الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الإمبراطورية-, ماهي؟ وكيف نفكر بها. حوار مع أرونداتي روي

محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)

2021 / 6 / 21
مقابلات و حوارات


ترجمة محمود الصباغ
لقاء مجلة بوسطن ريفيو (عدد" امبراطورية الشر" خريف 2018) مع أرونداتي روي عن الرقابة ورواية القصص ومشكلتها مع مصطلح "ما بعد الكولونيالية".


تسأل "أرونداتي روي"، في روايتها الثانية، "وزارة السعادة القصوى" (2017)، "ما هو المقدار المقبول [دفعه] من الدم لتقديم أدب جيد؟"
تعتبر هذه العلاقة بين الخيال وأشياء الحياة الواقعية -العنف والظلم والسلطة- من طبيعة مركزية في كتابات "روي"، ويمكن منذ أن كتبت روايته الأولى" إله الأشياء الصغيرة" (1997) الحائزة على جائزة بوكر. وعلى مدى عشرين عاماً بين إصدار الروايتين، أقلقت الكاتبة الهندية الكثيرين -لاسيما أولئك الذين فضلوا التمسك بالسرد القصصي وأولئك الذين ارتاحوا لتحول السياسة العالمية بعد 11 سبتمبر- من خلال التعبير عن معارضتها السياسية علناً وبصوت عالٍ. تتناول مقالات "روي" النقدية، التي نُشر العديد منها في الصحف الهندية الكبرى، مواضيع الأسلحة النووية، والسدود الكبرى، وعولمة الشركات، ونظام الطبقات في الهند، وصعود القومية الهندوسية، والوجوه المتعددة للإمبراطورية، وآلة الحرب الأمريكية. وقد لاقت مقالاتها نصيباً من المدح وكذلك نصيباً من الغضب. وغالباً ما تعرضت، "روي"، للذم في وسائل الإعلام الهندية، واتُهمت بالتحريض على الفتنة، بسبب آرائها حول الدولة الهندية، وفساد المحاكم في البلاد، وسلوك الحكومة الوحشي في قمع التمرد في كشمير. حتى إنها تعرّضت، في إحدى المرات، للسجن بتهمة "ازدراء المحكمة". ولكن، ورغم كل هذا، تتعامل "روي"، في هذه المقابلة، بمنتهى الصراحة، وهي تتأمل في العلاقة بين الجمالية والسياسة في عملها، وفي نظرتها إلى السلطة، ومعنى العيش والكتابة في العصر الإمبراطوري.
نص المقابلة
أفني سيجبال: تحددين في كتابك "دليل الشخص العادي للإمبراطورية" (2004)، بعض الركائز المختلفة للإمبراطورية مثل العولمة، والنيوليبرالية، والنزعة العسكرية، ووسائل الإعلام الكبرى. فتكتبين: "حطّمَ مشروع عولمة الشركات قانون الديمقراطية، فلم تعد الانتخابات الحرة والصحافة الحرة والقضاء المستقل تعني شيئاً يذكر عندما اختزلتها السوق الحرة إلى سلع تباع لمن يدفع أكثر". هل مازال هذا صحيحاً اليوم؟ أو يحتاج إلى تحديث؟
أرونداتي روي: لقد كان هذا قبل أربعة عشر عاماً! فإن كان مازال صحيحاً أو يحتاج إلى تحديث، فلابد لتلك التحديثات أن تشمل، الآن، الطرق التي يستغل فيها رأس المال الكبير العنصرية، والطبقة الاجتماعية (النسخة الهندوسية من العنصرية، أكثر تفصيلاً، وتوافق عليها الكتب المقدسة)، والتمييز على أساس الجنس والتعصب الجندري (المعتمد في كل كتاب مقدس تقريباً) بطرقٍ معقّدة وخياليّة للغاية لتعزيز رأس المال نفسه وحمايته وتقويض الدّيمقراطية وتشتيت أي مقاومة. ولن يفيد شيئاً القول، هنا، أن ثمة فشل أصاب اليسار، بشكل عام، في معالجة هذه المشكلات. اندمجت، في الهند، الطائفة -ذلك النظام الأكثر وحشية للتسلسل الهرمي الاجتماعي- والرأسمالية في خليط جديد وخطير. وبات هذا الخليط بمثابة المحرك الذي يدير الهند الحديثة. ولن يساعد فهم أحد عناصر هذه الخلطة دون الآخر في التعرف على جوهر المشكلة. الطبقة غير مشفرة بلون محدد أو ألوان بعينها. ولو كانت كذلك، لو كانت مرئية للعين غير المدربة، لكانت ستبدو الهند، إلى حد ليس بقليل، دولة تمارس الفصل العنصري، الأبارتيد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ثمة "تحديث" آخر يجب أن نفكر فيه، فطرق التكنولوجيا الجديدة تكاد تصل إلى الاستغناء عن شرائح عريضة من الطبقة العاملة، مما يعني، مستقبلاً، توقف مجموعة سكانية، لابأس بحجمها، عن لعب أي دور في النشاط الاقتصادي -لنقل فائض سكاني إن أردت، مما يستدعي الحاجة إلى إدارة هذه الجموع والسيطرة عليها. سوف تضمن إحداثياتنا الرقمية سهولة التحكم بنا، وبتحركاتنا، وصداقاتنا، وشبكة علاقاتنا، وحساباتنا المصرفية، والوصول إلى الأموال، والطعام، والتعليم، والرعاية الصحية، والمعلومات (المزيفة، وكذلك الحقيقية)، وحتى رغباتنا ومشاعرنا- كل ما سبق، سوف يخضع للمراقبة والسيطرة بشكل متزايد على يد قوىً بالكاد نعرفها وندركها. تُرى، كم سنحتاج وقتاً قبل أن تشعر النخبة في العالم أنه يمكن حل جميع مشاكل العالم تقريباً إذا تمكنوا فقط من التخلص من هذا الفائض من السكان؟ ليتهم فقط تمكنوا من إبادة مجموعات سكانية محددة بدقة وبطرق محددة - باستخدام أساليب إنسانية وديمقراطية بالطبع. يفضل أن يكون ذلك باسم العدل والحرية. ليس بنطاق صناعي، مثل غرف الغاز أو الرجل البدين والولد الصغير، ما الغرض الآخر من الأسلحة النووية الذكية والحرب الجرثومية؟ [تشير "روي"، هنا مجازاً، إلى القنبلتين الذرتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناغازاكي, وتستخدم "روي" صيغة الجمع لوصفهما Fat Men، Little Boys- المترجم].
أفني سيجبال: كيف يمكن لصعود النزعة القومية الإثنية والشعبوية أن يغير من تشخيصك؟
أرونداتي روي: القومية الإثنية ليست إلّا ضربٌ خبيث من سلالات النزعة القومية. لطالما كانت القومية جزءً من مشروع الشركة العالمية. كلما زادت حرية رأس المال العالمي، أصبحت الحدود القومية أكثر صعوبة. احتاجت الحالة الكولونيالية إلى نقل أعداد كبيرة من الناس -العبيد وعمال السخرة- للعمل في المناجم والمزارع. أما الآن لا يحتاج النظام الجديد إلى ذلك، بل يبقي الناس حيث هم ويقوم بتحريك الأموال -لذا فإن الصيغة الجديدة هي رأس المال الحر مقابل العمل المحتجز. وإلا كيف سوف يتسنى لهم تخفيض الأجور وزيادة هامش ربحهم؟ الربح هو الثابت الوحيد. وقد نجحوا في ذلك إلى حد ما. ولكن حروب الرأسمالية الآن من أجل الموارد والقوة الاستراتيجية (المعروفة باسم "الحروب العادلة") دمرت بلداناً بأكملها، وخلقت أعداداً ضخمة من لاجئي الحروب الذين يتجاوزون الحدود. وتستغل، في وقتنا الحالي قطعان الفاشيين وأصحاب النزعة القومية الإثنية في جميع أنحاء العالم، شبح التدفق اللامتناهي للمهاجرين غير المرغوب بهم والذين بلون بشرة مغاير أو دين مغاير. هذه الشمعة التي تحترق من طرفيها ومن المنتصف أيضاً، لا يمكنها أن توضع كلها على باب نهب الموارد أو التفكير الاستراتيجي. كل هذا سوف يطوّر، في نهاية المطاف، زخماً ومنطقاً خاصاً به. وبينما تفور العاصفة، يخرج دعاة القومية الإثنية لتسخير الريح لها، ويشجعون بعضهم البعض. لقد أقرّت إسرائيل، للتو، قانوناً جديداً تقول فيه، وبصورة رسمية، أنها وطنٌ قوميٌ للشعب اليهودي [نشرت هذه القابلة في الثالث من كانون الثاني- يناير 2019]، مما يجعل مواطنيها العرب من الدرجة الثانية. هذا غير مفاجئ، ولكنه، حتى بمعاييره الخاصة، ما انفك يعبر عن وقاحة لا حدود لها. وبالطبع تعمل، إسرائيل والولايات المتحدة، وبجدّية، على شحذ وتعميق الانقسام بين السنة والشيعة في أنحاء الشرق الأوسط، والذي قد تكون نهاية جهدهما الكارثي هذا، هجوماً على إيران. ولا تستثنى أوروبا من هذا السياق، فهي أيضاً لديها خططها. أسس ستيف بانون، المساعد السابق للرئيس دونالد ترامب، منظمة "الحركة" في بروكسل، وتهدف إلى أن تكون "غرفة مقاصة للحركات الشعبوية القومية في أوروبا". وتسعى هذه "الحركة" إلى إحداث "تحول جذري" في السياسة الأوروبية، ويبدو أن الفكرة تستهدف شلّ الاتحاد الأوروبي، لأن تفكيكه سوف يجعل منه كتلة اقتصادية أقل رعباً، ومن السهل على حكومة الولايات المتحدة أن تتنمر عليه وتتفاوض معه. وفي الوقت نفسه، فإن توحيد العنصرييّن البيض في أوروبا والولايات المتحدة، ليس سوى محاولة للاحتفاظ بالقوة التي باتوا يشعرون أنها بدأت تفرّ من بين أيديهم.
لقد قيل ما يكفي، وبأصوات تكاد تصم الآذان، عن سياسات الهجرة التي ينتهجها ترامب -الأقفاص، فصل الرضع والأطفال الصغار عن عائلاتهم- وهذا أقلّ سوءً بقليل مما فعله باراك أوباما خلال فترة رئاسته. وفي الهند، أيضاً، قدح للتو فتيل قنبلة الهجرة، وأصبح أعضاء منظمات اليمين البديل الأمريكية أصدقاء جيدون للقوميين الهندوس، انطلاقا من روح عولمة الفاشية. وإذا ما أردنا أن نفهم العالم في صورته المصغرة، فما علينا سوى النظر إلى الهند. نشرت ولاية آسام، في الثلاثين من تموز-يوليو 2018، السجل القومي للمواطنين الذي أتى بديلاً لسياسة الهجرة غير الموجودة تقريباً. وحدّد المجلس القومي الموعد النهائي لأهلية الحصول على الجنسية الهندية بالعام 1971 -وهو العام الذي شهد تدفقاً هائلاً للاجئين من بنغلاديش بعد الحرب مع باكستان والذين استقر معظمهم في ولاية آسام، مما فرض ضغوطاً هائلة على السكان المحليين، لا سيما على مجتمعات السكان الأصليين الأكثر ضعفاً. لقد أدى ذلك إلى تصاعد التوترات، والتي تحولت في الماضي إلى جرائم قتل جماعي. ففي العام 1983 قُتل ما لا يقل عن 2000 مسلم، وثمة تقديرات غير رسمية تتقول أن العدد خمسة اضعاف هذا الرقم. الآن، وفي الوقت الذي يتم فيه شيطنة المسلمين علناً، ومع وجود حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي في السلطة، سوف تتم معالجة انقطاع سياسي استمر نصف قرن. ستؤدي عملية الاختيار، وغربلة ملايين الأشخاص الذين ليس لديهم جميعاً "أوراق إرث" مثل شهادات ميلاد، أو أوراق هوية، أو سجلات أراضي، أو شهادات زواج -سوف يؤدي هذا إلى فوضى واسعة لا يمكن تصورها. تم الإعلان أن نحو أربعة ملايين شخص عاشوا وعملوا في ولاية آسام لسنوات أنهم عديمي الجنسية -مثلما تم الإعلان عن وضعية الروهينجا في بورما في العام 1982. وهم معرضون لخسارة منازلهم وممتلكاتهم التي حصلوا عليها على مدى أجيال. ومن المرجح أن يتم تقسيم العائلات بطرق تعسفية تماماً. وفي أحسن الأحوال، سوف يواجهون احتمال أن يصبحوا مجموعة سكانية عائمة بلا حقوق، سيكونون بمثابة تجمعات للعمالة الرخيصة. أما في أسوأ الأحوال، سوف تتم محاولات ترحيلهم إلى بنغلاديش، والتي لن تقبل بهم في أغلب الأحوال. وفي ظل المناخ المتزايد من الشك وعدم التسامح ضد المسلمين، قد يعانون مصيراً يشبه الروهينجا.
لقد أعلن حزب بهاراتيا جاناتا عن خططه لمثل هذه الإجراءات في ولاية البنغال الغربية أيضاً. وإذا ما حدث ذلك في يوم ما، فسوف يُقتلع عشرات الملايين من البشر. ويمكن أن يصبح هذا الأمر بمثابة "تقسيم" جديد. أو حتى، لا سمح الله، رواندا أخرى. ولكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، ففقد أعلن حزب بهاراتيا جانتا في ولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، عن نيته إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي التي تمنح الولاية نوع من الحكم الذاتي الذي كان الشرط الوحيد لانضمام الولاية إلى الهند في العام 1947. وهذا يعني بدء عملية إغراق السكان المحليين بما يشبه النموذج الإسرائيلي في وادي كشمير. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، لقي ما يقرب من 70 ألف شخص حتفهم في صراع كشمير من أجل تقرير المصير. إن أي تحرك لإلغاء المادة 370 سيكون، بساطة، إجراء كارثي. وفي الوقت نفسه، سوف تنتظم المجتمعات الضعيفة التي تم قمعها واستغلالها واستبعادها بسبب هوياتها -أي انتماءاتهم الطبقية أو العرقية، أو جنسهم أو دينهم أو إثنيتهم- سوف تنظم هذه المجتمعات أنفسها أيضاً، على ذات المنوال، لمقاومة الاضطهاد والإقصاء.
وفي حين يبدو من السهل تبني مواقف أخلاقية سامية، فلا يوجد، في الحقيقة، ما هو بسيط إزاء هذه المشكلة. لأنها ليست مشكلة. إنها عرضٌ من أعراض الاضطراب والضّيق الشديدين. إن تأكيد الإثنية، والعرق، والطائفة، والقومية، والقومية الفرعية، والنظام الأبوي، وجميع أنواع الهوية، من قبل المستغِلين وكذلك المستغَلين، له علاقة كبيرة -ولكن بالطبع ليس كل شيء- لجهة إثبات المطالبة الجماعية بالموارد (الماء والأرض والوظائف والمال) التي تختفي بسرعة. ولا جديد هنا سوى الحجم الذي حدث فيه هذه الأعراض، والتشكيلات التي تتغير باستمرار، والفجوة الآخذة في الاتساع بين ما يقال وبين ما هو مقصود. وسوف تعاني بعض بلدان العالم من الخسارة بسبب طريقة التفكير هذه أكثر مما تخسره الهند -التي هي بمثابة أمة من الأقليات. يمكن أن تشتعل الحرائق، بمجرد اندلاعها، لألف عام. وإذا ما ذهبنا للحرب واخترنا البقاء هناك، وإذا ما سمحنا لتخيلاتنا بأن تكون عرضة للحصار داخل هذه المصفوفة، وإذا ما اعتقدنا أنه لا توجد طريقة أخرى لرؤية الأشياء، وإذا ما فقدنا رؤيتنا السماء ولما هو أوسع منها، فإننا، حينئذ، لا بد أن نجد أنفسنا في أتون صراعات تتصاعد وتنتشر وتتضاعف وتتحول بسهولة إلى نهاية العالم.

أفني سيجبال : لقد كتبتِ ذات مرة أن جورج دبليو بوش "حقق ما سعى الكتاب والعلماء والناشطون لتحقيقه على مدى عقود. لقد كشفَ القنوات. وللرأي العام بأكمله أجزاء العمل، وبراغي ومسامير جهاز نهاية الإمبراطورية الأمريكية". فماذا تقصدين بهذا؟، وهل تلك الطبيعة المروّعة للإمبراطورية الأمريكية، لا تزال، بادية لك وشفافة إلى هذا الحد الذي أشرت إليه، رغم مرور عشر سنوات، ورئيسين أتوا بعده ؟
أرونداتي روي: كنتُ، في كلامي السابق، أشير إلى تعليق بوش غير الدقيق وغير الذكي للغاية بعد أحداث 11 سبتمبر، وفي الفترة التي سبقت غزو أفغانستان والعراق. فضحتُ تفكير الدولة العميقة في الولايات المتحدة. تلك الشفافية اختفت في سنوات أوباما، كما كانت تميل عندما كان الديمقراطيون في السلطة. في سنوات حكم أوباما، كان عليك اكتشاف المعلومات وتجميعها معاً لمعرفة عدد القنابل التي تم إسقاطها وعدد الأشخاص الذين قُتلوا، حتى أثناء إلقاء الخطاب البليغ في حفل استلام جائزة نوبل للسلام. وعلى الرغم من الاختلاف الذي تلعبه سياساتهم المحلية في أرض الوطن، فمن البديهي أن السياسة الخارجية للديمقراطيين تميل إلى أن تكون عدوانية مثل سياسة الجمهوريين. ولكن ما هو عدد الدول التي تم تدميرها فعلياً، منذ الحادي عشر من سبتمبر، أي بوجود بوش وأوباما؟ والآن لدينا عصر ترامب، حيث نتعلم أن الذكاء والفوارق الدقيقة هي مصطلحات نسبية. وأن بوش، بالمقارنة مع ترامب، كان مفكراً جاداً، إذ تظهر، الآن، السياسة الخارجية الأمريكية على هيئة تغريدات متواصلة على مدار الساعة تجتاح العالم، فهل ثمّة شفافية أكثر من هذا؟. نهاية عالم سخيفة حقاً. من كان يتخيل أن هذا ممكن؟ لكنه كما يبدو ممكن -بل أكثر من ممكن- وسيكون أسرع في المستقبل إذا ما ارتكب ترامب الخطأ المروع بمهاجمة إيران.
أفني سيجبال: هناك فرق أسلوبي ملحوظ بين "إله الأشياء الصغيرة" و "وزارة السعادة القصوى"، اللتين تم نشرهما على مدار عقدين من الزمان. وفي حين تتحدث كلتا الروايتين عن السياسة والعنف، فإن "إله الأشياء الصغيرة" مشغولة بأسلوب يوصف غالباً بالواقعية الغنائية حيث الجمال أحد اهتماماتها، وتنتهي بملاحظة مفعمة بالأمل. ومن ناحية أخرى، ينظر إلى "وزارة السعادة المطلقة" على أنها رواية ملحّة أكثر ومتشظية وقاتمة أكثر، بحيث لا تحتمل الخسائر. وبالنظر إلى هيمنة الواقعية الغنائية في الرواية ما بعد الكولونيالية والعالمية، هل كان اختيارك الأسلوبي أيضاً بيانًا حول الحاجة إلى سرد أنظمة الهيمنة العالمية بشكل مختلف؟ هل الرواية دعوة غير مباشرة لإعادة التفكير في تمثل الرواية الهندية المكتوبة باللغة الإنجليزية؟
أرونداتي روي: "إله الأشياء الصغيرة" و"وزارة السعادة القصوى" هما نوعان مختلفان من الروايات، ولذلك تطلب العمل عليهما طرقاً مختلفة لسرد القصة فيهما، بيد أن اللغة في كلتا الروايتين تطورت بشكل عضوي لصيق كما كتبتهما. ولا أعلم، حقاً، أنني اتخذت "خيارات أسلوبية" بطريقة واعية. فقد استشعرت طريقي في "إله الأشياء الصغيرة"، نحو لغة تحتوي الإنكليزية والمالايالامية -لقد كانت تلك الطريقة الوحيدة لرواية تلك القصة عن ذلك المكان وهؤلاء الأشخاص. أما "وزارة السعادة القصوى" فقد كانت مشروعاً أكثر خطورة. وكان عليّ، من أجل كتابتها، دفع لغة "إله الأشياء الصغيرة" من سطح مبنى شاهق جداً، نحو الأسفل وجمع ما سوف يتناثر منها. كُتبتْ "وزارة السعادة المطلقة" باللغة الإنكليزية ولكن تم تخيّلها بعديد من اللغات -الهندية والأردية والإنكليزية.. أردت أن أكتب رواية، وليس مجرد قصة يتم سردها من خلال شخصيات قليلة تدور حياتهم في أطر وخلفيات خلفية معينة تتحكم بهم. حاولت أن أتخيل الشكل السردي للرواية كما لو أنها إحدى العواصم العظيمة في الجزء الذي أعيش فيه من العالم -عواصم قديمة وحديثة مبنية على خطط أو غير مبنية على خطط. قصة فيها طرق سريعة وأزقة ضيقة، أفنية قديمة، طرق سريعة جديدة. قصة تضيع فيها وستضطر إلى العودة. قصة على القارىء أن يعيشها في الداخل، لا أن يستهلكها. قصة حاولت فيها ألا أتجاوز الناس دون أن أتوقف لتحيتهم تحية سريعة وأدخن سيجارة ثم أتابع. قصة تخبرك فيها حتى الشخصيات الثانوية بأسمائهم وقصصهم ومن أين أتوا، والمكان الذي يرغبون في الذهاب إليه. وقد أتفق معك بأن "وازرة السعادة القصوى" رواية مجزأة وسريعة، مع إني أعشق الرواية المكتوبة على مدى عشر سنوات ثم تظهر كأنها كتبت على عجل، غير أني لا استطيع أن أقول عنها رواية قاتمة، ففي النهاية، معظم الشخصيات هم أناس عاديون، يرفضون الاستسلام للكآبة التي تحيط بهم، ويصرّون على أن يعيشوا جميع حالات الحب الهش والفكاهة والابتذال، الحالات التي تزدهر جميعها بعناد في أكثر الأماكن غير المتوقعة. ويتشابك، في حياة الشخصيات في كلتا الروايتين، الحب، والحزن، واليأس، والأمل، بإحكام، وعابر جداً. لست متأكدة من أنني أعرف أي من الروايتين أكثر كآبة وأيهما أكثر تفاؤلاً.
لا أفكر في بعض الفئات المطروحة في سؤالك. ولكن، وعلى سبيل المثال، أنا لا علم ما هي الرواية "العالمية" وكيف ينبغي لها أن تكون. أعتقد أن أعمالي روايات محلية جداً جداً. غير أن هذا لا يمنعني من التعبير عن مدى اندهاشي من سهولة ارتحالهما عبر الثقافات واللغات. لقد تمت ترجمتهما إلى أكثر من أربعين لغة -ولكن هل هذا يجعلهما يصنفان برتبة "العالمية" أم العمومية فقط؟ ثم أتساءل عن مصطلح ما بعد الكولونيالية. إذ كثيراً ما استخدمته على صعيدي الشخصي، لكن هل ثمة حقاً هناك شيء أتى "بعد" الكولونيالية؟ تعكس، كلتا الروايتين، وإن بطرق مختلفة، هذا السؤال. لازال هناك أنواع كثيرة راسخة غير معترف بها من الاستعمار. هل علينا أن ندع، هذه الأنواع، تمضي بسلام؟ هكذا؟ يفلتون ببساطة من المأزق؟ حتى "الرواية الهندية المكتوبة باللغة الإنكليزية"، هي، في ظاهر الأمر، فئة واضحة جداً. ولكن ماذا يعني ذلك حقا؟ تم رسم حدود الدولة التي نسميها الهند بشكل تعسفي من قبل البريطانيين. ما هي "الإنكليزية الهندية"؟ هل تختلف عن اللغة الإنكليزية الباكستانية أم الإنكليزية البنغالية؟ أم الإنكليزية الكشميرية؟ هناك حوالي 780 لغة في الهند، 22 لغة منها "معترف بها" رسمياً. معظم "إنكليزياتنا" تعرفنا عليها من خلال إلمامنا بواحدة أو أكثر من هذه اللغات. المتحدثون باللغة الهندية والتيلغوية والمالايالامية، على سبيل المثال، يتحدثون الإنكليزية بشكل مختلف. الشخصيات في كتبي تتحدث بلغات مختلفة وتترجم من أجل بعضها البعض. الترجمة، في كتابتي، عمل أابتدائي من أعمال الخلق. هم، وكذلك المؤلف، يعيشون فعلياً في لغة الترجمة. في الحقيقة، أنا لا أعتبر نفسي كاتبة "رواية إنكليزية هندية"، بل أعتبر نفسي كاتبة تجعل أعمالها وشخصياتها تعيش بعدة لغات. الأصل في حد ذاته جزء من الترجمة. أشعر أن روايتي تأتي من مكان أقدم، وكذلك من مكان أكثر حداثة وبالتأكيد من مكان أقل سطحية من مفهوم الأقوام. والآن، هل "وزارة السعادة القصوى" دعوة غير مباشرة لإعادة التفكير في تمثل الرواية الهندية المكتوبة باللغة الإنكليزية الهندية؟ أقول لك، لا.. لا، عن وعي وعن سابق إصرار وترصد، لا.. بوعي. لكن نوايا المؤلف الواعية ليست سوى جزء مما ينتهي به الكتاب. عندما أكتب الرواية، فإن هدفي الوحيد هو محاولة بناء عالم أدعو القراء السير فيه وعبره ومن خلاله. [اللغة المالايالامية هي لغة درافيدية, وهي اللغة الرسمية التي يتحدث بها سكان ولاية كيرالا الهندية وأقاليم اتحاد لاكاشادويب وبودوتشيري (في مقاطعة ماهي) بالإضافة إلى بعض الأقليات اللغوية في الدول المجاورة للهند، واسم اللغة مشتق من شعب المالايالي، وهي واحدة من بين 22 لغة معترف بها في الهند ويتحدث بها حوالي 2,88% من السكان، ويبلغ مجموع عدد الناطقين بها حوالي 34 مليون حول العالم. أما لغة التيلغو فهي أيضاً لغة درافيدية يتحدث بها سكان ولايتي أندرابراديش وتيلانغانا، وهي أيضاً لغة رسمية في الهند وتعد مع اللغة الهندية والبنغالية من اللغات الرسمية القليلة، في الهند، التي تتمتع بصفة اللغة الرسمية في أكثر من ولاية, التيلغو أيضاً هي اللغة الرسمية في مقاطعة يانام في بودوتشيري ولغة أقلية في ولايات أوديشا وكارناتاكا وتاميل نادو وكيرالا والبنجاب وتشهاتيسغاره ومهاراشترا وجزر أندامان ونيكوبار, وهي واحد من ست لغات تصنفها الحكومة الهندية كلغة كلاسيكية في البلاد ويتحدث بها حوالي 82 مليون شخص في الهند وحول العالم.-المرتجم]
أفني سيجبال: تسأل إحدى الشخصيات، قرب نهاية "وزارة السعادة المطلقة": "كيف يمكنك أن تروي حكاية ممزقة؟" تعج الرواية بشخصيات تم تقليص حياتها أو تهميشها، بطريقة ما، بسبب حدود الخيال القومي. ومع ذلك، فإن قصص هؤلاء تبدو غنية بالفكاهة والغضب والقوة والحيوية. كيف تتعاملين مع رواية القصص في وقت يتعرض فيه الناس باستمرار للإحباط من قبل روايات الدول الإمبريالية الجديدة القومية؟
أرونداتي روي: التخيلات القومية وروايات الدولة القومية ليست سوى جزء مما يتعين على الشخصيات في "وزارة السعادة القصوى" التعامل معه. كما يتعين عليهم التفاوض بشأن أنواع أخرى من التخيلات المتعفنة والمحدودة -من الطائفة، والتعصب الديني، والقوالب النمطية الجندرية. أما بخصوص الأسطورة التي تتنكر في صورة التاريخ، والتاريخ الذي يتنكر في صورة الأسطورة. فهذه مسائل يكون العمل عليها محفوف بمخاطر شتى، فضلاً عن مخاطر محاولة سرد هذه القصص. ويتم في الهند، اليوم، مراقبة رواية القصص، ليس فقط من قبل الدولة، ولكن أيضاً من قبل المتعصبين الدينيين، والجماعات الطبقية، والتابعين، والغوغاء الذين يتمتعون بالحماية السياسية، الذين يحرقون قاعات السينما، ويجبرون الكتاب على سحب رواياتهم، ويغتالون الصحفيين. لقد أصبح هذا الشكل العنيف من الرقابة وسيلة مقبولة للتعبئة السياسية وتشكيل الدوائر الانتخابية. يتم التعامل مع الأدب والسينما والفن كما لو أنها بيانات سياسية أو مشاريع قوانين تنتظر تمريرها في البرلمان والتي يجب أن ترقى إلى مستوى فكرة أصحاب المصلحة الذين نصّبوا أنفسهم حراساً للطريقة التي يجب أن يكونوا عليها أو يكون عليها تمثيل مجتمعهم أو تاريخهم أو بلدهم. وليس من المستغرب أن يستمر التعصب بجميع أنواعه في الازدهار والانقلاب على أولئك الذين ليس لديهم دعم سياسي أو دائرة انتخابية منظمة. لقد شاهدت مؤخراً فيلماً ناطقاً باللغة المالايالامية في ولاية كيرالا التقدمية بعنوان "أبناء إبراهام Abrahaminde Santhathikal"، لقد كان الأشرار الأغبياء والمجرمين الذين صورهم فيلم جميعهم من الأفارقة السود. ونظراً لعدم وجود جالية من الأفارقة في ولاية كيرالا، كان لا بد من نقلهم إلى قطعة من الخيال من أجل ممارسة هذه العنصرية! لا يمكننا إلقاء اللوم على هذا النوع من الأشياء على الدولة. هذا هو المجتمع. هؤلاء هم الناس. الفنانون والمخرجون والممثلون والكتاب -الهنود الجنوبيون الذين يسخر منهم الهنود الشماليون بسبب جلودهم الداكنة يهينون بدورهم الأفارقة لنفس السبب. أمرٌ مُذهل حقاً أن يحدث مثل هذا.
إن محاولة الكتابة أو صناعة الأفلام أو ممارسة الصحافة الحقيقية في مناخ كهذا أمر مزعج. إن طنين الغوغاء المقتربين يظهر كنتيجة دائمة تقع في خلفية الحدث. ومع ذلك، فهي قصة جديرة بأن تُحكى وتُروى أيضاً.
والآن، بالعودة إلى سؤالك, كيف يمكن سرد حكاية ممزقة؟ نعم هذا سؤال كتَبتْهُ في دفتر ملاحظاتها إحدى الشخصيات الرئيسية في "وزارة السعادة القصوى"، تيلو -تيلوتاما- التي تعيش في بيت ضيافة غير قانوني في مقبرة دلهي، وتجيب على السؤال بنفسها: هل من خلال التحول ببطء من الواحد إلى الجميع؟ لا.. بل من خلال أن تصبحَ، ببطء، كل شيء ببطء. تيلو مهندسة معمارية، وتؤرشف أشياء غريبة، وكاتبة اختزال، ومعلمة، ومؤلفة حكايات غريبة غير منشورة. الخربشة في دفتر ملاحظاتها عبارة عن تأمل في الأشخاص والحيوانات والجن والأرواح الذين انتهى بهم الأمر إلى مشاركة أماكن معيشتها معهم. وبالنظر إلى المناقشات التي تدور حولنا هذه الأيام، من المحتمل أن يتم تقريع تيلو بشدة لتفكيرها بهذه الطريقة. سيقال لها ليس صحيحاً من الناحية السياسية، ولا هو عملياً "التحول، ببطء، إلى الجميع"، أو الأسوأ من ذلك، التحول "إلى كل شيء". ولعل هذا الأمر صحيح تماماً. غير أن كل هذا غير مهم، بالنسبة إلى راوي القصص. في الأوقات التي تكون فيها مجنونة ومقسمة مثل أوقاتنا، ربما تكون محاولة "أن تصبح، ببطء، كل شيء" يعتبر نقطة جيدة لأن يبدأ منها الكاتب.
أفني سيجبال: أنت كاتبة مقالات، بالإضافة إلى كتابة الروايات، غزيرة الإنتاج وناشطة في المجال سياسي. هل ترين في هذه الأنشطة والعمل الروائي والمقالات امتدادات لبعضها البعض؟ من أين يبدأ الشخص والآخر بالنسبة لك؟
أرونداتي روي: لست متأكدةً من أنني أمتلك الجرأة العنيدة والصلبة التي يتطلبها أن يكون المرء ناشطاً سياسياً بصورة جيدة. أعتقد أن صفة "الكاتب" تغطي ما أقوم به بطريقة أكثر أو أقل. لا أرى في الواقع رواياتي ومقالاتي كامتداد لبعضهما البعض. بل هي أشياء منفصلة عن بعضها البعض، منفصلة جداً إن شئت. عندما أكتب الرواية، فأنا آخذ وقتي برويّة وعلى مهل، على غير استعجال، ويمنحني هذا متعة كبيرة. وكما قلتُ -آنفاً- أحاولُ أن أخلقَ عالماً عالم يسير فيه القراء. أمّا المقالات، فهي، على الدوام، عبارة عن تدخلات عاجلة في موقف يشعر فيه الناس بانسداد الأفق أمامهم. هي، إذن، حجج، ومناشدات، من أجل النظر إلى شيء مختلف. أذكر إني كتبت مقالتي السياسية الأولى، "نهاية الخيال"، بعد قيام الهند بتجاربها النووية في العام 1998. وأتى المقال الثاني "الصالح العام الأكبر"، بعد أن رفعت المحكمة العليا تعليقها على بناء سد سردار ساروفار على نهر نارمادا. ولم أكن أعلم، أن هذين المقالين، سوف يكونان بداية لما سيصبح عشرين عاماً من كتابة المقالات. تلك السنوات من الكتابة، والسفر، والجدل، والمحاكم، وحتى الذهاب إلى السجن، عمّقت فهمي للأرض التي عشت فيها وللأشخاص الذين عشت بينهم، بطرق لم أكن أتخيلها. لقد نشأ هذا الفهم بداخلي، طبقة تلو طبقة. لو لم أعش تلك السنوات العشرين بالطريقة التي عشتها، لما تمكنت من كتابة "وزارة السعادة القصوى". لكن عندما أكتب رواية، فأنا لا أكتبُ من موقع المنطق والعقل والحجة والحقيقة، على عكس الحالة التي أكون فيها عندما أكتب مقالات سياسية. تأتي الرواية بعد سنوات من التأمل في تلك التجربة الحية، وتقليبها مراراً وتكراراً حتى تظهر على بشرتي مثل العرق. أنا أكتب الرواية بجلدي. في الوقت الذي بدأت فيه كتابة "وزارة السعادة القصوى"، شعرت وكأنني صخرة رسوبية تحاول تحويل نفسها إلى رواية.
أفني سيجبال: ذكرت في كتابك "سياسات القوة Power Politics" (2001): "يبدو الأمر كما لو أن شعب الهند تم تجميعه وتحميله في شاحنتين (إحداهما كبيرة وعظيمة والأخرى صغيرة جداً) انطلقتا بحزم في اتجاهين متعاكسين. الشاحنة الصغيرة في طريقها إلى وجهةٍ براقةٍ، في مكان ما بالقرب من قمة العالم. أما الشاحنة الأخرى فمضت تذوب وتختفي في الظلام.. بالنسبة للبعض منا، تبدو الحياة في الهند كمن هو مُعلّق بين الشاحنتين، وما إن تتحركان حتى يبدأ الجسد بالتمزق، ليس جسدياً، بل عاطفياً وفكرياً". بالنسبة للدول حول العالم التي شهدت مقدمات مفاجئة ومتسارعة بخصوص العولمة والليبرالية الجديدة، هل يمكنك القول إن الشاحنة المتجهة إلى قمة العالم قد تحطمت؟ وماذا حدث لأولئك الذين يتم تقطيعهم ببطء؟
أرونداتي روي: حسنٌ، لنقل، على سبيل المجاز، لم تتحطم تلك الشاحنة، لكن عجلاتها غرقت، ومحركها اختنق ويئن ويكاد ينفجر من حرارته المرتفعة. أما أولئك الذين يتم تمزيقهم ببطء، فقد تم استقطابهم ويستعدون لتقطيع بعضهم البعض. رئيس الوزراء ناريندرا مودي هو تجسيد لما يمكن أن نطلق عليه قومية هندوسية مشتركة. وهو، مثل معظم أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا، عضو في راشتريا سوايامسيفاك سانغ، (النقابة الثقافية القومية الهندوسية) التي تعد أقوى منظمة في الهند اليوم. حزب بهاراتيا جاناتا هو في الحقيقة مجرد الذراع السياسية لهذه النقابة التي كان الهدف من تأسيسها في العام 1925، تغيير الدستور الهندي وإعلان الهند دولة هندوسية رسمياً. بدأ مودي مسيرته السياسية الرئيسية في تشرين الأول- أكتوبر 2001، عندما عينه حزبه (دون انتخاب) رئيساً لوزراء ولاية غوجارات. وفي شباط-فبراير 2002 (في ذروة الإسلاموفوبيا الدولية بعد 11 سبتمبر) جاءت مذبحة غوجارات التي ذُبح فيها مسلمون في وضح النهار على يد حشود من التابعين الهندوس، وتم طرد عشرات الآلاف من منازلهم. في غضون أشهر أعقبت ذلك. في ذا الوقت، دعم العديد من رؤساء الشركات الكبرى في الهند مودي بصورة علنية لمنصب رئيس الحكومة، رغم أنه لا يملك سجلاً سياسياً. ربما كان هذا لأنهم رأوا فيه سياسياً حاسماً عديم الرحمة ويمكنه أن يطبق سياسات اقتصادية جديدة ويقضي على الاحتجاجات والقلق في البلاد التي بدت حكومة حزب المؤتمر غير قادرة على التعامل معها (في الوقت الذي تم فيه تأخير تنفيذ مئات مذكرات التفاهم التي وقعتها الحكومة مع مختلف الكيانات الاعتبارية). استغرق الأمر منه اثنتي عشرة سنة، وفي أيار- مايو 2014، أصبح مودي رئيساً للوزراء بأغلبية سياسية واضحة في البرلمان. وتم الترحيب به على المسرح العالمي من قبل وسائل الإعلام الدولية ورؤساء الدول الذين اعتقدوا أنه سيجعل من الهند وجهة حلم للتمويل الدولي. وعلى الرغم من أن السنوات القليلة التي قضاها في السلطة قد شهدت مضاعفة ثروات الشركات التي يدعمها وكذلك عائلات حلفائه المقربين، إلا أن مودي لم يكن صاحب السوق الحر الذي لا يرحم والفعال، الذي كان يأمله الناس. ثمة أسباب لذلك تتعلق بعدم الكفاءة أكثر منها أسباباً إيديولوجية. فعلى سبيل المثال، ظهر مودي في وقت متأخر من ليلة تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، على شاشة التلفزيون وأعلن عن سياسته في "نزع القيمة النقدية"، وبمجرد ظهور هذا التصريح، فقدت 80 بالمائة من الأوراق النقدية الهندية قيمتها القانونية. كان من المفترض لهذا الأمر أن يكون ضربة سريعة لمكتنزي "النقود السوداء"، لكن هذا الإجراء أوقف حياة بلد عدد سكانه يزيد عن مليار نسمة. لم تحاول أي حكومة سابقة القيام بمثل حجم هذا الإجراء من قبل. لقد كان عملاً من أعمال الغطرسة التي كانت تنتمي إلى ديكتاتورية شمولية، وعلى مدى أسابيع تالية، وقف العمال المياومون وسائقو سيارات الأجرة وأصحاب المتاجر الصغيرة في طوابير طويلة، ساعة تلو الأخرى، على أمل تحويل مدخراتهم الضئيلة إلى أوراق نقدية جديدة. تمت إعادة جميع العملات، حتى الروبية الأخيرة، "السوداء" وكذلك "البيضاء"، إلى البنوك. لم يكن هناك، على الصعيد الرسمي على الأقل، "نقود سوداء". لقد كانت ميزانية كبيرة، وتخبط مذهل. لقد أدى نزع القيمة النقدية عن العملة والضريبة الفوضوية الجديدة على السلع والخدمات إلى كنس الشركات الصغيرة والناس العاديين. وبالنسبة لكبار المستثمرين ومعهم الأشخاص العاديين، تمثل نزوة الحكومة هذه التي تزعم إنها "صديقة للأعمال التجارية" ضربة قاتلة لهم و إعلان جاف، خالٍ من التزويق يقول بأنه لا يمكن الوثوق بمثل هكذا حكومة وليس ملزمة من الناحية القانونية.
كما أدت عملية نزع قيمة العملة، أيضاً، إلى إفراغ خزائن جميع الأحزاب السياسية تقريباً، نظراً لأن ثروتها غير المحسوبة عادة ما تكون نقدية. ومن ناحية أخرى، برز حزب بهاراتيا جاناتا في ظروف غامضة كواحد من أغنى، إن لم يكن أغنى، حزب سياسي في العالم. لقد وصلت القومية الهندوسية إلى السلطة بسبب القتل الجماعي والخطاب المتعصب الأكثر خطورة الذي يمكن أن يمزق نسيج السكان المتنوعين. فقبل بضعة أشهر، عقد أربعة من كبار قضاة المحكمة العليا مؤتمراً صحفياً حذروا فيه من أن الديمقراطية في الهند في خطر شديد. لم يحدث مثل هذا من قبل. بينما يتم تجفيف الكراهية في أرواح الناس، كل يوم، بقلوب يعتصرها السقم، نستيقظ على مقاطع فيديو لإعدام المسلمين التي تنشرها العناصر الحاقدة على يوتيوب، وأخبار تعرض "الداليت" للجلد العلني، واغتصاب النساء والأطفال، والآلاف يتظاهرون دعماً من الأشخاص الذين تم القبض عليهم بتهمة الاغتصاب، ومن أدينوا بارتكاب جرائم قتل جماعي في مذبحة غوجارات، سُمح لهم بالخروج من السجن بينما كان المدافعون عن حقوق الإنسان والآلاف من السكان الأصليين في السجن بتهمة التحريض على الفتنة، وكتب تاريخ الأطفال التي كتبها حمقى تماماً، وذوبان الأنهار الجليدية وانحدار مناسيب المياه بنفس سرعة انحدار معدل الذكاء الجماعي لدينا، ومع ذلك، فكل شيء على ما يرام ما دمنا نشتري السلاح من أوروبا والولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى تقريباً.
لذلك لا تزال الهند، التي تضم أكبر عدد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في العالم، وحيث انتحر وينتحر مئات الآلاف من المزارعين وعمال المزارع المثقلين بالديون، وحيث من الآمن أن تكوني بقرة أكثر من أن تكوني امرأة. يتم الاحتفاء بهذا البلد بوصفه أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. [ الداليت كلمة سنسكريتية تعني "المكسور" أو "المتناثر" والمعنى العام لها هو الشخص الذي ينتمي إلى أدنى طبقة في الهند، تم استبعاد الداليت من منظومة فارنا الهندوسية الرباعية، وكان يُنظر إليهم على أنهم يشكلون الفارنا الخامسة، كما تعرف الداليت أيضاً باسم بانشاما. يعتنق الداليت الآن معتقدات دينية مختلفة، بما في ذلك الهندوسية والبوذية والسيخية والمسيحية والإسلام ومختلف النظم العقائدية الأخرى.- المترجم]
أفني سيجبال: غالباً ما تم التذرع بكلمة "إمبراطورية" باعتبارها مشكلة أوروبية وأمريكية مميزة. هل ترين الهند ودول ما بعد الكولونيالية الأخرى أنها تتكيف مع الأشكال القديمة للإمبراطورية بثوب جيوسياسي جديد؟ "في وزارة السعادة القصوى"، تظهر لنا كيف طورت الحكومة الهندية استراتيجيات للمراقبة ومكافحة الإرهاب والتي هي في نطاقها، وبعبارة ملطفة، تعدُّ استراتيجيات شمولية. كيف يمكننا التفكير في إمبراطورية الآن في الجنوب العالمي، في وقت كانت فيه دول ما بعد الكولونيالية تحاكي التوصيفات الأخلاقية لأسيادها الاستعماريين القدامى؟
أرونداتي روي: من المثير للاهتمام أن الدول التي تسمي نفسها ديمقراطيات -الهند وإسرائيل والولايات المتحدة- مشغولة بإدارة الاحتلال العسكري. وكشمير هي واحدة من أكثر الاحتلالات العسكرية دموية وأكثرها تكثيفاً في العالم. تحولت الهند من مستعمَرة إلى قوة إمبريالية بين عشية وضحاها. لا يوجد ثمة يوم واحد منذ مغادرة البريطانيين للهند في آب- أغسطس 1947، لم يتم فيه نشر الجيش الهندي والقوات شبه العسكرية داخل حدود البلاد ضد "شعبها". والأمثلة كثيرة :ميزورام، مانيبور، ناجالاند، آسام، كشمير، جامو، حيدر أباد، جوا والبنجاب والبنغال والآن تشهاتيسغاره وأوريسا وجهارخاند. عدد القتلى في عشرات أو ربما مئات الآلاف. من هم هؤلاء المواطنون الخطيرون الذين يحتاجون إلى قمعهم بالقوة العسكرية؟ هم السكان الأصليون والمسيحيون والمسلمون والسيخ والشيوعيون. النمط الذي ظهر أنه ذو دلالة، وما يظهره، يدل بوضوح أنه نمط دولة هندوسية "عليا" تنظر إلى أي شخص آخر على أنه عدو. هناك الكثير ممن يرون الهندوسية نفسها كشكل من أشكال الاستعمار -حكم الآريين للدرافيديين وغيرهم من الشعوب الأصلية التي تم محوها وتحول حكامها المخلوعون إلى شياطين مهزومة و"أسورا" من الأساطير الهندوسية. تستمر قصص هذه المعارك في العيش في مئات الحكايات الشعبية ومهرجانات القرى المحلية التي تمثل فيها "الشياطين" الهندوسية آلهة الشعوب الأخرى. لهذا السبب أنا غير مرتاح لكلمة ما بعد الكولونيالية. [الأسورا كلمة سنسكريتية يقصد بها فئة من الكائنات في الديانات الهندية تعود للفترة الفيدية. يميل الأسورا لأن يكونوا كائنات شريرة تسعى إلى السلطة، ويرتبط الأسورا بالديفا الطيبين والمعروفين في الهندوسية في سياقها البوذي باسم "سورا". -المترجم]
أفني سيجبال: أصبح الحديث عن المعارضة والعدالة الاجتماعية سائداً في عصر ترامب -لكن علامات التصنيف على وسائل التواصل الاجتماعي غالباً ما تكون بمثابة عمل مباشر، وكثيراً ما تستخدم الشركات لغة الارتقاء والمسؤولية الاجتماعية مع مضاعفة الممارسات التجارية غير الأخلاقية. هل أخلت الاحتجاجات طاقاتها اليوم؟ أي نوع من المعارضة قادرة على كسر صرح الإمبراطورية في مثل هكذا بيئة؟
أرونداتي روي: أنت على حق. تستضيف الشركات معارض السعادة وندوات المعارضة وترعى المهرجانات الأدبية التي يدافع فيها الكتاب العظماء بقوة عن حرية التعبير. المعارضة هي الطريقة الجديدة الرائعة (والشركات) لتكون. ماذا نستطيع أن نفعل حيال ذلك؟ عندما نفكر في عظمة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، والاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام، يجعلنا هذا نتساءل عما إذا كان الاحتجاج الحقيقي ممكناً بعد الآن. أنه كذلك. لاشك إنه كذلك بالتأكيد. كنت مؤخراً في يوتيبوري - السويد، عندما اندلعت، هناك، أكبر مسيرة نازية منذ الحرب العالمية الثانية. كان عدد النازيين يفوق عدد المتظاهرين المناهضين للنازية، بما في ذلك منظمة "أنتيفا" الشرسة، بأكثر من عشرة إلى واحد. ويواجه القرويون العزّل، في كشمير، رصاص الجيش، وفي باستار، وسط الهند، أوقف الكفاح المسلح من قبل أفقر الناس في العالم بعضاً من أغنى الشركات في مسارها. من المهم أن نحيي انتصارات الناس، حتى لو لم يتم الإبلاغ عنها دائماً على شاشات التلفزيون. على الأقل الأشخاص الذين نعرفهم. جعل الناس يشعرون بالعجز والضعف واليأس هو جزء من البروباغاندة. لكن ما يحدث في العالم الآن يأتي من كل اتجاه ويمضي بعيداً حقاً. يجب أن يتوقف. ولكن كيف؟ لا أملك حقاً، حلاً لأي شيء ولا نصيحة لعلاج كل شيء. أعتقد أننا بحاجة جميعاً بحاجة إلى أن نصبح متمردين جديين. أعتقد أن الوضع سيصبح، في مرحلة ما، غير مستدام للقوى الموجودة. ستأتي نقطة التحول قد تكون هي لحظة الهجوم على إيران، على سبيل المثال وسوف يؤدي ذلك إلى فوضى لا يمكن تصورها، ويخرج منها شيء لا يمكن التنبؤ به. يكمن الخطر الأكبر في أنه يتم/ مراراً، نزع فتيل عاصفة الغضب التي تتراكم وتنضم إلى حملة انتخابية أخرى. نخدع أنفسنا بالاعتقاد بأن التغيير الذي نريده سيأتي بانتخابات جديدة ورئيس جديد أو رئيس وزراء على رأس نفس النظام القديم. بالطبع، من المهم إبعاد الأوغاد القدامى عن مناصبهم وإخراج الآخرين الجدد، لكن لا يمكن أن يكون هذا هو الدلو الوحيد الذي نصب فيه شغفنا. بصراحة، طالما واصلنا النظر إلى الكوكب باعتباره "موردًا" لا نهاية له، وطالما أننا نؤيد حقوق الأفراد والشركات في جمع ثروات لا حصر لها بينما يعاني الآخرون من الجوع، وطالما أننا لا نزال نعتقد أن الحكومات ليس من مسؤوليتها إطعام الجميع وكسوتهم وإسكانهم وتعليمهم، طالما مازلنا نعتقد بكل ذلك، فأي كلام نتفوه به يبقى مجرد مواقف. لماذا تخيف هذه الأشياء البسيطة الناس كثيراً؟ إنها مجرد آداب عامة. فلنواجه الأمر: السوق الحرة ليست حرة، ولا تهتم بالعدالة أو المساواة.[ أنتيفا Antifa منظمة يسارية معادية للنازية كانت تتبع الحزب الشيوعي الألماني وتأسست في جمهورية فايمار ما بين 1932-1933 وهي مشتقة من اللغة الألمانية Antifaschistische Aktion بمعنى العمل المناهض للفاشية-المترجم].
أفني سيجبال: السؤال المحير المتمثل في النضال العنيف ضد الهيمنة ظهر في لحظات مختلفة من التاريخ. وقد تمت مناقشته في سياق كتابات فرانز فانون، غاندي، حياة السود مهمة، فلسطين، والحركة الناكسالية، على سبيل المثال لا الحصر. إنه سؤال يظهر أيضاً في رواياتك الخيالية والواقعية. ما رأيك في الأمر بعدم استخدام العنف في المقاومة من أسفل؟[الناكسال منظمة سياسية متشددة منشقة عن الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني)، الذي تأسس في كلكوتا في العام 1969. والاسم مشتق من اسم قرية Naxalbari في غرب البنغال، حيث حدثت ثورة الفلاحين في العام 1967. وينظر إلى أعضاء هذه لحركة كشيوعيين متطرفين قريبين من أفكار الزعيم الصيني ماوتسي تونغ ن للماوية."-المترجم]
أرونداتي روي: أنا ضد الأوامر والتعليمات غير الملزمة من الأعلى للمقاومة من الأسفل. هذا سخيف، أليس كذلك؟ هل يعقل أن يخبرَ الظالمون المظلومَ كيف عليه أن يقاوم؟ سيختار الناس أسلحتهم في القتال. بالنسبة لي، مسألة الكفاح المسلح مقابل المقاومة السلبية هي مسألة تكتيكية وليست إيديولوجية. على سبيل المثال، كيف يقاوم السكان الأصليون الذين يعيشون في أعماق الغابة بشكل سلبي الحراس المسلحين وآلاف القوات شبه العسكرية الذين يحاصرون قراهم ليلاً ويحرقونها ويسوون بيوتهم في الأرض؟ المقاومة السلبية مسرح سياسي. يتطلب جمهوراً متعاطفاً. لا يوجد أحد داخل الغابة. وكيف يضرب الجائعون عن الطعام؟. يمكن أن يشير التبشير باللاعنف، في مواقف معينة، إلى نوعٍ من العنف. كما أنه نوع من المصطلحات التي تتوافق بشكل جميل مع خطاب "حقوق الإنسان" حيث يمكن، من موقع رفيع من الحيادية الزائفة، والسياسة، والأخلاق، والعدل، أن يُستبعد من الصورة، يمكن إعلان جميع الأطراف حقوق الإنسان الجناة ، ويمكن الحفاظ على الوضع الراهن.
أفني سيجبال: بينما يُطلق على هذا العدد من المجلة الذي سوف تنشر فيه هذه المقابلة اسم "إمبراطورية الشر"، وهو مصطلح مستعار من وصف رونالد ريغان للاتحاد السوفيتي، هناك الكثير ممن يعتقدون أن الإمبراطورية هي الآلية الإدارية والسياسية الوحيدة المستدامة لإدارة أعداد كبيرة من السكان. كيف يمكننا تحدي الأصوات المهيمنة، مثل نيال فيرغسون، الذي وضع الكثير من الثقة في التفكير بنوع الإمبراطورية؟ على الجانب الآخر، كيف يمكننا التحدث إلى الليبراليين الذين وضعوا ثقتهم في عسكرة الإمبراطورية الأمريكية في حقبة ما بعد 11 سبتمبر؟ هل ترين أي طريقة للخروج من قبضة التفكير الإمبراطوري الحالية؟
أرونداتي روي: "المجموعات السكانية المُدارة" ليس بالضرورة التفكير من منظور فيرجسون الإداري. ما يراه المُدارون على أنه استقرار، يراه المُديرون على أنه عنف ضدهم. ليس الاستقرار هو الذي يدعم الإمبراطورية. إنه العنف. وأنا لا أعني فقط الحروب التي يحارب فيها البشر ضد البشر. أعني أيضاً العنف الذهاني ضد كوكبنا المحتضر. لا أعتقد أن المؤيدين الحاليين للإمبراطورية هم من أنصار الإمبراطورية بشكل عام. إنهم يدعمون الإمبراطورية الأمريكية. في الحقيقة، الرأسمالية هي الإمبراطورية الجديدة. الرأسمالية يديرها الرأسماليون البيض. ربما لن تلهم إمبراطورية صينية أو إمبراطورية إيرانية أو إمبراطورية أفريقية نفس المشاعر الدافئة؟ "التفكير الإمبراطوري"، كما تسمونه، ينشأ في قلوب أولئك الذين يسعدون للاستفادة منه. ويقاومها من لا يستفيد وأولئك الذين لا يرغبون في ذلك. الإمبراطورية ليست مجرد فكرة. إنها نوع من الزخم، قوة دافعة للسيطرة تحتوي داخل دائرتها على حتمية التجاوز والتدمير الذاتي. عندما يتغير المد، وتبرز إمبراطورية جديدة، سيتغير المديرون أيضاً. وكذلك بلاغة المديرين القدامى. وبعد ذلك سيكون لدينا مدراء جدد، بخطابات جديدة. وستكون هناك شعوب جديدة ستنهض وترفض أن تُدار.

العنوان الأصلي: How to Think About Empire
المصدر: Boston Review’s Fall 2018 issue Evil Empire.
https://bostonreview.net/literature-culture-global-justice/arundhati-roy-avni-sejpal-challenging-%E2%80%9Cpost-%E2%80%9D-postcolonialism








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة