الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة غير الاقتصادية تطور قدرات البشر الإبداعية بطريقة مذهلة

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 6 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد لاحظ الكثير منا أنه تحول شيئا فشيئا من شخص عادى سابقا إلى قارئ مميز ثم إلى كاتب مميز أو ناشر مميز ثم إلى مصور صحفى لنفسه ولعائلته وللغير ثم إلى ناقد أدبى وفنى على فيسبوك وتويتر ، بل وتحول بعض الشباب إلى صناع أفلام وممثلين على تيك توك ويوتيوب وانستاجرام ، ولم يقف الأمر عند ذلك بل تحول البعض إلى سياسيين وقضاة وأطباء نفسيين وخبراء تنمية بشرية محفزين للغير على العديد من مواقع الانترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعى السريعة التطور. الواقع أن تلك التحولات التى لا تستند معظمها إلى أسس علمية واضحة بل تتم الآن بصورة عفوية يمكن اعتبارها مرحلة انتقالية من التغير الثقافى الاعلامى الاجتماعى العالمى يعاد فيها تشكيل الوعى الإنسانى بصورة عالمية حتى لو بدت محلية أو إقليمية. قد يعتقد البعض أن هذا أمرا سلبيا لإنه قد يثير البلبلة ويزيد الشائعات وغير ذلك من أمور سلبية ولكن الواقع يشير إلى عكس ذلك ، لقد اكتشفت العولمة بذراعها القوى وهو الانترنت الكثير من المبدعين الذين أثروا فى محيط عائلاتهم وأعمالهم ومجتمعاتهم الصغيرة قبل أن يصل البعض منهم إلى المستوى المحلى فى المدينة أو على مستوى الدولة أو الإقليم أو العالم . لقد استغل بعض المبدعين أذرع العولمة القوية فى التأثير فى مجتماعتهم بطريقة عفوية أولا ثم منظمة ثانيا مما جعل المجتمعات تمر بمرحلة من التفاعل المستمر الذى يؤدى إلى التغيير بعد أن تتسع الآفاق ويعود الوعى الغائب لدى الكثير من العامة و"حزب الكنبة" ، وعودة "حزب الكنبة" هذه المرة ليست من خلال مفكرين وسياسيين أفذاذ بل من خلال أشخاص أقرب للعاديين مبدعين مؤثرين فى مجتماعتهم المحلية ثم الإقليمية وربما العالمية ، فقد ينطلق المبدع من حى صغير فى مدينة مثل الإسكندرية إلى كل الإسكندرية ثم إلى القاهرة ثم إلى مصر ثم إلى الوطن العربى وإلى المتحدثين بالعربية فى كل بلاد المهجر ، ويحدث هذا أيضا فى تونس والمغرب والسعودية والإمارات ، ويقوى ليصل إلى كل العرب ، بل يحدث ذلك الآن مع انتشار الترجمة إلى كل العالم الذى أصبح يتابع الفنانين والإعلاميين والرياضيين وخبراء التنمية البشرية والوعاظ الدينيين وغيرهم .
لقد شاهد العالم كله منذ فترة بسيطة كيف أغلقت سفينة عملاقة قناة السويس وكيف استطاعت صورة لعامل بسيط فوق مركبة صغيرة يحاول إزالة الرمال من حول السفينة أن تجعل العالم يؤمن بقدرات الإنسان غير المحدودة فى وقت الأزمات ، وكذلك فعل فيديو جورج فلويد الأمريكى وصوره – ومن قبله صور مقتل محمد الدرة الفلسطينى - التى التقطها أناس عاديون فى تغيير وعى المجتمعات المحلية ثم الوعى العالمى ، بل إن حوادث بسيطة مثل حادثة حريق محمد بوعزيزى أو مقتل خالد سعيد كانت سببا رئيسيا فى تغيير أنظمة فى عدة بلدان مثل تونس ومصر عبر أدوات العولمة مثل فيسبوك ويوتيوب وتويتر وغيرها.
إننا نمر الآن بمرحلة انتقالية تحاول أن تجعل كل منا موهوبا فى مجال معين وبدرجة معينة يصعد بها للسطح ، حتى لو كان هذا السطح مجتمعا صغيرا مكونا من أسرته ومعارفه ، وبالتالى بدأت المواهب تظهر على ملايين البشر وليس عدة آلاف كما كان منذ خمسين عاما ، ولربما يساهم ذلك فى عودة الوعى لدى البشر ليقاوموا الفساد بشتى صوره من خلال كشفه ويتبنوا كذلك الشفافية وحقوق الإنسان والمساواة ويحاولوا التخلص من الميراث القديم من التحرش الجنسى والتنمر والتمييز بين الرجل والمرأة ، حتى لو كانت المرحلة الانتقالية تضم بعض الأشياء التى يعتبرها البعض سلبية أو "هايفة " إلا أن المجتمع أصبح هو الحكم وليس الخبراء والنقاد وهى تعتبر مرحلة انتقالية من " الشعبوية " ، ولربما تصل العولمة الجديدة بعد جائحة كورونا إلى مرحلة أرقى من عودة الوعى العالمى والحد من الحروب والصراعات كما حدث فى الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة التى وصلت إلى العالم بطريقة مختلفة عن ذى قبل ومن حى صغير مثل حى الشيخ جراح بعد أن تخطت حاجز التعتيم الإعلامى الأمريكى لتجعل العالم يشاهد الصورة من عدة جوانب وليس من جانب واحد كما كان سابقا.
إن ذراع العولمة القوى المتمثل فى الانترنت تطور عبر ربع قرن ليتحول إلى منصة سياسية واجتماعية وثقافية وفنية وأدبية ورياضية بطريقة محايدة تضم ملايين المبدعين حول العالم. وقد يكون غريبا علينا أن نشاهد الصين وهى تحاول الاستفادة من ذلك اقتصاديا أيضا بمساندة كل المبدعين الجدد فتحولهم إلى طبقة الملونيرات ليصبح لديها 150 مليون مبدع تحاول من خلالهم تغيير العولمة الأمريكية العتيقة التى استفاد منها عدة آلاف من رجال الأعمال والمدراء التنفيذيين إلى عولمة جديدة مفتوحة للملايين الذين غالبيتهم من المبدعين فى كل المجالات بعد أن يتحولوا من المحلية إلى العالمية ، وقد تسير على نهجها بعض دول العالم الثالث التى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى لديها أقوى من الإعلام التقليدى ومن الأحزاب السياسية فى كشف الفساد وتغيير وعى المجتمع والتأثير الواضح فى العادات والتقاليد وفى الثقافة والفن والأدب والرياضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م