخل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط