الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله يضل !

اسكندر أمبروز

2021 / 6 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مع وجود التشابهات الكثيرة بين مختلف الأديان , إلّا أن بعضها يتميز ويختلف عن بعض بشكل كبير جداً في بعض النواحي والأحيان , ومن أخطر ما ينسف دين بهائم الصحراء هو ادعاء الخرآن العقيم أن الله يضل الناس , ويرسل الشياطين "تأزهم أزّا" , ويزيد الناس في طغيانهم...الخ من الصور التي تدفع أي عاقل لإدراك مدى بشرية وانحطاط هذا الكتاب وكاتبه فلسفياً وفكرياً !!

وطبعاً وكالعادة يظهر أمامنا المرقعون لمحاولة ضبضبة دينهم الفاضح , بطرق مضحكة للغاية وطفولية وبدائية جداً...

فأكثر الردود السفيهة التي رأيتها تتردد على ألسنة المرقعين على حجّة أن الله يضل وباعتراف الخرآن , هي أن الضلال الإلهي أو دفع الإله لأحدهم نحو الضلال , يأتي فقط بعد اقتراف شخص ما فعلاً مضلّاً , أو أن الضلال يأتي أولاً بمشيئة وإرادة بشرية أولاً ثم يأتي ضلال الإله ليزيد الشخص انغماساً في الضلال !!!!!!

وطبعاً لم أشهد في حياتي كلاماً مريضاً من الناحية الفكرية كهذا !!

فأولاً هذا الكلام يتعارض مع آيات خرآنية عديدة تدّعي وبكل وضوح أن الله يضل قبل أي فعل وأي إرادة بشرية تذكر كالأنعام 125 مثلاً...

ولكن ولو أخذنا هذا الكلام على محمل الجد , فستظهر لنا مصائب لا تحصى تضرب الدين في مقتل...

فلو كانت الإرادة البشرية في الضلال سابقة لإرادة الاله , فهذا يرمي مهزلة القضاء والقدر من الشبّاك بشكل تلقائي , فمن المعلوم أن ارادة ومشيئة وتقدير وخطّة الإله سابقة لأي شيء وللخليقة كلها أصلاً !! وكل شيء مكتوب ومقدّر حدوثه مسبقاً , فكيف لأي شخص أن يقرر أو يكون له مشيئة سابقة لمشيئة الإله ؟؟؟

علاوة على ذلك فإن كان الضلال قد حصل قبل ارادة إلهية أو قبل الضلال الالهي , فهذا يجعل الضلال الالهي أمراً لا جدوى منه , ولا داعي لحدوثه أصلاً , فالضلال قد حصل وانتهى الموضوع , وزيادة الشخص الضال ضلالاً يعني أن الاله هذا عبثي ويفتقر لأبسط مبادئ الحكمة , فتكرار الشيء للوصول لنتيجة قد وقعت سابقاً هو الجنون بعينه , وهذا طبعاً بغض الطرف عن إلباس الإله ثوب الشرّ المطلق , حيث أنه عوضاً عن معالجة المشكلة بالهداية , فإنما يزيد الطين بلّة بالمزيد من الضلال والحقد , والذي يتعارض مع صفة "كلّي الخير" التي ألصقها صنّاع الخرافة بإله بهائم الصحراء.

ولو أزحنا هذا جانباً , وقلنا أن الله ترك مشيئة الهداية والضلال كحرية شخصية , ولم يقدّر أيّاً منها على أحد , وهو مع هذا كلي العلم والقدرة والخير ويريد هداية البشر جميعاً لدينه , فهذا يفتح أمامنا معضلة الشر , فهو في هذه الحالة تارك لمليارات البشر أن يضلّو دون أن يتدخل ليهديهم أو يشرح صدرهم للإرهاب , فيما يتنافى مع طبيعته المعلومة المذكورة آنفاً (كلي القدرة كلي المعرفة وكلي الخير) , وهذا أيضاً يتعارض مع مبدأ القضاء والقدر المحسوم والواضح من الناحية الفصامية الدينية.

ولهذا فإن رجل الدين أو المدافع عن الخرافة المروّج للدجل أمام 3 مصائب كل منها يمثّل خازوقاً مبشماً أوسع من سابقه !!

فإمّا الله يضل قولاً واحداً !! أو ضلاله يأتي بعد وقوع الضلال أصلاً , وبهذا يكون الله مضلّاً وعبثياً , وفي نفس الوقت هذا كلّه يضرب الايمان بالقضاء والقدر عرض الحائط , أو أن الله يترك حريّة الاختيار فلا يضل ولا يهدي أحد , وهذا يفتح باب عقدة الشر على مصراعيه لاعناً شرف الإله ودينه بشكل ساحق.

وهذا التخبط الديني الذي يقع فيه المؤمن هو ليس سوى نتيجة طبيعية وحتمية لمحاولة أي معتنق للخرافة أن يتمسح بالمنطق والتفكير والعقلانية , فلا اجتماع للمنطق مع الخرافات الدينية , فإمّا أن ينتصر العقل أو أن يتم وضعه جانباً لخدمة الدجل الديني , ولا حل وسط على الإطلاق , ومن يحاول الوصل بين الاثنين , سينتهي به المطاف كالمثال السابق , حائراً متخبطاً متضارباً وضائعاً في غياهب الهراء والخرافات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53