الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


‏عندما دخلَت الكثير مِن أنظمة الدول العربيّة في "معمعة" التطبيع مع الكيانِ الضهيونيّ المُحتل، كان الجميع يتساءل ما هي مصلحَة هذه الأنظمة مِن هذا التطبيع إن كانَت لا تربطها به -أي الكيان- أيّة حدود، وما الذي أجبرَ هذه الأنظمة على أن تجعلَ الاستيطان مقبول، وجعلِه أمِرا طبيعي جدًا .

‏لكن، اليوم، وجراء التحولات السياسيّة الحاصلة في القلب مِن حركة حماس، التي يرى فيها مُعظم العرب بأنّها مِن أبرَز المُدافعينَ عن القضيّة الفلسطينيّة، ولمِس أدوار إقليميّة لها تطرَح العديد مِن الأسئلة، فمِن حقنا أن نتساءل عن ما يجري في داخلِ هذه الحركة، وما الذي تهدف لهُ هذه الحركة، ‏خاصةً، بعد الزيارات التي تقوم وستقوم بها إلى معظم الأنظمة التي طبّعَت مع إسرائيل، وفي مُقدمتها زيارَة المغرِب، وما لهذه الزيارة مِن أبعاد، لا سيّما تلكَ الأبعاد المتعلِّقة بالدورِ الاسرائيلي في الصراع المغربي الجزائري حول قضيّة الصحراء الكُبرى .

‏نحنُ ندرِك حجم الضغوطات السياسيّة، ونعي حجم التقلّبات والإنقلابات السياسيّة في المنطقة، ونعلَم عن حجم العلاقات الوطيدة ما بين الأنظمة العربية وما بين إسرائيل . لكن، هذا الأمر لا يعفي حماس مِن أن تُبيّن مخطّطاتها الي تعمَل عليها، وأن نقول لها بأنّ ثمة شُبهات تطاردها ليلًا ونهارا .

إنَّ مِن أهمّ الأمور التي تُثير الجدَل حولَ حركة حماس وتحرّكاتها في الفترة الأخيرة على المستوى الإقليمي، وخاصةً، بعد تلكَ التحركات التي جاءت بعد اتفاق القاهرة المُفشَّل، والذي لَم يُراد منهُ أن يخرُج بنتائجٍ واضِحة، تكون مُرضية لكافة الأطراف التي احتضنها الاتفاق، هو تقرُّب الحركة أكثر فأكثر مِن إيران دون أن تتعاطى جيدًا مع المعطياتِ السياسية في المنطقة، ودون أن تفرِض ولو مجموعة مِن القيود البسيطة، التي تُحدِّد علاقتها وتقرّبها السياسيّ مِن إيران . فمن خلال التصريحات الأخيرة لواحِد مِن أبرَز قيادات الحركة، وهو خالد مشعل، لمسنا تقدُمًا كبيرًا في سيرِ العلاقات ما بين حركة حماس والقيادات الإيرانية، التي تلعَب بذكاء على الوتَر الأقَل سوءًا في صراعها المصلحيّ، الذي يضمَن لها البقاء كلاعب مُهم في صراع القوى العالميّة، حتى وإن لَم تكُن قوّة عالميّة، لكنّها تبقى مؤثرة بشكلٍ كبير على أُسس هذا الصراع . ولم يقتَصر الأمر في تقدُّم العلاقات فقط، بل شهِدنا تودُّد كبير مِن قبل قيادات حماس لإيران، إلى درجة أنَّ الأمر قد بلغَ ببعضهم إلى أن يصنَع هالة قُدسيّة كبيرة، تُحرِّم الاقتراب مِن إيران، وكأنّ إيران هي آلهة السلام في الشرق الأوسط، والمُدافع الأوحد عن القضايا الحقوقية في المنطقة، مع أنّها على العكس من ذلك، فها هي لا تنفَك عن محاولات احتلالها للدول العربيّة، وجعلِ عواصمها، أي العواصم العربية، عواصم فارسية وليسَ عواصم ذات جذور عربية، وليس أدلّ على ذلك مِن محاولات فرض ميلشيّاتها الهيمنة المُطلقة على أكثر من أربع عواصم عربيّة .

وأنا هُنا، لستُ بصددِ أن أفسِّر ما قالهُ خالد مشعل، أو ما يقولهُ أي قيادي في الحركة عن علاقتهم مع إيران تفسيرًا دقيقًا . لكن، هذا لا يمنعني مِن القول، بأنّ هُناكَ ولو مؤشرات بسيطة، تثبت بأنّ هذه القيادات تُحاول أن تُظهر -بطريقة غير مباشرة- لبعض الأنظمة السياسية العربية بأنّها أحَد أذرُع إيران في المنطقة، وأنّهُ ثمةَ مُحاولات تقُرُّب تبديها إيران إلى الفلسطينينَ وقضيّتهم أكثر وأفضل مِن أيّ قُربٍ يبديه العرب قاطبةً، وهذا فضلًا عن أنّ ترديد الحديث الذي مفادهُ، أنّ المصلحة السياسية للقضية الفلسطينية تحتِّم على الحركة أن تكونَ بالقُرب مِن إيران كما لم تكُن في قربها بأيّ وقتٍ مضى .

وبناءً على ذلك، فإنّني أجِد بأنّه لا بُدّ من أن نقولَ، أنّهُ وعلى ما يبدو أن قيادات حركة حماس لم يأخذها بعد النظر في القضية، ولم تعطِ أيّ اعتبارات لأيّ معطيات إقليميّة ستجُر القضية الفلسطينية إلى ما لا يُحمد عُقباه، بمعنى أنّها ستُضعِف شرعيّتها الدولية، وتجعَل الصراع الذي ليسَ منهُ أيّ طائلٍ صراعًا دائما، وأنا هُنا لا أقصُد المقاومة للعدوّ الصهيوني بأيّ شكلٍ من الأشكال، وإنما أقصُد النهج السياسيّ الهشّ الذي تنتهجهُ حركة حماس، والذي مِن الواضح أنّها تُستغل مِن خلاله.

الخُلاصة: إن كانَت حماس تُريد أن توجِد مقاومة شعبيّة كبيرة للوقوف في وجهِ العُدوان الصهيونيّ، فعليها أن تُدرِك قبل كُلّ شيء، بأنَّ تقرّبها "غير المُقيَّد" من إيران، سيُحدث اختلالات قيميّة في القضيّة الفلسطينيّة، أو لنقُل في دفاعها عن القضيّة الفلسطينيّة . حيث أنّ إيران ومهما أبدَت استعدادها للدفاع عن القضية الفلسطينيّة، وأظهرَت بأنّها جاهزة لتقديمِ كُلّ ما في وسعها لدعمِ "حماس، إلّا أنّ هذا سيبقى في إطار استغلال القضيّة لصالِح قضاياها الإقليميّة والعالميّة، أهمّها "الحلم النووي"، ولن يتجاوز هذا حدود العزِف على وترِ القضيّة الفلسطينيّة، ولن يكونَ هذا العزِف إلّا طربًا لمصالحها، ولن يكونَ هذا إلّا إدعاءً تكسّبي/مصلحيّ .

ولأنَّ أبناء فارِس يُدركونَ بأنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضيّة صراع قومي، فيجب علينا وعلى حماس ألّا نُصدِّق كُلّ ما يخرُج مِن أفواههم حينما يتحدّثونَ عن القضيّة، وكذّبهم حينما يقولونَ "بأنّنا على استعداد لتقديم الثمين والنّفيس في سبيلِ الانتصار للقضيّة الفلسطينيّة" . فهذا ليسَ أكثر مِن تجميلٍ لقبولهم.

التطبيع مع إيران والتطبيع مع إسرائيل، يتقاطعان كثيرًا مع بعضهما، وكلاهما وجهان لعُملة واحدة . وهي عُملَة القضاء على العرَب، وتقديس عدو على حساب عدو آخر هي قاعِدة تضع المسمار في النّعش العروبيّ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث